بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة السابعة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي – بحمد الله تعالى – والتي كشفت فيها عن بعض وسوسة الحلبي وتلبيساته في كتابه الذي سماه بـ”منهج السلف الصالح”
وقد سبق في الحلقة السادسة مناقشة الحلبي في طعنه في بعض علماء السلفية الذين لا يشك أحد في علمهم وورعهموتقواهم بأسلوب ماكر، فهو لم يذكرهم بأسمائهم ولكن ذكر أموراً يعرف كل سلفي أنهالهم، وأخذ يفسرها ويهول فيها على خلاف الحق.
وقد لقيت هذه الحلقات بحمد الله تعالى قبولاً واستحساناً من كثير من العلماء وطلاب العلم، وقد انتفع بها كثير ممن كان مغتراً بالحلبي محسناً الظن به، فظهر حاله وانكشف أمره – بفضل الله أولاً وآخراً – ثم بفضل العلماء السلفيين الذين علمونا المنهج السلفي الصحيح، وحفظوه لنا من التبديل أو التحريف أو التعطيل جزاهم الله عنَّا جميعاً خيراً .
وفي هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – استكمل شيئاً من طعن الحلبي في العلماء السلفيين!
وأسوق لك أخي القارئ كلام الحلبي الذي يطعن فيه على بعض علماء السلفية:
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (ص 16) :” منبهاً – قبل كل شيء – إلى أن هذا الكتاب موجه لكل من خالف منهج مشايخنا – المنضبط – في الجرح والتعديل، نازعين منزع الغلو والتبديع، والإسقاط والتشنيع؛ لعل الله سبحانه يهديهم ويظهر الحق لهم .
ولا أبيح لمميع أو مضيع أن يستغله أو بعضه للطعن في السلفيين ومنهجهم الأمين. فلا يزال الناس يخطئون، ويصوب بعضهم بعضاً”. انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى:
1- صدقت أيها الحلبي فمنهج مشايخنا منضبط في الجرح والتعديل؛ لأنه مبني على منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، لا على الهوى والمصالح الشخصية ولا يبيعون دينهم بعرض من الدنيا زايل، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/82) :” نحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صواباً وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافاً وأبعدهم عن التحامل”
2- وهؤلاء المشايخ المنضبطون قد اعتبروا منهج الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى ومنهج الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى ومنهج الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى منهجاً معتدلاً منضبطاً قائماً على منهج السلف الصالح.
3- وأنت أيها الحلبي ممن خالف منهج هؤلاء المشايخ كلهم بمنهجك الجديد، كما في كتابك المسمى – زعماً – بمنهج السلف الصالح.
4- والمشايخ السلفيون بريئون من منهج الغلو والتبديع والإسقاط والتشنيع بلا حق، فنسأل الله أن يهديك للحق ونور السنة الذي لم تعد تبصره.
5- وأنت يا حلبي تحاول جاهداً طاعناً في بعض المشايخ السلفيين وترميهم بأنهم أصحاب غلو في التجريح ولم تكتفِ بذلك حتى رميتهم بأنهم يسقطون الأبرياء ويشنعون عليهم – كما سيأتي – إن شاء الله تعالى – بنص كلامك – ولا ريب أن هذه تهمة كبيرة، هي بك أليق وبأتباعك وأصحابك أقرب، فأنتم الذين تحاولون إسقاط بعض المشايخ السلفيين الذين صاروا مرجعاً للسلفيين أجمع.
6- لكن السؤال هنا: لماذا يحاول الحلبي جاهداً في إسقاط هؤلاء المشايخ ؟
وجوابه : أن الحلبي قد أدرك منذ ثناء العلماء على بعض المشايخ السلفيين لجهادهم الكبير ضد أهل البدع والأهواء: أن هؤلاء المشايخ قد تبؤوا مكانة لدى السلفيين أجمعين
هذا من جهة.
ومن جهة أخرى : أن الحلبي لما خالف المنهج السلفي وسلك مسالك المنهج الخلفي خاف على نفسه أن يُخرج من السلفية، وأن يكون بسبب منهجه الجديد ضحية، فأراد أن يحمي نفسه من هذه الحالة الردية ! لكن ليته حمى نفسه بالتوبة والرجوع إلى المنهج السلفي! بل حمى نفسه عن طريقين :
الطريق الأولى : عن طريق الطعن في بعض المشايخ السلفيين الذين واجهوا انحرافه بالنصيحة والتوجيه أولاً وبالرد والبيان ثانياً.
الطريق الثاني : عن طريق تقعيد القواعد الفاسدة وتأويل منهج السلف بتأويلات باردة متعسفة .
7- ثم يقال للحلبي هل التبديع والإسقاط والتشنيع يعتبر منهجاً منحرفاً مطلقاً ؟
فإذا كان الجواب : نعم هو منهج منحرف!
فهذا يعني أن مشايخك الذين قلت بانضباط منهجهم خالفوا منهجهم المعتدل.
فهذا الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ردوده ومواقفه لمن خالف الحق معروفة مشهودة كالصابوني وعبد الرحمن عبد الخالق وغيرهما.
وهذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ردوده ومواقفه لمن خالف الحق معروفة ومشهودة فقد رد على القرضاوي وغيره.
وهذا الشيخ محمد الألباني رحمه الله تعالى ردوده ومواقفه لمن خالف الحق معروفة ومشهودة فقد رد على الصابوني وعلى أبي غدة وعلى إحسان عبد المنان وعلى شعيب الأرناؤوط وغيرهم.
وإن كان الجواب : لا يعتبر منهجاً منحرفاً مطلقاً : بل إذا كان بالحق والعدل فهو حق وإن كان بالظلم والهوى فهو باطل : فقد رددت على نفسك في طعنك على بعض المشايخ السلفيين؛ لأنهم ما بدعوا إلا من يستحق ذلك بالعدل لا بالظلم والهوى والعياذ بالله.
8- وأما قولك أيها الحلبي :”ولا أبيح لمميع أو مضيع أن يستغله أو بعضه للطعن في السلفيين ومنهجهم الأمين. فلا يزال الناس يخطئون، ويصوب بعضهم بعضاً”. انتهى
أقول: أنت تتلاعب بعقول الناس، فتقرر الباطل ثم تدعي أنه لا أثر له وأنك لا تقبل نتائجه المترتبة عليه! فكيف لا يطعن على بعض المشايخ السلفيين وأنت ترميهم بدواهي مقتفياً منهج عدنان العرعور والمأربي في افتراءتهما على المشايخ السلفيين !!
وما هذا التناقض يا حلبي تصف السلفيين بأن منهجهم ناصح أمين: ثم ترمي كبار السلفيين الأمناء الناصحين – رغم أنوف أهل البدع – بمثل هذا الخبث والخيانة والظلم! فكلامك متناقض متهافت مضطرب المعنى.
وأما اتهام بعض المشايخ السلفيين أنهم يسقطون مباشرة دون نصيحة ولا بيان فهذا ظلم عظيم وإفك مبين فالمشايخ السفيون : ما يهجرون أولاً بل ينصحون سراً وعلانية ويحاولون تسديد المنصوح ولكن إذا عاند وأصر على باطله حينها يحذرون منه ويحكمون عليه بما يناسب حاله :
سئل الشيخ العلامة ربيع بن هاد المدخلي السؤال التالي : يردد بعض من عندنا هنا في الرياض أنكم قد رددتم على بعض الحركيينرداً كلامياً وكتابياًهل ناصحتموهم قبل الرد؟
فأجاب الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى بقوله : هذا شيء معروف ومشهور أني أناصح وحتىالحدادية المغلفة تجعل هذا عيباً وهذا تمييعا قاتلهم الله، والله ما نفعل هذا إلا حِفَاظاً على السلفيين والله ما بدي أن تسقط شعرة سلفية، إذا إنسان انتمى إلى المنهج السلفي وقال أنا سلفي وعاشر السلفيين ووقع في أخطاء ولو كبيرة أنا لا أسكت عنه ولله الحمد أناصحه شفوياً كتابياً بقدر ما أستطيع ” انتهى
وكم ناصح الشيخ ربيع المدخلي عدنان عرعور، والمغراوي، والمأربي، وعبد الرحمن عبدالخالق، وفالحاً الحربي، بل وناصحك أنت يا حلبي: سنوات وسنوات!
