بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد :
فمنهج الحدادية التكفيرية قائم على الجهل والسفه والفجور والبهتان ، وقد شابه الحداديةُ : الرافضة في هذا المسلك الخطير والمزلق العسير !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في مجموع الفتاوى (4/359-إقامة الدليل) :
” َالرَّافِضَةُ جُهَّالٌ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ وَلَا دِينٌ وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ ” انتهى
فهذه خمسة أوصاف :
1- جهال .
2- لا عقل لهم .
3- ولا نقل لديهم .
4- لا دين عندهم .
5- لا دنيا ينصرون فيها .
ولو تأملنا أوصاف الرافضة لوجدناها متوفرة في الحدادية التكفيرية بصورة واضحة جلية .
فالصفة الأولى : جهال :
فعن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :”إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا” متفق عليه .
قال الخطابي في العزلة (82) :
” قد أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آفة العلم ذهاب أهله وانتحال الجهال وترؤسهم على الناس باسمه وحذر الناس أن يقتدوا بمن كان من أهل هذه الصفة وأخبر أنهم ضلال مضلون ” انتهى
وقال ابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة (1/35) :
” لا ريب أن الجهل أصل كل فساد، وكل ضرر يلحق العبد في دنياه وأخراه فهو نتيجة الجهل” انتهى
وسبب جهلهم بعدهم عن مجالس العلماء وانفرادهم بأنفسهم ؛ قال ضرار بن عمرو كما في الفقيه والمتفقه (1/10 للخطيب :
” إن قوماً تركوا العلم ومجالسة أهل العلم صلوا وصاموا حتى بلي جلد أبدانهم على عمه وخالفوا السنة فهلكوا. والذي لا إله غيره ما عمل عامل قط على جهل إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (2/41) :
” أكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين !
وإما في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات قد نشأوا بالبوادي والجبال أو تحيزوا عن المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين !
وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال أو له نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية ” انتهى
والجهل من أسباب رد الحق قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح الكافية الشافية ( 2/108 ) :
” رد الحق أسبابه ثلاثة : قصور ، وتقصير ، وسوء قصد نية؛ يعنى هوى
فالقصور هو الجهل
والتقصير هو التفريط في طلب الحق
والثالث : سوء القصد؛ يعني لا يقصد الحق إنما هو متعصب صاحب هوى ” انتهى
وهذا هو حال الحدادية فهم على جهالة وفي جهالة في قولهم وفعلهم وكل شأنهم ومع جهلهم هم ظلمة فجرة فبدعوا السلفيين بل وكفروهم قال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (3 /396) :
” الجاهل الظالم يخالفك بلا حجة ويكفرك أو يبدعك بلا حجة !
وذنبك رغبتك عن طريقته الوخيمة وسيرته الذميمة !!
فلا تغتر بكثرة هذا الضرب فإن الآلاف المؤلفة منهم لا يعدلون بشخص واحد من اهل العلم !
والواحد من أهل العلم يعدل بملء الأرض منهم ” انتهى
لذا لا يجوز أخذ العلم منهم ولا الرجوع إليهم !
وهم آثمون باجتهادهم أصابوا الحق أم أخطؤوا؛ لأنهم تجرؤوا على الكلام في دين الله بلا علم وحجة وبرهان !
والصفة الثانية : لا عقل لهم :
قال وكيع بن الجراح كما في العقل وفضله لابن أبي الدنيا (51رقم40) :
“العاقل من عقل عن الله U أمره، وليس من عقل تدبير دنياه”.
فالحدادية التكفيرية لم يعقلوا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم !
ولم يرفعوا رأساً بمنهج السلف الصالح !!
فقدموا فهومهم وآراءهم على فهم السلف الصالح وأئمة الهدى فهم سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان كما فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ” .
فحدثاء الأسنان أي صغار الأسنان !
وسفهاء الأحلام أي صغار العقول ؛ فعقولهم رديئة !
