بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فمن الأمور المخزية للأسف الشديد أن يصل حال من يدعي السلفية إلى الطعن في منهج السلف الصالح؛ لأجل الدفاع عن منهجه الطالح!
ومن ذلك ما قرره الحلبي في جلسة له عن مسألة سلفية معروفة، كلام العلماء فيها لا يجهله أصغر طالب علم؛ لكثرة ترداده في الكتب وفي الدروس والمحاضرات ! ألا وهي مسألة (امتحان الأشخاص) واعتبارها حزبية مغلفة، ووصف القائل به بأنه ذو قرنين .
وإليكم كلام الحلبي مع رد عليه بالحجة والبرهان :
قال الحلبي في جلسة له – مسجلة موجودة في موقع المغراوي – عن مسألة الامتحان :” فلماذا نفتن الناس بهذه الأمور؟ إنما يفتن الناس ويمتحنون بشيء واحد وهو من اجتمعت الأمة عليه أو ظهرت ضلالاته بإقامة الحجة واستكباره، أما من لا يزال عنده شبه، من لا يزال عنده تأول، من لا يزال في موضع التناصح والأخذ والرد هذا بأي حق يمتحن الناس به؟ أنت تبدعه وغيرك لا يبدعه ماذا تفعل ؟ أترضى أن تمتحن على عدم التبديع كما تمتحن على التبديع؟ لماذا نكيل بمكيالين ونزن بميزانين؟
سائل: هل هذه الامتحانات هل تعد من الحزبية في شيء ؟
الحلبي: أخشى أن تكون حزبية مغلفة، وللأسف وما الفرق بينها وبين الحزبية؟ لكن هنالك حزبية ضرت بقرنيها، وهنالك حزبية لا تزال تحبو، ونخشى أن تكون هذه التي تحبو تصل إلى درجة ذي القرنين. ولا حول ولا قوة إلا بالله”
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– المقصود بالامتحان والسؤال هو معرفة أهل السنة من غيرهم، وهذا ما كان عليه السلف الصالح من البحث والتفتيش بعد ظهور الفتنة، فنظروا في حال المتصدرين لإفادة الناس فميزوا بين من أهل السنة من غيرهم؛ قال ابْن سِيرِينَ :”لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنْ الْإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ قَالُوا سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ”أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح (1/15). ولم يكن يكن مقصود السلف الصالح ومن سار على دربهم فتنة الناس كما ادعاه الحلبي !!!
– ومن تمسك بالسنة ودعا إليها فهو عزيز غريب؛ قال يونس بن عبيد :”أصبح من إذا عرف السنة عرفها غريباً وأغرب منه من يعرفها أخرجه الآجري في الشريعة (5/2550رقم2059)، وقال يوسف بن أسباط :” أهل السنة أقل من الكبريت الأحمر” أخرجه الهروي في ذم الكلام وأهله (2/399رقم483). فلذلك أهل السنة أصبحوا محنة لأهل البدع. قال أحمد بن عبد الله بن يونس كما في تهذيب الكمال(28/153) للمزي وتهذيب التهذيب(10/180) للحافظ :” امتحنوا أهل الموصل بمعافى بن عمران فإن أحبوه فهم أهل السنة وإن أبغضوه فهم أهل البدعة، كما يُمتحن أهل الكوفة بيحيى” وقال سفيان الثوري كما في تهذيب الكمال(28/153) للمزي :” امتحنوا أهل الموصل بالمعافى بن عمران”، وقال محمد ابن أحمد بن أبي المثنى عن أحمد بن يونس: قال سفيان:” امتحنوا أهل الموصل بالمعافى فمن ذكره- يعني بخير- قلت: هؤلاء أصحاب سنة وجماعة ومن عابه قلت: هؤلاء أصحاب بدع” وقال أبو حاتم كما في السنة لللالكائي(1/139) :”علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر” وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(15/328). “والمؤمن محتاج إلى امتحان من يريد أن يصاحبه ويقارنه بنكاح وغيره، قال تعالى: {إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}”انتهى. وقال كما في مجموع الفتاوى (15/329-330) :” إذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن أو أراد المؤمن أن يصاحب أحداً وقد ذكر عنه الفجور وقيل إنه تاب منه أو كان ذلك مقولاً عنه سواء كان ذلك القول صدقاً أو كذباً فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه وكذلك إذا أراد أن يولى أحداً ولاية امتحنه … ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس وتارة تكون بالجرح والتعديل وتارة تكون بالاختبار والامتحان ” انتهى وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن- كما في الدرر السنية فيالأجوبة النجدية (4/102) :” أهل السنة والحديث في كل مكان وزمان هم محنة أهل الأرض، ويمتاز أهل السنة والجماعة بمحبتهم، والثناء عليهم، ويعرف أهل البدعة والاختلاف بعيبهم وشناءتهم” انتهى.
– وأما قول الحلبي ((ويمتحنون بشيء واحد وهو من اجتمعت الأمة عليه أو ظهرت ضلالاته بإقامة الحجة واستكباره)) انتهى .
أقول تقدم في أول المقال – بفضل الله تعالى – نقض وإبطال تعليق الامتحان بمن أجمعت الأمة عليه.