ولقد كان موقف السلف الصالح من أهل البدع والأهواء ومن يدافع عنهم أو يمدحهم أو يماشيهم موقفاً صارماً شامخاً، وسأسوق بعض أقوالهم :
1- قال الفضيل بن عياض :”من جلس مع صاحب بدعة فاحذره” أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (8/103) وابن بطة في الإبانة (2/459رقم437).
2- وسأل أَبُو دَاوُد الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ :” أَرَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَتْرُكُ كَلَامَهُ ؟
فقَالَ : لَا أَوْ تُعْلِمُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْته مَعَهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ فَكَلِّمْهُ، وَإِلَّا فَأَلْحِقْهُ بِهِ”أخرجه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/160).
3- وقال البربهاري في شرح السنة (112رقم145) :” إذا رأيت الرجل جالساً مع رجل من أهل الأهواء فحذره وعرفه فإن جلس معه بعد ما علم فاتقهفإنه صاحب هوى”
4- وقال الصابوني في عقيدة السلف (123) :” وأجمعوا كلهم على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومنمصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم”
5- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (2/132) :” يَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ أَوْ عُرِفَبِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ أَوْ كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ أَوْ مَنْ قَالَ إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ ؛ بَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ”
6- وسئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – في شرح فضل الإسلام (10) : الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟
فأجابسماحته: نعم ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم هو داع إليهم، هو من دعاتهم نسأل اللهالعافية”
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى أيضاً في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202) :” الواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم،ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم
من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله بإتباعه في قوله جل وعلا {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون}”انتهى
وقال الشيخ ابن باز –رحمه الله تعالى أيضاً في تنبيهات على ما كتبه الصابوني -: “ومتى سكت أهل الحق عن بيان أخطاء المخطئين وأغلاط الغالطين لم يحصل فهم ما أمر الله به من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعلوم ما يترتب على ذلك من إثم الساكت عن إنكار المنكر وبقاء الغالط على غلطه والمخالف للحق على خطئه وذلك خلاف ما شرعه الله سبحانه من النصيحة والتعاون على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله ولي التوفيق” انتهى
7- وقال الشيخ صالح الفوزان في إتحاف القارئ (1/113) :” الذي خرج عن الحق متعمداً لا يجوز السكوت عنه بل يجب أن يُكشف أمره ويُفضح خزيه حتى يحذره الناس ولا يُقال الناس أحرار حرية الرأي، حرية الكلمة احترام الرأي الآخر! كما يدندنون به الآن من احترام الرأي الآخرالمسألة ليست مسألة آراءالمسألة مسألة إتباع نحن قد رسم الله لنا طريقاً واضحاً وقال لنا سيرواعليه حينما قال { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} فأي واحد يأتينا ويريد منا أن نخرج عن هذا الصراط فإننا أولاً نرفض قوله وثانياً نبين ونحذر الناس منه ولا يسعنا السكوت عنه؛ لأننا إذا سكتنا عنه اغتر به الناس لا سيما إذا كان صاحب فصاحة ولسان وقلم وثقافة فإن الناس يغترون به ويقولون هذا مؤهل هذا من المفكرين كما هو الحاصل الآن فالمسألة خطيرة جداً.وهذا فيه وجوب الرد على المخالف عكس ما يقوله أولئك يقولون اتركوا الردود دعواالناس كل له رأيه واحترامه وحرية الرأي وحرية الكلمةبهذا تهلك الأمة.السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء بل فضحوهم وردوا عليهم لعلمهم بخطرهم على الأمة نحن لا يسعنا أن نسكت عن شرهم بل لابد من بيان ما أنزل الله وإلا فإننا نكون كاتمين من الذين قال الله فيهم {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } فلا يقتصر الأمر على المبتدع بل يتناول الأمر من سكت عنه فإنه يتناوله الذم والعقاب؛ لأن الواجب البيان والتوضيح للناس وهذه وظيفة الردود العلميةالمتوفرة الآن في مكتبات المسلمين كلها تذب عن الصراط المستقيم وتحذر من هؤلاء فلا يروج علينا هذه الفكرة فكرة حرية الرأي وحرية الكلمة واحترام الآخر … إلا مضلل كاتم للحق. نحن قصدنا الحق ما قصدنا نجرح الناس أو نتكلم في الناس القصد هو بيان الحق. وهذه أمانة حملها الله العلماء فلا يجوزالسكوت عن أمثال هؤلاء لكن مع الأسف لو يأتي عالم يرد على أمثال هؤلاء قالوا هذا متسرع … إلى غير ذلك من الوساوس فهذا لا يخذل أهل العلم أن يبينوا للناس شر هؤلاء دعاة الضلال لا يخذلهم”. انتهى
8- وسئل الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى كما في جناية التمييع : السؤال العاشر:متى يخرج الرجل من المنهج السلفي ويحكم عليه بأنه ليس سلفياً؟
فأجاب حفظه الله تعالى بقوله : هذا بينه أهل العلم، وضمنوه كتبهم ونصائحهم وهو ضمن منهجهم وذلك أن الرجل يخرج من السلفية إذا خالف أصلاً من أصول أهل السنة، وقامت الحجة عليه بذلك وأبى الرجوع، هذا يخرج من السلفية، كذلك قالوا حتى في الفروع إذاخالف فرعاً من فروع الدين فأصبح يوالي ويعادي في ذلك فإنه يخرج من السلفية. انتهى
ونحن مع اقتناعنا بهذا المنهج السلفي قد نعجز عن تطبيقه لكن لا نحارب من يطبقه ولا نصفه بالغلو في التجريح! بخلاف ما عليه الحلبي ومن على نهجه!! فكم أزروا وشنعوا على السلفيين المعاصرين مع ضعفهم وعجزهم عن تطبيق هذا المنهج، ويضعون أسلحتهم في نحور أهل السنة قبل أهل البدع! فيا غربة السنة وأهلها.
ثانياً : قال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (ص80) :” ورَحِمَ اللهُ الإمامَ ابنَ القَيِّم القائلَ في «مدارِج السَّالِكِين» (3/778) -مُبَيِّناً منزلةَ الإحسان إلى الخَلْق، والأخلاقِ الكريمة، والآداب الفاضلة-:
«…ومَن أرادَ فَهْمَ هذه الدرجةِ -كما ينبغي-؛ فلْيَنْظُرْ إلى سيرةِ النَّبِيِّ ﷺ مع النَّاس: يَجِدْها هذه بعينِها.
ولمْ يكُنْ كمالُ هذه الدرجةِ لأحدٍ سِواه، ثم للورثةِ مِنها بحَسَبِ سهامِهم مِن التَّرِكَةِ.
وما رأيتُ أحداً -قَطُّ- أجمعَ لهذه الخِصالِ مِن شيخِ الإسلام ابن تيميَّة
-قدَّسَ اللهُ روحَه-.
وكانَ بعضُ أصحابِه الأكابر يقولُ: وَدِدْتُ أنِّي لأصحابي مثلَه لأعدائِه وخصومِه!
وما رأيتُه يدعو على أحدٍ منهم -قطُّ-، وكان يدعو لهم.
وجئتُ يوماً مُبَشِّراً بموتِ أكبرِ أعدائه، وأشدِّه عداوةً وأذىً له؛ فنَهَرَنِي، وتنكَّرَ لي، واسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قامَ مِن فَوْرِهِ إلى بيتِ أهلِه، فعزَّاهُم، وقال:
إنِّي لكم مكانَه، ولا يكونُ لكم أمرٌ تحتاجونَ فيه إلى مُساعدةٍ إلا ساعدتُكُم فيه -ونحوِ هذا من الكلامِ-، فسُرُّوا به، ودَعَوْا له، وعَظَّمُوا هذه الحالَ منه.
فرَحِمَهُ اللهُ ورضِيَ عنه».
فعلق الحلبي بقوله في (ص81) حاشية رقم (1) :” وَلَوْ حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ (مِنَّا) -اليَوْمَ- مِثْلُ مَا فَعَلَ شَيْخُ الإِسْلاَم -فِي الأَمْسِ- مع الإقرار بالفارق لَكَانَ نَصِيبُهُ الهَجْرَ وَالتَّبْدِيع، وَالسَّبَّ وَالتَّشْنِيع -بِالسُّقُوطِ وَالتَّمْيِيع-!!) انتهى .