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح أصول التفسير (287) :
” لا تعتمد على ذكائك ولا على كثرة علومك بل اعتمد على الله عز وجل واسأل الله دائماً أن يهديك لما اختلف الناس فيه من الحق ” انتهى
والحدادية متناقضون في أقوالهم وأفعالهم يثبتون شيئاً ثم ينفونه ، ويستدلون بما هو حجة عليهم لا لهم ، ولا يعقلون معاني الأدلة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (3 /80) :
” كل من أعرض عن الطريقة السلفية الشرعية الإلهية فإنه لا بد أن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أو البسيط ” انتهى
لهذا هم مبتدعة ضلال ؛ قال ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان (1/214) :
” المعرض عن السنة مبتدع ضال شاء أم أبى ” انتهى
ومن عدم عقلهم تقليد رجل تكفيري ضال مبتدع ألا وهو محمود الحداد التكفيري الخبيث وتقليد عبد الحميد الجهني الحدادي وتقليد عبد الله صوان الغامدي وتقليد أحمد بن عمر الحازمي الحدادي التكفيري وغيرهم من ساداتهم الغاليين في الحدادية والتكفيرية ، وأحبوهم حباً جماً فهم معهم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (11/519) :
” من أحب شيخاً مخالفاً للشريعة كان معه ؛ فإذا دخل الشيخ النار كان معه .
ومعلوم أن الشيوخ المخالفين للكتاب والسنة أهل الضلال والجهالة فمن كان معهم كان مصيره مصير أهل الضلال والجهالة ” انتهى
والصفة الثالثة : لا نقل عندهم :
فالحدادية التكفيرية ليست لديهم حجة إلا الكذب والبهتان وقلب الحقائق وإلباس الباطل لباس الحق وجعل الحق باطلاً !
وقد تسلطوا على بعض الكتب السلفية فقاموا بتحقيقها والتعليق عليها بما يفسد معانيها ويحرفها عن الحق وجادة المنهج السلفي !
فقبحهم الله ما أسوأ ضررهم على الإسلام والمسلمين !!
وكم قست قلوبهم وحادت عن الحق !!!
قال تعالى في سورة المائدة (41) { …. وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
قال ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان (1/55) :
” قوله {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم} عقيب قوله {سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه}: مما يدل على أن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفاً للحق عن مواضعه ؛ فإنه إذا قبل الباطل أحبه ورضيه فإذا جاء الحق بخلافه رده وكذبه إن قدر على ذلك وإلا حرفه كما تصنع الجهمية بآيات الصفات وأحاديثها يردون هذه بالتأويل الذي هو تكذيب بحقائقها وهذه بكونها أخبار آحاد لا يجوز الاعتماد عليها في باب معرفة الله تعالى وأسمائه وصفاته !
فهؤلاء وإخوانهم من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فإنها لو طهرت لما أعرضت عن الحق وتعوضت بالباطل عن كلام الله تعالى ورسوله ” انتهى
ومن عجيب أمرهم تدليس وتلبيسهم فيوردون كلام العلماء ويحملونها على غير وجهها فشابهوا ابن جرجيس الذي قال عنه العلامة عبد الله أبا بطين في تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس ( :
” وذكر لي أن معه ورقة فيها عبارات من كلام الشيخ تقي الدين يشبه بها على الناس، يضع كلام الشيخ على غير موضعه …” انتهى
ومن عجيب حالهم وسوء قصدهم أنهم يستدلون بزلات بعض العلماء في مسائل العلم ويجعلونها أصولاً يتحاكمون عليها ويضللون من خالفهم فيها
وقد ضلوا في هذا المسلك من وجهين :
الوجه الأول : أن زلة العالم لا يتابع عليها !
فقد حذر السلف الصالح من زلة العالم، وهو ما يقع منه خلاف الحق قولاً أو فعلاً دون تعمد، ففي السنن للدارمي (1/82 رقم 214) :
عن زِيَادِ بن حُدَيْرٍ قال: قال لي عُمَرُ: هل تَعْرِفُ ما يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ؟
قال: قلت: لَا.
قال: يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ”
وقال إسحاق مسائله مع الإمام أحمد (2/588 رقم 345 :
“أمَّا العالم -يعني بالشيء – يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه”.
وقال ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (2/111) :
” شبه الحكماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير، وإذا صح وثبت أن العالم يزل ويخطئ لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه”.
وبهذا يعلم أنه لا يصح الاستدلال بزلات العلماء، واتخاذها حجة للوقوع في المخالفات الشرعية، أو مسوغاً لمن خالف الحق أن يستشهد بها.
الوجه الثاني : أن كلام العلماء يستدل له ولا يستدل به !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (26/202) :
” ليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع !
وإنما الحجة النص والإجماع ، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء ؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية ” انتهى .
وقال العلامة حمود التويجري في فصل الخطاب (264) :
” إن العلماء لا تعظم أقدارهم ويعتد بأقوالهم بمجرد التفخيم لهم والتنويه بذكرهم !
وإنما يعتبرون باتباع الحق واجتناب الباطل !!
فمن قال منهم بما يوافق الكتاب والسنة فقوله مقبول؛ ولو كان خامل الذكر عند الناس !
ومن قال بما يخالف الكتاب والسنة فقوله مردود ولو كان مشهوراً عند الناس ” انتهى
والصفة الرابعة : لا دين يردعهم :
فالحدادية التكفيرية فيهم جرأة وإقدام في الكلام على مسائل العلم، ويستسهلون إطلاق أحكام الكفر والتبديع والتفسيق بلا حجة وبرهان سوى الهوى والطغيان !
ومن عدم ديانتهم أن أقوالهم وطعونهم مبنية على الكذب والبهان والفجور !
ومن فجورهم طعنهم في العلماء السلفيين ومحاربتهم للمنهج السلفي !
فهم يحاربون المنهج السلفي والسلفيين شيوخاً وطلاباً ليل نهار ؟!
وهم خوارج بل هم أسوأ فرق الخوارج فالسابقون الأُول من الخوارج كانوا أهل صدق لا يستحلون الكذب مثل هؤلاء الحدادية التكفيرية !
ومن عدم ديانتهم معارضتهم السنن بأهوائهم فردوا جملة من الأحاديث بالهوى وسوء الظن بالله عز وجل كأحاديث الشفاعة فلذا تجد الواحد منهم يتكلم في دين الله بلا رقيب ولا خوف من الله عز وجل وكأن الإيمان مسلوب منهم !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (1/102) :
” من تعود معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه الإيمان !
بل يكون كما قال الأئمة : إن علماء الكلام زنادقة !!
وقالوا : قَلَّ أحد نظر في الكلام إلا كان في قلبه غلٌّ على أهل الإسلام !!!
ومرادهم بأهل الكلام من تكلم في الله بما يخالف الكتاب والسنة ” انتهى
والصفة الخامسة : لا دنيا منصورة :
فالحدادية التكفيرية مبتدعة ضلال، والمبتدع ذليل حقير لمخالفته أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح !
وقد نقل الصابوني في عقيدة السلف : الإجماع على القول بِقَهر أَهلِ البدعِ ، وإِذْلالِهِم، وإِخْزائهم، وإِبْعادهم، وإِقْصائهم، والتباعُد عَنهم، ومِن مصاحَبَتهم، ومُعاشرتهم، والتقرب إِلى الله بمجانبتهم ، ومهاجرتهم !
والحدادية الخوارج التكفيرية لا يمكنون في الأرض كلما ظهر منهم قرن فقويت شوكتهم قوة وجماعة قُطِع !
وهذا من نصر الله لأهل السنة السلفيين على هؤلاء الخوارج المارقين !
قال سهل لسحنون كما في ترتيب المدارك وتقريب المسالك (1/229) :
” البدعة فاشية، وأهلها أعزاء !!
فقال سحنون : أما علمت أن الله إذا أراد قطع بدعة أظهراها ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (3/231) :
” ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ” انتهى
ومن توفيق الله للعلماء السلفيين إدراكهم خطر هذه الفرقة الخبيثة فقاموا بالرد عليها وإزهاق أباطيلهم !
وإن شيخنا الإمام ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى وجزاه عنا كل خير لمن أبرز العلماء الذين تصدوا لفتنتهم وكشف شبهتهم ودحر باطلهم .
فقد وفقه الله تعالى لنصرة الحق، وإزهاق باطل أهل البدع والأهواء، !
قال شيخنا الإمام ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى في كتابه مرحباً يا طالب العلم (30) :
” كيف ترى أن تستريح أيها المؤمن الناصح وأنت ترى أهل البدع يكيدون وأهل الفتن والفساد يكيدون لأبنائك وإخوانك في العقيدة والمنهج !
كيف تستريح ؟!
والله ما نستريح والله أحياناً ما ننام حزناً على أبنائنا وخوفاً عليهم من ضياع دينهم ودنياهم !
