بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي – بحمد الله تعالى – والتي كشفت فيها عن بعض وسوسة الحلبي وتلبيساته في كتابه الذي سماه بـ”منهج السلف الصالح”
وقد سبق في الحلقة الثالثة عشرة مناقشة الحلبي في دفاعه المستميت عن جمعية إحياء التراث الإسلامي .
وفي هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – استكمل شيئاً من دفاع الحلبي عن جمعية إحياء التراث الإسلامي، وجمعية دار البر !
وأسوق لك أخي القارئ كلام الحلبي الذي يدافع فيه عن جمعية إحياء التراث الإسلامي :
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص47) بعد أن ذكر أن جمعية إحياء التراث أرسلت للشيخ ابن باز والشيخ الألباني وَرَقاتٍ مَجْمُوعَةً فِيهَا بَيَانُ مَنْهَج (الجَمْعِيَّة) فِي العَقِيدَة، وَالدَّعْوَة، وَبَعْض المَسَائِل المَنْهَجِيَّة -يَسْتَنْصِحُونَه-. ( فَالشيخ – أي ابن باز – أَقَرَّهُم عَلَى مَنْهَجِهِم، وَأَيَّدَهُم فِيهِ -سِوَى (مُلاحَظات يَسِيرَة) -كَمَا قَال-.
والشيخ الألباني كَتَبَ -رَحِمَهُ الله- عَلَى نُسْخَتِهِ الخاصَّةِ وَرَقَتَيْنِ؛ تَضَمَّنَتا (مُلاَحَظَاتٍ يَسِيرَة) -أَيْضاً-، دُونَ نَكيرٍ عَلَى (الجَمْعِيَّة) -وَمَا هِي عَلَيْه -” انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- عجيب أمر الحلبي ودفاعه المستميت عن هذه الجمعية الإخوانية، بالكوع والكراع حتى النخاع .
2- ثم من تلبيس الحلبي أنه ادعى أن الألباني رحمه الله تعالى موقفه من جمعية إحياء التراث الإسلامي هو ملاحظات يسيرة، مع أن موقف الشيخ الألباني من الجمعية معروف مشهور، وقد وصفها بالضلال كما في سلسلة الهدى والنور (رقم 700) والحلبي كان حاضراً ذلك المجلس وصوته مسجل، بل علق الحلبي بكلام يؤيد كلام الألباني رحمه الله تعالى، وقد سبق نقل كلام العلامة الألباني في الحلقة الثانية عشرة .
فما الذي غيَّر كلامه وبدل حاله !
ولست أدري لماذا ينسب الحلبي للعلامة الألباني أنه موافق للجمعية ولم ينكر عليها سوى ملاحظات يسيرة !
فانظر أخي القارئ الحصيف مدى مصداقية الحلبي في نسبته الأقوال للعلامة الألباني وكيف ينسب له خلاف ما هو مشهور عنه غير منكور !
3- وقد بيَّن الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى موقف الشيخين الجليلين ابن باز والألباني رحمه الله تعالى بياناً شافياً لا تلبيس فيه ولا تدليس حيث سئل رحمه الله تعالى كما في تحفة المجيب (209رقم6) ما هو موقف الشيخ ابن باز والشيخ الألباني – رحمهما الله – من جمعيةإحياءالتراث ؟
فأجاب – رحمه الله تعالى – بقوله : أما الشيخ الألباني فهو متبرئ منها منذ زمن، والشيخ ابن باز أنكر عليهم بعض الأشياء، والحزبيون ملبسون، فيأتون المشايخ الأفاضل بمن هوموثوق به عندهم من أهل السنة ويقولون: يا شيخ قد حقق الله الخيرالكثير على أيدينا وقد ذهبنا إلى إفريقيا -وهم في الحقيقة ذهبوا يفرقون كلمة المسلمين- وذهبنا إلى إندونيسيا وإلى باكستان وإلى كذا وكذا، والشيخ حفظه الله يصدق، وقد رد على عبدالرحمن عبدالخالق وأنا متأكد أن الشيخ إذا اتضح له أمرهم سيتبرأ منهم “
قلت صدق رحمه الله تعالى فقد وثق ابن معين بعض المجروحين اغتراراً بظاهر حاله، بينما يطعن فيه الأئمة الآخرون، وهذا عين ما وقع للشيخ ابن باز كما حكاه عنه الشيخ مقبل الوادعي رحمهما الله جمعياً .
والعجب أن الحلبي ذكر قصة ابن معين فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص105، ص 122) وأقرها وهي حجة عليه .