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- إن هجران أهل البدع والأهواء لا ينافي مكارم الأخلاق والإحسان إلى الخلق، وقد نقل بعض أئمة الإسلام أجماع الصحابة ومن بعدهم على هجر أهل البدع والأهواء، قال البغوي في شرح السنة (1/227) : وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم” انتهى بل الهجر مشروع حتى لغير أهل البدع فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل المدينة قاطبة بهجران بعض أصحابه لما تخلفوا عن غزوة تبوك فما رأي الحلبي هل هجر النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه ينافي (( الإحسان إلى الخَلْق، والأخلاقِ الكريمة، والآداب الفاضلة)) ؟! الحلبي وأشياعه يرجفون على أهل السنة بهجران أهل البدع والتحزب مع أن الواقع من السلفيين ليس بالصورة التي يصورونها بل يحاول بعض السلفيين أن يتألف أهل الباطل فينفر أهل الباطل منهم، ويبدؤونهم بالهجران والطعن والتشويه والتنفير ثم يكون اللوم والتشويه على السلفيين دون من يهجرهم ….
2- هل تلوم عمر بن الخطاب على معاملته لصبيغ فعن السايب بن يزيد أنه أتى عمر بن الخطاب فقيل يا أمير المؤمنين أنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن؟ فقال عمر :”اللهم مكني منه” قال فبينما عمر ذات يوم جالساً يغدي الناس إذا جاء رجل عليه ثياب وعمامة فتغدا حتى إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين {والذاريات ذرواً فالحاملات وقراً} فقال عمر:” أنت هو” فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فقال والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك البسوه ثياباً واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيباً ثم يقول :”إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأه فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيد قومه”. أخرجه أخرجه الآجري في الشريعة (1/481رقم152)وغيره . وقال الحافظ ابن كثير في التفسير (4/233) :” إنما ضربه؛ لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنتاً وعناداً. والله أعلم” انتهى
3- بل هل تلوم النبي صلى الله عليه وسلم على تحذيره من أهل البدع ومن جلساء السوء ومن الخوارج وحثه على قتلهم ووصفهم بأنهم :”شر الخلق والخليقة”
4- وهل تلوم السلف الصالح مثل مالك والأوزاعي والثوري ومن بعدهم كالإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومن بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة.
5- وهل تلوم ابن تيمية وابن قيم الجوزية وتلاميذهم على ردودهم على أهل الأهواء وتحذيرهم منهم.
6- وهل تلوم الإمام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه على معاملتهم لأهل البدع إلى حد القتال.
7- وما موقف الحلبي من كتب السنة مثل السنة للخلال والسنة لعبد الله بن الإمام أحمد وشرح اعتقاد أهل السنة للالكائي والشريعة للآجري والحجة للأصبهاني والصواعق المرسلة وأمثالها ؟ هل قرأتها وهضمتها ؟ وهل تنصح بقراءتها والاستفادة منها أو أنها تخالف منهجك وقناعاتك فلا تلتزم بها !
8- إن من دأبك يا حلبي أن تتبع الأمور النادرة مع تناسيك لمنهج السلف الصالح الوسط بل مقاومتك لمضمونه وتشويه من يتمسك به.
9- إن منهج السلف الصالح فيه العدل والتوسط وحماية الدين والحفاظ عليه من غلو الجاهلين كالخوارج ونحوهم ومن تمييع المبطلين الذين يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، فلا أقرَّ الله عيون المبطلين من الغلاة والمفرِّطين المميعين.
10- ثم يقال للحلبي إن استدلالك بموقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على مؤانسة ومخالطة أهل البدع ليس صحيحاً؛ فشيخ الإسلام ابن تيمية لم يذهب إلى هذا العدو في حياته أو يعرض عليه المساعدة فيما يحتاج إليه! وإنما ذهب شيخ الإسلام إلى أهله الذين لا ذنب لهم؛ ليتألفهم لعل الله يوفقهم لإتباع الحق؛ لأنهم لا يحملون شيئاً من وزر هذا العدو الذي كان يعادي شيخ الإسلام ويؤذيه.
11- بل شيخ الإسلام نفسه كثيراً ما يعامل خصومه هذه المعاملة فمن ذلك ما ذكره في مناقشة له مع بعض خصومه كما في الفتاوى الكبرى (5/5-6) :” …وأما قول القائل أن لا يتعرض لأحاديث الصفات وآياتها عند العامة فما فاتحت عامياً في شيء من ذلك قط وأما الجواب بما بعث الله به رسوله المسترشد المستهدى فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :”من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار وقد قال تعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} فلا يؤمر العالم بما يوجب لعنة الله عليه فأخذا الجواب وذهبا فأطالا الغيبة ثم رجعا ولم يأتيا بكلام محصل إلا طلب الحضور فأغلظت لهم في الجواب و قلت لهم بصوت رفيع يا مبدلين يا مرتدين عن الشريعة يا زنادقة وكلاما آخر كثيراً” انتهى. وقال رحمه الله تعالى في معرض اعتذاره عن شدته وتغليظه على إخوانه كما في مجموع الفتاوى (28/53) :”وتعلمون أيضاً أن ما يجري من نوع تغليظ أو تخشين على بعض الأصحاب والإخوان ما كان يجرى بدمشق ومما جرى الآن بمصر فليس ذلك غضاضة ولا نقصاً في حق صاحبه ولا حصل بسبب ذلك تغير منا ولا بغض بل هو بعد ما عومل به من التغليظ والتخشين أرفع قدراً وأنبه ذكراً وأحب وأعظم وإنما هذه الأمور هي من مصالح المؤمنين التي يصلح الله بها بعضهم ببعض فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين.. انتهى وأقول (( لَوْ حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ (مِنَّا) -اليَوْمَ- مِثْلُ مَا فَعَلَ شَيْخُ الإِسْلاَم -فِي الأَمْسِ- مع الإقرار بالفارق لَكَانَ نَصِيبُهُ)) الرمي بالغلو والجرح والتجريح وأكثر وأكثر مما يحصل ممن يفعل ما هو دون هذا !!
12- بل يبطل استدلالك – يا حلبي – قول ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى :” فلْيَنْظُرْ إلى سيرةِ النَّبِيِّ ﷺ مع النَّاس: يَجِدْها هذه بعينِها.ولمْ يكُنْ كمالُ هذه الدرجةِ لأحدٍ سِواه، ثم للورثةِ مِنها بحَسَبِ سهامِهم مِن التَّرِكَةِ”فالرسول صلى الله عليه وسلم – من كمال سيرته ونصحه للإسلام والأمة – كان يحذر من أهل البدع والبدع فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ r هَذِهِ الْآيَةَ )هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ( قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :”فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ” أخرجه البخاري في الصحيح (4/1655رقم4273) ومسلم في الصحيح (4/2053رقم2665). وكان عليه الصلاة والسلام يعامل الكذاب بشدة كما قالت عائشة رضي الله عنها:” ما كان خُلُقٌ أَبْغَضَ إلى أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْكَذِبِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَذِبَةَ فما يَزَالُ في نَفْسِهِ عليه حتى يَعْلَمَ أن قد أَحْدَثَ منها تَوْبَةً”. أخرجه معمر في الجامع (11/158رقم20195) ومن طريقه الإمام أحمد في المسند (6/152) وكذا إسحاق بن راهويه في المسند (3/654رقم1245) والترمذي في السنن (4/348رقم1973) وابن حبان في الصحيح (13/44رقم5736). قال أبو عِيسَى الترمذي :”هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ”. وصحح إسناده العلامة الألباني في صحيح الترمذي(رقم1973).
13- وكذا كان الصحابة فعن يحيى بن يَعْمَرَ قال كان أَوَّلَ من قال في الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَانْطَلَقْتُ أنا وَحُمَيْدُ بن عبد الرحمن الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أو مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا لو لَقِينَا أَحَدًا من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يقول هَؤُلَاءِ في الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لنا عبد اللَّهِ بن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ فَاكْتَنَفْتُهُ أنا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عن يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عن شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إلي فقلت :” أَبَا عبد الرحمن إنه قد ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يقرؤون الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ وَذَكَرَ من شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ قال فإذا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي برئ منهم وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عبد اللَّهِ بن عُمَرَ لو أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ ما قَبِلَ الله منه حتى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ. أخرجه مسلم في الصحيح (1/36رقم8). وروى عبد اللَّهِ بن بُرَيْدَةَ عن عبد اللَّهِ بن مُغَفَّلٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَخْذِفُ فقال له لَا تَخْذِفْ فإن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نهى عن الْخَذْفِ أو كان يَكْرَهُ الْخَذْفَ وقال إنه لَا يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ ولا ينكأ بِهِ عَدُوٌّ وَلَكِنَّهَا قد تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذلك يَخْذِفُ فقال له أُحَدِّثُكَ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نهى عن الْخَذْفِ أو كَرِهَ الْخَذْفَ وَأَنْتَ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا”. أخرجه البخاري في الصحيح (5/2088رقم5162) ومسلم في الصحيح (3/1547رقم1954). وقال سَالِمُ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عَبْد اللَّهِ بن عُمَرَ قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ r يقول :”لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إذا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا” فقال بِلَالُ بن عبد اللَّهِ : والله لَنَمْنَعُهُنَّ! فَأَقْبَلَ عليه عبد اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا ما سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مثله قَطُّ وقال أُخْبِرُكَ عن رسول اللَّهِ r وَتَقُولُ والله لَنَمْنَعُهُنَّ” أخرجه مسلم في الصحيح (1/327رقم442).