لا تظنوا أن هذه شكوى !
لا والله ما نبين إلا لوجه الله تبارك وتعالى !
ونرى أن هذا من أوجب الواجبات وأفرض الفرائض نقوم به لله رب العالمين ” انتهى .
ولقد صمد شيخنا ربيع بن هادي عمير المدخلي في وجه البدع والضلالات ووقف في وجهها كالجبل الشامخ !
وأختم مقالي هذا بكلمتين جميلتين لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وكأنه يصف حال الحدادية التكفيرية :
الكلمة الأولى :
قال ابن قيم الجوزية في الصواعق المرسلة (1/300-30 :
” لو رأيت ما يصرف إليه المحرفون أحسن الكلام وأبينه وأفصحه وأحقه بكل هدى وبيان وعلم من المعاني الباطلة والتأويلات الفاسدة؛ لكدت تقضي من ذلك عجباً وتتخذ في بطن الأرض سرباً !
فتارة تعجب !
وتارة تغضب !
وتارة تبكي !
وتارة تضحك !
وتارة تتوجع لما نزل بالإسلام وحل بساحة الوحي ممن هم أضل من الأنعام !!
فكشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله !
…. وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة والتابعين وأهل الحديث قاطبة وأئمه الإسلام الذين لهم في الأمة لسان صدق يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ودينه وأهل النفاق والإلحاد لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ومحال وكفر وضلال وتشبيه وتمثيل أو تخييل ثم صرفها إلى معان يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي والألغاز لا يصدر ممن قصده نصح وبيان !
فالمدافعة عن كلام الله ورسوله والذب عنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأنفعها للعبد ومن رزقه الله بصيرة نافذة علم سخافة عقول هؤلاء المحرفين وأنهم من أهل الضلال المبين وأنهم إخوان الذين ذمهم الله بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه الذين لا يفقهون ولا يتدبرون القول وشبههم بالحمر المستنفرة تارة وبالحمار الذي يحمل أسفاراً تارة ومن قبل التأويلات المفتراة على الله ورسوله التي هي تحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه
…. وكذلك رئيس الخوارج السجاد العباد الذي بين عينيه أثر السجود قدم عقله ورأيه على ما جاء به في قسمة المال وزعم أنه لم يعدل فيها !
وكذلك غلاة الرافضة قدموا عقولهم وآرائهم على ما جاء به …
فهؤلاء وأمثالهم هم السلف لكل خلف يدعي أن لغير الله ورسوله معه حكماً في مضمون الرسالة إما في العلميات وإما في العمليات وإما في الإرادات والأحوال وإما في السياسات وأحكام الأموال فيطاع هذا الغير كما يطاع الرسول بل الله يعلم أن كثيراً منهم أو أكثرهم قد قدموا طاعته على طاعة الرسول
وكل هؤلاء فيهم شبه من أتباع مسيلمة وابن أبي وذي الخويصرة فلكل خلف سلف ولكل تابع متبوع ولكل مرؤوس رئيس !
ومن اعترض على الكتاب والسنة بنوع تأويل من قياس أو ذوق أو عقل أو حال ففيه شبه من الخوارج أتباع ذي الخويصرة …. ” انتهى
والكلمة الثانية :
وقال رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (3/397-39 :
” اعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض !
…. فمسخ المختلفون الذين جعلوا السواد الأعظم والحجة والجماعة هم الجمهور وجعلوهم عياراً على السنة !
وجعلوا السنة بدعة والمعروف منكراً؛ لقلة أهله وتفردهم في الأعصار والأمصار!
وقالوا من شذ شذ الله به في النار !
وما عرف المختلفون أن الشاذ ما خالف الحق وإن كان الناس كلهم عليه إلا واحداً منهم فهم الشاذون … ” انتهى
كتبــــــــه
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
الجمــــعة الموافق 19 شوال 1435هـ
الســ 55: 6ــاعــــ مغرباً ــة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد :
فمنهج الحدادية التكفيرية قائم على الجهل والسفه والفجور والبهتان ، وقد شابه الحداديةُ : الرافضة في هذا المسلك الخطير والمزلق العسير !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في مجموع الفتاوى (4/359-إقامة الدليل) :
” َالرَّافِضَةُ جُهَّالٌ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ وَلَا دِينٌ وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ ” انتهى
فهذه خمسة أوصاف :
1- جهال .