ومما يصدق كلام الشيخ مقبل الوادعي من أن الشيخ ابن باز لو اطلع على حالهم ما زكاهم قول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202) الواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم،ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معه ممن لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله بإتباعه في قوله جل وعلا {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون}”انتهى
قال الشيخ أحمد السبيعي في ( الدفاع عن الشيخ محمد العنجري – وفقه الله – وبيان بعض حقيقة نزاعنا مع ( التراث ) جماعة الأستاذ عبد الخالق ) : فو الله الذي لا إله إلا هو لو كان ابن باز – رحمه الله – حياً ورأى طريقة توظيف أقواله لنصرة أهل هذه الأحزاب و نسبة الكف عن البدع و أهلها إليه ، لبرأ من ذلك مثلما تكلم في الطعن على عدد من دعاة البدع والجماعات كعبد الرحمن عبد الخالق ،فهذا هو الظن الحق بابن باز – رحمه الله تعالى – وبطريقته ، لمن كان يعظمه و يجله حقاً… أما المعايش لهذه الجماعة و يرى جهودها عن كثبٍ ومن قرب في داخل البلد بالليل والنهار فلا يمكن أبداً – إذا كان صادقاً مخلصاً صاحب سنة – تصور أن يلتبس عليه أمر هذه الجماعة و بعدها من السنة ، اللهم إلا أن يكون بينه و بين هذه الجماعات وشائج من القربى العقدية خاصةً في المطالب العصرانية المبنية على مسألة مايعرف بفقه الواقع ، فهذا أمر آخر.
ثانياً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص48) (… وَلاَ يُقَال: هَؤُلاءِ المَشَايِخ -وَهُم الكِبَارُ الكِبَارُ: ابنُ بَاز، وَالأَلْبَانِيُّ، وَابْنُ عُثَيْمِين-: لاَ يَعْرِفُون(!)، وَنَحْنُ نَعْرِف!!
فَهَذَا قد يكون غَمْزاً خَفِياً! وَمَعَ ذَلِك: فَالأَمْرُ لَيْسَ بِهَذِهِ السُّهُولَة!!
إذ يُمْكِنُ أَنْ يُقَال -بالمُقابل-: عَرَفُوا، وَلَكِن: رَأَوُا المَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ فِتْنَةِ النَّاسِ بِذَلِك، أوَ أَنَّ مَا أُوخِذُوا بِهِ لاَ يَصِلُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلَ تَبْدِيعٍ وَتَضْلِيلٍ لَهُم!!!) انتهى
وعلق الحلبي في الحاشية رقم (1) بقوله (فهذا لمز يشبه من باب آخر! غمز علمائنا هؤلاء بجهل فقه الواقع) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يدرك أن تزكية بعض المشايخ الكبار للجمعية لا تفيدها ما دام أن واقعها مخالف لمنهج السلف، فحاول أن يجعل تزكية المشايخ بناء على علمهم بواقعهم.
2- وكلام العلماء في جمعية إحياء التراث هو من باب الجرح والتعديل، الذي يطلع فيه الجارح على أسباب جرح لم يطلع عليها المعدل!
3- ومعلوم عند صغار طلاب علم الحديث أن جرح الجارح لا يعني الطعن في المعدل، بل يقول له أنا عندي زيادة علم على تعديلك يستحق به الجرح.
4- فإذا علم هذا ظهر أن من طعن في جمعية إحياء التراث لا يدعون أن العلماء الكبار الذين زكوا الجمعية لا يفقهون الواقع، بل يقولون عندنا زيادة علم بواقعهم على ما عندكم من علم بواقعهم .
5- ثم فرق بين رمي العلماء بعدم فقه الواقع العام، وبين نفي علم العالم بواقع خاص، فحال جمعية إحياء التراث ليس من الأمور العامة التي يدركها كل أحد .
6- ثم هل تزعم يا حلبي أن العالم مطلع على الأمور جميعها، أم أنه بشر تخفى عليه بعض الأمور، كما تخفى على غيره !
ففي صحيح البخاري كتاب الوضوء باب المسح على الخفين(1/305رقم202-فتح) عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ .
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عن ذلك ؟ فقال نعم إذا حَدَّثَكَ شيئاً سَعْدٌ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلا تَسْأَلْ عنه غَيْرَهُ .
قال الحافظ في فتح الباري (1/306) : (( فيه أن الصحابي القديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره؛ لأن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكثرة روايته )) انتهى
فإذا خفيت على صحابي سنة مشهورة ألا يخفى على بعض العلماء حال جمعية إحياء التراث من باب أولى .
7- وأما محاولة الحلبي تهمة السلفيين بأنهم يطعنون في العلماء ويغمزون فيهم فهذا من سوء أدبه، ومن دسائسه التي يحاول بها الطعن على أهل المنهج السلفي فالله حسيبه.
8- وقول الحلبي “إذ يُمْكِنُ أَنْ يُقَال -بالمُقابل-: عَرَفُوا، وَلَكِن: رَأَوُا المَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ فِتْنَةِ النَّاسِ بِذَلِك” انتهى
أقول : هذا الكلام فيه مغالطة فلسفية قبيحة؛ لأنه رمي للعلماء الكبار في العالم الإسلامي بالسكوت عن حال أهل البدع والأهواء.
