الصواعق السلفية على أوكار الطائفة الحدادية التكفيرية | الحلقة الثامنة لفضيلة الشيخ د أحمد بازمول حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

أما بعد :

فإن الحدادية فرقة ضالة خارجية تكفيرية :

فما قامت الحدادية وأنشئت إلا للطعن في المنهج السلفي وأهله !

وما تأسست إلا لنصرة أهل الباطل والأهواء خصوصاً القطبية التكفيرية !!

وقد جمعت الحدادية كل حقد أهل البدع والأهواء على أهل السنة السلفيين !!!

ولا يستغرب هذا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج :

” يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان “.

” شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء”.

“كلاب أهل النار”

لذا توعدهم النبي صلى الله عليه وسلم إن أدركهم بالقتل حيث قال عليه الصلاة والسلام :

“لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد”

بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولاة الأمر بقتلهم وكف شرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

“فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة”

والحدادية من الخوارج بل من أخبث فرق الخوارج في هذا العصر !

وقد بنت الحدادية خوارج العصر أصولها على :

الغلو والكذب والافتراء والبهتان والحيل والأوهام والخبال والجهل والسفه والتلبيس والتدليس وقلب الحقائق والحقد الدفين للسلفيين عموماً ولعلمائها  خصوصاً !

فكل مسألة يقوم عليها منهجهم مبناها على هذه الأصول القذرة المحرمة شرعاً بل هي من كبائر الذنوب !

وهم يكفرون أهل الكبائر !

فهم على منهجهم الباطل كفار !!

وكفى بهذا الأمر دليلاً على شناعة منهجهم وقولهم !!

وإذا علمت الأصول التي بنت عليها الحدادية التكفيرية منهجهم ؛ فاعلم أن من منهجهم وطريقتهم الخبيثة أنهم يجعلون قولهم هو الحق الذي لا يجوز خلافه بل ويدعون فيه الإجماع كذباً وزراً وبهتاناً !

وبنوا عليه تبديع كل من خالفهم ولو كان الحق معه !!

فجعلوا رأيهم وهواهم هو الحق الذي يحملون الناس عليه !

ولم يلتفتوا للاختلاف السائغ الجائز !!

قال الإمام الشافعي في الرسالة :

” باب الاختلاف

قال فإني أجد أهل العلم قديماً وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم فهل يسعهم ذلك ؟

قال فقلت له : الاختلاف من وجهين :

أحدهما محرم .

ولا أقول ذلك في الآخر !

قال : فما الاختلاف المحرم ؟

قلت : كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصاً بيناً لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه .

وما كان من ذلك يحتمل التأويل ويدرك قياساً فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس وإن خالفه فيه غيره لم أقل أنه يضيق الخلاف في المنصوص ” انتهى

وهذا المنهج الخطير لا يصدر إلا من جاهل سفيه ؛ لا يعرف العلم ولا أصوله ، ولم يتلقَ العلم عن العلماء ولا حضر مجالسهم !

وهو في الغلو أكثر ولوجاً ، وإلى التطرف أكثر لصوقاً ووضوحاً !

قال المازري :

القطع في موضع التجويز : غلط وجهالة ” انتهى.

وهذا المسلك المنحرف قديم !

فقد سلكه أحد الجهلة المتخبطين فصنف كتاباً يطعن فيه بالإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة !!

فرَدَّ عليه الإمام ابن أبي زيد القيرواني في مصنف جليل(1)!

وكان هذا الجاهل المغرور يرى رأيه هو الحق، ورأي الإمام مالك مخالف لظاهر القرآن والسنة !!

فرد عليه ابن أبي زيد القيرواني بقوله :

”  وهذه الكلمة منه بخلافها من غيره؛ لأنه يرى أن ما تعلق هو به من ظاهر القرآن والسنة لا يحتمل غير قوله !

فتأمل ما سترت الحمية(2) عنه أنه جعل من قال بخلافه من السلف قد خالف ظاهر القرآن بما لا يحتمل إلا مخالفة القرآن؛ لأن ذلك الظاهر – عنده –  لا يحتمل غير الوجه الذي ذهب إليه .

والشافعي وغيره من المختلفين يرون أن الظاهر محتمل لقول المختلفين إلا أن كل واحد يرى أن ما تبين له من الاحتمال أشبه وأولى .

