صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات علي الحلبي الحلقة التاسعة عشرة والأخيرة لفضيلة الشيخ د أحمد بازمول حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي وهي الحلقة الأخيرة – بحمد الله تعالى – والتي سأكمل فيها بإذن الله تعالى مناقشة الحلبي في الملاحظة الخامسة وهي (( الثناء والتمجيد لأهل البدع ويصفهم بالموحدين فهو وإن لم يذكرهم بأسمائهم إلا أنه معروف عنه الدفاع عنهم والثناء عليهم في مجالسه وفي أشرطته من أمثال محمد حسان والمأربي والمغراوي وغيرهم )) .
ولا أطيل عليك أخي القارئ فإليك البيان من كلام الحلبي مع مناقشته بالحجة والبرهان :
1- قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص139-140) :
(المسألة الحادية عشرة : بين العقيدة والمنهج) :
” وخلاصة القول بعدالإشارة إلى وجود الاختلاف السني المذكور في ضبط الفرق بين العقيدة والمنهج : المنهج سياج العقيدة وحصنها المنيع، فلو حصل أن أحداً كان ذا عقيدة سلفية في نفسه ولكنه منحرف في منهجه حزبياً كان أم غيره، فإن الشيء الأقوى فيه منهجاً أو عقيدة هوالذي سيسيطر عليه، ويؤثر فيه بحيث لا يستمر كما يقال في حالة انعدام الوزن التي يعيشها.
فإما أن يؤثرمنهجه على عقيدته فيؤول مبتدعاً مكشوفاً .
وإما أن تؤثرعقيدته على منهجه فيصبح سلفياً معروفاً.
وإن الأخيرةلأحب إلينا من الأولى ولذلك ندعو ونجد ونصبرونتصبر).
أقول مستعيناً بالله تعالى :
التفريق بين المنهج والعقيدة واعتبار أن المنهج لا يؤثر إذا صحت العقيدة هو : أحد التأصيلات التي اعتمد عليها الحلبي في منهجه الجديد في تزكية أهل البدع والمنحرفين وقد منَّ الله عليَّ بهدمه في الحلقة الأولى من صيانة السلفي وبيان ضلاله وانحرافه عن الحق فاقرأه غير مأمور !
2- قال الشيخ العلامة المدخلي في نصيحته التي نقلها الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص250) (( وَإِنَّ الشِّدَّةَ -الَّتِي نَشَأَتْ هَذِهِ الأَيَّام- لَيْسَتْ مِن السَّلَفِيَّةِ في شَيْءٍ.
والدَّلِيلُ: أَنَّهَا صَارَتْ سِهَاماً مُسَدَّدَةً إِلَى نُحُورِ دُعَاةِ السُّنَّةِ -بِحَقٍّ-، وَيَسْعَى أَهْلُهَا إِلَى إِسْقَاطِ هَؤُلاءِ الدُّعَاةِ، وَإِبْعَادِهِمْ عَن سَاحَة الدَّعْوَةِ؛ بِحُجَّةِ أنَّهُمْ مُمَيِّعُونَ))
فعلق الحلبي على قول الشيخ ربيع (مميعون) حاشية رقم (3) بقوله :
((وَهِيَ الَّتِي نُرْمَى بِهَا -اليَوْم!- مِنَ (البَعْضِ!)- بِسَبَبِ مُخالَفَتِنَا (الاجْتِهادِيَّة) فِي عَدَمِ الحُكْمِ عَلَى بَعْضِ الأَعْيَانِ -مِن (أهل السُّنَّة) المواقعين لبعض الخطأ، أو البدعة- بِأًَنَّهُم مُبْتَدِعَة!!
وإذْ نَفْعَلُ ذلك -أحياناً-؛ فمِن باب الرِّضا بالسَّلامةِ، وَاحْتِمَالِ الخطأِ -وَلَوْ بالعفوِ-!
ورحِمَ اللهُ الإمامَ الليثَ بنَ سعدٍ -القائلَ-: «إذا جاء الاختلافُ أخَذْنَا فيه بالأحوَطِ» -كما في «جامع بيان العلم» (1696)-.
و«استعمالُ التَوَقِّي أَحْوَطُ مِن فَرَطات الأقدام» -كما في «أدب المفتي والمستفتي» (1/12)
-لابنِ الصَّلاح-.
وهذانِ النصَّانِ يُنَزَّلاَنِ فيما إذا تساوت الحُجَجِ، ولم يظهر الراجحُ؛ فكيف إذا ظَهَرَ الراجحُ، ثُمَّ أُلْزِمَ صاحبُهُ بنقيضِه!!؟؟
وانظُر فائدةً حولَ (الاحتياط) في «زاد المعاد» (2/196)، وإغاثة اللهفان (1/162) والروح (ص256) .
وَقَارِنْ بِمَا تَقَدَّمَ (ص94).
فَأَيْنَ ذاكَ الغُلُوّ: مِنْ مَنْهَجِ السَّلَف ذي السَّدادِ والعُلُوّ؟!
وَاللَّـهِ، وَتَاللَّـهِ، وَبِاللَّـهِ: لَيْسَ هَذا مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ فِي شَيْءٍ.
وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ علميَّة، أو حُجَّةٌ شرعيَّة أَنَّ مُخالَفَةَ أَحَدٍ لِأَحَدٍ فِي الحُكْمِ عَلَى سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَةٍ: أنَّهُ -بِذا- يُبَدَّع!! فلْيأْتِنا بها؛ وَنَحْنُ لِلْحَقِّ مُذْعِنُون ولأنواره منقادون .
وَلَيْسَ بَيْنَنا وَبَيْنَ الحَقِّ عَدَاوَة -وَاللهُ يَشْهَد-، وملائكتُهُ يشهدون… )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– الحلبي أورد كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي والذي يرد به على الحدادية الذين يرمون الأبرياء من السلفيين بالتمييع، ونزل الحلبي نفسه منزلة السلفيين الأبرياء ونزل السلفيين الصادقين النصحاء الأمناء منزلة الحدادية الذين يرمون الأبرياء ! وقد سبق في الحلقة رد هذه الفرية التي يلصقها الحلبي بالسلفيين .
– ومراده بـ(البعض) بعض المشايخ السلفيين كما سبق بيانه من الحلقة (الخامسة إلى الحلقة التاسعة) .
– والحلبي يزعم أن رميه بالتمييع بسبب الاختلاف بينه وبين المشايخ السلفيين في الحكم على بعض الأشخاص : هو يراهم من أعيان أهل السنة وقعوا في خطأ أو بدعة ! والسلفيون يرونهم مبتدعة منحرفين .
– ويزعم الحلبي أنه يرى تزكيتهم وعدم تبديعهم (مِن باب الرِّضا بالسَّلامةِ، وَاحْتِمَالِ الخطأِ -وَلَوْ بالعفوِ-!).
أي حتى لا يقع في غيبتهم والقدح فيهم !
فلا أدري ما هذا التصوف الذي يقع فيه الحلبي ! وما قاده لمثل هذا الورع البارد في سبيل الدفاع عن أهل البدع والأهواء، فقد سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان ” لقد تفشَّى بين الشّباب ورعٌ كاذبٌ، وهو أنهم إذاسمعوا النّاصحين من طلبة العلم أو العلماء يحذّرون من البدع وأهلها ومناهجها،ويذكرون حقيقة ما هم عليه، ويردُّون عليهم، وقد يوردون أسماء بعضهم، ولو كان ميِّتًا؛ لافتتان الناس به، وذلك دفاعًا عن هذا الدّين، وكشفًا للمتلبّسين والمندسّين بين صفوف الأمّة؛ لبثِّ الفرقة والنّزاع فيها، فيدَّعون أنّ ذلك من الغيبة المحرَّمة؛ فما هو قولُكم في هذه المسألة ؟
فأجاب حفظه الله تعالى : الحمد لله القاعدة في هذا التّنبيه على الخطأ والانحراف، وتشخيصُه للناس، وإذا اقتضى الأمر أن يصرَّحَ باسم الأشخاص، حتى لا يُغتَرَّ بهم، وخصوصًاالأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السّير والمنهج، وهم مشهورون عند الناس، ويُحسِنون بهم الظّنّ؛ فلا بأس أن يُذكَروا بأسمائهم، وأن يُحذَّرَ منهم.