ومما يدل على بطلان هذه المغالطة أمور :
– أن العلماء تكلموا فيما هو أكبر منها من المسائل الشرعية، وبينوا موقفهم .
– أنهم انتقدوا بعض الجوانب التي اطلعوا عليها من حال هذه الجمعية.
– أن دعوى التحذير من الجمعية يسبب فتنة تحتاج إلى دليل، بل الفتنة أن يخدع الناس بتزيين حال أهل البدع .
– أن بعض العلماء أثنى على جمعية إحياء التراث الإسلامي، فلو كانت هناك مصلحة لعدم الطعن لم يثنوا عليها أصلاً، وإذا عذر العالم في السكوت فلا يعذر في تزيين الباطل والتشجيع عليه .
وقول الحلبي (أوَ أَنَّ مَا أُوخِذُوا بِهِ لاَ يَصِلُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلَ تَبْدِيعٍ وَتَضْلِيلٍ لَهُم!!!)
أقول : هذا كلام باطل؛ لأن جمعية إحياء التراث تسير على منهج الإخوان، وهو منهج قد حكم بضلاله العلماء الكبار، ولقد أضرت هذه الجمعية بالمنهج السلفي وأهله في مشارق الأرض ومغاربها الأمر الذي لم يلحقهم فيه الإخوان المسلمون !
فلا أدري أين عقل الحلبي عندما يتكلم بمثل هذه الكلام ! أيظن أنه يتكلم في قفر أو بين صم وبكم.
ثالثاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص48) (القول في هذه الجمعية من موارد النزاع وليس من مسائل الإجماع!
فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ -كَائِناً مَنْ كَان- أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِرَأْيِهِ إِلاَّ بِالحُجَّةِ والبَيَان، وَالدَّلِيل وَالبُرْهَان -دُون الفِتْنَةِ وَالامْتِحَان-.) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يريد أن يصل إلى هذه النتيجة بكل سبيل، ولو بالتدليس والتلبيس؛ ليخرج نفسه من مأزق التعامل والدفاع عن أهل البدع والأهواء سواء أهل جمعية إحياء التراث أو غيرهم .
2- والحلبي يبرئ هذه الجمعية من المنهج الباطل الذي تسير عليه، وبنى على هذه التبرئة أن خلافنا مع الجمعية خلاف فرعي فقهي أو خلاف يسوغ فيه الاجتهاد.
3- ولا شك أن هذه النتيجة التي توصل لها الحلبي باطلة لبطلان مقدماتها.
4- فهجر أهل البدع والأهواء ليس من موارد النزاع بل عليه إجماع السلف قال الصابوني في عقيدة السلف (123) وأجمعوا كلهم على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم” انتهى
وقال البغوي في شرح السنة (1/227) : وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم” انتهى
5- وهل مسألة :
– السير على منهج عبدالرحمن عبد الخالق التكفيري .
– وتعاونهم مع الرافضة .
– وإبراز أهل البدع والأهواء .
– والتمييع في التعامل مع أهل البدع والأهواء ودعمهم .
– والإمارة والبيعة والبرلمانات والديمقراطية .
وقد ضللهم العلامة الألباني رحمه الله تعالى بهذه الفقرة وحدها وبحضورك يا حلبي ! فأين تمسحك بالألباني ولهجك بقول شيخنا! شيخنا!!
– وتفريق السلفيين.
– والمنهج الإخواني والقطبي والتكفيري .
– والتحريض على الحكام و منازعة الأمر أهله .
– ومدح بعض أعضائها لتنظيم القاعدة مجاهراً بذلك .
فهل هذه الأمور عندك يا حلبي من موارد النزاع التي يسوغ فيها الاختلاف، ولا يلزم تضليل المخالف لها.
أليس بيان هذه الضلالات من الحجج والبراهين ! فما الحجج والبراهين ! وهل هناك سلفي بعد هذا يطالب بالحجج والبراهين !!
6- ثم مسائل النزاع مرجعها إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (17/311) مسائل النزاع التي تنازع فيها الأمة في الأصول والفروع إذا لم ترد إلى الله والرسول لم يتبين فيها الحق بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من أمرهم”
وقال شيخ الإسلام أيضاً كما في مجموع الفتاوى (17/205) الصواب في جميع مسائل النزاع ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وقولهم هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والعقل الصريح والله سبحانه أعلم” انتهى
7- والحلبي بهذه الطريقة الماكرة يجعل لمخالف الحق سبيلاً للتخلص من الالتزام والانقياد بالحق، بل هذه الطريقة تهدم على الحلبي كتبه التي ألفها للرد في بعض مسائل النزاع كرده على الصابوني في التراويح وكرده على الغماري في السبحة.