فتأملوا مبلغ ما تنتهي إليه هذه الكلمة منه …

وما  علمت من العلماء من نسب من خالفه منهم أنه خالف ظاهر نص من الكتاب غير محتمل لقوله، وهذا لا يجوز أن ينسب إلى العامة فضلاً عن الأئمة .

وإنما اختلف الناس في ما ظاهره من الكتاب والسنة يحتمل ما ذهب إليه المختلفون، فكل واحد يرى أن تأويله في الاحتمال أولى وأكثر أدلة .

ومن عد كلامه من عمله لم يطلق هذا في أئمة الدين ! انتهى

تكفير تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً نموذجاً :

فمن فجور الحدادية التكفيرية في الكذب : دعواهم الاجماع على كفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً !

وضللوا أهل السنة السلفيين القائلين بعدم كفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً ورموهم بالإرجاء !!

تأصيل المسألة عند أهل السنة السلفيين :

وأهل السنة يكفرون تارك الصلاة جحوداً .

وأما تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً فلأهل السنة فيه قولان :

القول الأول : يرى عدم كفر تارك الصلاة .

والقول الثاني : يرى كفر تارك الصلاة .

ولم يضلل أهل السنة القائلون بعدم كفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً من كفر.

ولم يضلل أهل السنة القائلون بكفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً من لم يكفر .

وكلا الفريقين يحترم الآخر ويقدره؛ لأن المسألة مبناها على أدلة للطرفين قابلة لمثل هذا الاختلاف ، وليس فيها مخالفة نص تعمداً أو تحايل على المخالفة !!

ولست في معرض ذكر أدلة الطرفين ومناقشتها؛ فقد بحثها أهل العلم سابقاً(3) ولاحقاً (4) وبينوا أدلة الفريقين بإنصاف واحترام وعلم .

وإنما غرضي هنا أمران :

الأول : بيان فساد طريقتهم ! وضلال منهجهم ! وسوء مسلكهم وحالهم !

وهذا قد سبق .

والثاني : بيان أن مسألة كفر تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً من المسائل التي وقع فيها اختلاف بين أهل السنة !

وأن كلا القولين تحتمله الأدلة !

وأن القائل بأحد القولين لا يخرج عن دائرة أهل السنة !!

ومن ضلل أحد القولين فقد خالف الحق وانحرف عنه انحرافاً شديداً !

بل هو مبتدع ضال إن تبين له سوء حاله ومقاله !!!

لأنه يلزم منه تضليل جماعة كثيرة من أهل السنة السلفيين !

وهذا حال الحدادية الخوارج التكفيرية !!

وإليك تنصيص جماعة من  أهل السنة السلفيين أن مسألة حكم تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً من المسائل الخلافية :

الإمام محمد بن نصر المروزي – رحمه الله تعالى – حيث قال :

“ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ الصَّحَابَةٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ فِي إِكْفَارِ تَارِكِهَا وَإِيجَابِ الْقَتْلِ عَلَى مَنِ امْتَنَعَ مِنَ إِقَامَتِهَا” انتهى

شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – حيث قال :

” وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف” انتهى

العلامة محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله تعالى – حيث قال :

وأظهر الأقوال أدلة عندي : قول من قال: إنه كافر.

وأجرى الأقوال على مقتضى الصناعة الأصولية وعلوم الحديث قول الجمهور: إنه كفر غير مخرج عن الملة؛ لوجوب الجمع بين الأدلة إذا أمكن.

وإذا حمل الكفر والشرك المذكوران في الأحاديث على الكفر الذي لا يخرج من الملة  حصل بذلك الجمع بين الأدلة والجمع واجب إذا أمكن؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما كما هو معلوم في الأصول وعلم الحديث  ” انتهى

الإمام محمد العثيمين – رحمه الله تعالى – حيث قال :

” هذه المسألة كبيرة وهامة، وظواهر الأدلة فيها تكاد تكون متكافئة، لكن أدلة تكفيره الكفر الأكبر أقوى أثراً ونظراً ” انتهى

(( فانظروا – بارك  الله فيكم – :

إلى هؤلاء الأئمة كيف يصفون المختلفين في تارك الصلاة بأنهم من أهل العلم، ولم يقل أهل السنة والمرجئة كما يقول الحداديون القطبيون …

ثم انظروا إلى عدل وإنصاف أهل السنة جميعًا، واحترام بعضهم لبعض حيث يحكي الطرفان هذا الاختلاف ويسوق كل طرف أدلته.

ولا يطعن بعضهم في بعض؛ لأن كل طرف يدرك أن الطرف الذي يخالفه مجتهد يريد الحق، وأنه ليس عنده هوى وإنما يعتمد على نصوص من الكتاب والسنة.

فقارن بين منهج علماء السنة ومنهج الخوارج الحدادية تجدهم أشد على أهل السنة وأفجر في خصومتهم لأهل السنة من الخوارج السابقين …

ولا يجوز وصف هذه المسألة بأنها محدثة؛ لأن هذا وصف لها ولأهلها بأنهم مبتدعة، وأن القول بعدم تكفير تارك الصلاة بدعة ضلالة، فهذا الوصف لها إنما هو من أقوال الخوارج والمنصورية من الروافض وهم سلف الحدادية ..

ودعوى الإجماع لا تثبت على محك النقد، ولقد بينا بطلان دعوى الإجماع بما يقنع ذوي الدين والعقل والمروءة بالأدلة الواضحة الجلية، وعلى منهج السلف في نقد الأحاديث والآثار وبيان صحيحها من ضعيفها من موضوعها.

أما أهل الجدال بالباطل فلا تنفعهم الأدلة والبراهين، هذا من جهة …

فأحاديث الشفاعة وفضل التوحيد : منعت جمهور أهل السنة من تكفير تارك الصلاة، وقولهم هو الراجح؛ لأنه يجمع بين الأدلة كلها ولا يأخذ بعضها ويدع البعض الآخر …

ثم إن الذي يأخذ بأحاديث فضل التوحيد، وأحاديث الشفاعة هو آخذ بأحاديث تكفير تارك الصلاة؛ لأنه يقول بأن تارك الصلاة يستحق القتل في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة.

ويقول: يوصف بالكفر الذي لا يخرجه من الإسلام.

وهذا ليس بقول غريب، فكثير من أصناف العصاة أطلق عليهم الكفر، فحمل هذا على الكفر الأصغر الذي لا يخرج من دائرة الإسلام، فكذا يقال في تارك الصلاة، وهذا هو المنهج الصحيح الذي يجمع بين أحاديث فضل التوحيد وأحاديث الشفاعة وبين الأحاديث التي يطلق فيها الكفر على أهل الكبائر.

فالراجح أن تحمل النصوص في تكفير تارك الصلاة على الكفر الأصغر الذي لا يخرج من ملة الإسلام كما حملت النصوص في تكفير الأصناف الأخرى على الكفر الأصغر.

هذا مع احترام أهل السنة بعضهم لبعض، فالذين يكفرون تارك الصلاة لا يطعنون في إخوانهم أهل السنة الذين لا يكفرونه؛ لأنهم يرون أن لهم الأدلة الكثيرة التي تمنعهم من تكفير تارك الصلاة، وكلهم مجتهدون، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد.

وهذا المنهج الصحيح لا يؤمن به الخوارج ولا الروافض، والحدادية تسير على منهج هؤلاء الضالين.

هذه حجج وبراهين أهل السنة الذين لا يكفرون تارك الصلاة، وهذا منهجهم في هذا الباب وغيره من أبواب الدين )) (5) .

والحمد لله رب العالمين .

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين .

وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه

أحمد بن عمر بن سالم بازمول

الأحد الموافق 5 ذو القعدة 1435هـ

الســــ 30 : 2ــاعـــ صباحاً ــــة

سيأتي الكلام بإذن الله تعالى في حلقة من حلقات الصواعق السلفية على شيء مما يتعلق بهذا الكتاب  .

أي العصبية .

مثل كتاب تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي وكتاب الصلاة لابن قيم الجوزية .

ومقالات شيخنا الإمام حامل راية التوحيد والسنة ربيع بن هادي عمير المدخلي من أكثر المقالات إشباعاً للمسألة بحثاً واستدلالاً ومناقشة ورداً للشبه الحدادية التكفيرية.

وهي مقالات محررة على أصول أهل السنة السلفيين ولم يستطع من رماها بالإرجاء من الحدادية التكفيرية أن يثبت عليها أي انحراف!

ونحن نطالب كل من رماها بالإرجاء أن يثبت لنا وجه الإرجاء فيها وإلا فهي مجرد دعوى لا خطام لها ولا زمام !

ولا تثبت في ميزان النقد !

ما بين القوسين من مقال (( وقفات مع تلبيسات وجهالات عبد الحميد الجهني في مقاله [كشف الخفاء عن مسألة محدثة استقوى بها الإرجاء]  الحلقة الثانية )) للإمام ربيع المدخلي / بتصرف .