والعلماء بحثوا في علم الجرح والتّعديل، فذكروا الرُّواة وما يُقالُ فيهم من القوادح، لا من أجل أشخاصهم، وإنما من أجل نصيحة الأمة أن تتلقّى عنهم أشياءفيها تجنٍّ على الدِّين أو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالقاعدة أولاً أن يُنَبَّهَ على الخطأ، ولا يُذكرَ صاحبُه، إذا كان يترتَّب على ذكره مضرَّةٌ، أو ليس لذكره فائدة، أمّا إذا اقتضى الأمر أن يصرَّحَ باسمه لتحذير الناس منه؛ فهذا من النّصيحة لله وكتاب ورسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم، خصوصًا إذا كان له نشاط بين الناس، ويحسنون الظّنّ به، ويقتنون أشرطته وكتبه، لا بدّ من بيان وتحذير الناس منه؛ لأنّ في السُّكوت ضررًا على الناس؛ فلا بدّ من كشفه، لا من أجل التّجريح أو التّشفّي، وإنما من أجل النّصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم انتهى .
– ولم يكتف الحلبي بالاحتياط حتى جعله الراجح من القول حيث قال (وهذانِ النصَّانِ يُنَزَّلاَنِ فيما إذا تساوت الحُجَجِ، ولم يظهر الراجحُ؛ فكيف إذا ظَهَرَ الراجحُ، ثُمَّ أُلْزِمَ صاحبُهُ بنقيضِه!!؟؟ ) انتهى .
– ولا شك أن تنظير الحلبي لهذه المسألة بهذه الصورة يدل على أحد أمرين لا ثالث لهما:
1- إما جهله بعلم الحديث .
2- وإما مكره وتلاعبه بمسائل الدين والشرع .
وللأسف : أحلاهما مر، لكن ليس للحلبي من أحدهما مفر !
إذ لو فتح هذا الباب لدخل جماعات من أهل البدع في أهل السنة، ولطعن في أهل السنة بأنهم لا يخافون الله ولا يراقبونه فيمن يجرحون ويطعنون ! وكفى بهذا الأمر ضلالاً وانحرافاً عن الحق !
– وتلاعب الحلبي بمسائل الشرع هو أن يأتي للمسألة ويقلب الحق فيها إلى باطل باستدلاله بالمتشابهات والعمومات تاركاً مسلك أهل العلم في المسألة !!
– وهنا يوافق الحلبي منهج الكوثري في الرجال حيث يستدل الكوثري بالاختلاف في الرجل على تضعيفه وإن كان الراجح أنه ثقة، قال الكوثري في أحمد بن صالح المصري (مختلف فيه) فعلق عليه المعلمي في التنكيل (1/112) بقوله : اقتصارك في صدد القدح في الرواية على قولك في الراوي (( مختلف فيه )) ظاهر في أنه لم يتبين لك رجحان أحد الوجهين … وقد لجأ الأستاذ إلى هذه القاعدة وزاد عليها وبالغ واتخذها عكازة يتوكأ عليها في رد كلام كثير من الأكابر وتخطى ذلك إلى رد روايتهم وتعداه إلى الطعن فيهم” انتهى
أقول : والحلبي لجأ إلى توثيق أهل البدع والأهواء ورد كلام العلماء الراجح لاختلافهم في الرجل جرحاً وتعديلاً مع إمكانية ترجيح أحد الجانبين .
وإذا تقرر ما سبق تعلم عدم مصداقية قول الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص12) حاشية (رقم3) (.. لسنا نحتج بالاختلاف من حيث هو ولسنا نهون الحق بسببه … فتأملوا أيها المحبون ولا تطيش بكم خيالات الظنون !!) انتهى .
فالواجب عليك أيها الحلبي أن تطلب الراجح من الخلاف ولا تغتر بالخلاف في الشخص وتجعله سبباً لرد الجرح مطلقاً : سئل الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : بعض الدعاة لا تُعرَف لهم سلفية وقد حُذِّرَ منهم، فما زال هناك من يجالس أولئك الدعاة بحجة أنه لم يُجرَّح بجرحٍ مفصّل وقد زُكّوا من قبل الشيخ العَبَّاد وغيره فانقسم الأخوة بين مُجرِّحٍ ومُعدِّل بسبب أُولئك الدعاة فما قولكم لهم؟
فأجاب الشيخ العلامة ربيع المدخلي بقوله : قولي يجب على هذا الشخص الذي يفترق حوله الناس ولا يُزكِّي نفسه بإبراز المنهج السلفي وإنما يعتمد على تزكية فلان وفلان، وفلان وفلان ليسوا بمعصومين في تزكياتهم فقد يُزكّون بناءً على ظاهر حال الشخص الذي قد يتملقهم ويتظاهر لهم بأنه على سلفية وعلى منهجٍ صحيح وهو يبطن خلاف ما يظهر ولو كان يبطن مثل ما يظهر لظهر على فلتات لسانه وفي جلساته وفي دروسه وفي مجالسه فإن الإناء ينضح بما فيه وكل إناء بما فيه ينضحُ فإذا كان سلفياً فلو درَّس أيّ مادة ولو جغرافية أو حساب لرأيت المنهج السلفي – بارك الله فيك- ينضح في دروسه وفي جلساته وغيرها، فأنا انصح هذا الإنسان الذي لا يُظهر سلفيته ويكتفي بالتزكيات أن يُزكّي نفسه بالصدع بهذا المنهج في دروسه في أيّ مكانٍ من الأمكنة فإن الأمة بأمس الحاجة إلى الدعوة إلى هذا المنهج السلفي، فإذا كان هذا الشخص -بارك الله فيكم- من هذا النوع الذي قلت أنه يعتمد على التزكيات ولا يُزكِّي نفسه فإن هذا يضرُّ نفسه بكتمان العلم وكتمان العقيدة وكتمان هذا المنهج وأخشى أن تصدق عليه الآيات التي في كتمان العلم وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أعظم المنكرات وأقبحها وشرها عند الله البدع التي تتفشى في أوساط الأمة ثم كثير من الناس يأتون إلى التزكيات ولا يواجه هذا الواقع المظلم بما عنده مما يزعمه أنه على المنهج السلفي مكتفياً بتزكيات من لا يعرف حقيقته ووافقه وهو لا تُزكيه أعماله ولا مواقفه ولا تشهد له بأنه سلفي فيلجأ إلى هذه الوسائل الدنيئة للاحتيال على بعض الناس والتملق لهم حتى يحصل على التزكية ويكتفون بهذا ويذهبون ليتهم يَكُفُّون بأسهم وشرهم عن أهل الحق والسنة فيذهبون فيتصيّدون أهل السنة بهذه التزكيات فتكون مصيدة فيُضيِّعون بها شباباً كثيراً ويحرفوهم عن المنهج السلفي وأنا اعرف من هذا النوع كثيراً وكثيراً من الذين يسلكون هذا المسلك السيئ فنسأل الله العافية بأن يُزكّوا أنفسهم بأعمالهم وأن يجعل من أعمالهم شاهداً لهم بالخير والصلاح وبالمنهج السلفي انتهى .