8- بل هي قاعدة تجعل الدين والمنهج السلفي أفيح لا يعرف فيه حق من باطل.
فمهما أنكرت على صاحب منكر ما فعله ، فالمخرج عنده : هي مسألة متنازع فيها، وهذا هو عين ما يقوم به هو وأتباعه من تسويغات واهية لمنكرات قائمة ناسين أو متناسين أن خلاف الحق لا عبرة به ! وهذه طريقة الإخوان المسلمين عينها في رد الحق والدفاع عن أهل الباطل .
رابعاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص49) (… مُؤَكِّداً -فِي البِدْءِ وَالخِتَام- أَنِّي مَا كَتَبْتُ هَذا إِلاَّ لِلإِنْصَافِ -لِنَفْسِي وَلِغَيْرِي- مِن مشايخي، وإخواني السَّلَفِيِّين-؛ دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل ….
وَكذلك؛ تَجَاوُباً مَعَ ذلك الأثر السلفي الجميل : اعدل لعدوك عدلك لصديقك”
واستجابة أيضاً لبَعْضِ «تَوْجِيهَات» فَضِيلَةِ الشَّيْخ ربيع بن هادي -وَفَّقَهُ الله-؛ إِذْ يَقُول:
«نُحَذِّرُكُم مِنَ الظُّلْم، وَارْتِكَابِ البَهْت، وَانْتِهَاكِ أَعْرَاضِ مَنْ تُخَاصِمُونَهُم بِحَقّ -لَوْ كُنْتُم عَلَى حَقّ-؛ فَضْلاً عَنْ أَنْ تَرْتَكِبُوا كُلَّ هَذا فِي حَقِّ مَنْ تُخَاصِمُونَهُم بِالبَاطِل”
وعلق الحلبي في الحاشية رقم (2) بقوله عن جمعية دار البر بدبي : ( وَمَا قِيلَ فِي هَذِهِ «الجَمْعِيَّةِ» قِيلَ مِثْلُهُ -وَلِلأَسَفِ- فِي «جَمْعِيَّةِ دَارِ البِرّ» -فِي دُبَيّ-!!! مَعَ أَنَّ القَوْلَ (الحَقَّ) -فِي هَذِهِ (الجَمْعِيَّة)- أَوْضَحُ -بِكَثِير-: فَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّنا خَالَطْنَا هَذِهِ «الجَمْعِيَّة» -عَنْ قُرْب-؛ وَعَايَشْنَا القَائِمِينَ عَلَيْهَا -سَفَراً وَحَضَراً-، وَعَرَفْنَا أَفْكَارَهُم، وَتَوَجُّهَاتِهِم -مُطَالَعَةً وَنَظراً-؛ فَلَمْ نَرَ إِلاَّ الدَّعْوَةَ إِلَى السُّنَّة، وَلَمْ نَرَ إِلاَّ الحِرْصَ عَلَى العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَلَمْ نَرَ إِلاَّ الحَقَّ وَأَهْلَه، وَالرِّفْقَ، وَاللِّينَ، والحِكمةَ.. فَعَجَباً.. هَلْ هَكَذا يَكُونُ الاتِّهَام لِلكِرام -بِمَحْضِ الخِصَام-؟!!). انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يسوي بينه وبين المشايخ السلفيين الذين أثنوا على جمعية إحياء التراث، ولا شك أن هذا من الظلم؛ للفارق السحيق بينه وبينهم :
فأولاً : المشايخ السلفيون لم يطلعوا على حقائق وخفايا ما عند جمعية إحياء التراث بخلاف الحلبي الذي اطلع على حالهم وسوء فعالهم بل قال الحلبي في جلسة (68-تنبيه الفطين) : إحياء التراث الحقيقة أنا أعلم الناس بها ” إلا أنه يراوغ ويدافع عنهم بالباطل .
وثانياً : لأن المشايخ السلفيين لم يشتغلوا بالدفاع عنها والوقوف في وجه إخوانهم المشايخ السلفيين للرد عليهم بخلاف حال الحلبي.
وثالثاً : أن بعض المشايخ السلفيين بُراء مما نسبه إليهم الحلبي من تزكية الجمعية كالشيخ ناصر الدين الألباني .
2- وقول الحلبي (دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل)
أقول: الحلبي يرمي المشايخ السلفيين الذين تكلموا في جمعية إحياء التراث بالحجج والبراهين وأدانوهم بأقوالهم وأفعالهم وثمارهم المُرة بأنهم أهل تَقوُّل وتقويل أي أنهم ينسبون للأبرياء ما لا يقولونه، وأنهم أهل ظن سوء، وأهل إرجاف وتهويل!!!
وكفى بهذا القول عاراً وشناراً عليك أيها الحلبي!