2- لا عقل لهم .
3- ولا نقل لديهم .
4- لا دين عندهم .
5- لا دنيا ينصرون فيها .
ولو تأملنا أوصاف الرافضة لوجدناها متوفرة في الحدادية التكفيرية بصورة واضحة جلية .
فالصفة الأولى : جهال :
فعن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :”إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا” متفق عليه .
قال الخطابي في العزلة (82) :
” قد أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آفة العلم ذهاب أهله وانتحال الجهال وترؤسهم على الناس باسمه وحذر الناس أن يقتدوا بمن كان من أهل هذه الصفة وأخبر أنهم ضلال مضلون ” انتهى
وقال ابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة (1/35) :
” لا ريب أن الجهل أصل كل فساد، وكل ضرر يلحق العبد في دنياه وأخراه فهو نتيجة الجهل” انتهى
وسبب جهلهم بعدهم عن مجالس العلماء وانفرادهم بأنفسهم ؛ قال ضرار بن عمرو كما في الفقيه والمتفقه (1/10 للخطيب :
” إن قوماً تركوا العلم ومجالسة أهل العلم صلوا وصاموا حتى بلي جلد أبدانهم على عمه وخالفوا السنة فهلكوا. والذي لا إله غيره ما عمل عامل قط على جهل إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (2/41) :
” أكثر ما تجد الرافضة إما في الزنادقة المنافقين الملحدين !
وإما في جهال ليس لهم علم لا بالمنقولات ولا بالمعقولات قد نشأوا بالبوادي والجبال أو تحيزوا عن المسلمين فلم يجالسوا أهل العلم والدين !
وإما في ذوي الأهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال أو له نسب يتعصب له كفعل أهل الجاهلية ” انتهى
والجهل من أسباب رد الحق قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح الكافية الشافية ( 2/108 ) :
” رد الحق أسبابه ثلاثة : قصور ، وتقصير ، وسوء قصد نية؛ يعنى هوى
فالقصور هو الجهل
والتقصير هو التفريط في طلب الحق
والثالث : سوء القصد؛ يعني لا يقصد الحق إنما هو متعصب صاحب هوى ” انتهى
وهذا هو حال الحدادية فهم على جهالة وفي جهالة في قولهم وفعلهم وكل شأنهم ومع جهلهم هم ظلمة فجرة فبدعوا السلفيين بل وكفروهم قال ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (3 /396) :
” الجاهل الظالم يخالفك بلا حجة ويكفرك أو يبدعك بلا حجة !
وذنبك رغبتك عن طريقته الوخيمة وسيرته الذميمة !!
فلا تغتر بكثرة هذا الضرب فإن الآلاف المؤلفة منهم لا يعدلون بشخص واحد من اهل العلم !
والواحد من أهل العلم يعدل بملء الأرض منهم ” انتهى
لذا لا يجوز أخذ العلم منهم ولا الرجوع إليهم !
وهم آثمون باجتهادهم أصابوا الحق أم أخطؤوا؛ لأنهم تجرؤوا على الكلام في دين الله بلا علم وحجة وبرهان !
والصفة الثانية : لا عقل لهم :
قال وكيع بن الجراح كما في العقل وفضله لابن أبي الدنيا (51رقم40) :
“العاقل من عقل عن الله U أمره، وليس من عقل تدبير دنياه”.
فالحدادية التكفيرية لم يعقلوا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم !
ولم يرفعوا رأساً بمنهج السلف الصالح !!
فقدموا فهومهم وآراءهم على فهم السلف الصالح وأئمة الهدى فهم سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان كما فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ” .
فحدثاء الأسنان أي صغار الأسنان !
وسفهاء الأحلام أي صغار العقول ؛ فعقولهم رديئة !