وسئل الشيخ عبيد الجابري كما في أسئلة مدينة أغادير : هناك جماعة من الإخوة كانوا على موقف من أبي الحسن المأربي , ثم لما صدر ثناء الشيخ عبد المحسن العباد حفظه اللهوبعض طلبة العلم في المملكة عندكم وفي الأردن خاصة على المأربي هذا ! يعني تراجع أولئك الإخوة عن موقفهم ذاك , فأصبحوا يذبون عن المأربي ولماَّ يمضي وقت حتىتراجعوا عن موقفهم في المغراوي أيضاً, وربما عرعور؛ لأنهم أصبحوا يقولون بأنه يجب إعادة النظر في كل من جرحه الشيخ ربيع حفظه الله !!! فالسؤال شيخنا حتى لا يتكررهذا بالنسبة لإخواننا السلفيين , نسأل الله أن يثبتنا , نريد منكم شيخنا قاعدة سلفية وضابطاً سلفياً لثبات الموقف وعدم تزعزعه عند اختلاف العلماء في تجريح شخص وتعديله ؟
فأجاب حفظه الله تعالى : إنه ليس غريباً أن يختلف علماء السنة فيشخص من الأشخاص جرحاً أو تعديلاً , فالذي جَرحَهُ جَرحَهُ بِبَيِّنَةٍ , والذي عَدَّلَهُ قد يكون عنده بَيِّنَةٌ سابقة , ولكن في مثل هذا , في مثل هذه الحال ؛ الواجب على طلاب العلم السلفيين الحاذقين أن ينظروا في الدليل الذي استدل به الجارح على جرحه , فإن الدعوة لابد أن يكون عليها بَيِّنَة , وبالنسبة لأبي الحسن المأربي فإن الذي جرحه من أهل العلم قرأوا له وسمعوا صوته وشافهوه بالمناصحة , فلما لجلج وأصر على ماكان عليه ؛ قالوا كلمتهم التي تبرأ بها الذمة , قالوا كلمتهم فيه التي تبرأ بها الذمة إن شاء الله تعالى , بقي من عدَّلَهُ فمن عدَّله فهو عدله على الأصل , الأصل فيه عنده السلامة , لم يظهر له ما ظهر للمُجَرِّح , لم يظهر له ما ظهرللمُجَرِّح , وأنا أقول لهؤلاء الإخوة الذين ذكرتهم أو أشرت إليهم في سؤالك ؛ إن لم يلزموا القاعدة السلفية الصحيحة وهي أن المُثْبِتَ مقدم على النَّافي , ومن أتى بدليل مُقدم على من لم يأت بدليل فسوف يتراجعون عن كل شيء وما أظنهم يقفون عندحَدًّ , سوف يزكون حسن البنا وسوف يزكون سيد قطب وسوف يزكون محمد عبده , وجمال الدين الأفغاني وغيرهم من أساطين والمودودي والندوي وغيرهم من أساطين الضلال , سوف يزكون بناء على هذا , لأنهم يتبعون أناساً يعدلون ولا ينظرون في جرح الجارح , والذيأنصح به أبناءنا عندكم ومن تبلغه هذه الرسالة أن يقبلوا على العلم وأن يلزموا العلماء الحاذقين المعروفين بصحة المعتقد وصحة المنهج وأن يحذروا من حذر منه العلماء وأقاموا الدليل على جرحه ومن عدل ذلك المجروح بناء على الأصل هذا لاتَقِلُّ مرتبته عندنا , لكن مادام سنياً , إذا كان المعدل سنياً فإنه لا تقل مرتبته عند المجرحين وهو على ما هو عليه من الفضل والسابقة في العلم وقدم صدق في الدعوة إلى الله لكن قوله لا يعتبر , لا يعتبر شيئاً جانباً ما قام الدليل على جرحه انتهى .
بل لا يجوز التوقف لمن ظهر له الحق : فقد سئل الشيخ العلامة أحمد النجمي رحمه الله تعالى في الفتاوى الجلية (2/72رقم29) ما حكم أهل السنة الواقفين فِي الفتن بين أهل الأهواء، وأهل السنة ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : من كان من طلبة العلم، ووقف وقوف حيرةٍ، وارتباك لا يدري مَنْ مِنَ الفئتين على الحق، ومن على الباطل فهو يعلَّم، ويبيَّن له ما عند أهل الأهواء من بُعدٍ عن الحق، ومعاداة لأهله، ومن أصرَّ بعد البيان، فهو يلحق بأهل الأهواء انتهى .
وإذا توفرت في الشخص الشروط وانتفت الموانع حكم عليه بما يليق به قال الشيخ عبيد الجابري كما في أسئلة مدينة أغادير : … أما المخالف نفسه الذي صدرت منه المخالفة فإننا نحتاج فيه أو في الحكم عليه , نحتاج للحكم عليه إلى أمرين :
الأمر الأول : دلالة الشرع على مخالفته , فلا نجاوز فيه حكم الشرع ولا نقصر دونه .
والأمر الثاني : انطباق الوصف على هذا المخالف المعين ؛ انطباق الوصف عليه وانطباق الوصف عليه لا بد فيه من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع انتهى .
وأما قول الحلبي (وانظُر فائدةً حولَ (الاحتياط) في «زاد المعاد» (2/196)، وإغاثة اللهفان (1/162) والروح (ص256) )
فهذا من تلاعبه ومن محاولة صرف القارئ عن الحق، إذ يعزو لهذه الكتب وكأن ما فيها يوافق مشربه ومنهجه الرديء، وعادة الحلبي أنه ينقل النص الذي يوافقه ولو كان لصفحات فلماذا هنا يحيل لمراجع ولم ينقل نصاً واحداً .
أقول الجواب ستراه من كلام ابن قيم الجوزية في كشف حقيقة الاحتياط المشروع والاحتياط الذي هو من قبيل الوسوسة وتلبيس الشيطان فإليك البيان :
قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (2/212) ” الِاحْتِيَاط إنّمَا يُشْرَعُ إذَا لَمْ تَتَبَيّنْ السّنّةُ فَإِذَا تَبَيّنَتْ فَالِاحْتِيَاطُ هُوَ اتّبَاعُهَا وَتَرْكُ مَا خَالَفَهَا؛ فَإِنْ كَانَ تَرْكُهَا لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ احْتِيَاطًا، فَتَرْكُ مَا خَالَفَهَا وَاتّبَاعُهَا، أَحْوَطُ وَأَحْوَطُ .
فَالِاحْتِيَاطُ نَوْعَانِ
احْتِيَاطٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ
وَاحْتِيَاطٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ السّنّةِ
وَلَا يَخْفَى رُجْحَانُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ … انتهى .
وقال ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان (1/162) : فصل في الجواب عما احتج به أهل الوسواس
وينبغي أن يعلم أن الاحتياط الذي ينفع صاحبه ويثيبه الله عليه : الاحتياط في موافقة السنة وترك مخالفتها فالاحتياط كل الاحتياط في ذلك وإلا فما احتاط لنفسه من خرج عن السنة بل ترك حقيقة الاحتياط في ذلك
قال شيخنا : والاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط
وبهذا خرج الجواب عن احتجاجهم بقوله “من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه” وقوله : “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك” وقوله “الإثم ما حاك في الصدر” فهذا كله من أقوى الحجج على بطلان الوسواس فإن الشبهات ما يشتبه فيه الحق بالباطل والحلال بالحرام على وجه لا يكون فيه دليل على أحد الجانبين أو تتعارض الأمارتان عنده فلا تترجح في ظنه إحداهما فيشتبه عليه هذا بهذا فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى ترك المشتبه والعدول إلى الواضح الجلي ” انتهى .
وقال ابن قيم الجوزية في الروح (256) ” الفرق بين الاحتياط والوسوسة : أن الاحتياط الاستقصاء والمبالغة في إتباع السنة وما كان عليه رسول الله وأصحابه من غير غلو ومجاوزة ولا تقصير ولا تفريط فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله وأما الوسوسة فهي ابتداع ما لم تأت به السنة ولم يفعله رسول الله ولا أحد من الصحابة زاعماً أنه يصل بذلك إلى تحصيل المشروع وضبطه …. وقد كان الاحتياط بإتباع هدى رسول الله وما كان عليه أولى بهم فإنه الاحتياط الذي من خرج عنه فقد فارق الاحتياط وعدل عن سواء الصراط والاحتياط كل الاحتياط الخروج عن خلاف السنة ولو خالفت أكثر أهل الأرض بل كلهم” انتهى
ثم أليس الاحتياط السلامة من تزكية المشبوهين والمجروحين حفاظاً على سلامة الدين
أخرج الدارقطني (1/49-تنزيه الشريعة) والحاكم في المدخل إلى الصحيح (1/110) والبيهقي في دلائل النبوة (1/45) والخطيب في الكفاية (44) والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/91رقم1268) ومن طريقه ابن عساكر (54/393) من طريقين عن أبي بكر محمد بن خلاد الباهلي قال : أتيت يحيى مرة فقال لي : أين كنت ؟فقلت : كنت عند ابن داود فقال إني لأشفق على يحيى من ترك هؤلاء الرجال الذين تركهم فبكى يحيى وقال لأن يكون خصمي رجل من عرض الناس شككت فيه فتركته أحب إلي من أن يكون خصمي النبي صلى الله عليه وسلم ويقول بلغك عني حديث سبق إلى قلبك انه وهم فلم حدثت به .
