نقض شبهة أهل الباطل في المطالبة بالتسوية بين المخطئ وبين المعاند العاطل

نقض شبهة أهل الباطل في المطالبة بالتسوية

بين المخطئ وبين المعاند العاطل

لفضيلة الشيخ د أحمد بازمول حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
 
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . 
أما بعد :
فكثيراً ما يستدل أهل الباطل المخالفين لمنهج السلف الصالح في ردودهم على أهل السنة بكون فلان من العلماء السلفيين قال بنفس ما يقوله متبوعهم وكبيرهم ويطالبون بالتسوية في الحكم عليه بذلك العالم ؟
وهذه شبهة شيطانية المقصود منها التسوية بين الواقع في الخطأ دون قصد وبين المخطئ المصر المعاند ؟!
والسلفيون يفرقون بين وقوع العالم في الزلة وبين وقوعه في الفتنة : 
فالفرق بين زلة العالم وفتنته: أن زلته خطؤه بلا تعمد، وأما فتنته فمخالفته للحق وانحرافه عن تعمد، وإصراره على هذا الانحراف قال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (29/43-45) : سبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقاً لكن اعتقاداً ليس بيقيني … 
فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه 
وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .
وثم قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة.
فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور 
وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب 
وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك”
فزلة العالم ليست هوى إنما خطأ غير متعمد، بخلاف فتنته فهو انحراف وسلوك غير الحق بالتعمد، فلا يعذر . 
ولذلك يطعن على من فتن في دينه ولا يطعن على من زل، ومن سوَّى بينهما فقد أخطأ، قال الشيخ العلامة حامل راية الجرح والتعديل ربيع المدخلي حفظه الله تعالى ” كل من وقع في البدع لا يبدع لكن إذا عرفنا منه الهوى، وعرفنا منه سوء القصد، وعرفنا منه أشياء تدل على أنه يريد البدعة هذا يبدع؛ لهذا تجدهم: حكموا على كثير من الناس بأنهم مبتدعة.
وكثير من الناس وقعوا في أخطاء ما سموهم مبتدعة؛ لأنهم عرفوا سلامة مقصدهم، وحسن نواياهم، وتحريهم للحق وسلامة المنهج الذي يسيرون عليه” انتهى 
خطورة تتبع الشواذ والأفراد من أخطاء العلماء: 
ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع الشواذ من الأقوال واتخاذها ديناً: قال الأوزاعي ” من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام”
وقال خالد بن الحارث قال لي سليمان التيمي ” لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله”
وعلق ابن عبد البر على قول التيمي ” هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً” كما في جامع بيان العلم وفضله (2/91) .
وقال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (2/192) : … مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَخُوفَ في زَلَّةِ الْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ فيها إذْ لَوْلَا التَّقْلِيدُ لم يَخَفْ من زَلَّةِ الْعَالِمِ على غَيْرِهِ .
فإذا عَرَفَ أنها زَلَّةً لم يَجُزْ له أَنْ يَتْبَعَهُ فيها بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فإنه اتِّبَاعٌ لِلْخَطَأِ على عَمْدٍ وَمَنْ لم يَعْرِفْ أنها زَلَّةٌ فَهُوَ أَعْذَرُ منه وَكِلَاهُمَا مُفْرِطٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ”
فمن نسب لأهل السنة التسوية بين المخطئ وبين المعاند فقد بغى وتعدى وظلم والله حسيبه!
وانظر : صلاة التراويح (35-39) للعلامة السلفي بحق وصدق وعدل محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
 
 
أخوكم المحب
 
أحمد بن عمر بازمول