قال الإمام ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح أصول التفسير (287) :
” لا تعتمد على ذكائك ولا على كثرة علومك بل اعتمد على الله عز وجل واسأل الله دائماً أن يهديك لما اختلف الناس فيه من الحق ” انتهى
والحدادية متناقضون في أقوالهم وأفعالهم يثبتون شيئاً ثم ينفونه ، ويستدلون بما هو حجة عليهم لا لهم ، ولا يعقلون معاني الأدلة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (3 /80) :
” كل من أعرض عن الطريقة السلفية الشرعية الإلهية فإنه لا بد أن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أو البسيط ” انتهى
لهذا هم مبتدعة ضلال ؛ قال ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان (1/214) :
” المعرض عن السنة مبتدع ضال شاء أم أبى ” انتهى
ومن عدم عقلهم تقليد رجل تكفيري ضال مبتدع ألا وهو محمود الحداد التكفيري الخبيث وتقليد عبد الحميد الجهني الحدادي وتقليد عبد الله صوان الغامدي وتقليد أحمد بن عمر الحازمي الحدادي التكفيري وغيرهم من ساداتهم الغاليين في الحدادية والتكفيرية ، وأحبوهم حباً جماً فهم معهم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (11/519) :
” من أحب شيخاً مخالفاً للشريعة كان معه ؛ فإذا دخل الشيخ النار كان معه .
ومعلوم أن الشيوخ المخالفين للكتاب والسنة أهل الضلال والجهالة فمن كان معهم كان مصيره مصير أهل الضلال والجهالة ” انتهى
والصفة الثالثة : لا نقل عندهم :
فالحدادية التكفيرية ليست لديهم حجة إلا الكذب والبهتان وقلب الحقائق وإلباس الباطل لباس الحق وجعل الحق باطلاً !
وقد تسلطوا على بعض الكتب السلفية فقاموا بتحقيقها والتعليق عليها بما يفسد معانيها ويحرفها عن الحق وجادة المنهج السلفي !
فقبحهم الله ما أسوأ ضررهم على الإسلام والمسلمين !!
وكم قست قلوبهم وحادت عن الحق !!!
قال تعالى في سورة المائدة (41) { …. وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
قال ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان (1/55) :
” قوله {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم} عقيب قوله {سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه}: مما يدل على أن العبد إذا اعتاد سماع الباطل وقبوله أكسبه ذلك تحريفاً للحق عن مواضعه ؛ فإنه إذا قبل الباطل أحبه ورضيه فإذا جاء الحق بخلافه رده وكذبه إن قدر على ذلك وإلا حرفه كما تصنع الجهمية بآيات الصفات وأحاديثها يردون هذه بالتأويل الذي هو تكذيب بحقائقها وهذه بكونها أخبار آحاد لا يجوز الاعتماد عليها في باب معرفة الله تعالى وأسمائه وصفاته !
فهؤلاء وإخوانهم من الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فإنها لو طهرت لما أعرضت عن الحق وتعوضت بالباطل عن كلام الله تعالى ورسوله ” انتهى
ومن عجيب أمرهم تدليس وتلبيسهم فيوردون كلام العلماء ويحملونها على غير وجهها فشابهوا ابن جرجيس الذي قال عنه العلامة عبد الله أبا بطين في تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس ( :
” وذكر لي أن معه ورقة فيها عبارات من كلام الشيخ تقي الدين يشبه بها على الناس، يضع كلام الشيخ على غير موضعه …” انتهى
ومن عجيب حالهم وسوء قصدهم أنهم يستدلون بزلات بعض العلماء في مسائل العلم ويجعلونها أصولاً يتحاكمون عليها ويضللون من خالفهم فيها
وقد ضلوا في هذا المسلك من وجهين :
الوجه الأول : أن زلة العالم لا يتابع عليها !
فقد حذر السلف الصالح من زلة العالم، وهو ما يقع منه خلاف الحق قولاً أو فعلاً دون تعمد، ففي السنن للدارمي (1/82 رقم 214) :
عن زِيَادِ بن حُدَيْرٍ قال: قال لي عُمَرُ: هل تَعْرِفُ ما يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ؟
قال: قلت: لَا.
قال: يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ”
وقال إسحاق مسائله مع الإمام أحمد (2/588 رقم 345 :
“أمَّا العالم -يعني بالشيء – يكون مخالفًا لما جاءَ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أو التابعين بإحسان لما يكون قد عزب عنه معرفة العلم الذي جاء فيه فإِنَّ على المتعلمين أَنْ يهجروا ذَلِكَ القولَ بعينه من العالم الذي خفي عليه سنته ولا يدخل على الراد ذَلِكَ نقض ما رد على من هو أعلم منه”.
وقال ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (2/111) :
” شبه الحكماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير، وإذا صح وثبت أن العالم يزل ويخطئ لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه”.