قال الدارقطني (1/48-تنزيه الشريعة) قبل إيراده لأثر يحيى القطان : إن توهم متوهم أن التكلم فيمن روى حديثاً مردوداً غيبة له يقال له ليس هذا كما توهمت وذلك أن إجماع أهل العلم على أن هذا واجب صيانة للدين ونصيحة للمسلمين انتهى
وقال السخاوي في فتح المغيث (3/356) ولقد أحسن الإمام يحيى بن سعيد القطان في جوابه لأبي بكر ابن خلاد … انتهى .
فهل ما وقع فيه الحلبي يعتبر من الاحتياط أم من باب الوسوسة والتلبيسات بل وخلاف السنة، فالرد على المخالف ممن مخالفته ظاهرة للعيان هو من باب تحقيق السنة، ومن باب العمل بالأمر الظاهر الجلي لا لأمر خفي .
– وقول الحلبي ( فَأَيْنَ ذاكَ الغُلُوّ: مِنْ مَنْهَجِ السَّلَف ذي السَّدادِ والعُلُوّ؟!
وَاللَّـهِ، وَتَاللَّـهِ، وَبِاللَّـهِ: لَيْسَ هَذا مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ فِي شَيْءٍ.
وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ علميَّة، أو حُجَّةٌ شرعيَّة أَنَّ مُخالَفَةَ أَحَدٍ لِأَحَدٍ فِي الحُكْمِ عَلَى سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَةٍ: أنَّهُ -بِذا- يُبَدَّع!! فلْيأْتِنا بها؛ وَنَحْنُ لِلْحَقِّ مُذْعِنُون ولأنواره منقادون .
وَلَيْسَ بَيْنَنا وَبَيْنَ الحَقِّ عَدَاوَة -وَاللهُ يَشْهَد-، وملائكتُهُ يشهدون… )) انتهى
أقول: الحلبي يعتبر العمل بالراجح والأخذ بخبر الواحد من الغلو في التجريح ومن الانحراف عن منهج السلف! ولا يعتبر تمييعه لمنهج السلف وتضييعه لقواعده من الغلو في التعديل بالباطل والانحراف عن منهج السلف الصالح .
صحيح أيها الحلبي : إن سلفك غير سلفنا !
وإن سلفيتك التي تسير عليها ليست السلفية التي سار عليها علماؤنا السابقون واللاحقون !!
فوالله وبالله وتالله ما تقوله ليس من منهج السلف في شيء بل خلافه تماماً بلا ريب وشك !
وقول الحلبي (وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ علميَّة، أو حُجَّةٌ شرعيَّة أَنَّ مُخالَفَةَ أَحَدٍ لِأَحَدٍ فِي الحُكْمِ عَلَى سُنِّيٍّ وَقَعَ فِي بِدْعَةٍ: أنَّهُ -بِذا- يُبَدَّع!! فلْيأْتِنا بها؛ وَنَحْنُ لِلْحَقِّ مُذْعِنُون ولأنواره منقادون )
أقول : لقد تشبع الحلبي بالتدليس والتلبيس حتى صارت له ملكة فيهما .
فمن خالف في هذه المسألة : فأهل السنة السلفيين لا يبدعون سنياً وقع في بدعة بالخطأ ولكن ينكرون الخطأ ويناصحونه فإن استجاب وإلا ألحق بأهل البدع هذا إن كان حيا ًويمكن مناصحته فإن مات بينوا الخطأ واعتذروا له .
ولكن خلافنا معك أيها الحلبي في أهل البدع الذين تزعم أنهم أهل سنة وعقيدة ومنهج سلفي!
فإن من يصف أهل البدع بهذه الأوصاف مع علمه بحالهم فإنه يلحق بهم ويعتبر منهم شاء أم أبى !
وهذا هو موطن الخلاف بين مشايخنا السلفيين وبين منهجك الجديد الأفيح الواسع : تزكية أهل البدع واعتبارهم أهل السنة !
وإذعانك للحق إنما هو مجرد دعوى نريد منك يا حلبي تطبيقاً عملياً واضحاً جلياً
فكم ناصحك أهل العلم في مسائل شتى وفي مناسبات عدة ولكن أنت لا ترعوي ولا ترجع إلى الحق فالله حسيبك ! وكم وكم بينوا لك الحق بالأدلة والبراهين فلا ترفع رأساً بذلك بل ما تزداد إلا عتواً وتمادياً في الأباطيل وإصراراً على منهجك الباطل وأصولك الفاسدة .
وقول الحلبي ( وَلَيْسَ بَيْنَنا وَبَيْنَ الحَقِّ عَدَاوَة -وَاللهُ يَشْهَد-، وملائكتُهُ يشهدون…)
أقول : كيف لا تعادي الحق وأنت تخالفه وتحاربه وتأوله بخلاف المراد به !
وبينك وبين أهل الحق عداوة وجفوة !
3- قال الشيخ العلامة المدخلي في نصيحته التي نقلها الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص264-265) (( فَكَيْفَ إِذَا كَانَ المُحَذَّرُ مِنْهُ مِن حَمَلَةِ العِلْمِ، وَمِنَ الدُّعَاةِ إِلَى المَنْهَجِ السَّلَفِيِّ؟!
فكيفَ إذا كان ضِدَّ أَهْل البِدَعِ والأَحْزَابِ -جَمِيعِهَا- مِن إِخْوَانِيَّةٍ عَالَمِيَّةٍ، وَالقُطْبِيِّينَ، وَالسُّرُورِيِّينَ، وَالتَّكْفِيرِيِّينَ-وَغَيْرِهِمْ -؟!! ))
فعلق الحلبي على قول الشيخ ربيع (والتكفيريين) حاشية رقم (1) بقوله ((
وهذا ما نَشَأْنا عليه -في الرَّدِّ على هؤلاء-، وعُرِفنا به، ومُؤلَّفاتُنا -فِي رَدِّ بَاطِلِ هَؤُلاَءِ- دالَّةٌ عليه -بحمد الله-.
بل انتقَدَنا أُناسٌ (!) بسبب كثرة الردّ والنقد! -وَلَمْ نَأْبَهْ بِهِم-…
ويأتي آخرون -في آخِر الزمن!- لِيتَّهِمُونا بمُداهنة هؤلاء، ومُوافقة ما عندهم من بلاء!!
عنزة ولو طارت!!! فإلى الله المُشْتَكى مِنْ سُوءِ صَنائِعِهِم، وَقَبِيحِ فَعَائِلِهِم… )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– ليس هذا ما نشأت عليه يا حلبي ولكن هذا ما عرفته وتبين لك، وإلا كنت تزكي وتدافع عن سيد قطب وتجالس أهل البدع – ولا زلت – ألست القائل أيها الحلبي في كتابك المسمى بـحق كلمة ص21 ( كنت متأثراً عاطفياً جداً بسيد قطب وأسلوبه بل أدل على ظلاله وأرشد إلى كلامه وأتلمس له المعاذير في القليل والكثير …) انتهى
– ثم أليس قد تبرأت من المنهج السلفي الذي كنت تسير عليه، واعتبرته شدة وغلظة، فتبرأت منه قولاً وفعلاً : أما قولاً فقد سبق في الحلقة السادسة إثباته وأما فعلاً فكتابك الجديد وقواعدك الجديدة التي تسير عليها هي إبطال لمنهجك السابق …فأنت {كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً} .
