ما لايصح في الصيام | الحلقة العشرون ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يظن أن له الفطر مع عدم العذر وأن الواجب عليه فقط الإطعام لقوله تعالى {و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}
وكذا من يفتي الأغنياء بقوله : افطر وأطعم فإن الله ليس بحاجة إلى صيامك وهذا خطأ عظيم؛ لأن هذه الآية منسوخة في حق المستطيع وثابتة في حق الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذين لا يطيقان الصيام والمرضع والحامل إذا خافتا على ولديهما فعن سلمة بن الأكوع قال لما نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها ـ أي فمن شهد منكم الشهر فليصمه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أثبتت للحبلى والمرضع.
وأما من أفتى الغني بجواز الإطعام عن الصوم فقد أساء وهو إما جاهل و إما مغرور مفتون مخالف لإجماع الأمة وعليه التوبة مما قال.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمات أنها إذا كانت حاملاً أو مرضعاً وخافت على نفسها أو ولدها تظن أنها لا يجوز لها الفطر لهذا السبب ! وهذا خطأ؛ لأنه يشرع لها أن تفطر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصيام “
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكيناً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان تفطران وتطعمان مكان كل يوم مسكيناً ولا يقضيان صوماً”
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمات أنها إذا كانت حائضاً تصوم ولا تفطر وهذا أدَّى ببعض النساء أنها لا تقضي ذلك اليوم وهذا لا شك أنه خطأ؛ لأن الحيض مبطل للصيام فالواجب عليها الفطر وقضاء الأيام التي أفطرتها.
قال صلى الله عليه وسلم ” أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم “
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا بقضاء الصوم ولا يأمرنا بقضاء الصلاة.
قال الترمذي : العمل على هذا عند أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافاً أن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة انتهى
وقال النووي : لا يصح صوم الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما ويحرم عليهما ويجب قضاؤه، وهذا كله مجمع عليه انتهى
وقال ابن قدامة:أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم وأنهما يفطران رمضان ويقضيان وأنهما إذاصامتا لم يجزئهما الصوم .
والحائض والنفساء سواء لأن دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه .
ومتى وجد الحيض في جزء من النهار فسد صوم ذلك اليوم سواء وجد في أوله أو في آخره ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أتمت ولم يجزئها انتهى
قلت : وقد نص العلماء على أن من البدع المحدثة صيام النساء وهن حيض مع تركهن للصلاة وقبيل الإفطار يأخذن جرعة من ماء.
فإن قيل لِمَ تقضي المرأة الصوم ولا تقضي الصلاة؟
فالجواب أولاً ينبغي للمسلم أن يسلم لأوامر الله وأحكامه ولا يعترض عليها .
وقد أجاب عن هذا السؤال الإمام ابن قيم الجوزية بقوله : أما إيجاب الصوم على الحائض دون الصلاة فمن تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها لمصالح المكلفين فإن الحيض لما كان منافياً للعبادة لم يشرع فيه فعلها وكان في صلاتها أيام الطهر ما يغنيها عن صلاة أيام الحيض فيحصل لها مصلحة الصلاة في زمن الطهر لتكررها كل يوم بخلاف الصوم فإنه لا يتكرر وهو شهر واحد في العام فلو سقط عنها فعله بالحيض لم يكن لها سبيل إلى تدارك نظيره وفاتت عليها مصلحته فوجب عليها أن تصوم شهراً في طهرها لتحصل مصلحة الصوم التي هي من تمام رحمة الله بعبده وإحسانه إليه بشرعه وبالله التوفيق انتهى.
وهنا مسألة تحتاج إليها الحائض ألا وهي هل لها أن تأكل وتشرب وهي حائض أم تمسك عن الطعام والشراب في نهار رمضان لحرمته وإن كانت حائضاً ؟
فالجواب : أنها لها أن تأكل وتشرب ولا يلزمها الإمساك لأنها مفطرة بدليل من الشرع فحرمة هذا اليوم غير ثابتة في حقها .
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض النساء استعمالهن حبوباً تمنع خروج الحيض في موعده وهذا لاشك أنه خطأ لأن فيه ضرراً على المرأة قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جداً على المرأة على الرحم والأعصاب والدم .
وكل شيء مضر فإنه منهي عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لا ضرر و لا ضرار”
وقد علمنا عن كثير من النساء اللآتي يستعملن هذه الحبوب أن العادة عندهن تضطرب وتتغير ويتعبن ! ويتعبن العلماء في كيفية جلوسهن.
الذي أنصح به أن لا تستعمل المرأة هذه الحبوب أبداً لا في رمضان ولا في غيره انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين ممارستهم للعادة السرية المعروفة بالاستمناء باليد في نهار رمضان وهذا خطأ لا شك فيه و قد أفتت اللجنة الدائمة أن من استمنى في نهار رمضان فقد أفطر.
والعجيب أن هذا المستمني صائم والرسول صلى الله عليه وسلم جعل الصيام دواء لهذه الشهوة كما قال صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب ! عليكم بالباءة فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له و جاء “
قال صلى الله عليه و سلم ” خصاء أمتي الصيام “.
قال العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله : في الحديث توجيه نبوي كريم لمعالجة الشبق وعرامة الشهوة في الشباب الذين لا يجدون زواجاً ألا وهو الصيام فلا يجوز لهم أن يتعاطوا العادة السرية : المعروف بالاستمناء باليد لأنه قاعدة من قيل لهم {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} ولأن الاستمناء في ذاته ليس من صفات المؤمنين الذين وصفهم الله في القرآن الكريم {و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} قالت عائشة رضي الله عنها في تفسيرها : فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا ” انتهى
والسؤال هنا لماذا يقع في الاستمناء وهو صائم ؟
والجواب هو بسبب تفكيره في أمور تثير شهوته أو بسبب عدم غض بصره في الطريق أو بسبب النظر إلى النساء العاريات في وسائل الإعلام.
وعليه نقول له يحرم عليك أن تفعل هذه الأمور ويجب عليك تجنبها في رمضان وفي غيره لأن الاستمناء حرام في رمضان وفي غيره لا يجوز فعله.
وهنا مسألة مهمة إذا استمنى فهل عليه الكفارة؟
والجواب : أن الواجب عليه التوبة والإقلاع عن هذا الفعل ولا كفارة عليه.
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
 
أخوكم
أحمد بن عمر بن سالم بازمول