وبهذا يعلم أنه لا يصح الاستدلال بزلات العلماء، واتخاذها حجة للوقوع في المخالفات الشرعية، أو مسوغاً لمن خالف الحق أن يستشهد بها.
الوجه الثاني : أن كلام العلماء يستدل له ولا يستدل به !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (26/202) :
” ليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع !
وإنما الحجة النص والإجماع ، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء ؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية ” انتهى .
وقال العلامة حمود التويجري في فصل الخطاب (264) :
” إن العلماء لا تعظم أقدارهم ويعتد بأقوالهم بمجرد التفخيم لهم والتنويه بذكرهم !
وإنما يعتبرون باتباع الحق واجتناب الباطل !!
فمن قال منهم بما يوافق الكتاب والسنة فقوله مقبول؛ ولو كان خامل الذكر عند الناس !
ومن قال بما يخالف الكتاب والسنة فقوله مردود ولو كان مشهوراً عند الناس ” انتهى
والصفة الرابعة : لا دين يردعهم :
فالحدادية التكفيرية فيهم جرأة وإقدام في الكلام على مسائل العلم، ويستسهلون إطلاق أحكام الكفر والتبديع والتفسيق بلا حجة وبرهان سوى الهوى والطغيان !
ومن عدم ديانتهم أن أقوالهم وطعونهم مبنية على الكذب والبهان والفجور !
ومن فجورهم طعنهم في العلماء السلفيين ومحاربتهم للمنهج السلفي !
فهم يحاربون المنهج السلفي والسلفيين شيوخاً وطلاباً ليل نهار ؟!
وهم خوارج بل هم أسوأ فرق الخوارج فالسابقون الأُول من الخوارج كانوا أهل صدق لا يستحلون الكذب مثل هؤلاء الحدادية التكفيرية !
ومن عدم ديانتهم معارضتهم السنن بأهوائهم فردوا جملة من الأحاديث بالهوى وسوء الظن بالله عز وجل كأحاديث الشفاعة فلذا تجد الواحد منهم يتكلم في دين الله بلا رقيب ولا خوف من الله عز وجل وكأن الإيمان مسلوب منهم !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (1/102) :
” من تعود معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه الإيمان !
بل يكون كما قال الأئمة : إن علماء الكلام زنادقة !!
وقالوا : قَلَّ أحد نظر في الكلام إلا كان في قلبه غلٌّ على أهل الإسلام !!!
ومرادهم بأهل الكلام من تكلم في الله بما يخالف الكتاب والسنة ” انتهى
والصفة الخامسة : لا دنيا منصورة :
فالحدادية التكفيرية مبتدعة ضلال، والمبتدع ذليل حقير لمخالفته أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح !
وقد نقل الصابوني في عقيدة السلف : الإجماع على القول بِقَهر أَهلِ البدعِ ، وإِذْلالِهِم، وإِخْزائهم، وإِبْعادهم، وإِقْصائهم، والتباعُد عَنهم، ومِن مصاحَبَتهم، ومُعاشرتهم، والتقرب إِلى الله بمجانبتهم ، ومهاجرتهم !
والحدادية الخوارج التكفيرية لا يمكنون في الأرض كلما ظهر منهم قرن فقويت شوكتهم قوة وجماعة قُطِع !
وهذا من نصر الله لأهل السنة السلفيين على هؤلاء الخوارج المارقين !
قال سهل لسحنون كما في ترتيب المدارك وتقريب المسالك (1/229) :
” البدعة فاشية، وأهلها أعزاء !!
فقال سحنون : أما علمت أن الله إذا أراد قطع بدعة أظهراها ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (3/231) :
” ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته ” انتهى
ومن توفيق الله للعلماء السلفيين إدراكهم خطر هذه الفرقة الخبيثة فقاموا بالرد عليها وإزهاق أباطيلهم !
وإن شيخنا الإمام ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى وجزاه عنا كل خير لمن أبرز العلماء الذين تصدوا لفتنتهم وكشف شبهتهم ودحر باطلهم .
فقد وفقه الله تعالى لنصرة الحق، وإزهاق باطل أهل البدع والأهواء، !