– وهل إقامة الحجة والبرهان على فساد ما أنت عليه يعتبر اتهام أم أنك ترى أنه لا تضر مع سلفيتك بدعة ولا مخالفة !!
– ثم هل يلام من وجه الاتهام مستنداً على قرائن ! سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت ؟
– فأجاب رحمه الله تعالى : هذا ليس بصحيح اهـ .
– وقال العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى في الفتاوى الجلية (2/176) : الاتهام ينقسم إلى قسمين :
1- قسم لا يكون له مستند يستند إليه، ويوجب ذلك الاتهام؛ لا بقرينة ولا بشيء صريح فهذا هو الذي يحرم على المتهِم فيه أن يتهم بغير قرينة، فهذا ينصح ويجب عليه أن يتقي الله عز وجل، ويترك الكلام الذي يكون فيه تنقص للناس أو اتهام لهم بغير حق؛ لأن هذا لا يجوز فالاستطالة في عرض أخيه بغير حق لا تجوز. والغيبة هي ما قصد به التنقص لأخيه؛ لكن إن قصد بالغيبة حماية للدين وذباً عنه، فإن عرض المسلم يجوز من أجل هذا الغرض، وقد تبين مما ذكر أن الفارق هو أن يكون المقصود بالكلام الذب عن الدين والدفاع عنه . أما إذا كان تنقصاً للشخص، وإظهار معايبه بغير حق؛ فهذا هو الغيبة المحرمة.
2- قسم آخر يستند إلى قرينة أو قرائن، فهذا لا يلام من قاله، فمثلاً لو أن واحداً ممن ينتمون إلى منهج أهل السنة والجماعة، وطريقة السلف رؤي وهو يمشي مع الحزبيين أو يجالسهم ويضاحكهم، ويدافع عنهم ويخترع الأصول الباطلة للدفاع عنهم ! ونصح فلم يقبل النصيحة، ففي هذه الحالة إذا اتهم بأنه حزبي، فالاتهام له مبرر، يضاف إلى ذلك ما إذا كان هذا الرجل يدافع عن الحزبيين في كلامه، فإن القرينة تعظم، وتتأيد ويتبين من خلالها قوة الاتهام، ومن ذلك ما قاله بعض السلف : من ستر علينا بدعته لم تخف علينا ألفته . انتهى بتصرف
4- قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص283) حاشية رقم (1)
(( قالَ الشيخُ عبيدٌ الجابريُّ -وَفَّقَهُ الله- في «أصولٌ وقواعِدُ في المنهجِ السَّلَفِيِّ»:
«النصيحةُ لها حدٌّ محدودٌ؛ فالشّخصُ المبتدعُ: إذا رأيتَ أنَّ قُرْبَكَ يُؤَثِّرُ فيه، ويكسرُ حِدَّتَهُ في البِدعة، ويقرِّبُهُ إلى السَّلَفِيَّةِ: فعليكَ به؛ كُن معه.
لكنْ؛ إذا لم يكنْ نُصحُك نافعاً له، ولا مُفيداً؛ فانفُض يديك منه، ثم -بعد ذلك- عامِلْهُ بما يستحقُّ: قد يُهجَر، وقد لا يُهجَر، ولكنَّهُ يُحَذَّرُ مِن أفكارِه.
هذا أمرٌ راجعٌ إلى (قاعدةِ النَّظَر في المفاسدِ والمصالحِ) المترتِّبةِ على ذلك».
قلتُ: وَهَذَا كَلاَمٌ دَقِيق؛ بَلْ غَايَةٌ فِي التَّحْقِيق.
ولكننا نتساءل حول (بعض الناس!) أين التطبيق مع الأسف العميق ؟!!
… فكيف إذا كان هذا الأمرُ ليس بحقِّ (مبتدعٍ)، وإنَّما هو في حقِّ سُنِّيٍّ وَقَعَ في خطأ أو بِدعة -حَسْبُ-؟!
ومِن المُقَرَّر -عند مُحَقِّقِي عُلَمَاءِ أهل السُّنَّة-: أنَّهُ ليس كُلُّ مَن وَقَعَ في بِدعةٍ صار مُبتدعاً…
إلَّا عند غُلاة التَّبْدِيع، والمُتشدِّدين -بغيرِ حقّ- في التجريح! )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– الحلبي يطعن في الشيخ عبيد الجابري بأنه يؤصل هذا التأصيل ولا يطبقه بل بين قوله وبين تطبيقه بعد عميق ! وكفى بهذا القول طعناً فيك أيها الحلبي !
– ويعني بذلك أنه قرر هنا جواز مخالطة المبتدع قولاً وفي حكمه على من خالط سنياً وقع في بدعة رماه بالتمييع والتضييع .
– بينما كلام الشيخ عبيد وفعله متطابقان غير مختلفين، فكلامه كان فيمن يظهر منه إرادة الخير، وترجى توبته أما من كان حاله غارقاً في أوحال دعوة أهل الباطل فمثله تنفض اليد من دعوته، ومما ينقض كلام الحلبي أن كلام الشيخ عبيد الجابري كان جواباً لسؤال عن تأثر الشباب بشبه أهل البدع، وفصَّل فيه الشيخ عبيد الجواب لكن الحلبي اختصر منه ما يروق له ويقوي كلامه وحذف منه ما يرد عليه ويضعف استدلاله وإليك كلام الشيخ عبيد الجابري : … لا تُعَرِّضُوا أنفسكم لأهل الشبه، لا تحاول أن تُعَرِّض نفسك وتقول أنا أنظر إلى ما عند هؤلاء، لا، لا، لا؛ كَثِّر سواد أهل السنة واعتصم بالله ثم بهم، انضم إليهم، كن معهم، دَع عنك هؤلاء ما أنت مسؤول، ولا تفكر في يوممن الأيام أنك تَحْرِف الإخوانيين أو التبلغيين أو الصوفيين إلى السنة؛ هذا فيما يظهر لنا مما جرت به السُّنَّة في قدرة البشر مستحيل، هذه السنة الكونية؛ لكن نُصْح أفراد يمكن، ونفع الله بنصح أفراد؛ فابتعدوا عن مجالس هؤلاء فإنها وخيمة، والساحةالنظيفة التي هي أفضل من سبائك الذهب : ساحة أهل السنة والجماعة، ليس فيها كدر، ليس فيها إلا السنة : قال الله وقال رسوله قال الصحابة …
ثم ـ أيضـًا ـ إذاعرضت لهؤلاء شبه بُلِيت بها فَرُدَّها فوراً، وإن لم تستطع فاسأل أهل العلم، قالتعالى : ] فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ اسأل أهل العلم .
فالحقيقة نحن نعاني منصِنْفَين ـ أو ثلاثة ـ من شباب السلفية، ومِن خلالهم جاء التفكك والضعف:
الصنف الأول : صنف لا يَسْتَقِر؛ فتجده كل يوم في جهة؛ فهو أشبه بحامل الكشكول ـ يعني : الكرّاسة العامة ـ ما يتحرَّز عن أي مجلس إخواني تبليغي صوفي؛ والنتيجة بلبلة الأفكار، بل وبعضهم انسلخ وانحرف عن السنة وتَمَيَّع، وبعضهمـ والعياذ بالله ـ أصابته حَيْرة لا يدري ماذا يصنع وانتابته الوساوس والقلق والتشويش الفكري .
