ما لايصح في الصيام | الحلقة الخامسة ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين:
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين : أن بعضهم لما ينتصف شهر شعبان يبدأ في الصيام وهو لم يصم من قبله وهذا لا يجوز؛ لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال “إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان”
وفي لفظ”إذا انتصف شعبان فلا تصوموا”
فدل الحديث على النهي من ذلك فما يفعله بعض الناس اليوم هداهم الله من الصيام إذا انتصف شعبان خلاف السنة لا يجوز.
و كذا من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين: أن بعضهم يصوم قبل رمضان بيوم وهو يوم الشك أو يصوم قبل رمضان بيومين
ويوم الشك هو اليوم الثلاثون من شعبان لاحتمال أن يكون من رمضان.
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ” لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم”
ومن الأدلة ما رواه صلة قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتي بشاة فتنحى بعض القوم فقال عمار” من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم”
أما من كان معتاداً الصيام من قبل منتصف شعبان كأن كان يداوم على صيام الاثنين والخميس أو صيام يوم و إفطار يوم أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر فله أن يصوم بعد منتصف شعبان كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم “إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم صومه”
قال عبد الله ابن الإمام أحمد قلت لأبي: إذا صام شعبان كله؟
قال لا بأس أن يصوم اليوم الذي يشك فيه إذا لم ينو أنه من رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان فقد دخل ذلك اليوم في صومه اهـ
قلت : يشير رحمه الله إلى ما روته أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان.
و قال أبو عيسى الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول شهر رمضان لمعنى رمضان (أي لتعظيمه) وإن كان رجل يصوم صوماً فوافق صيامه ذلك فلا بأس به عندهم اهـ
والعلة في تحريم صوم هذين اليومين لئلا يتخذ ذريعة إلى أن يلحق بالفرض ما ليس منه وما فيه من الطعن في رؤية الهلال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الصوم بالرؤية.
فمن صام يوم الشك قبل رؤية الهلال فوافق صومه ذلك اليوم أول دخول رمضان فلا يجزئه؛ لكونه لم يبن صومه على أساس شرعي ولأنه يوم شك وقد دلت السنة الصحيحة على تحريم صومه وعليه قضاؤه وهذا قول أكثر أهل العلم.
و من صام يوم الشك بنية صوم رمضان فقد وافق الرافضة ووقع في البدعة.
و من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين: أن بعضهم يصوم قبل صيام المسلمين ويفطر قبل إفطار المسلمين بحجة أنه رأى الهلال ولا شك أن هذا خطأ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون”
قال الترمذي: فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس اهـ
وقال الخطابي في معنى الحديث:إن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد فلو أن قوماً اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعاً وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماضٍ لا شيء عليهم من وزر أو عنت وكذلك في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة ليس عليهم إعادة.
وقال غيره فيه الإشارة إلى أن يوم الشك لا يصام احتياطاً وإنما يصام يوم يصوم الناس.
وقيل فيه الرد على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم ويفطر دون من يعلم.
وقيل إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا له صوماً كما لم يكن للناس اهـ
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله: فيه دليل على أن المنفرد بالرؤية لا يلزمه حكمها لا في الصوم ولا في الفطر ولا في التعريف اهـ
وقال السندي : الظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس لآحاد الناس فيها مدخل وليس لهم التفرد فيها بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة ويجب على الآحاد إتباعهم للإمام والجماعة وعلى هذا فلو رأى أحد الهلال ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك “اهـ
قلت: ويدل عليه ما جاء عن مسروق أنه دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة فقالت : اسقوا مسروقاً سويقاً وأكثروا حلواه.
قال: إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون يوم النحر؟
فقالت عائشة رضي الله عنها: النحر يوم ينحر الناس والفطر يوم يفطر الناس”
قال أبوعبدالرحمن ناصر الدين الألباني: وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الآراء الفردية فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد ولو كان صواباً في نظره في عبادة جماعية كالصوم والتعييد وصلاة الجماعة اهـ
و”يخشى على هذا المتفرد بالصيام أو الإفطار من التهمة بمشابهة الرافضة الذين يصومون يوم الشك وبالتهمة بالفطر كما أن في عمله هذا خوف الاختلاف و تشتيت الكلمة وأن يجعل لكل إنسان مرتبة الحاكم وهذا من أبلغ الإفتيات على الإمام وجماعة المسلمين وفيه مشابهة أهل البدع كالرافضة و نحوهم فإنهم ينفردون عن المسلمين بالصيام والفطر وبالأعياد فلا ينبغي التشبه بهم في ذلك وقواعد الشرع تأبى ذلك”
أقول: وبهذا ندرك خطأ ما يقوله بعض الناس إن دخولنا رمضان لم يكن مضبوطاً أو وقع اختلاف ويثيرون بهذا الكلام البلبلة لدى عامة الناس فلا شك أن هذا خطأ مخالف للسنة.
فنحن في المملكة العربية السعودية – بحمد الله تعالى – خصص ولاة أمرنا لجنة لرصد دخول الشهر وخروجه وهي مسؤولة عن ذلك فلو قدر الله أنه وقع خطأ فهو مغتفر لأنهم فعلوا ما أمروا به.
وهذا أمر يستغله دعاة الفتنة والتضليل للطعن في ولاة أمرنا والتشكيك في أفعالهم!!
ولا شك أن ولاة أمرنا قد فعلوا ما أمرهم الشرع به ولم يقصروا فلا يلحقهم بإذن الله تعالى لوم ولا عتب بفضل الله عليهم فلا ينبغي الالتفات لتلك الإشاعات المغرضة.
ومن الأخطاء ما يفعله بعض الناس من رفع الأيدي إلى الهلال عند رؤيته يستقبلونه بالدعاء قائلين : هل هلالك جل جلالك شهر مبارك ثم يمسحون وجوههم.
فهذا الفعل بدعة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.
قلت: والسنة الثابتة عنه صلى عليه وسلم أنه كان إذا رأى الهلال قال:اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي و ربك الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 
 
أخوكم
د / أحمد بن عمر بن سالم بازمول