فالحلبي لا يخشى الله في العلماء السلفيين فيرميهم بهذه الفواقر التي هم منها أبرياء، مستمراً في عادته في تهويل الأمور والتهويش والتحريش والتهريش .
وقد سبق في (الحلقة السادسة والسابعة) النقض بالحق لكلام الحلبي الباطل المضلل للخلق .
3- وقول الحلبي (وَكذلك؛ تَجَاوُباً مَعَ ذلك الأثر السلفي الجميل : اعدل لعدوك عدلك لصديقك”)
أقول : نحن ننتقد الأحزاب والجمعيات بحق وعدل ولا نتجاوز ما فيهم.
وهم يفترون علينا أشد ألوان الافتراءات ويشوهوننا ويشوهون منهجنا منهج السلف ! ويؤصلون الأصول الفاسدة التي تضاد المنهج السلفي وأصوله وأنت تدافع عنهم بالأصول الفاسدة والتشويهات الظالمة ! ثم ما تكفيك هذه البلايا حتى تذهب تدعي العدل والدعوة إلى العدل ! وهذا أمر لا تطلبه من الظالمين الجائرين بل تطلبه من أهل الحق العادلين ! فأي ظلم هذا الذي أنت واقع فيه !!
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } .
وبهذا يظهر أن المنهج السلفي في معاملة المبتدع لا يعني ظلمه، ولا يعني التعدي عليه، بل هو زجر له عن باطله، وتأديب له، ورحمة به ولغيره من أتباعه الذين يغويهم؛ فيضلّوا بسببه، ويستحق زيادة الإثم بسببهم ” ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها …، وكل ذلك امتثالاً لمنهج السلف كما سبق تقريره في ( الحلقة السابعة).
4- وقول الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى الذي نقله الحلبي موجه لأناس يحاربون السلفيين، ويخالفون منهجهم ويظلمونهم في خصوماتهم! كما تفعل أنت الآن يا حلبي وأتباعك فيما سميته منتدى (كل السلفيين) مع الأسف.
5- ولو أكملت كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي لعلمتَ أنك تدخل فيمن حذرهم، حيث قال حفظه المولى عز وجل ” … وَإِنَّنِي لأَخَافُ عَلَى كثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ العَوَاطِفِ العَمْيَاءِ، وَالتَّبَعِيَّةِ البَلْهَاءِ أَنْ يَقَعُوا فِي اسْتِحْلاَلِ أَعْرَاضِ الأَبْرِيَاءِ مِنْ دُعاةِ السُّنَّةِ وَالحَقِّ -فَضْلاً عَنْ غَيْرِهِم مِنَ الأَبْرِياء-» انتهى .
فهذا يصدق عليك أيها الحلبي؛ لأنك ممن تطعن في السلفيين الأبرياء، وتَتَقَوَّل عليهم ما لا يقولونه، وترميهم بالدواهي والفواقر فالله حسيبك .
6- وليس تحذير السلفيين من أهل الأهواء والبدع من الظلم الذي حذر منه الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى بل التحذير من أهل الأهواء والبدع من فروض الكفايات!
7- وأما جمعية دار البر التي يدافع عنها الحلبي فالمشهور والمنتشر في أوساط السلفيين أنها فرع لجمعية إحياء التراث الإسلامي، وتسير على خطاها، وقد كان الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في آخر حياته يحذر من جمعية دار البر، ويقول عنها حزبية، ويذكر عنها أموراً تجرحها وإليك بعض أقواله رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى في مرض موته : إن شفانا الله فإن شاء الله أنها تموت هذه الفتنة، والله لو تمكن أبو الحسن لرمى بإخوانه هكذا, أخشى على الدعوة من جمعية البر ومن أبي الحسن انتهى
وسئل رحمه الله تعالى: بالنسبة لموضوع الأشرطة يعني أنتم لا ترون نشرها … تقصدون في الإنترنت أو حتى يعني مسألة التسجيل والبيع؟؟
الشيخ: لمن ؟
السائل : يعني أشرطة الإيمان وأشرطة جمعية البر … يعني أنتم تنصحون بعدم تسجيلها وبيعها ؟
الشيخ : أشرطة من ؟
السائل : أشرطة أبي الحسن في الإيمان وشريطه حول جمعية البر ؟
الشيخ : … لانرى بيعها جزاك الله خيراً … ولا أيضاً نشرها … وهذا يعني نحن غارقون في المشاكل … ما نفتح لنا مشاكل جديدة !
السائل : طيبإن شاء الله.