الصنف الثاني : صنف متعجل، قرأ شيئاً من الكتب فتصدّر؛يعني ما ارتبط بأهل العلم حتى ينبت فكره ويشتدَّ ساعده ويعرف أصول العلم الذي درسه والمنهج الذي ينتهجه . وهذا كثيرًا ما سبَّب النُّفرة بين الشباب؛ لأنه يُصدرُأحكاماً لا يعرف كيف يُصدرها … وكانوا قديماً لا يجرؤ التلميذ على التعليم والفتوى حتى يستأذن مشايخه ـ يأذن منهم إذنـًا ـ، بل ويُحدِّدُون له المكان الذي يجلس فيه؛ هذا توقيرٌ عظيم جدا، تَرَبَّى السلف على هذا، تربى منهم اللاحق والسابق …
الصنف الثالث : صنفٌ ـ في الحقيقة ـ ما عندهم فرقان، مايستطيع أن يستوعب، عندهم نية طيبة فقط؛ فيمكن أن يَرِد عليه عدة مشارب في اليوم الواحد؛ هو من حيث معتقده طيب ومن حيث محبته للسلفية طيبة، لكنه ليس عنده فرقان حتى يعرف من يُوالي ومن يُعادي ومن يستنكر له ومن يُوسِّع له صدره؛ وهذا ـ أيضاً ـ بَلِيَّة على السلفيين، قد يقوى به المبتدعة من حيث لا يشعر، يَقُوون به؛ فلا بد من الفرقان، النصيحة مقبولة ولا بد منها، لكن ـ يا أبنائي ـ النصيحة لها حد محدود؛فالشخص المبتدع إذا رأيت أنَّ قربك يؤثر فيه ويكسرُ حِدّته في البدعة ويقرِّبُه إلى السلفية فعليك به، كن معه، لكن إذا لم يكن نُصحك نافعا له ولا مُفيداً فانفُضْ يديك منه، ثم بعد ذلك عامله بما يستحق : قد يُهجر، وقد لا يُهجر، ولكنه يُحْذَر منأفكاره؛ هذا أمر راجع إلى قاعدة النظر في المفاسد والمصالح المترتبة على ذلك؛ المهم أنه لا بد أن يكون عند السلفي فرقان يعرف من يوالي، ويعرف من يعادي، ويعرف من يُقِوِّي شوكته من الناس ومن يُكَثِّر سوادَهم .
بل يمكن أن يكون هناك صنف رابع : يوجد من الشباب من يُحِبُّ المنهج السلفي ولكن لا يسلكه في دعوته، هو ينتسب للسلفية هكذا ويحب السلفيين، لكنه قد يقع في بعض المخالفات البدعية، بحجة أنه يريد أن يقرِّب هؤلاء . أبدًا ما كان السلف على هذا ـ بارك الله فيكم ـ، السلف يَصْدَعُون بالمنهج السلفي، ولا يرون كرامةَ عين لمن تَنَكَّر له انتهى
ولعل حال الحلبي أشبه بالصنف الرابع .
قول الحلبي (وإنَّما هو في حقِّ سُنِّيٍّ وَقَعَ في خطأ أو بِدعة -حَسْبُ-؟!)
في النسخة المتداولة القديمة (وإنَّما هو بحقِّ سُنِّيٍّ وَقَعَ في بِدعة -حَسْبُ-؟!)
أقول : يلاحظ في الحلبي أنه يكرر وقع في خطأ ويساويها بمن وقع في البدعة عمداً !
وأهل العلم يفرقون بينهما فمن كان متعمداً حذروا منه ومن كان خطأ فإنهم ينبهونه ويطالبونه بالرجوع؛ لأن الخطأ لا يسلم منه أحد إلا إن خالف الحق وعاند وأصر على باطله فهنا تحول من كونه خطأ إلى كونه مخالفة للحق معاندة فهذا يدخل تحت قوله تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره}
5- قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى في نصيحته التي نقلها الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص288)
((وَلَـمَّا طُعِنَ فِي طَالِبِ العِلْمِ الجَزَائِرِيِّ -هذا -بِالمُيُوعَة: جَاءَتِ الفِتَنُ، واشْتَعَلَتْ نِيرَانُ الفُرْقَةِ الَّتِي أَوْقَفَتِ الدَّعْوَةَ وَدَمَّرَتْهَا، وَجَعَلَتْ بَأْسَ أَهْلِهَا بَيْنَهُمْ!))
علق عليه الحلبي في الحاشية رقم (1) بقوله
(( فَكَيْفَ إِذَا قِيلَ -فِيه- سَاقِطٌ؟! مِسْكِينٌ؟! ضَائِعٌ، مُتَفَلْسِف؟!
وبسببِ ماذا؟!
بسبب مُخالفةِ حُكْمٍ بالبدعةِ – ضمن اجتهاد سني سائغ – على شخصٍ، أَوْ أَشْخَاصٍ!
وكيف وقد ألحق بهذا الطالب الجزائري : سعوديون وشاميون ومصريون ؟! )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– كلام الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى رداً على من يطعن بالباطل في أهل الحق ومن غير حجة ولا دليل كالحدادية بل هو يرد عليهم .
– والشيخ ربيع لا يعني بذلك من طعن فيمن خالف الحق بالحجة والبرهان .
– فمن ساوى بين أهل السنة وأهل البدعة، وأدخل من حارب المنهج السلفي ونصر المنهج الحزبي القطبي الإخواني فلا شك أنه مميع ضائع متفلسف ساقط .
– وأما دعوى الحلبي أن مخالفته لأهل العلم ضمن اجتهاد سائغ فقد تقدم الرد عليه وبيان أن هذا اجتهاد غير مقبول؛ لأنه رد للحق الواضح ونصرة للباطل وأهله .
– وقوله (على شخصٍ، أَوْ أَشْخَاصٍ!)
أقول : بل وعلى جمعيات أيضاً .
وهذا اعتراف من الحلبي أنه لم يكتف بالدفاع عن محمد حسان بل هناك آخرون من أمثال العرعور والمغراوي والمأربي والحويني وغيرهم … وقد سبق بيان ما يتعلق بهم
وقول الحلبي (وكيف وقد ألحق بهذا الطالب الجزائري : سعوديون وشاميون ومصريون ؟! )
أقول: هنا يسوي الحلبي بين السلفيين والحداديين ! وقد صرح به في كتابه كما في (ص305) وقد سبق رد هذه الفرية كما في الحلقة العاشرة .
ومن سار على منهجك يا حلبي المميع الضايع المتفلسف الساقط يلحق بك وبه مطلقاً من أي البلاد كان ! فالعلماء السلفيون يردون على أهل الباطل باطلهم من أي البلاد كانوا، ولا يفرقون بين عربي أو عجمي إلا بالتقوى هذا ميزانهم .
وهذا بخلاف ما أراد الحلبي أن يطعن في بعض العلماء السلفيين وذلك في تعليقه على قول الشيخ ربيع فقد وَقَعَ هَذا الطَّعْنُ -بِالمُيُوعَةِ!- -فِعلاً- فِي بَعْضِ أَفاضِلِ طَلَبَةِ العِلْم الجَزائِرِيِّين؛ مِمَّن كَانَ الرِّفْقُ بِهِ أَوْلَى؛ لأَنَّ الشِّدَّةَ عَلَيْهِ زَادَت القَضِيَّةَ تَأَزُّماً.
علق الحلبي على قول الشيخ (طلبة العلم الجزائريين) بقوله
فَهَلِ (الشَّامِيُّون) غَيْرُ (الجَزَائِرِيِّين)؟!
و(المِصْرِيُّونَ) غَيْرُ (السُّعُودِيِّين)؟!
و(القَرِيبُون) غَيْرُ (البَعِيدِين)؟!
وَمَا ضَوابِطُ كُلٍّ؟!؟
أم أنَّ المَنَاطَ واحدٌ، والثمرةَ واحدةٌ؟!
راجياً -مِن صميم قلبي- أنْ لا يكونَ للعنصريَّةِ -المقيتة-، و(الإقليميَّةِ) -البغيضةِ- في (الدعوة السلفية) -أو بعض حَمَلَتِها- موقعُ قَلَم، أو موضعُ قَدَم!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة المحبة (ص133) فلا يفرق بين المؤمنين لأجل ما يتميز به بعضهم عن بعض مثل الأنساب والبلدان … بل يعطى كل من ذلك حقه كما أمر الله ورسوله” .