14- فإذا كان هذا منهج السلف الصالح ومن سار على نهجهم وهديهم فهل ستعتبرهم من أهل التشنيع والإسقاط والتبديع يا حلبي !!! حاشاهم من ذلك.
15- وأما قولك أيها الحلبي :” وَلَوْ حَصَلَ مِنْ أَحَدٍ (مِنَّا) -اليَوْمَ- مِثْلُ مَا فَعَلَ شَيْخُ الإِسْلاَم -فِي الأَمْسِ- مع الإقرار بالفارق لَكَانَ نَصِيبُهُ الهَجْرَ وَالتَّبْدِيع، وَالسَّبَّ وَالتَّشْنِيع -بِالسُّقُوطِ وَالتَّمْيِيع-!!. انتهى
أقول : هذه دسيسة منك أيها الحلبي تريد ضرب المشايخ السلفيين بها؛ لتقول أنتم لستم على منهج أئمة الإسلام كشيخ الإسلام، ومع ذلك فمنهج مشايخنا السلفيين معروف ورأفتهم ورحمتهم وحرصهم على هداية الناس، وعدم شماتتهم بالناس معروفة ومواقفهم مشهودة.
وما رميتهم به ليس من شأنهم ولا من حالهم كما شهد لهم بذلك كبار علماء عصرهم.
ثالثاً : قال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (ص 81) ( وَعَلَيْه؛ فَالدَّعْوَةُ السَّلَفِيَّةُ لَمْ تَكُنْ -يَوْماً- وَلَنْ تَكُونَ- حِزْبِيَّةَ التَّوْجِيهَات، أَوْ عَسْكَرِيَّةَ الأَوَامِر، أَوْ صُوفِيَّةَ الأَواصِر؛ عَلَى مَبْدأ: (مَن اعْتَرَض انْطَرَد)!) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- صحيح يا حلبي الدعوة السلفية لم تكن يوماً من الأيام كذلك بل ينطبق عليهم حديث معاوية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :” لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ من أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ من خَذَلَهُمْ أو خَالَفَهُمْ حتى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ على الناس” أخرجه البخاري في الصحيح (3/1331رقم3442) ومسلم في الصحيح (3/1524رقم1037).
2- ولم يكتفِ الحلبي برمي المشايخ السلفيين بتهمة الإسقاط والتبديع حتى حاول الإجهاز عليهم برميهم بهذه الفرية الشنيعة أنهم أصحاب الأوامر العسكرية، والتوجهات الحزبية والأواصر الصوفية! وهذه الفرية كان يكررها عرعور في بهته للمشايخ السلفيين وكذا سلفه أبو الحسن المأربي بقوله (ما عندنا بابوات ولا ملالي) عاملهما الله بما يستحقان.
3- ونقول لك أيها الحلبي : الدعوة السلفية ليست منهجاً واسعاً أفيح يدخل فيها أهل البدع والأهواء ويدخل فيها من يدافع عنهم ويثني عليهم ويماشيهم ويجالسهم، وليس فيها نصحح ولا نجرح أو لا نهدم، وليس فيها أصول تسقط علماء المنهج السلفي، وليس فيها خيانات ولا أكاذيب ولا اتساعات ظالمة كما في مناهج من تتولاهم وتدافع عنهم وتشوه السلفيين حقاً من أجلهم.
4- ثم أصحاب الأوامر العسكرية وصوفية الأواصر هم من يستولى على مركز أهل السنة ومدارسهم ومنتدياتهم وعلى مخازنهم.
5- ولم يكتفِ بذلك حتى جعل المشايخ السلفيين أصحاب فتن وقلاقل وحرب شوارع ومطاردات لصوصية – حاشاهم من ذلك – كما يلي :
رابعاً : نقل الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (81) عن الشيخ الألباني أنه قال «أَمَّا مَا أَسْمَعُهُ -الآن- مِنْ أَنْ يُفْصَلَ المُسْلِمُ عَن الجَمَاعَةِ السَّلَفِيَّة!! لِمُجَرَّدِ أَنَّه أَخَطأَ فِي مَسْأَلَةٍ، أَوْ فِي أُخْرَى: فَمَا أَرَاهُ إِلاَّ مِنْ عَدْوَى الأَحْزَابِ الأُخْرَى! هَذَا الفَصْلُ هُوَ نِظَامُ بَعْضِ الأَحْزَابِ الإِسْلاَمِيَّة الَّتِي لاَ تَتَبَنَّى المَنْهَجَ السَّلَفِيَّ مَنْهَجاً فِي الفِقْهِ، وَالفَهْمِ لِلإِسْلاَم؛ وَإِنَّمَا هُوَ حِزْبٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الأَحْزَابِ الأُخْرَى مِنَ التَّكَتُّلِ وَالتَّجَمُّعِ عَلَى أَسَاسِ الدَّوْلَةِ المُصَغَّرَة؛ مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ رَئِيسِها أُنْذِر-أَوَّلاً! وَثَانِياً! وَثَالِثاً-رُبَّما-، ثُمَّ حُكِمَ بِفَصْلِهِ!) انتهى.
فعلق الحلبي حاشية رقم (2) على (يفصل المسلم عن الجماعة السلفية ..)
بقوله (حَبَّذا لَوْ ظَلَّ الأَمْرُ مَوْصُولاً بِـ (الفَصْل)؛ لَهَانَ الخَطْبُ -إذَنْ-!
لكنَّ هَذا (الفَصْلَ) -حقيقةً- مَوْصُولٌ بِالمُلاَحَقَة، وَالمُتابَعَة، وَاللَّدَد فِي الخُصُومَة، إِلَى حَدِّ الإِسْقَاطِ وَالاسْتِئْصَال!!! -وَلاَ بُدّ-!) انتهى.
وعلق الحلبي في حاشية رقم (3) على (أنذر أولاً وثانياً وثالثاً ربما ثم حكم بفصله)
بقوله ( بَلْ نَرَى الآن (!) فِي بَعْضِ المَسْلَكِيَّاتِ السَّلَفِيَّةِ المُعاصِرَة -هدى اللهُ ذَوِيها- مِنْ (يَفْصِلُ)، وَيُسْقِطُ، وَيَسْتَأْصِلُ بِدُونِ أَيِّ إِنْذَار!
فإنْ فَعَلَ: فعَلَى وَجْهِ الإلزام، والإيجاب -ولا بُدَّ-!) انتهى.
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- إننا والحمد لله لا نعرف هذا الطرد والفصل عن أحد من السلفيين في المملكة العربية السعودية كلها، والذي نعرفه بالضبط هو تمرد الفئات التي تدافع عنها وتحارب من أجلها وعلى رأسهم :
أ –عدنان عرعور الذي أعلن تمرده ومن معه، وأعلن إسقاط العلماء الذين بينوا انحرافاته وأصوله الفاسدة.
ب – المغراوي وحزبه هم الذين تمردوا على السلفيين لما ناصحوا المغراوي وصبروا طويلاً على بلائه وعناده فكافؤهم بهذا التمرد ثم التشنيع وهم اليوم وقبل مندمجون مع الأحزاب.
ج –أبو الحسن المأربي هو الذي أعلن الحرب والتمرد على السلفيين وأعلن الفراق ودعا إليه ولا يزال إلى يومنا هذا يعترف بهذا الفراق.
وكلهم اشتركوا في إسقاط عدد كبير من العلماء الذين ناصحوهم وبينوا أخطاءهم وانحرافاتهم.