الشيخ : حفظكم الله
السائل : نحن يا شيخ نشرنا الشريط حول جمعية البر … قد نشرنا منه كمية … الشريط الذي أخرجه أبو الحسن في الدفاع عن جمعية البر قد أخرجنا منه كمية … لكن إن شاء الله نوقف الآن
الشيخ : حفظكم الله أحسنت … انتهى
وقال رحمه الله تعالى في غارة الأشرطة (2/5) : نحن بحمد لله قد تكلمنا على جمعية الحكمة والتحذير منها، وليس معناه أننا نقر جمعية الإصلاح ولا جمعية الإحسان ولا جمعية البر؛ لأنها تعترف بالانتخابات، ولأنها بين حزبية ظاهرة كجمعية الإصلاح، وبين حزبية مغلفة كجمعية الحكمة. يلومننا أن تكلمنا في جمعية الإحسان والحكمة وكذا البر ” انتهى وانظر: المجروحون عند الإمام الوادعي (131) .
وقال حسن الريمي في كتابه السهام الوادعية في نحور أقطاب الجمعيات الحزبية (60) في الحاشية : قد أظهرت جمعية البر عن حزبيتها خصوصاً في فتنة أبي الحسن المأربي “
وقال أبو عبد الله حمزة بن عون الجزائري في فتاوى العلماء في التحذير من الجمعيات لما احتوته من أضرار وبلاء (16) عن جمعية دار البر : قد تكلم فيها الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ وهكذا علماء ومشايخ اليمن ـ حفظهم الله ـ وحذروا منها , ثم إن القائم على فرعها في اليمن هو أبو الحسن المأربي المصري “
ومن رد الحلبي على الحلبي :
ما ذكره في كتابه الدعوة إلى الله (75) بقوله : المبحث السابع : الحزبية : مُخَلَّفات ونتائج :
… نذكر ها هنا قاعدة مهمة تبين وجه الحق صبيحاً، وتظهر الصواب أبلج مليحاً :
قال العلامة ابن القيمرحمه الله : إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم ؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي، ولا سيما إذا كان طريقاً مفضياً إلى ما يغضب الله ورسوله موصلاً إليه عن قرب وهو رقية له ورائد وبريد فهذا لا يشك في تحريمه أولو البصائر”
“والفقيه من نظر في الأسباب والنتائج وتأمل المقاصد”
فلنقس الحزبية من خلال هذا المنظار الدقيق !
ماذا نحن وإياكم واجدون ؟ … انتهى كلام الحلبي
أقول : صدق الإمام الألباني رحمه الله تعالى حين قال ” الجمعيات أستار الحزبيات”
فلا أدري هل الحلبي سيعمل بقول العلامة الألباني أم يفارقه كما فارقه في أمور كثيرة ؟!
وقول الحلبي (هَلْ هَكَذا يَكُونُ الاتِّهَام لِلكِرام -بِمَحْضِ الخِصَام-)
أقول : من قال الحق، ورد الباطل بالحجة والبرهان فلا يقال في مثله أنه اتهم الكرام بمحض الخصام، ولكنك يا حلبي تهرش وتهوش !
ولا أدري هل يقول الحلبي بأنهم ( كرام !!) بمليء فيه وغيره !!!
ولا أدري ما وجه كونهم كراماً ! مع محاربتهم للسلفيين ونصرتهم للحزبيين !
وليت الحلبي يوضح لنا وجه كرمهم بالنسبة له ! ويذكر لنا من كرمهم شيئاً يعلمه أكثر من غيره !!!
خامساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص49) (قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/212) مبيناً أن الهجر مشروط بتحصيل المصالح ودفع المفاسد ” فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرا من العكس ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- لا يزال الحلبي مستمراً في التلبيس والتدليس شأنه شأن أهل الباطل الذين لا يستطيعون ترويج باطلهم إلا بالحيل والمكر.
2- فكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مراعاة المصالح ودفع المفاسد في حالة الضرورة، لا مطلقاً كما أوهمه فعل الحلبي واستدلاله. فقد قال شيخ الإسلام قبله كما في مجموع الفتاوى (28/310) في مسائل إسحاق بن منصور وذكره الخلال في كتاب السنة في باب مجانبة من قال القرآن مخلوق عن إسحاق أنه قال لأبى عبد الله من قال القرآن مخلوق ؟ قال : ألحق به كل بلية . قلت : فيظهر العداوة لهم أم يداريهم ؟ قال : أهل خراسان لا يقوون بهم .
وهذا الجواب منه مع قوله في القدرية لو تركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ومع ما كان يعاملهم به في المحنة من الدفع بالتي هي أحسن ومخاطبتهم بالحجج يفسر ما في كلامه وأفعاله من هجرهم والنهى عن مجالستهم ومكالمتهم حتى هجر في زمن غير ما أعيان من الأكابر وأمر بهجرهم لنوع ما من التجهم فإن الهجر نوع من أنواع التعزير … لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لاندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد … إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
فظهر بهذا أن كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هذا في مسألة الضرورة لا مطلقاً !! كما أوهمت مدلِّساً يا حلبي !!
وهنا يقال لك ولأمثالك : الضرورة تقدّر بقدرها؛ لأن هجر المبتدعة واجب وخلطتهم محرّمة .
ثم لمجانبة أهل البدع مصالح وفوائد عديدة أذكر في هذه العجالة بعضها :
هجر أهل البدع فيه إكرام للدين:
أخرج ابن وضاح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ” من أحب أن يكرم دينه فليعتزل مجالسة أصحاب الأهواء؛ فإن مجالستهم ألصق من الجرب”
مصلحة حفظ الدين بإحياء السنن وإماتة البدع :
قال المعلمي صدع الدجنة ” قد تدبرت أنواع الفساد، فوجدت عامتها نشأت عن إماتة السنن، أو إقامة البدع، ووجدت أكثر المسلمين يبدو منهم الحرص على إتباع السنن واجتناب البدع، ولكن التبس عليهم الأمر، فزعموا في كثير من السنن أنه بدعة، وفي كثير من البدع أنه سنة.
وكلما قام عالم فقال: هذا سنة، أو هذا بدعة، عارضه عشرات، أو مئات من الرؤساء في الدين الذين يزعم العامة أنهم علماء، فردوا يده في فيه، وبالغوا في تضليله والطعن فيه، وأفتوا بوجوب قتله، أو حبسه، أو هجرانه، وشمروا للإضرار به وبأهله وإخوانه، وساعدهم ثلاثة من العلماء، عالم غال، وعالم مفتون بالدنيا، وعالم قاصر في معرفة السنة، وإن كان متبحراً في غيرها”
مصلحة المهجور نفسه بأن تخمد فتنته ويرتدع عما هو عليه من باطل.
أخرج الآجري في الشريعة عن أيوب أنه قال ” لست براد عليهم أشد من السكوت”
مصلحة المهجور نفسه بأن لا يكثر أتباعه على باطله فيبوأ بإثمهم جميعاً.
أخرج العقيلي في الضعفاء عن أبي صالح الفراء قال حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن ؟
فقال ذاك يشبه أستاذه يعنى الحسن بن حيي
قال قلت ليوسف أما تخاف أن تكون هذه غيبة
فقال لِمَ يا أحمق أنا خير لهؤلاء من أمهاتهم وآبائهم أنا أنهي الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتبعتهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضر عليهم”
مصلحة المهجور نفسه بأن لا يغتر بما عنده من البدع بكثرة أتباعه أنه على الحق فيستمر على باطله.
مصلحة الهاجر نفسه بأن يحمي نفسه وقلبه من أفكار وضلالات أهل البدع.
أخرج الآجري في الشريعة عن ابن عباس أنه قال ” لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب”
وأخرج ابن أبي زمنين في أصول السنة عن مصعب بن سعد أنه قال ” لا تجالس مفتوناً، فإنك منه على إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه”
وأخرج الدارمي عن أبي قِلَابَةَ أنه قال ” لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ ولا تُجَادِلُوهُمْ فَإِنِّي لَا آمَنُ أن يَغْمِسُوكُمْ في ضَلَالَتِهِمْ أو يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ ما كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ”
وأخرج ابن سعد في الطبقات أنه دخل رَجُلَانِ من أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ على بن سِيرِينَ فَقَالَا يا أَبَا بَكْرٍ نُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ قال لَا قالا فَنَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً من كِتَابِ اللَّهِ قال لَا لِتَقُومَانِ عَنِّي أو لَأَقُومَنَّ قال فَخَرَجَا فقال بَعْضُ الْقَوْمِ يا أَبَا بَكْرٍ وما كان عَلَيْكَ أن يقرأ عَلَيْكَ آيَةً من كِتَابِ اللَّهِ تعالى قال إني خَشِيتُ أن يقرأ عَلَيَّ آيَةً فَيُحَرِّفَانِهَا فَيَقِرُّ ذلك في قَلْبِي”
قال الآجري في الشريعة ” إن قال قائل فإن كان رجل قد علمه الله – تعالى – علماً فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين ينازعه فيها ويخاصمه ترى له أن يناظره حتى تثبت عليه الحجة ويرد عليه قوله ؟
قيل له هذا الذي نهينا عنه وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين !
فإن قال فماذا نصنع ؟
قيل له إن كان الذي يسألك مسألته مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة وقول الصحابة وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم
وإن كان يريد مناظرتك ومجادلتك فهذا الذي كره لك العلماء فلا تناظره واحذره على دينك كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعاً
فإن قال فندعهم يتكلمون بالباطل ونسكت عنهم ؟
قيل له سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين “
أخرج ابن بطة في الإبانة عن مفضل بن مهلهل أنه قال ” لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته، وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه، ثم يدخل عليك بدعته، فلعلها تلزم قلبك، فمتى تخرج من قلبك”
مصلحة الهاجر نفسه بأن لا يكون فتنة لغيره بدلالته على أهل البدع بتكثير سوادهم.