وقال في مجموع الفتاوى (28/422) : ” فمن تعصب لأهل بلدته أو مذهبه أو طريقته أو قرابته أو لأصدقائه دون غيرهم كانت فيه شعبة من الجاهلية حتى يكون المؤمنون كما أمرهم الله تعالى معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله”
أمْ أنَّ الأمرَ(!) على معنى النَّصّ القرآني: (ولولا رهطك لرجمنك) !!؟؟ انتهى .
هكذا يرمي الحلبي بعض المشايخ السلفيين بالعنصرية المقيتة أو يحاول التشكيك في نزاهتهم وورعهم وتقواهم !
بل قال الحلبي في تعليقه على فتوى الشيخ النجمي رحمه الله تعالى التي حذر فيها ممن يثني على المأربي والمغراوي : (( ونؤازر مشايخنا في كلِّ مكان ؛ لايمنعنا منهم جغرافية، ولاحدود، ولا ألوان، ولا أسماء، ونعتقد أنَّ الولاء والبراء على المنهج والعقيدة )) انتهى
وهذا ما يدندن عليه أتباعك في منتداك حيث يحاولون أن يجعلوا من أحاديث وفضائل الشام أنها منزلة عليهم وأنهم أولى بها … وقد رددتها في الحلقة الثامنة.
وأما استدلاله بالآية فهو استدلال باطل بل منكر من القول؛ لأن العلماء السلفيين لا يقدمون أحداً على الله عز وجل ولا يحابون أحداً فمن خالف الحق متعمداً حذروا منه ولو كان أقرب قريب ومن سار عليه أحبوه ولو كان من أرض بعيد!
لأنهم على مثل ما قال شعيب عليه السلام لقومه { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) }.
وقد سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى : الآن كلما رد عالم على آخر أخطأ قالوا : هذا كلام الأقران يطوى ولا يروى، ما رأيكم في هذه القاعدة ؟ وهل هي على إطلاقها ؟
فأجاب الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله : أنا بينت لكم، يجب بيان الحق،يجب بيان الحق ورد الخطأ، وما نجامل أحداً، ما نجامل أحداً، نبين الخطأ وندل على الحق الذي يقابله، وليس لنا شأن بفلان أو علان، نعم.
فلا يجوز السكوت، لأننا لوتركنا هذا الخطأ والخطأ الثاني والخطأ الثالث كثرت الأخطاء وصار الناس يظنون أن سكوت العلماء عنها يعتبرونه حجة.
فلابد من البيان، لاسيما إذاكان هذا الذي أخطأ قدوة -يتخذه الناس قدوة- أو له رئاسة فالأمر أخطر، فيبين، يبين خطأه … لئلا- يغتر به، نعم.
ما يقال تطوى ولا تروى !! ما يقال هذا ! هذا كلام باطل، التي تروى ويُرَدُّ عليها، والذي يزعل يزعل والذي يرضى يرضى، لأن هدفنا الحق، وليس هدفنا التعرض للأشخاص أو التنقص للأشخاص انتهى
وقول شيخ الإسلام الذي نقله الحلبي من قاعدة المحبة (ص133) ( فلا يفرق بين المؤمنين لأجل ما يتميز به بعضهم عن بعض مثل الأنساب والبلدان … بل يعطى كل من ذلك حقه كما أمر الله ورسوله” )
أقول : حذف الحلبي بعض جملة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والمحذوف هو قول شيخ الإسلام ( … مثل الأنساب والبلدان والتحالف على المذاهب والطرائق والمسالك والصداقات وغير ذلك بل يعطى …)
فلا أدري لماذا حذف الحلبي هذه الكلمات !
هل خشي أن تصدق على من فرق بين السلفيين لأجل تحالفه مع أهل البدع والأهواء كجمعية إحياء التراث الإسلامي وزبائنها من شتى الأقطار ومحاربة من ينكر أباطيلهم وضلالاتهم بالحجج والبراهين فمن هو المتعصب الأعمى !
6- قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص305) حاشية رقم (1) ((
وَإِنِّي عَلَى (مِثْلِ) اليَقِينِ -وأرجو أنْ لا يكونَهُ!- أَنَّهُم سَيُشْهِرُونَ فِي وَجْهِي(!) سَكَاكِينَ التَّشْكِيك! وَخَناجِرَ الطَّعْن!! وَبَنَادِقَ التَّبْدِيع!!!
وَسَيَقُولُون:
«هَذَا تَغَيَّرَ مَنْهَجُهُ»!
«هَذَا يُدَافِعُ عَن المُبْتَدِعَة»!
«هَذَا يُسْقِطُ العُلَمَاء»!
«هَذَا يَطْعَنُ بِالسَّلَفِيِّين»!
«هذا يناصر الحزبيين»!!
«هَذَا يُقَعِّدُ قَوَاعِدَ بَاطِلَة»!
«… مُبْتَدَعَة»!
«… فَاسِدَة»!
….
بل وقد يصلُ الأمرُ بهؤلاء المجرحين – تهويشاً، وتحطيباً، وتحطيماً -إلى أن يقولوا (!):
«يُدافعُ عن سيِّد قُطُب!»!
… كُلُّ ذَلِكَ لأَنِّي خَالَفْتُهُم فِي تَبْدِيعِهِم وَتَضْلِيلِهِم لِـ(بعضِ) مَنْ أَدِينُ اللهَ -تَعَالَى- بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ ذو أخطاءٍ، وَهُمْ يَقُولُون: بَلْ مُبْتَدِع -بلا تَأَنٍّ وَلاَ استِثْناء-!!
مَعَ أَنَّ الأَصْلَ فِي الإِنْكَار -إن كان ولا بُدَّ!- أَنْ يَكُونَ مِنِّي عَلَيْهِم!! وَلَكِنْ…
وَلَقَدْ تَقَدَّمَ -فِي مَواضِعَ عِدَّة مِنْ هَذا الكِتَاب- بَيَانُ نَقْضِ هَذا الإِلْزَام، وَمَا يُبْنَى عَلَيْهِ مِن كَلاَم، وَخِصَام!
وهذه -كُلُّها- فعائلُ وخِصالٌ لا يقومُ بها إلَّا أهلُ الغُلُوِّ!
فمَن وَصَفَ (هؤلاء) بسَبَبِ غُلَوائهم، وتشدُّدِهم-بـ(أفراخ الحدَّاديَّة): لم يُبْعِدْ!! )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– قول الحلبي (وَسَيَقُولُون : «هَذَا تَغَيَّرَ مَنْهَجُهُ»! …. «هَذَا يُدَافِعُ عَن المُبْتَدِعَة»! …..)
أقول : الله أكبر ! لقد لخصت حالك وخصالك في هذه الفقرات !
– ومن أعجب الأمور التي رأيتها في الحلبي عند كتابتي لصيانة السلفي من وساوسه وتلبيساته أنه يقول الباطل من القول ويزعم أنه ما قاله أو ما قصده أو ما وقع فيه أصلاً ونسي أو تناسى ! وجهل أو تجاهل : أن الحق أبلج والباطل لجلج !
– فقولك يا حلبي : «هَذَا تَغَيَّرَ مَنْهَجُهُ»!
– أقول : هذا ما وقع منك واعترفت به أنت ! ويصدقه كتابك ولسان حالك وواقعك أم أنك لا تفقه واقعك الخاص بك !!!
– وقولك يا حلبي : «هَذَا يُدَافِعُ عَن المُبْتَدِعَة»!
– أقول : فمن يدافع عن عرعور والمغراوي والمأربي والحويني وغيرهم : يدافع عن المبتدعة بلا شك .
– وقولك يا حلبي : «هَذَا يُسْقِطُ العُلَمَاء»!
– أقول : هذا ما تحاوله من إسقاط بعض كبار علماء السلفيين ممن كشفوا عوارك وجهلك وتخبطاتك ومخالفاتك لمنهج السلف الصالح . وقد أثبت ذلك في حلقات الصيانة (الخامسة إلى التاسعة) . بل في نفس المكان هنا رميتهم بأنهم أفراخ الحدادية!
أما قلت لكم بأن الرجل غريب جداً وأصبح التلبيس عنده أسهل من شرب الماء !