د – واليوم وقبل يدور الحلبي في هذا الفلك ويؤيد من يدورن فيه.
والله يشهد والسلفيون يشهدون أن اتهامات الحلبي ومن قبله للسلفيين ظالمة باطلة {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
4- وأما قولك يا حلبي :” بَلْ نَرَى الآن (!) فِي بَعْضِ المَسْلَكِيَّاتِ السَّلَفِيَّةِ المُعاصِرَة -هدى اللهُ ذَوِيها- مِنْ (يَفْصِلُ)، وَيُسْقِطُ، وَيَسْتَأْصِلُ بِدُونِ أَيِّ إِنْذَار!”. انتهى
أقول : لا أدري هل يعتبر الحلبي موقف عمر رضي الله عنه مع صبيغ ممن وصفهم بقوله (لكنَّ هَذا (الفَصْلَ) -حقيقةً- مَوْصُولٌ بِالمُلاَحَقَة، وَالمُتابَعَة، وَاللَّدَد فِي الخُصُومَة، إِلَى حَدِّ الإِسْقَاطِ وَالاسْتِئْصَال!!! -وَلاَ بُدّ-!) انتهى.
فانظر إلى أي مدى تدافع عن أهل البدع وتطعن في السلفيين؛ فأنت جعلت بعض أفعال السلفيين أسوأ حالاً من الحزبيين !!! فالأحزاب أفضل من السلفيين عندك !!! وكفى بحكاية هذا القول شناعة وعاراً عليك يا من تدعي السلفية !!! وتدعي أن ماضيك في الدفاع عن السلفية معروف !!!
ولا شك أنك قد افتريت عليهم فرية عظيمة ولكن حسبك الله .
وقد تقدم بيان أن المشايخ السلفيين لا يطعنون في الرجل من أهل السنة إذا وقع في المخالفة حتى ينصحوه وينصحوه ويوجهوه للخير فإن استجاب حمدوه وإن أصر حذروا منه .
ولا أدري ما الذي يضيرك أيها الحلبي كثرة الردود على أهل البدع والتنفير منهم ولِمَ لم تتأثر بكثرة اتهاماتك للسلفيين ومحاولة تشنيعك عليهم أم أن وراء الأكمة ما وراءها !؟
وقول الحلبي هنا يشبه قوله (ص78) حاشية رقم (2) حين أورد كلمة الألباني («قُلْ كَلِمَتَكَ وَامْشِ») بقوله :” كَيْفَ لَوْ رَأَى هَذَانِ الإِمَامَان بَعْضَ إِخْوَانِنا مِن دُعَاةِ السَّلَفِيَّةِ -اليَوْمَ- هداهُمُ اللهُ- مِمَّن يَلِجُّون، وَ(يَلِدُّون)؛ فَتَراهُم يَنَامُونَ عَلَى المُخاصَمَة، وَيَسْهَرُونَ عَلَيْهَا، ويحلمون بها وَيَقُومُونَ عَلَيْهَا!
بَلْ (يَكادُون) أَنْ يَكُونوُا لَيْسَ عِنْدَهُم هَمٌّ إِلاَّ التَّبْدِيع، وَالتَّشْنِيع، وَالتَّفْظِيع!!
وفيمن ؟!
معظم ذلك في إخوانهم السلفيين الموحدين، بسبب خطأ وقعوا فيه أو هفوة زلوا بها إن كانوا في انتقادهم مصيبين”.انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
سبق كشف بطلان إطلاق هذه الأوصاف على العلماء السلفيين ولكن انظر أيها القارئ الكريم كيف يصف الحلبي سهر أهل العلم السلفيين في الذب عن السنة وعن حياض الدين والرد على أهل الأهواء والبدع بحال أهل الأهواء وأهل الفتن فالله حسيبه.
خامساً : قال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (ص89) :”وَمَا أَجْمَلَ كَلامَ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَّة فِي «مَجْمُوع الفَتَاوَى» (20/8-9):«فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ الأَصْلَ فِي الدِّينِ لِشَخْصٍ؛ إِلاَّ لِرَسُولِ الله ﷺ، وَلاَ لِقَوْلٍ؛ إِلاَّ لِكِتَابِ الله -عَزَّ وَجَلّ-.
وَمَنْ نَصَّبَ شَخْصاً -كَائِناً مَنْ كَان-، فَوَالَى وَعَادَى عَلَى مُوافَقَتِهِ فِي القَوْلِ وَالفِعْل؛ فَهُوَ {من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً}
وَإِذَا تَفَقَّهَ الرَّجُلُ، وَتَأَدَّب بِطَرِيقَةِ قَوْمٍ مِنَ المُؤْمِنين -مِثْل: أَتْبَاع الأَئِمَّةِ وَالمَشَايِخ-؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ قُدْوَتَه وَأَصْحَابَهُ هُم العِيَارَ؛ فَيُوالِيَ مَنْ وَافَقَهُم، وَيُعادِيَ مَنْ خَالَفَهُم.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَقَالَةٍ -أَوْ يَعْتَقِدَهَا- لِكَوْنِهَا قَوْلَ أَصْحَابِه -وَلاَ يُناجِزَ عَلَيْها-؛ بَلْ لِأَجْلِ أَنَّهَا مِمَّا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، أَوْ أَخْبَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، لِكَوْنِ ذَلِكَ طَاعَةً لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ ﷺ».
قلتُ:
فَهَلاَّ كَانَتْ هَذِهِ الأَخْلاقُ العِلْمِيَّةُ المَنْهَجِيَّةُ الأَدَبِيَّةُ -العاليةُ- هِيَ السَّبِيلَ الأَمْثَلَ عِنْدَ اخْتِلافِنا -نَحْنُ السَّلَفِيِّين-فِي مسألة -ما-، أو حُكْمٍ -مَا- عَلَى شَخْصٍ -مَا- أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، أَوْ يَجِبُ هَجْرُهُ!!
… بَدَلاً مِن ذلك التَّسَلْسُلِ المُريع بِأَحْكَامِ التَّبْدِيع، وَالهَجْر، وَالتَّشْنِيع، وَالإِسْقَاط، وَالاسْتِئْصَال -الَّتِي تُمارَس اليَوْمَ- بِصُوَرٍ شَتَّى!!) انتهى .
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- هذه الأخلاق العالية هي أخلاق المشايخ السلفيين بحمد الله تعالى وهم أولى الناس بقول ابن تيمية رحمه الله تعالى لمطابقة حالهم لقوله، فهم لا يقدمون على الرسول صلى الله عليه وسلم أحداً كائناً من كان، ويدورون مع السنة حيث دارت، ويتمسكون بمنهج السلف كما أوصاهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرتضون بغير السنة ومنهج السلف بديلاً كائناً من كان.
2- وإذا حصل اختلاف في مسالة ما طلبوا الحق وحرصوا على الوصول إليه ولم يقدموا أهواءهم ولا مصالحهم الشخصية على الحق.
3- وعجيب منك يا حلبي جَعْلُ نفسك في مصاف العلماء الكبار فتقول (اختلافنا) فهذا فيه سوء أدب معهم، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
4- ومع ذلك فالعلماء السلفيون الكبار ترفقوا بك وطالبوك أن تتبع الحق إن كنت سلفياً صادقاً لا مدعياً للسلفية، فهل المسائل التي تزعم أنها محل خلاف بينك وبين المشايخ الكبار تجهل أن الحق ما هم عليه:
– فهل الثناء على أهل البدع القائم على منهج الموازنات محل خلاف بين السلفيين الصادقين! – وهل مسألة عدم تأثير اختلاف المنهج مع صحة العقيدةمسألة خلافية بين السلفيين الصادقين !!
– وهل عدنان عرعور ومحمد حسان وأبو الحسن المأربي وغيرهم ممن تدافع عنهم وتنافح هل هؤلاء يعتبرون سلفيين في الميزان السلفي !
اعتقد أنك تعرف باطلهم إلا أنك تغالط في كيفية الدفاع عنهم بالباطل. قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى في أجوبته على أسئلة رائد المهداوي :” ظهرت من أخينا الشيخ علي ـ عفا الله عنّا وعنّه وهدانا وإياه وإياكم إلى مراشد الأمورـ كلمات وعبارات تفت في عضد أهل السنّة وتشدّ أزر المبتدعة، يعني نظرنا فيه، وأصبحت تزكياته عندنا غير مقبولة، وأقولها ولا أجدغضاضة تزكيات الشيخ علي عندنا غير مقبولة؛ لأنه زكّى رجالاً (ليسوا) أهلاً للتزكية”انتهى .