قال شيخنا الإمام ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى في كتابه مرحباً يا طالب العلم (30) :
” كيف ترى أن تستريح أيها المؤمن الناصح وأنت ترى أهل البدع يكيدون وأهل الفتن والفساد يكيدون لأبنائك وإخوانك في العقيدة والمنهج !
كيف تستريح ؟!
والله ما نستريح والله أحياناً ما ننام حزناً على أبنائنا وخوفاً عليهم من ضياع دينهم ودنياهم !
لا تظنوا أن هذه شكوى !
لا والله ما نبين إلا لوجه الله تبارك وتعالى !
ونرى أن هذا من أوجب الواجبات وأفرض الفرائض نقوم به لله رب العالمين ” انتهى .
ولقد صمد شيخنا ربيع بن هادي عمير المدخلي في وجه البدع والضلالات ووقف في وجهها كالجبل الشامخ !
وأختم مقالي هذا بكلمتين جميلتين لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى وكأنه يصف حال الحدادية التكفيرية :
الكلمة الأولى :
قال ابن قيم الجوزية في الصواعق المرسلة (1/300-30 :
” لو رأيت ما يصرف إليه المحرفون أحسن الكلام وأبينه وأفصحه وأحقه بكل هدى وبيان وعلم من المعاني الباطلة والتأويلات الفاسدة؛ لكدت تقضي من ذلك عجباً وتتخذ في بطن الأرض سرباً !
فتارة تعجب !
وتارة تغضب !
وتارة تبكي !
وتارة تضحك !
وتارة تتوجع لما نزل بالإسلام وحل بساحة الوحي ممن هم أضل من الأنعام !!
فكشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله !
…. وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة والتابعين وأهل الحديث قاطبة وأئمه الإسلام الذين لهم في الأمة لسان صدق يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ودينه وأهل النفاق والإلحاد لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ومحال وكفر وضلال وتشبيه وتمثيل أو تخييل ثم صرفها إلى معان يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي والألغاز لا يصدر ممن قصده نصح وبيان !
فالمدافعة عن كلام الله ورسوله والذب عنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأنفعها للعبد ومن رزقه الله بصيرة نافذة علم سخافة عقول هؤلاء المحرفين وأنهم من أهل الضلال المبين وأنهم إخوان الذين ذمهم الله بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه الذين لا يفقهون ولا يتدبرون القول وشبههم بالحمر المستنفرة تارة وبالحمار الذي يحمل أسفاراً تارة ومن قبل التأويلات المفتراة على الله ورسوله التي هي تحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه
…. وكذلك رئيس الخوارج السجاد العباد الذي بين عينيه أثر السجود قدم عقله ورأيه على ما جاء به في قسمة المال وزعم أنه لم يعدل فيها !
وكذلك غلاة الرافضة قدموا عقولهم وآرائهم على ما جاء به …
فهؤلاء وأمثالهم هم السلف لكل خلف يدعي أن لغير الله ورسوله معه حكماً في مضمون الرسالة إما في العلميات وإما في العمليات وإما في الإرادات والأحوال وإما في السياسات وأحكام الأموال فيطاع هذا الغير كما يطاع الرسول بل الله يعلم أن كثيراً منهم أو أكثرهم قد قدموا طاعته على طاعة الرسول
وكل هؤلاء فيهم شبه من أتباع مسيلمة وابن أبي وذي الخويصرة فلكل خلف سلف ولكل تابع متبوع ولكل مرؤوس رئيس !
ومن اعترض على الكتاب والسنة بنوع تأويل من قياس أو ذوق أو عقل أو حال ففيه شبه من الخوارج أتباع ذي الخويصرة …. ” انتهى
والكلمة الثانية :
وقال رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (3/397-39 :
” اعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده وإن خالفه أهل الأرض !
…. فمسخ المختلفون الذين جعلوا السواد الأعظم والحجة والجماعة هم الجمهور وجعلوهم عياراً على السنة !
وجعلوا السنة بدعة والمعروف منكراً؛ لقلة أهله وتفردهم في الأعصار والأمصار!
وقالوا من شذ شذ الله به في النار !
وما عرف المختلفون أن الشاذ ما خالف الحق وإن كان الناس كلهم عليه إلا واحداً منهم فهم الشاذون … ” انتهى
كتبــــــــه
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
الجمــــعة الموافق 19 شوال 1435هـ
الســ 55: 6ــاعــــ مغرباً ــة