– وقول الحلبي (( أما من لا يزال عنده شبه، من لا يزال عنده تأول، من لا يزال في موضع التناصح والأخذ والرد هذا بأي حق يمتحن الناس به؟ أنت تبدعه وغيرك لا يبدعه ماذا تفعل ؟ أترضى أن تمتحن على عدم التبديع كما تمتحن على التبديع؟ لماذا نكيل بمكيالين ونزن بميزانين؟)) انتهى .
أقول : أهل السنة لا يمتحنون بمن لم يبدعه أهل العلم، ولكن يمتحنون بمن ظهرت بدعته ودعوته المخالفة لمنهج السلف الصالح، وكون بعض العلماء يبدعون والبعض الآخر لا يبدع، فهذا الاختلاف لا يخرج أهل البدع عن بدعتهم، فالجرح المفسر مقدم على التعديل، ومن علم حجة على من لا يعلم، فإذا ظهر حال الرجل وظهرت بدعته عاملوه بذلك .
– ونحن نطالب الحلبي : بأن يعطينا مثالاً واحداً لرجل امتحن السلفيون به غيرهم بالصفة التي ذكرت أنت !! ستقول : عدنان عرعور ! المغراوي !! المأربي !!! محمد حسان !!!! فهؤلاء أنت تراهم يا حلبي أنهم دعاة سنة وأصحاب عقيدة سلفية، وأنت بهذا القول تكابر وتخالف الصواب والحق فأهل العلم أثبتوا أنهم وقعوا في بدع خطيرة كثيرة الواحدة منها تخرج من المنهج السلفي!
– فظهر بهذا أن الحلبي مقصوده بهذا التقعيد الباطل المخالف لمنهج السلف: الدفاع عن نفسه في مجالسته وثنائه ومماشاته لأهل البدع حتى لا يبدع.
– للأسف يا حلبي : أنت ما أردت الدفاع عن السنة وأهلها، ولا المحاماة عن المنهج السلفي وأهله: بل أنت حرب عليهم، مناصر للمخالفين لهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
– ألم تعلم يا حلبي أنه إذا لم يتميز من يؤخذ عنه العلم ومن لا يؤخذ عنه العلم غابت المرجعية الصحيحة التي يتلقى عنها العلم فعامة الناس لا يميزون بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ، فإذا رجعوا إلى غير أهل العلم، أفتوهم بلا علم فضلوا وأضلوا. قال عبد الله بن مسعود :” يا أيها الناس عليكم بالعلم قبل أن يرفع فإن من رفعه أن يقبض أصحابه وإياكم والتبدع والتنطع وعليكم بالعتيق فإنه سيكون في آخر هذه الأمة أقوام يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله وقد تركوه وراء ظهورهم” أخرجه معمر في الجامع (11/252رقم20465). وقال الشيخ صالح الفوزان في الأجوبة المفيدة (150) :”أصحاب البدع والأفكار الهدامة، يجب على الشباب الابتعاد عنهم ؛ لأنهم يسيئون إليهم، ويغرسون فيهم العقائد الفاسدة والبدع والخرافات، ولأن المعلم له أثره على المتعلم، فالمعلم الضال ينحرف الشاب بسببه، والمعلم المستقيم يستقيم على يديه الطلبة والشباب، فالمعلم له دور كبير، فلا نتساهل في هذه الأمور”
– وقول الحلبي ((أترضى أن تمتحن على عدم التبديع كما تمتحن على التبديع؟ لماذا نكيل بمكيالين ونزن بميزانين؟)).
أقول: بل هل ترضى أنت يا حلبي أن يتصدر لإفادة الناس من اختلط بالمناهج الفاسدة والبدع والضلالات !
– وليس امتحان السلفيين من الكيل بمكيالين، بل هو الحق والصواب إن شاء الله تعالى لأن من وافق الحق مدح وأثني عليه ومن خالفه بُيِّن حاله للناس! ولكن الكيل بمكيالين والوزن بميزانين لمن يعلق الثناء والمدح لمن وافقه في مصالحه، والقدح والذم لمن خالفه في مصالحه، كحالك مع سليم الهلالي ومحمد شقرة وغيرهما.
– وقول الحلبي (( أخشى أن تكون حزبية مغلفة، وللأسف وما الفرق بينها وبين الحزبية؟ لكن هنالك حزبية ضرت بقرنيها، وهنالك حزبية لا تزال تحبو، ونخشى أن تكون هذه التي تحبو تصل إلى درجة ذي القرنين. ولا حول ولا قوة إلا بالله)) انتهى
أقول: الله أكبر : أنت بهذا تطعن في السلف الصالح الذين امتحنوا الناس بأهل السنة الداعين إليها ولو لم يكونوا رؤوساً، وترميهم بالحزبية المغلفة ! وكفى بقولك هذا شناعة وعار عليك أيها المسكين.
– والحزبية المغلفة: هي التي يتظاهر كبارهم بالتمسك بالمنهج السلفي والدفاع عنه، ويجري وراءهم كل ناعق، وهم في الحقيقة من المخالفين للمنهج السلفي، والمنافحين عن المنهج الخلفي.
– والحق له صولة وجولة تصيب سهامه أهل الباطل لا قروناً كما تدعي يا حلبي فحاشا أهل الحق السلفيين أن تكون لهم قرون، إنما أصحاب القرون الذين يحاولون أن يناطحوا الجبال فتكسرت قرونهم ووهنت أقلامهم وخابت مآربهم الخسيسة.
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
تنبيه :
هذه الجلسة موجودة في موقع المغراوي .