وسئل الشيخ أحمد بن يحيى النجمي – رحمه الله تعالى -: هل يمكن أن تعتبر الشيخ ربيع بن هادي المدخلي و عدنان عرعور أقران؟
الجواب: ((لا، لا، كما لا يقارن بين الثرى والثريا، عدنان عرعور يظهر منه أنه حزبي، ويأوي الحزبين، ويتكلم على السلف، ويريد جرح السلفيين، ويريد أن يقدح في السلفيين، لكنه يحامي عن المبتدعين، أما الشيخ ربيع معروف بجهاده في إظهار السنة والرد على المبتدعين)) انتهى.
وسيأتي المزيد إن شاء الله في بحث هذه القضية أعني تزكية الحلبي لأهل البدع والأهواء.
5- والحلبي كثيراً في كتابه يطالب السلفيين التماس العذر له مطلقاً من دون تفصيل على قاعدة (نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا) لكن بأسلوب آخر من وراء الباب – ملبسة لباس الحق ومزخرفة ببهرج القول حيث يكرر (لا نجعل اختلافنا في غيرنا سبباً للخلاف بيننا) وستأتي مناقشته في ذلك بإذن الله عند الكلام على تزكيته على أهل البدع.
سادساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص102) حاشية رقم (2) ” قال شيخُ الإسلام في «الاستقامة» (1/176): «مِن شِعارِ أهلِ البِدع: إلزامُ النَّاسِ بقولِهم”
قلت : فلا نريد لأي سلفي كبيراً أو صغيراً أن يكون مثلهم أجلهم الله.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (5/12) :” كان أئمة أهل السنة والجماعة لا يلزمون الناس بما يقولونه من موارد الاجتهاد ولا يكرهون أحداً عليه” انتهى.
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- سبق في الحلقة الثالثة بيان أني لم أقف على هذا الكلام في الاستقامة؛ لا في الموضع المشار إليه ولا في غيره.
2- وسبق بيان أن الحلبي حذف من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية من الفتاوى الكبرى (5/17) كلمات توضح وتبين مراد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بالإلزام الممنوع حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” ولهذا كان من شعار أهل البدع إحداث قول أو فعل وإلزام الناس به وإكراههم عليه والموالاة عليه والمعاداة على تركه” انتهى.
وبهذا يظهر أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن أحدث قولاً مبتدعاً وألزم الناس به، لا أنه ألزم الناس بالشرع وبالمنهج السلفي الصحيح، فهذا أمر لا ينكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ولا أحد من أهل العلم.
ويدل عليه قول شيخ الإسلام :” لهذا كان أئمة أهل السنة والجماعة لا يلزمون الناس بما يقولونه من موارد الاجتهاد ولا يكرهون أحداً عليه”
سابعاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (202) حاشية رقم (2) :”
وأقولها الآن (متنزلاً) لكل من أراد أن يلزمني بتبديع من يرى هو ولا أرى أنا تبديعه.
سأكتبُ تبديعاً لمن بدَّعْتَهُ؛ ولكنْ: بلفظِ: (بناءً على أوامر! وضغوط! وَتَهْدِيد! وَوَعِيد: الشيخ (فلان!) فقد بدَّعْتُ فُلاناً و.. و…)!!
فلو فعلتُ؛ ماذا تُراه قائلاً؟!!
… وَلاَ أَرَى هَذا (الإِلْزَام) –مِنْ أي كان!- هكذا- إِلاَّ أَثَراً سَيِّئاً مِنْ آثَارِ عَدَمِ الفَهْمِ الصحيح لِقَوْلِ اللَّـهِ -تَعَالَى-: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) .
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنُ تَيْمِيَّة:
«فَالبَغْيُ مَذْمُومٌ مُطْلَقاً؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَنْ يُلْزِمَ الإِنْسَانُ النَّاسَ بِمَا لاَ يَلْزَمُهُم، وَيَذُمَّهُم عَلَى تَرْكِه، أَوْ بِأَنْ يَذُمَّهُم عَلَى مَا هُمْ مَعْذُورُونَ -وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُم خَطَأَهُم فِيه-.
فَمَنْ ذَمَّ النَّاسَ وعابَهُم عَلَى مَا لَمْ يَذُمَّهُم اللهُ -تَعَالَى-، وَيُعاقِبَهُم عَلَيْهِ: فَقَدْ بَغَى عَلَيْهِم؛ لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ هَوَاه».
كَمَا فِي «دَرْء تَعَارُض العَقْلِ وَالنَّقْل» (8/408)”انتهى.
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- لم يكتف الحلبي بالتهم العظيمة التي قذف بها على بعض المشايخ السلفيين حتى أخذ يتهكم ويسخر بهم، ويحاول الطعن بهم بدسيسة خبيثة وكأن بعض المشايخ السلفيين أصبحوا كالديكتاتوريين الذين يأخذون الناس بالظلم والقوة والجبروت، بل صرحتَ بهذا حيث قلتَ فيما سميته بـمنهج السلف الصالح (ص291) حاشية رقم (1) :” المبدأ العسكري المشهور : (نفذ ثم ناقش) أما (هذا) فيريدها أخيراً (نفذ و لا تناقش) !!! . انتهى. وفي النسخة القديمة( وكأنَّ الآخرين مَوَالٍ بينَ يَدَيْهِ!! أو عساكرُ مِن جُنده! على مبدأ (نفِّذ ولا تُناقش)!!!) انتهى فالله حسبك في تهمك الجائرة وتعدياتك البائرة. فالمشايخ السلفيون ناصحوك بالعلم والحلم والصبر المديد على امتداد سنوات، ولم يجبروك على شيء، وما نرى صبر أحد كصبرهم عليك رغم تأييدك المستمر لأباطيل وتأصيلات من تدافع عنهم! فأين هي الأوامر العسكرية التي صورتها بأبشع من صور أوامر الدكتاتوريين فحسبك الله! ما أكثر افتراءاتك على النبلاء الأبرياء! إنك يا حلبي تستمد هذه الأساليب الخطيرة من ألدِّ أعداء الإسلام الذين يقذفون المسلمين بالفواقر! ويا بؤس من يصدق هذه الافتراءات المدمرة ويدافع عنها!
2- فكلامك يا حلبي هذا فيه استهزاء وسخرية ما بعدهما! ثم إن من تسخر بهم لم يلزموا أحداً في العالم بتبديع من تدافع عنهم، وإنما أنت لكثرة معارضاتك بالباطل وشغبك الطويل قد يطلبون منك كلمة الحق أو السكوت. أما من وافق أو لم يعارض فمن أكذب الكذب القول على من تفتري عليهم أنهم يلزمون الناس بالتبديع وبأوامر عسكرية.
3- والسلفيونيسألون الحلبي من قال: إن من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع، بل أنت اعترفت أن السلفيين يقولون :” لا نبدع من لا يبدع المبتدع” كما فيما سميته بمنهج السلف الصالح (244) حاشية رقم (2) ولكن السلفيين يقولون: إن من يمدح ويثني ويماشي ويدافع عن أهل البدع فهو منهم كما نص على ذلك السلف الصالح. وإنما الذي يقول بتبديع من لم يبدع المبتدع هم الحدادية الذين يبدعون بغير بدعة وقد واجههم السلفيون الصادقون على امتداد سنوات، واليوم من شدة ظلمك يا حلبي تلصق بالسلفيين الأبرياء هذا المذهب في الوقت الذي لم تواجه الحدادية بشيء يذكر!
4- الحلبي لم يذكر في كتابه كله من هم هؤلاء المبتدعون الذين اختلف مع كبار العلماء في تنزيل البدعة عليهم؛ لأنه يعلم أنه لو ذكر أسماءهم لانفض الناس من حوله ولتركوه ومنهجه الجديد المخالف لمنهج السلف الصالح، وهؤلاء الذين يدافع عنهم الحلبي معروفون عند طلبة العلم بأنهم من المخالفين للمنهج السلفي مثل عدنان عرعور ومحمد المغراوي وأبي الحسن المأربي ومحمد حسان وغيرهم من المخالفين للمنهج السلفي وعلمائه.
5- ثم العلماء السلفيون لم يطلبوا منك أن تكتب شيئاً هم طلبوا منك شيئاً أهون من الكتابة بكثير، بل طلبوا منك السكوت عن قول الباطل وهو ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته بقوله :” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت” أخرجه البخاري في الصحيح (5/2240رقم5672) ومسلم في الصحيح (1/68رقم47) من حديث أبي هريرة.