ورميك لبعض العلماء السلفيين بأنهم أفراخ الحدادية هو ظلم منك شديد! ثم نسيت نفسك وحزبك بأنكم أفراخ الحزبية وجنود لها في حرب السلفيين حقاً ! وكتابك وموقعك يشهدان بذلك ! ومواقفك السابقة واللاحقة تشهد عليك بذلك ! ولقد فقتم الحدادية والحزبية في الكذب والفجور في الخصومة والشراسة في ذلك !
– وقولك يا حلبي : «هَذَا يَطْعَنُ بِالسَّلَفِيِّين»!
– أقول : هذا الذي أثبته – بفضل الله – في صيانة السلفي في الحلقة العاشرة .
– وقولك يا حلبي : «هذا يناصر الحزبيين»!!
– أقول : نعم فمن أثنى عليهم ودافع عنهم وطعن في السلفيين وزكى جمعية إحياء التراث وجمعية دار البر وغيرهم لا شك أن هذا فيه نصرة لهم وخذلان لأهل السنة السلفيين !
– وقولك يا حلبي : «هَذَا يُقَعِّدُ قَوَاعِدَ بَاطِلَة»! «… مُبْتَدَعَة»!«… فَاسِدَة»!
– أقول : هذا ما أثبته بحمد الله في الحلقات الأولى إلى الرابعة في صيانة السلفي وفي غيرها من الحلقات حين أرد عليك تقعيداتك الباطلة وقواعدك المبتدعة وتأصيلاتك الفاسدة !
– فيصدق على كلامك هذا هنا المثل القائل : كاد المريب أن يقول خذوني !
– وقول الحلبي ( … كُلُّ ذَلِكَ لأَنِّي خَالَفْتُهُم فِي تَبْدِيعِهِم وَتَضْلِيلِهِم لِـ(بعضِ) مَنْ أَدِينُ اللهَ -تَعَالَى- بِأَنَّهُ سُنِّيٌّ ذو أخطاءٍ، وَهُمْ يَقُولُون: بَلْ مُبْتَدِع -بلا تَأَنٍّ وَلاَ استِثْناء-!!)
أقول : سبق بيان أن من يراه سنياً هو مبتدع ولكن الحلبي يدلس ويلبس في الكلام، وهل يقول عاقل إن هؤلاء العلماء – ليس واحداً فقط – بل مجموعة عندما يبدعون شخصاً أو أشخاصاً كلهم يخطئ ويصيب هذا الحلبي الذي لا يقارن بعلمهم وعمرهم! فالفارق بينهم سحيق عميق عند أهل العلم والتحقيق !
– وقول الحلبي : ( مَعَ أَنَّ الأَصْلَ فِي الإِنْكَار -إن كان ولا بُدَّ!- أَنْ يَكُونَ مِنِّي عَلَيْهِم!! وَلَكِنْ…
وَلَقَدْ تَقَدَّمَ -فِي مَواضِعَ عِدَّة مِنْ هَذا الكِتَاب- بَيَانُ نَقْضِ هَذا الإِلْزَام، وَمَا يُبْنَى عَلَيْهِ مِن كَلاَم، وَخِصَام!
وهذه -كُلُّها- فعائلُ وخِصالٌ لا يقومُ بها إلَّا أهلُ الغُلُوِّ!
فمَن وَصَفَ (هؤلاء) بسَبَبِ غُلَوائهم، وتشدُّدِهم-بـ(أفراخ الحدَّاديَّة): لم يُبْعِدْ!! )) انتهى
– أقول : مراد الحلبي أن العلماء الذين أنكروا عليه دفاعه وثناءه على أهل البدع والأهواء ووصفوه بأنه ضايع مميع ساقط متفلسف قد أخطئوا في حقه وفي تطبيق القاعدة لأنهم ألزموه بلازم من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع !
وهذا فيه سوء أدب منه، وتجاوز لقدره وحده، وعدم معرفته بآداب طالب العلم مع العلماء ولا منزلة العلماء، فمثله ممن لم يتدرج في العلم الشرعي، ولم يتأصل بالأصول العلمية !
وقد تقدم في الحلقة السابعة نقض اتهامه للعلماء بأنهم يلزمون بهذا اللازم . وبيان باطله.
وتقدم في الحلقة الحادية عشرة نقض تهمته برمي الشباب السلفي بأنهم أفراخ الحدادية : ولكني هنا أقول : بل الظاهر أنه يرمي بعض المشايخ السلفيين أيضاً بأنهم أفراخ الحدادية ولا شك أن هذه تهمة شنيعة وقولة فظيعة تدل على صدق مقولة من قال «هَذَا يُسْقِطُ العُلَمَاء»!
فاعتبروا يا أولي الأبصار
وقد سبق في الحلقة الحادية عشرة وفي غيرها نقض هذه الفرية الشنيعة …
عودٌ على بدء :
فأحمد الله عز وجل أن أتم عليَّ نعمته بإنهاء الرد على الأباطيل والتلبيسات التي وقع فيها الحلبي .
وقد ظهر للشباب السلفي الصادق في سلفيته الانحرافات التي وقع فيها الحلبي عن منهج السلف.
وقد شرحت وبينت في حلقات صيانة السلفي (من الحلقة الأولى إلى الحلقة التاسعة عشرة) – بفضل الله تعالى – ما كنت ذكرته في مقال (التحذير السلفي من كتاب منهج السلف الصالح لعلي الحلبي) من ملاحظات وهي :
1- تأصيل وتقعيد قواعد على خلاف منهج السلف الصالح في التعامل مع أهل البدع والأهواء.
2- الطعن في علماء السلفية الذين لا يشك أحد في علمهم وورعهم وتقواهم بأسلوب ماكر، فهو لم يذكرهم بأسمائهم ولكن ذكر أموراً يعرف كل سلفي أنها لهم، وأخذ يفسرها ويهول فيها على خلاف الحق.
3- الثناء والتمجيد لأهل البدع ويصفهم بالموحدين على قاعدة عدم التلازم بين المنهج والعقيدة فهو وإن لم يذكرهمبأسمائهم إلا أنه معروف عنه الدفاع عنهم والثناء عليهم في مجالسه وفي أشرطته من أمثال محمد حسان والمأربي والمغراوي.
4- دفاعه عن جمعية إحياء التراث وجمعية البر بدبي دفاعاً مستميتاً .
5- وصفه للشباب السلفي في هذا الكتاب وفي غيره بأوصاف لم يصفهم بها أهل البدع والأهواء : فقد نزل عليهم الوصف بأقبح البهائهم (كالخنزير)، وبأنهم (مصاصو دماء) ، وبأنهم كالذباب.
6- ما اشتمل عليه الكتاب من دسائس خبيثة يحاول فيها مسوده – سود الله وجوه أهل البدع – ضرب السلفيين بعضهم ببعض، وضرب السلفيين بولاة أمرهم.
7- ما اشتمل عليه الكتاب من شدته على السلفيين، وخنوعه وتماوته ورحمته وشفقته على أهل البدع والأهواء.
ومع التنبيه إلى أن الملاحظة السادسة والسابعة لم أفردهما بالبيان؛ اكتفاء بما مرَّ في الحلقات من مواضع متعددة لأمثلة عليهما توضح وتكشف حال الحلبي فيهما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وختاماً أقول : أنا لم أبدع الحلبي إلى الآن انتظاراً لكلمة العلماء فيه .
ولا يعني عدم تبديعي له : أن الحلبي يعتبر سلفياً أو أنه ممن يؤخذ عنه العلم .
فإني أقول : بعدم أخذ العلم عنه كما قال شيخنا النجمي رحمه الله تعالى ووافقه على ذلك أهل العلم وطلابه .
وأقول وأعلنها صريحة واضحة : إذا لم يتراجع الحلبي عن ترهاته ومخالفاته لمنهج السلف الصالح فإنه يستحق أن يلحق بمن يزكيهم ويدافع عنهم من أهل البدع ولا كرامةكما حكم بذلك السلف على من هو أكثر منه علماً بل وأسلم منه حالاً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين