رمضان شهر الغفران

 

رمضان شهر الغفران

  لفضيلة الشيخ أحمد بن عمر بازمول

حفظه الله تعالى

4/6/2016  

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ . ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . أما بعد : فهذه محاضرة بعنوان (( رمضان شهر الغفران))، أحببت أن أتحف إخواننا الكرام وأخواتنا الكريمات : بهذه الكلمات التي أرجو من الله أن يكتب لي ولكم فيها الأجر والثواب، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه .   والمحاضرة تدور على العناصر التالية :

– أولا :  تعريف الصوم وأنواعه .
– ثانيا : حكم الصوم .
– ثالثا : خطورة الفطر بلا عذر شرعي .
– رابعا : التدرج في تشريع الصيام وتاريخ تشريعه.
– خامسا : على من يجب الصيام.
– سادسا : ما شروط صحة الصيام.
– سابعا : ما الأمور التي تباح للصائم .
– ثامنا : تعلم أحكام الصيام
– تاسعا :  استشعار فضل هذا الشهر
– عاشرا : حفظ الجوارح في الصيام
– الحادي عشر : استغلال نهار رمضان في العبادة والطاعة
– الثاني عشر : استغلال شهر رمضان للتوبة والرجوع إلى الله – عز وجل – .
– الثالث عشر : استقبال هلال الشهر
– الرابع عشر : جملة من الأحكام المتعلقة بالصيام .
– الخامس عشر : جملة من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين .

وستكون هذه النقاط وهذه العناصر على وجه الاختصار لا على وجه التطويل لكي يحصل المراد – بإذن الله تعالى – .

  فتعريف الصوم وأنواعـــه

  الصوم في اللغة : الإمساك والركود.

وفي الشرع: هو الإمساك بنية عن الأكل والشرب والشهوة من تبين طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والمراد بالشهوة الجماع والتقاء الختانين وخروج المني. لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) . ولقوله تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.

والصيام له أنواع فبهذا الاعتبار ينقسم الصوم إلى قسمين :

صوم واجب وصوم غير واجب.

 والصوم الواجب إما أن يوجبه الله تعالى ابتداء على العبد، وإما أن يكون العبد سبباً في إيجابه على نفسه . فالصوم الذي أوجبه الله على العبد : هو صوم رمصان . والصوم الذي يكون العبد سبباً في إيجابه على نفسه أنواع: مثل صوم النذر وصوم الكفارات وصوم البدل في الحج وصوم الفدية في الحج وصوم جزاء الصيد . والصوم غير الواجب : فهو كل صوم استحب الشارع فعله. من ذلك : صوم يوم الاثنين والخميس وصوم الأيام البيض وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وصوم عاشوراء وصوم يوم عرفة وصوم داود إلى غير ذلك من الصيام التطوعي .

وأما حكم الصوم  :

فالصوم فرض .. فصوم رمضان هو ركن من أركان الإسلام يجب على كل مسلم ومسلمة بشروطهما المعتبرة صيام شهر رمضان وستأتي هذه الشروط بإذن الله تعالى ، لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ  : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) متفق عليه .

وأما الفطر بلا عذر شرعي 

فهذا من المصائب التي قد يبتلى بها بعض المسلمين الفطر في نهار رمضان من غير عذر شرعي ، ولا شك أنه أمر محرم وذنب عظيم ، فقد روى أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول :« بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان ، فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلاً وعراً، … إلى أن قال : ثم انطلق بي ، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً قال ﷺ : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم. ومعنى قوله (قبل تحلة صومهم) أي يفطرون قبل وقت الإفطار. فإذا كان من أمسك نهار رمضان ثم أفطر قبل موعد الفطر توعد بهذا العذاب فقل لي بربك كيف يكون عذاب وعقاب من أفطر كل اليوم ومن لم ينوِ الصوم أصلاً فيا ويل من أفطر في رمضان بلا عذر شرعي .

وأما التدرج في تشريع الصيام وتاريخ تشريعه  

فقد شرع فرض صيام شهر رمصان في السنة الثانية من الهجرة، ومات نبينا ﷺ وقد صام تسعة رمضانات . وقد مرت مشروعية الصوم بثلاثة مراحل ذكرها معاذ بن جبل رضي الله عنه فقد أخرج أبو داود في السنن وأحمد في المسند عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أنه قَالَ : أُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ …. إِلَى قَوْلِهِ طَعَامُ مِسْكِينٍ }فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَهَذَا حَوْلٌ أي سنة فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ .. إِلَى قوله : أَيَّامٍ أُخَرَ }فَثَبَتَ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ وَعَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَقْضِيَ وَثَبَتَ الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ وَجَاءَ صِرْمَةُ وَقَدْ عَمِلَ يَوْمَهُ …..

إذا هذه المراحل الثلاثة هي كالتالي :

المرحلة الأولى : صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم عاشوراء .
المرحلة الثانية : صيام رمضان على التخيير من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم سواء كان مقتدرا أو غير مقتدر فمن شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً .
والمرحلة الثالثة : ثبوت صيام رمضان على من شهد الشهر دون تخيير وعلى المسافر إذا أفطر أن يقضي وثبت الإطعام في حق الشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يستطيعان الصوم .

 وأما على من يجب الصيام  

فيجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم خال عن الموانع.

فخرج بالمسلم : الكافر فلا يصح منه الصيام وإن كان سيعذب بتركه الصيام ، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة ولكن لا تصح منهم إلا بعد الإتيان بالشهادتين .
وخرج بالبالغ : الصغير الذي لم يبلغ فلا يجب عليه الصيام .
وخرج بالعاقل : المجنون . لحديث عائشة رضي الله عنها ، عن النبي ﷺ أنه قال : « رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق » أخرجه أحمد في المسند وابن الجارود في المنتقى وأبو داود في السنن .
وخرج بالصحيح : المريض .
وخرج بالمقيم : المسافر .
فالمسافر والمريض لا يجب عليهما الصيام فلو أفطرا يقضيان ولو صاما صح صيامهما .
وخرج بخال من الموانع : الحائض والنفساء فإنه يجب عليهما الفطر ويقضيان يوماً مكانه .
وكذا المرضع أو الحامل لو خافتا على نفسيهما أو ولديهما فلهما الفطر .

وأما شروط صحة الصيام  

فيشترط لصحة الصوم خمسة شروط  :

الأول : الإسلام : فلا يصح الصيام من كافر .
الثاني : العقل : فلا يصح من مجنون .
الثالث : النية : فلا يصح الصوم دون نية مبيتة .
الرابع : الخلو من المانع : فلا يصح من الحائض أوالنفساء .
والخامس : استيعاب الوقت من تبين الفجر إلى غروب الشمس .

وأما الأمور التي تبطل الصيام   فهناك جملة من الأمور تبطل الصيام : منها :

– الأكل والشرب متعمداً ، فلو أكل أو شرب ناسيا فيتم صيامه وصيامه صحيح .

ومنها تعمد القيء وهو الاستفراغ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ. قوله صلى الله عليه وسلم : من ذرعه القيء يعني من غلبه فخرجت منه الفضلات عن طريق الفم دون أن قصد أو دون فعل منه ، فمعنى ذرعه أي غلبه  ؛ فهذا الذي يستفرغ دون إرادة منه فيتم صومه وصيامه صحيح . أما من تعمد الاستفراغ بأن يشم رائحة كريهة أو يدخل شيئا في حلقه أو أنفه شيئا يهيج ما في نفسه فيخرج ؛ فهذا قد أفطر ويقضي يوما مكانه.

 ومنها الحيض والنفاس فالحيض والنفاس في وسط النهار أو في أوله أو في آخره ولو قبل الفطر بلحظات لو خرج الحيض أو نفست المرأة فإن صومها يبطل وتكون مفطرة وتقضي يوما مكانه .

ومنها الجماع وخروج المني بشهوة ؛ فالتقاء الختانين ولو لم ينزل يوجب الفطر ، ويبطل الصوم  .

ومنها الحقن المغذية – الإبر المغذية – حكم أهل العلم بأنها في حكم الطعام والشراب فهي من الأمور التي تبطل الصيام .

 وأما ما يباح للصائم فعله  فأمور :

 منها السواك : فمن الأمور المستحبة للصائم استعمال السواك في نهار رمضان من أوله إلى آخره ولا يقيد بالزوال ولا إلى ما قبل الزوال ولا إلى وقت ما ، وإنما يستحب السواك للصائم من أول النهار إلى آخره ؛ لأن النبي ﷺ علم أمته ما يستحب لهم في الصيام وما يكره لهم ولم يجعل السواك من القسم المكروه وهو يعلم أنهم يفعلونه وقد حضهم عليه عند كل صلاة ومع كل الوضوء ، وأخبر ﷺ أن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ، وكان عمر رضي الله عنه يكثر من السواك وهو صائم وكان ابن عمر رضي الله عنهما : يستاك أول النهار وآخره ولا يبلع ريقه.

ومنها المضمضة والاستنشاق دون المبالغة في الاستنشاق فعن لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رضي الله عنه عن رَسُول اللَّهِ  ﷺ أنه قال له : ( وبالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) فدل هذا على أن الصائم له أن يستنشق وأن يتمضمض إلا إن كان صائما فلا يبالغ في هذا الأمر .

ومنها ذوق الطعام – أن يذوق الطعام – فعن ابن عباس قال: لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم ؛ فلا مانع أن تذوق المرأة أو الذي يطبخ الطعام أن يذوق بطرف لسانه طعمه ، ثم يخرجه ولا يبلعه .

 ومنها أن يصبح جنباً من أهله فعن عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما وعن جميع صحابة رسول الله ﷺ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُوم أي بعد أذان الفجر .

ومنها الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين .فعن أنس أنه لَمْ يَرَ بِالْكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا ؛ وكذا جاء عن الحسن وإبراهيم أنه كان لا يرى بالكحل للصائم بأسا يعني لا مانع منه .

ومنها صب الماء البارد على الرأس والاغتسال بالماء البارد : فقد كان النبي ﷺ يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر، وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ لَا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ.

ومنها أي من الأمور التي تباح للصائم تحليل الدم وضرب الإبر غير المغذية .

وأما تعلم أحكام الصيام  فأقول من الأمور التي ينبغي مراعاتها والاهتمام بها لكل مسلم ومسلمة يدخل عليهما شهر رمضان أن يهتما بتعلم أحكام هذا الشهر وما يتعلق به من آداب وسنن والأمور التي يجب على الصائم تجنبها كالمفطرات والغيبة والنميمة وغير ذلك. فيخشى على من صام على غير بصيرة وعلم أن يقع في أمر يخالف صيامه وهو لا يشعر بسبب جهله بأحكام الصيام وما يتعلق به ولذلك قال ﷺ:رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش وهذا حديث عظيم يغفل عنه كثير من الصائمين . هذا الحديث يبين أن بعض الصائمين قد يكون نصيبه من الصيام الجوع والعطش أي لم يحصل له الأجر . فيكون عطش وجوع نفسه فقط ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 والسؤال هنا لماذا يكون حظه ونصيبه من صومه الجوع والعطش فقط ؟

والجواب عن هذا السؤال هو لأنه خالف أحكام الصيام ووقع فيما يناقضه فتراه يفطر على حرام أو من يفطر على لحوم الناس بالغيبة أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام وللأسف الشديد هذا الخطأ الكبير والظاهرة الخطيرة من عدم تعلم أحكام الصيام ليست فقط في رمضان بل هي في كل أحكام الدين في الطهارة والصلاة والزكاة والحج والنكاح والطلاق وخصوصا مسائل التوحيد والعقيدة فنجد كثيراً من الناس يجهلون أحكام دينهم فيخالفونها بدون علم ولو أنهم تعلموها لم يخالفوها. والعجب أننا نرى هؤلاء إذا أراد أحدهم أن يشتري شيئاً من متاع الدنيا الزائل نجده يسأل عنه وعن كيفية استعماله وعن ما يحتاج إلى صيانة ولا يقبل قول أي أحد بل لا بد أن يكون خبيراً مجرباً عندها يطمئن ويرضى قبل أن يشتريه. أما في أمور دينه وأحكامه التي يحتاج إليها فتجده يعمل بلا بصيرة ولا علم ويعمل كما يعمل عامة الناس!

 والله عز وجل أمرنا أن نسأل أهل العلم إذا جهلنا الحكم وأن نتعلم منهم  فقال تعالى{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وأهل الذكر هم أهل العلم فالله أمرنا أن نسأل أهل العلم ولم يأمرنا أن ننظر إلى ما تفعله العامة أو ما يفعله عامة الناس. وقد قال ﷺ :إنما شفاء العي السؤال أي شفاء الجهل السؤال . وقال ﷺ :طلب العلم فريضة على كل مسلم وهذا حديث عظيم يدل على وجوب تعلم أمور الدين فيما يلزم المسلم والمسلمة في خاصة نفسه. ويدل على أن الذي لا يتعلم أمور دينه التي يحتاج إليها أنه آثم.

وعامة الناس مثله في عدم العلم إلا ما رحم الله ولذلك جهل كثير من الناس أحكام دينهم فطرأ وحصل التغير وقد لاحظ هذا التغير الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه لاحظ التغير والنقص في الصلاة وهي تؤدى خمس مرات في اليوم والليلة كما روت ذلك أم الدرداء حيث قالت دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب فقلت ما أغضبك ؟ فقال : والله ما أعرف من أمر أمة محمد ﷺ شيئاً إلا أنهم يصلون جميعاً يعني أنهم قد وقعوا في أخطاء في الصلاة ولم يصلوا كما كانوا يصلون على عهد النبي ﷺ ومراده بهذا من أدركهم من التابعين لا أن الصحابة جهلوا أمر الصلاة فإذا كان هذا التغير وهذا النقص طرأ وحصل في زمن التابعين بحضور الصحابة ، فقل لي بربك فما الحال بعدما يقارب أكثر من ألف وأربعمائة سنة ؟

لذلك إخواني لا يعتبر عامة الناس دليلا ومرجعا لعبادة الله – عز وجل – ؛ لا بد من الرجوع للعلماء

   ولعلك تقول كيف أتعلم أحكام الصيام ؟

فالجواب : هو أنه يمكنك أن تتعلم أحكام الصيام عن عدة طرق أو من عدة طرق :

 الطريقة الأولى: هي أن تجلس في حلق العلم فتسمع وتتعلم وتعمل.

 الطريقة الثانية : عن طريق سؤال أهل العلم عن ما تحتاج إليه من أحكام الصيام.

الطريقة الثالثة : عن طريق الاستماع لأشرطة أهل العلم كأمثال ابن باز وابن عثيمين والألباني والنجمي وزيد المدخلي رحمة الله عليهم أجمعين وأمثال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ ربيع المدخلي والشيخ صالح الفوزان حفظهم الله تعالى ؛ التي تتكلم عن أحكام الصيام وهذه الأشرطة وهذه التسجيلات هي متوفرة ـ بحمد الله تعالى ـ .

الطريقة الرابعة : عن طريق قراءة الكتب التي بينت وتكلمت عن أحكام الصيام.

لكن احرص أخي المستمع على أخذ العلم من أهله الموثوق بهم.

وأما  استشعار فضل هذا الشهر

   فإن استشعار الصائم أهمية هذا الشهر له أثر فعال في صيامه وقيامه فلا يفرط فيه ولا يلهو عنه بل يشتغل ليله ونهاره في طاعة الله ومرضاته لأنه موسم عظيم جعل الله فيها من الخير والرحمات ما الله به عليم. وعدم استشعار الصائم نعمة الله ومنته عليه بإبلاغه هذا الشهر العظيم يجعله يستثقل دخول شهر رمضان ويتضايق منه ويفرح بخروجه والبعض الآخر يدخل عليه رمضان وكأنه لا مكانة له ولا قيمة في نفسه فلا يغتنم أوقاته في الطاعات بل وقته في المباحات إن لم يكن في المكروهات والمحرمات.

وهذا الشعور الميت يحرم صاحبه لذة العبادة والنشاط فيها والإكثار منها. وكيف يغفل المؤمن عن هذا الشهر الكريم وكيف يضيع الفرصة العظيمة ولعل السبب في ذلك هو عدم علمه بما جاء في بيان فضله وخصائصه:

 ففي هذا الشهر من الفضائل والمواسم الشيء الكبير والشيء الكثير والشيء العظيم ، ففي هذا الشهر تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتسلسل وتصفد الشياطين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.

 وأجر صيامه عظيم عند الله فهو إليه ورائحة الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من رائحة المسك فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ متفق عليه .

هذا الشهر شهر ينادي فيه الملك يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر

، ( يا باغي الخير ) يا مريد الخير أقبل إلى الطاعات ( ويا باغي الشر ) يا مريد الشر أقصر وأقلع وابتعد عن الذنوب والمعاصي والسيئات .

  وفي كل ليلة لله عتقاء من النار فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النار فَلَم يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ) متفق عليه . وفي هذا الشهر يغفر لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ  قالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ متفق عليه . والصيام وقاية من النار وجنة من النار فعَنْ أَبِي هريرة عن النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنْ النَّارِ. وعن عثمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ  يقول الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال

وفي هذا الشهر ليلة خيرمن ألف شهر والمحروم من حرم خيرها فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حرِمَ [الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم] أخرجه النسائي والحاكم .

وشهر رمضان وصيام هذا الشهر من مكفرات الذنوب: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ رواه مسلم . والدعاء فيه مستجاب ومن مواطن الإجابة فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ رواه البزار.

 

فهذه بعض الخصائص التي اختص بها شهر رمضان وهي دالة على فضله وأهميته ومكانته في الإسلام

لذلك كان من هديه ﷺ في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور .

ولعل هؤلاء الذين لا يعلمون أهمية شهر رمضان يجهلون أيضاً المقصود من الصيام والمصالح التي فيه .

 

  فالمقصود من الصيام :  

حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوفات ؛ هذا أولا .

 وثانيا : تعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين والفقراء . ثالثا : فيه تضييق مجاري الشيطان وبتضييق مجاري الشيطان من العبد يكون بتضييق مجال الطعام والشراب وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماعه وتلجم بلجامة فهو لجام المتقين وجنة المحاربين .

 

 وأما حفظ الجوارح في الصيام

  فالصائم مطلوب منه حفظ جوارحه يده ورجله وعينه ولسانه وأذنه عن المحرمات وليس فقط يصوم عن الطعام والشراب فالصائم يتقرب إلى الله بترك الطعام والشراب وهما مباحان في غير الصوم فكيف لا يتقرب إلى الله بترك ما هو محرم في حال الصوم وغيره من سب وكذب وغيبة ونحوها من الآثام التي قد تقطع ثوابه وتفسد ثمرته فتصيره بمنزلة من لم يصم لهذا قال النبي ﷺ : ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث. وقال  ﷺ إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن جهل عليه أحد فليقل إني امرؤ صائم وقال ﷺ :من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه. وقال ﷺ : رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر وقال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام يعني ترك الشراب والطعام سهل ولكن المهم أن تترك الغيبة والنميمة والكذب والجهل وأذية المسلمين خصوصا الصالحين أولياء الله عز وجل ؛ وإلا فإن أذية كل مسلم محرمة ، ولكن أذية أولياء الله أخص كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب )  وقال جابر : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .

 

وأما استغلال نهار رمضان في العبادة والمحافظة عليه

فليحرص الصائم على استغلال نهار رمضان فهو وقت عظيم ولا يضيعه بالنوم لا سيما وشهر رمضان زمن شريف ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من الأجر والثواب . وينبغي للصائم أن يصون نفسه عن اللهو واللعب وأن يتقرب إلى الله بفعل أوامره واجتناب مناهيه ويجتنب كل ما من شأنه أن يبعده عن الله وعن عبادته سواء كان غاية أو وسيلة ولا ينبغي له أن يضيع نهاره بالنوم والمشكلة تظهر إن فاتته الصلاة في أوقاتها جماعة فيكون فوت على نفسه أمرين : الصلاة لوقتها ، وأدائها في جماعة .

ومن المؤسف جداً أن كثيراً من الناس اعتادوا السهر في رمضان فإذا أقبل الفجر تسحروا وناموا جميع النهار أو معظمه وتركوا الصلوات مع أن الصلوات آكد وأوجب وألزم والأمر خطير جداً. ومن الناس من ينام نهار رمضان كله ولكنه يقوم ويصلي الصلاة المفروضة في وقتها ومع الجماعة فهذا ليس بآثم لكنه فوت على نفسه خيراً كثيراً لأنه ينبغي للصائم أن .. لأنه يستحب ويشرع للصائم أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن حتى يجمع في صيامه عبادات شتى.

 والإنسان إذا عود نفسه ومرنها على أعمال العبادة في حال الصيام سهل عليه ذلك وإذا عود نفسه الكسل والخمول والراحة صار لا يألف إلا ذلك وصعبت عليه العبادات والأعمال حال الصيام.

 

  وأما استغلال شهر رمضان للتوبة  والرجوع إلى الله – عز وجل –

فإن الواجب على المسلم أن يستغل هذا الشهر الذي تسلسل فيه الشياطين في التوبة والرجوع إلى الله والإقلاع عن المحرمات والمعاصي؛ ((فبلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر ، كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ، ومؤمل غداً لا يدركه . من رحم في رمضان فهو المرحوم ، ومن حرم في رمضان وحرم خيره فهو المحروم ، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم ، كما قال أهل العلم : ” فمن أراد الله به خيراً حبب إليه الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان فصار من الراشدين ، ومن أراد به شرا خلى بينه وبين نفسه فاتبعه الشيطان فحبب إليه الكفر والفسوق والعصيان فكان من الغاوين ” .

فالحذر الحذر من المعاصي فكم سلبت من نعم ، وكم جلبت من نقم ، وكم خربت من ديار ، وكم أخلت دياراً من أهلها فما بقي منهم ديار ،كم أخذت من العصاة بالثار ، وكم محت لهم من آثار)) كما قال أهل العلم .

وللأسف الشديد قد يقع بعض المسلمين في الازدياد من المعاصي والمحرمات وكأن شياطينهم لم تسلسل وأخشى أن يدخلوا تحت قول جبريل عليه السلام للنبي ﷺ لما صعد المنبر ﷺ فلما رقى عتبة قال آمين ثم رقى عتبة أخرى فقال آمين ثم رقى عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت آمين قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله قلت آمين فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين فقلت آمين وقوله ﷺ : رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر . فمن صام رمضان مزدادا بالمعاصي والمحرمات يخشى عليه ، ومتى يتوب من لم يتب في رمضان ومتى يعود إلى الله من لم يعد في رمضان.

فالتوبة تعني ((صلاح الحال من الإقلاع عن الذنب وصلاح الماضي من الندم على فعل الذنب وصلاح المآل من العزم على عدم العودة إلى الذنب ومن تاب من الذنب كان كمن لا ذنب له والله يتوب على من تاب)) ؛ بل جاء في الحديث عن النبي ﷺ أن الذين تابوا من ذنوبهم يوم القيامة يبدل الله سيئاتهم حسنات ؛ فهذه فرص عظيمة ، ومنح جليلة ، ونسمات ومواسم للتائبين وللحريصين على التوبة ، وللراغبين فيها .

 

وأما استقبال هلال الشهر  

فالسنة الثابتة عنه صلى عليه وسلم أنه كان إذا رأى الهلال قال:اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. ومن الأخطاء ما يفعله بعض الناس من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين :
هل هلالك جل جلالك شهر مبارك ثم يمسحون وجوههم. فهذا الفعل بدعة لم يفعلها النبي ﷺ ولا أصحابه الكرام – رضوان الله عليهم ، وإنما السنة الثابتة أن يقول العبد إذا رأى الهلال : ( اللهم أهله علينا باليمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، ربي وربك الله )

 

 وأما صوم منتصف شعبان وصوم يوم الشك 

فإذا انتصف شهر شعبان قد يبدأ بعض الناس بالصيام وهو لم يتعود على الصيام لأن رسول الله ﷺ قال :إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان . وفي لفظ:إذا انتصف شعبان فلا تصوموا. فلهذا من لم يتعود صيام شهر شعبان قبل المنتصف فإنه لا يجوز له صومه للحديثين السابقين .
وكذا لا يجوز أن يصوم قبل رمضان بيوم وهو يوم الشك أو يصوم قبل رمضان بيومين ويوم الشك هو اليوم الثلاثون من شعبان إذا كان هناك غيم أو كان هناك حائل لاحتمال أن يكون من رمضان.
والدليل على ذلك قوله ﷺ : لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم ومن الأدلة ما رواه صلة قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتي بشاة فتنحى بعض القوم فقال عمار: من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم وأما من كان معتاداً الصيام من قبل منتصف شعبان كأن كان يداوم على صيام الاثنين والخميس أو صيام يوم وإفطار يوم أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر فله أن يصوم بعد منتصف شعبان كما دل عليه قوله – عليه الصلاة والسلام –  : إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم صومه. والعلة في تحريم صوم هذين اليومين لئلا يتخذ ذريعة إلى أن يلحق بالفرض ما ليس منه وما فيه من الطعن في رؤية الهلال لأن الرسول ﷺ علق الصوم برؤية الهلال .
فمن صام يوم الشك قبل رؤية الهلال فوافق صومه ذلك اليوم أول دخول رمضان فلا يجزئه لكونه لم يبن صومه على أساس شرعي ولأنه يوم شك وقد دلت السنة الصحيحة على تحريم صومه وعليه قضاؤه وهذا قول أكثر أهل العلم ومن صام يوم الشك بنية صوم رمضان فقد وافق الرافضة ووقع في البدعة. 

وأما تبييت النية في صيام رمضان  من الليل  فقد قال رسول الله ﷺ يقول: من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له . وقال ﷺ : من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له. فدل هذان الحديثان على وجوب تبييت نية الصيام قبل طلوع الفجر وأن من لم يبيتها فلا يصح منه الصيام . قال الميموني قلت لأحمد بن حنبل: نحن نحتاج في رمضان أن نبيت الصيام من الليل؟ فقال الإمام أحمد: إي والله.اهـ

يعني والله نحتاج أن نبيت الصيام من الليل في كل ليلة من ليالي رمضان .

انتهى بقول الإمام أحمد رحمه الله : ” إي والله ” .

أقول : وتحصل النية بعزم القلب على الصيام غداً وكذا بالاستعداد له بالسحور مثلاً و أما الجهر بنية الصيام كأن يقول نويت أن أصوم شهر رمضان أو نويت أن أصوم غداً السبت لله فهو بدعة مخالفة لهدي النبي ﷺ وأصحابه فلا يجوز الجهر بالنية في الصيام بل لا يجوز الجهر بالنية في جميع العبادات إذ النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة.

 وأما البدء بالفطور وتعجيله  

فإذا غربت الشمس بدأ وقت الإفطار قال ﷺ: إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. والسنة تعجيل الفطر قال أنس رضي الله عنه:كان ﷺ لا يصلي المغرب وهو صائم حتى يفطر ولو على شربة من ماء وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. وقال ﷺ: لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون وقال عمرو بن ميمون : كان أصحاب محمد ﷺ أعجل الناس إفطاراً وأبطأهـم سحوراً فيبدأ الصائم بالتسمية لقوله ﷺ :يا غلام سم الله.
ثم يفطر بالرطب أو التمر أو الماء فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء . فإذا أفطر قال الذكر الوارد عند الفطور : ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله .هذا هو الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فقد كان رسول الله ﷺ إذا أفطر قال: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله . قلت:وهذا هو الثابت عنه ﷺ. وأماض ما يقوله بعضهم عند فطره: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل منا إنك أنت السميع العليم فهذا جاء في حديث ضعيف جداً رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة وفي إسناده راوٍ متهم بالكذب ، أو راو متروك ،
قال ابن قيم الجوزية في هذا الحديث : ” لا يثبت ” فهو حديث ضعيف لا يشرع العمل به ؛ وإنما الذكر الوارد كما سبق معنا قوله ﷺ : ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) ، وكذا قولهم : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فهذا جاء في حديث ضعيف لا يصح إرساله رواه أبوداود وغيره. وكذا قولهم : الحمد لله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت فهذا جاء في حديث ضعيف لا يصح رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة   .

وأما قيام رمضان   فمن الأمور التي ينبغي أن يحافظ عليها العبد المسلم ويحرص على آدائها قيام رمضان فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. ووصفت عائشة قيام النبي ﷺ بقوله : مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. 

وأما تأخير السحور  

فالسنة تأخير السحور فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال تسحرنا مع النبي ﷺ ثم قام إلى الصلاة قلت كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية وعن حذيفة قال تسحرت مع رسول الله ﷺ هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع فالسنة في السحور تأخيره لا تعجيله بعد العشاء مباشرة أو قبل الفجر بوقت طويل. والسحور له فضل كبير فعن حديث أبي سعيد الخدري قال رسول الله ﷺ: السحور أكله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين. ففي هذا الحديث : أن أكلة السحور فيها بركة وخير من الله بل سماه النبي ﷺ : الغداء المبارك وفيه : النهي عن ترك السحور . وفيه : أن السحور يحصل بجرعة من ماء وقد يحصل بالتمر كما قال النبي ﷺ قال نعم سحور المؤمن التمر وفيه الثناء على المتسحرين بصلاة الله وملائكته عليهم .

والبركة في السحور تحصل بجهات متعددة : هي اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب والتقوي به على العبادة والزيادة في النشاط ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام ومن ترك السحور فقد شابه اليهود والنصارى لأنهم لا يتسحرون فعن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال : ( فصل – أي فرق – فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ) لأنهم كان يواصلون في صيامهم  .

  الاعتكاف 

 وأما الاعتكاف بلزوم المسجد مدة من الزمان فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ.

وأما  ليلة القدر   فمن الأمور المرغب فيها شرعاً والمحثوث عليها تحري وطلب ليلة القدر وهي في أوتار العشر الأواخر من رمضان قال ﷺ عن رمضان : فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم وقال ﷺ : اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي. ومن الأمور التي تفوت على المسلم أجراً كثيراً أنه لا يقول الدعاء المأثور الوارد في ليلة القدر فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها فقال ﷺ قولي : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) فهذا الذكر الوارد وأما زيادة : اللهم إنك عفو كريم زيادة كريم لم تثبت عن النبي ﷺ ، فالواجب الاقتصار على سنته ﷺ : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )

وقد بينت السنة الصحيحة بعض أمارات ليلة القدر : فمن أماراتها أنها في أوتار العشر الأواخر كما قال ﷺ : التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر. ومنها أن الشمس تطلع في صبيحتها بلا شعاع ضعيفة حمراء حتى ترتفع ثم يأتي الشعاع بعد ارتفاعها فقد قال أبي بن كعب أن رسول الله ﷺ أخبرهم بأمرتها : فأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع. وفي رواية بلفظ : تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء . ومنها أن الملائكة ليلتها أكثر من عدد الحصى في الأرض ينزلون ، قال ﷺ : ( ليلة القدر سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة في تلك الليلة أكثر من عدد الحصى ) .

ومنها أن ليلتها مشرقة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم قال ﷺ : ليلة القدر ليلة بلجة ـ أي مشرقة ـ لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها. وقال ﷺ : ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ـ أي سهلة طيبة ـ لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء وليس من علامات ليلة القدر ما يظنه بعض الناس أن ماء البحر يكون عذباً وظنهم أن الكلاب لا تصيح فيها وأن الحمير لا تنهق فيها وأن الأشجار تضع فروعها على الأرض وأن الواحد يرى النور فيها ساطعاً حتى في الأماكن المظلمة وأن الملائكة تسلم على أهل المساجد وأنهم يرون قناديل ومصابيح تنزل من السماء وأن السماء تتشقق فهذه العلامات لا دليل عليها ولم اثبت عن النبي ﷺ ؛ فلا يجوز لنا إثباتها ولا يجوز لنا نفيها ؛ لأن إثباتها يحتاج إلى دليل ، ونفيها يحتاج إلى دليل ، ونحن على الأصل فنقول : لا دليل عليها ؛ فلا نثبتها ولا ننفيها ، الله أعلم بهذه الأمور ، لأننا لا نثبت إلا ما أثبت النبي ﷺ ولا ننفي إلا ما نفاه النبي  ﷺ .

وأما  تعليم الصغار الصيام  

فمن الأمور التي ينبغي للآباء والأمهات مراعاتها تعويد أولادهم الصغار على الصيام إذا كان لا يضره. فعن الربيع بنت معوذ قالت أرسل رسول الله ﷺ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن يعني الصوف فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناهم إياه عند الإفطار وفي لفظٍ : ونصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم قال النووي رحمه الله: في هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات ولكنهم ليسوا مكلفين انتهى ؛ يعني لا يجب عليهم . وأما إذا كان الصيام يضره فإنه يمنع من الصيام برفق ولين لا بقسوة. ويزداد الأمر خطورة عندما يبلغ الصغير والصغيرة ويلزمهما أهلهما بترك الصلاة وبعدم الصيام في رمضان بحجة المشقة وأنه لا يطيق ذلك لصغره ونحو ذلك ولا شك أن هذا ناشئ من جهلهم بدينهم إذ كيف يليق بأولياء أمورهم أن يلزموهم بترك الصلاة والصيام إذا بلغوا وهم قادرون على الصيام. والواجب على ولي الصغير إذا بلغ أن يأمره بالصلاة والصيام أما إذا كان الصيام بحكم الطبيب الشرعي أو نحو ذلك يشق عليه ويمرضه فهذه مسألة أخرى ، أما مجرد الخوف فلا يليق له أن يفطره ما دام أنه قد بلغ ويستطيع الصيام . فالواجب على ولي الصغير إذا بلغ أن يأمره بالصلاة والصيام ، وأما إذا كان البالغ الصغير لا يستطيع الصوم ويشق عليه واضطر للإفطار كالمريض أو الذي يخشى على نفسه التلف جاز له أن يفطر وعليه قضاء ما أفطر لأن البالغ مكلف وكذا البالغة مكلفة.  

وأما جملة من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين  

فمن الأخطاء ظن بعض الصائمين أنهم يظنون أن بلع الريق واللعاب لا يجوز وأنه يجب عليهم أن يتفلوه وبلع الريق لا يضر ولا بأس به ، ولكن كما قال العلماء لا يجمعه ثم يبلعه ، وإما يبلع بحسبه .

 ومن الأخطاء أن بعض الصائمين إذا توضأ لا يدخل الماء في أنفه خوفاً من دخوله في حلقه ، فتراه يكتفي بغسل مقدم أنفه فيخل في وضوئه وهذا خطأ ؛ فإن المشروع أن يتمضمض ويستنشق ولكن لا يبالغ يعني لا يجذب الماء بشدة ؛ وإنما يدخل الماء في أنفه .

 ومن الأخطاء ظن بعض الصائمين أن استعمال الطيب وشم الروائح الجميلة لا يجوز للصائم ، فإنه لا مانع للصائم أن يشم الروائح الجميلة .

ومن الأخطاء ظن بعضهم أن الصائم ينبغي له أن يكون متقشفاً غير متنعم والصواب أن التنعم والترفه لا ينافي الصيام وهو من فعل السلف. ومن الخطأ ظن بعضهم أن من احتلم أي خرج منه المني وهو نائم أن صومه فسد وأن عليه القضاء والصواب أن صومه صحيح ولا قضاء عليه .

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يدخل في فمه شيء يمضغه ويظن أنه لا يضره وهذا خطأ ؛ لأن الشيء الذي يمضغه إذا تولد عنه شيء فإنه عند أهل العلم يفسد صومه .

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه إذا أكل وشرب وهو صائم في نهار رمضان ظن أن عليه القضاء ، إذا أكل أو شرب وهو صائم في نهار رمضان ناسيا ظن أن عليه القضاء أو تحرج من أكله وشربه ، وظن أنه ليس كمن لم يأكل ولم يشرب ؛ وهذا خطأ فإن النبي ﷺ أخبرنا أن من أكل وشرب ناسيا يتم صومه وأن هذا إنما أطعمه الله وسقاه ؛ فلا فرق بينك وبين من لم يأكل ويشرب ؛ لأنك معفو عنك  .

أيها الإخوة الكرام يمكننا أن نخلص هذه المحاضرة في النقاط التالية سريعا : –

النقطة الأولى : تعلم أحكام صيام شهر رمضان من آداب وواجبات ومكروهات ومفطرات ومباحات. – النقطة الثانية :  استشعار مكانته وفضله وما فيه من مواسم الخيرات .
– النقطة الثالثة : استغلال مواسم خيراته في الطاعات والقربات على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
– النقطة الرابعة :  عدم تفويته بالاشتغال بغيره .
– النقطة الخامسة : الاشتغال بقراءة القرآن وتدبره وقيام لياليه . وأيضا منا أنبه عليه أنه في رمضان بعض الناس يعتزل مسائل العلم وكتب العلم وهذا خطأ ؛ بل لك أن تشتغل بالعلم وقراءته وأن تسمع لدروس العلماء ؛ فهذا من العبادة التي تفعلها في هذا الشهر .

 وفي الختام : فهذه جمل من الأحكام الشرعية والآداب المرعية، ينبغي للمسلم المحافظة عليها؛ طلباً للثواب من الله عز وجل ،  أسأل الله أن يبلغني وإياكم هذا الشهر الكريم وأن يعيننا على صيامه وقيامه ، وأن يجعلنا من أهله المقبولين فيه ، المرحومين ، المغفورين ، المعتوقين من النيران .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .

 

  أخوكم المحب

د / أحمد بن عمر بن سالم بازمول

السبت 26/شـــعــبان /1436هـ

تنبيه :

كنت قد ألقيت هذه المحاضرة عبر إذاعة النهج الواضح يوم الخميس الموافق 24 شعبان 1436هجري .

وبهذه المناسبة أوجه شكري للقائمين على هذه الإذاعة السلفية الصافية النقية وما يقدمونه من علم نافع

ومنهج سلفي ناصع فجزاهم الله خيراً .

 

من هنا يمكنكم الاستماع للمحاضرة