6- وأما قول الحلبي ( وَلاَ أَرَى هَذا (الإِلْزَام) –مِنْ أي كان!- هكذا- إِلاَّ أَثَراً سَيِّئاً مِنْ آثَارِ عَدَمِ الفَهْمِ الصحيح لِقَوْلِ اللَّـهِ -تَعَالَى-: (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ). انتهى
أقول : هذه تهمة شديدة لأهل العلم ورمي لهم بأنهم يخالفون الكتاب والسنة بغياً وعدواناً لهوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية كحال اليهود والنصارى إذ أن معنى الآية كما قال ابن كثير في التفسير (1/355) :” أخبر تعالى بأن الذين أوتوا الكتاب الأول إنما اختلفوا بعد ما قامت الحجة بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم فقال {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} أي بغى بعضهم على بعض فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم فحمل بعضهم بغض البعض الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله وإن كانت حقاً” انتهى
وهذا من تدليسك يا حلبي وتلبيسك الباطل في صورة الحق، فالآية هذه تنطبق عليك أنت أيها الحلبي المتغير المتقلب بين أهوائه، حالك أنت يا حلبي المخالف للكتاب والسنة ولمنهج السلف الصالح، وحال من تدافع عنهم بالباطل.
والعجيب أن الحلبي حذف من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في درء التعارض (8/د408) ما يبطل عليه استدلاله بل يقلب عليه المسألة رأساً على عقب، إذ كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فيه ما يفيد تأييد حال العلماء السلفيين مع الحلبي وأمثاله حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” وتحقيق الأمر أن الكلام بالعلم الذي بينه الله ورسوله مأمور به وهو الذي ينبغي للإنسان طلبه وأما الكلام بلا علم فيذم ومن تكلم بما يخالف الكتاب والسنة فقد تكلم بلا علم وقد تكلم بما يظنه علماً إما برأي رآه وإما بنقل بلغه ويكون كلاماً بلا علم وهذا قد يعذر صاحبه تارة وان لم يتبع وقد يذم صاحبه إذا ظلم غيره ورد الحق الذي معه بغياً(1). كما ذم الله ذلك بقوله {وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم} فالبغي مذموم مطلقاً سواء كان في أن يلزم الإنسان الناس بما لا يلزمهم ويذمهم على تركه أو بأن يذمهم على ما هم معذورون فيه والله يغفر لهم خطأهم فيه فمن ذم الناس وعاقبهم على ما لم يذمهم الله تعالى ويعاقبهم عليه فقد بغي عليهم لا سيما إذا كان ذلك من أجل هواه” انتهى
فظهر بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن ما يقوم به العلماء السلفيون من كلامهم بالعلم الذي بينه الله ورسوله هو من جملة المأمور به.
كما ظهر أيضاً لطالب الحق عدم أمانة الحلبي في استدلاله بكتاب الله عز وجل ولا في نقله عن أهل العلم كما قد بينته اللجنة الدائمة وقد سبق نقل كلامهم في الحلقة الخامسة.
ويلٌ لك يا حلبي أتتأول كلام الله وتنزله على باطلك محرفاً لمعناه، وتنزله على أصحاب المنهج السلفي الحق بالباطل أين أنت من قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين قال :” أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم” أخرجه سعيد بن منصور في السنن (1/168رقم39) وغيره من طرق عن أبي بكر. فهذا قول أبي بكر إذا قال بلا علم فكيف من يحرف المعنى على علم فاعدد للسؤال جواباً بين يدي علام الغيوب !!!
ثامناً : قال الحلبي فيما سماه بالمنهج السلفي (ص209) حاشية رقم (2) :” وأمَّا التنفيرُ مِن (الإنصاف) بادِّعاء أنَّهُ: (تمييع!): فهذا بلاءٌ فظيع، وباطلٌ شنيع…
وَمِنْ أَبْطَلِ البَاطِلِ -كَمَا هُوَ حَالُ (البَعْض!) -اليَوْمَ- أَنْ يُلْحَقَ هَذا (المُنْصِفُ) بِذَاكَ (المُبَدَّع!)؛ لِمُجَرَّد أَنَّهُ خَالَفَ جَارِحاً، أَو لَمْ يَرَ رَأْيَهُ-!!
مَعَ أَنَّهُ مُوافِقٌ لِلمُبَدِّع -ذاك- فِي نَوْعِ البِدْعَة التي بَدَّعَ بها؛ لَكِنَّهُ يُخالِفُهُ فِي تَنْزِيلِهَا عَلَى عين هَذا المُبَدَّعِ -أَوْ ذَاك-!!
فهل هكذا كان السلفُ؟!
وهل هكذا كانت أخلاقُهم، وعلُومُهم، ومناهجُهم؟!. انتهى .
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- لا تزال يا حلبي تطعن في العلماء السلفيين وتدافع عن نفسك بالباطل، فهل العلماء السلفيون يعتبرون الإنصاف والعدل تمييعاً، ويعتبرون الظلم والتعدي على الأبرياء حقاً وعدلاً.
2- وهل ثناؤك ومدحك لـ(عرعور والمغراوي والمأربي ومحمد حسان وغيرهم) ودفاعك المستميت عنهم هو الإنصاف الذي تدعيه وتطعن في العلماء السلفيين بخلافه!! (فهذا منك (يا حلبي) بلاءٌ فظيع، وباطلٌ شنيع).
3- البلاء الفظيع يا حلبي هو طعنك في المشايخ! ومعارضتك الطويلة بالباطل على امتداد سنوات تدافع عن أصول فاسدة وطعون في علمائنا قاتلة، بل في الصحابة بأن فيهم غثائية ولا تراها سباً وشتماً لهم! كل هذا وهم يكرمونك ويحترمونك رجاء أن تعود إلى صوابك وتثوب إلى رشدك فما كان جزاؤهم منك إلا أن تفاجئهم وتنقض عليهم بكتابين فيها طعونات طاغيات وتشويهات مزريات!!! ثم تتباكى يا حلبي كذباً وزوراً منهم مثل الولد المدلل يضرب ويبكي ولا يريد من أحد أن يتقي ضرباته !!!
4- فالبلاء الفظيع والباطل الشنيع منك صادر؛ لأنك ضيعت الحق وميعته فالمقصود بكلمة التمييع كما قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي :” أن أناساً يأتون إلـى أصول الإسلام يميعونها، ويرققونها، ويهونون من شأنها، بل يحاربونها، بارك اللهفيك.ويسمون المنهج الســــــــــــــــلفي، ووقُـــوف أهله فيوجه أهــــــــــل البــــــــدع، والذب عن السنة، يسمونه شدة ، يسمون ذلك شدة، و تشدد،سموا ذلك غلواً، وكذبـــــــــوا، وأفــكوا، والله الذي لا إله إلا هو أنه لا يوجد شدة الآن في السلفيين المساكين، وإنه مهما تشدد السلفيون في مواجهة الباطل والبدع لا يبلغون عُشر ما كان عليه السلف من الشدة على أهل البدع لدرجة أنهم يأمرون بقتلهم، ويطاردونهم، ويهجرونهم، ويضربونهم، ويذلونهم”. انتهى، فنحن السلفيون مساكين ما نصل إلى هذا المستوى فكم وكم نقصر عنه لا تهرباً من هذا المنهج ولكن هذا حالنا مع تعظيمنا له ولأهله بخلاف الحلبي فإنه يرى من الخطأ والجهل محاولة تطبيق منهج أحمد! ومنهج أحمد هو منهج السلف.
5- وأما قولك يا حلبي ( مَعَ أَنَّهُ مُوافِقٌ لِلمُبَدِّع -ذاك- فِي نَوْعِ البِدْعَة التي بَدَّعَ بها؛ لَكِنَّهُ يُخالِفُهُ فِي تَنْزِيلِهَا عَلَى عين هَذا المُبَدَّعِ -أَوْ ذَاك-!!) انتهى
أقول: هذا الكلام من عجيب تصرفاتك بل هو حجة عليك، وهو رد من الحلبي على الحلبي، فأنت تقول أن ما وقع فيه هؤلاء المختلف فيهم بدعة، لكن حصل الاختلاف هل نحكم على هؤلاء الأشخاص بأنهم مبتدعة أم لا .
والواقع أن من ينافح عنهم الحلبي وقعوا في بدع ولما نصحوا حاربوا العلماء الذين ناصحوهم واستمروا في محاربتهم بكبرياء وعناد وأكاذيب وخيانات علينا منذ سنين وفرقوا الشباب السلفي في العالم وأوغروا صدورهم على العلماء !!! فهل يلام السلفيون إذا بدعوا هؤلاء الظالمين الباغين ؟ وهل يجوز شرعاً وعقلاً ومروءة أن يعارضهم الحلبي وأمثاله بالأساليب المميعة والملتوية ثم يشن الغارة عليهم في كتابه وما كفاه حتى يفتح منتديات لحرب السلفيين بأقلام الجهلاء والمجهولين!!!
(فهل هكذا كان السلفُ؟! وهل هكذا كانت أخلاقُهم، وعلُومُهم، ومناهجُهم) معارضات ومكابرات ودفاع عن أهل الباطل …
هل كان السلف لا يبدعون من كان حرباً على المنهج السلفي !!!
هل كان السلف يطعنون في أهل السنة !!!
هل كان السلف يؤلفون كتباً فيها مؤازرة أهل البدع والطعن على أهل السنة !!
فلئن قيل لك : سلفيتناغيرسلفيتك !
فأنا أقول : سلفناغيرسلفك!
تاسعاً: قال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف الصالح (244) حاشية رقم (2) :”كأنِّي أرى -اليومَ- كُلَّ مَن ليس ذا شِدَّةٍ: مُتَّهَماً في منهجِه، ومطعوناً في علمِه، ومهضوماً في حقِّه!! فَيُقال فيه: مميِّع! مُضَيِّع! ساقِط! مُتفلسِف!!
وَالعَجَبُ أَنَّهُمْ (!) يَقُولُونَ -مَعَ كُلِّ ذَلِك!-: «لاَ نُبَدِّعُ مَنْ لاَ يُبَدِّعُ المُبْتَدِع»!!
مَعَ أَنِّي هُدِّدْتُ (!) -شَخْصِيًّا- مِنْ قِبَلِ بَعْضِ (الناس) -بِقَوْلِهِ لِي-: «إِذَا لَمْ تُسْقِط (…) أَسْقَطْنَاك»!
فوا عجباً ما الفرق بين ذاك المستنكر وهذا المقر”. انتهى
أقول مستعيناً بالله :
1- قد سبقت مناقشة الحلبي في اتهامه لبعض المشايخ السلفيين أنهم ظلمة غير منصفين وأنهم يطعنون بالباطل على الأبرياء إلى آخر اتهاماته التي ناقشناها.
2- زعم الحلبي أنه هدد من قبل بعض الناس: ولا ندري من القائل فهنا يقول (بعض الناس) وفي النسخة القديمة غير المتداولة (مِنْ قِبَلِ بَعْضِ (المَشَايِخِ!) ولا ما ملابسات هذا التهديد وما ندري ما ألفاظه؛ لأننا بلونا على الحلبي التغيير والحذف والتلاعب بالنصوص المنقولة عن أهل العلم فكيف بغيرها . ثم لا ندري في أي زمن كان هذا التهديد وهل كان من هذا المهدد تنفيذ.
3- تعجب الحلبي وطالب الفرق بين قولهم (لاَ نُبَدِّعُ مَنْ لاَ يُبَدِّعُ المُبْتَدِع) وبين موقف أهل العلم لحاله مع أهل البدع! والفرق واضح جداً : فمن لم يبدع المبتدع وسكت ليس كمن يماشي أو يدافع أو يثني على المبتدع، فالفرق واضح جداً لكل ذي بصيرة، وأخذته في دين الله الغيرة.
عاشراً: قال الشيخ ربيع المدخلي في كتاب النصيحة كما في كتاب الحلبي المسمى بـمنهج السلف الصالح (ص246) :” وَكَانَ يُشْبِهُهُ في أَخْلَاقِهِ -الحِلْمِ والحِكْمَةِ والأَنَاةِ والرِّفْقِ-: تِلْمِيذُهُ النَّجِيبُ الشَّيْخُ حَافِظُ بن أَحْمَد الحَكَمِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ فَقَد سَاعَدَ في نَشْرِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ شَيْخَهُ القَرْعَاوِيَّ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ بِهَذِهِ الأَخْلَاقِ، وبِالعِلْمِ الَّذِي بَثَّهُ”. انتهى
فعلق عليه الحلبي حاشية رقم (2) بقوله :” نَخْشَى (!) أَنْ يَأْتِيَنا غَالٍ -اليَوْمَ- لِيَصِفَ أَصْحَابَ هَذِهِ الصِّفَاتِ العَزِيزَةِ بِالتَّمَيُّعِ، والتَّمْيِيع، والتَّضْيِيع، والمسكنةِ -والفلسفة!-؛ لِيُرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ-بَعْدُ- إِسْقاطَهُم، وَاسْتِئْصَالَهُم! وَلَيْسَ هَذا ببعيد عَنْ هَذا الصِّنْفِ الشديد -غير السَّديد-..” انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- المشايخ السلفيون الذين تطعن فيهم أيها الحلبي وترميهم بهذه التهم هم من أتقى الناس وأورعهم، ومن أعلم الناس بحفظ حقوق العلماء ومن أعدل الناس وأنصفهم لأهل الحق، فما كان يليق بك وأنت الذي تخشى الله في أهل البدع أن لا تخشاه سبحانه وتعالى وهو يراك ويسمع كلامك أن ترمي أولياءه بهذه التهم الفظيعة الشنيعة .
2- والمشايخ السلفيون لا يكيلون بمكيالين ولا يزنون بميزانين بل ميزانهم وميكالهم واحد هو منهج السلف الصالح، فلو أن الشيخ عبد الله القرعاوي – حاشاه من ذلك – وقع في بعض ما وقعت فيه؛ لتكلم فيه أهل العلم ولبينوا مخالفته للحق؛ أداءً للنصيحة، قال ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد بن حنبل (185) :” قد كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنة، ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين” انتهى
3- ولم يكتفِ الحلبي برمي التهمة حتى أكدها بعدم استبعاده وقوع بعض العلماء السلفيين في الظلم والطعن في الأبرياء بل في أهل السنة الخلص، ولا شك أن علماءنا السلفيين براء كل البراءة من هذه التهم.
4- السلفيون ثابتون على ما قرره الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله تعالى سابقاً ولاحقاً بمشيئة الله وتوفيقه ولا يعرفون التلون والتقلب ولله الحمد. وقد قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي هذا الكلام في مواجهة الحدادية الغلاة الذين دارت بينهم وبين السلفيين معارك على امتداد سنوات والحلبي يتفرج فلم تحرك ساكناً وفي وقت اشتداد المعركة ينقض الحلبي على السلفيين الذين يحاربون بحق وصدق الغلو ينقض عليهم فيرميهم بالغلو وبالغلو في التجريح والجرح والتجريح. ولا ندري لعل هناك علاقة بين الحلبي وبين الحدادية ؟ فقد رأينا بعض المقالات والتصرفات تدل على هذا ؟!!!
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
([1]) كما هو حال الحلبي وزمرته ومن يدافع عنهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فأردت أن أنبه على خطأ وقع مني في العزو حيث نسبت فتوى شيخنا العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى لشيخنا عبيد الجابري حفظه الله تعالى وهي
(( وسئل الشيخ -: هل يمكن أنتعتبر الشيخ ربيع بن هادي المدخلي و عدنان عرعور أقران ؟
الجواب: ((لا، لا، كما لا يقارن بين الثرى والثريا،عدنان عرعوريظهر منه أنهحزبي، ويأوي الحزبين، ويتكلم على السلف،ويريد جرح السلفيين، ويريد أن يقدح في السلفيين، لكنه يحامي عن المبتدعين، أماالشيخ ربيع معروف بجهاده في إظهار السنة والرد على المبتدعين)) انتهى.
فهذا فتوى للشيخ النجمي لا للشيخ الجابري وقد نبهني إلى هذا الخطأ الأخ ((عيسى الهولندي)) جزاه الله خيراً .
وأشكر الإخوة الذين علقوا على المقال وأحسنوا الظن بأخيهم وأخص بالذكر الشيخ خالد عبد الرحمن المصري.
وألفت النظر إلى أن الشيخ خالد بن عبد الرحمن المصري كتب رداً على كتاب الحلبي من أوله إلى آخره جزاه الله خيراً وسيرى النور قريباً .
محبكم
أحمد بازمول