في الشريعة للآجري : سأل أبو طالب الإمام أحمد عمن يقول في القرآن (ليس هو مخلوقاً) إذا لقيه في الطريق وسلم أيرد عليه السلام ؟
فقال الإمام أحمد : لا تسلم عليه! ولا تكلمه! كيف يعرفه الناس إذا سلمت عليه! وكيف يعرف هو أنك منكر عليه! فإذا لم تسلم عليه عرف الذل وعرف أنك أنكرت عليه وعرفه الناس”
وقال قوام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة ” ترك مجالسة أهل البدعة ومعاشرتهم سنة لئلا تعلق بقلوب ضعفاء المسلمين بعض بدعتهم وحتى يعلم الناس أنهم أهل البدعة ولئلا يكون مجالستهم ذريعة إلى ظهور بدعتهم”
وسئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – كما في شرح فضل الإسلام : الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟
فأجاب سماحته: نعم ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم وهو داع إليهم، هو من دعاتهم نسأل الله العافية”
مصلحة الهاجر نفسه بأن يسلم من أذاه :
أخرج ابن أبي زمنين في أصول السنة عن مصعب بن سعد أنه قال ” لا تجالس مفتوناً، فإنك منه على إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه”
مصلحة عامة الناس بأن يبتعدوا عن أهل البدع .
قال ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير ” أهل البدع والضلال ومن تشبه بالعلماء وليس منهم، فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم “
وهناك أيضاً مصالح أخرى ، ومفاسد من مخالطتهم ومجالستهم.
أقول : هذا في هجر أهل السنة لأهل الأهواء هذا إن حصل من أهل السنة إلا أن الواقع أن أهل التحزب والأهواء هم الذين يبدؤون بهجر أهل السنة والتنفير منهم وتشويههم بالشائعات الظالمة القائمة على الكذب والفجور هذا ما يفعله الإخوان المسلمون والقطبيون ومن تابعهم من المتسترين بالسلفية المجندين لحماية رؤوس الأخوان كالبنا وسيد قطب والمودودي والغزالي .
هؤلاء المجندون هم أمثال عدنان عرعور والمغراوي أبي الحسن المأربي المصري ومحمد حسان ومن سلك مسالكهم .
هؤلاء وأتباعهم هم الذين يبدؤون بهجر أهل السنة ومحاربتهم بالأكاذيب والشائعات الظالمة ثم يتباكون ويوهمون الناس أن أهل السنة يظلمونهم ويهجرونهم ثم ما يكتفي هؤلاء بهذه الأعمال الظالمة فيقومون بتأليف الكتب التي يحرفون فيها منهج السلف وأصوله في الهجر ! والسلف ومنهجهم في وادٍ وهم في وادٍ .
وما كتاب الحلبي الذي سماه منهج السلف الصالح إلا امتداداً لأعمال هؤلاء ولمؤلفاتهم وما كتبه إلا حرباً على أهل السنة وحماية وانتصاراً لهذه الأحزاب ودوراناً في فلكهم وكل ذلك تحت ستار منهج السلف الصالح وهو منهم براء .
سادساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص50) (قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (3/303-مؤسسة الرسالة) ” ومن فوائد يوم الحديبية : أن المشركين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمة من حرمات الله تعالى أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه وإن منعوا غيره فيعاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ويمنعون مما سوى ذلك فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى مرض له أجيب إلى ذلك كائناً من كان ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه وهذا من أدق المواضع وأصعبها وأشقها على النفوس)
وعلق الحلبي في الحاشية على قول ابن قيم الجوزية (أعينوا عليه) في الحاشية رقم (1) بقوله (أخشى أن يأتي متسرع وبالباطل متدرع ليتهم الإمام ابن القيم رحمه الله بالتهاون والتمييع و… و…) . انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يترك كلام السلف الواضح البين في هجر أهل البدع وعدم التعامل معهم، ويبحث هنا وهناك ليقف على قول لعالم يؤيد مشربه في الظاهر، وهذا ليس دأب وشأن مريد الحق، بل هو شأن من اتبع هواه .
2- ثم كلام الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في بيان ما يصلح للإمام أن يعمله، وليس لآحاد الرعية، وفرق بينهما عند أهل الفقه والفهم لا أهل التشغيب والسقم.
3- وفي كلام ابن قيم الجوزية ما يرد على استدلال الحلبي! فتأمل قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى إذ يقول :
– (طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمة من حرمات الله)
أي طلبوا من ولي الأمر الذي بيده مراعاة المصالح العامة والنظر فيها .
لا من آحاد الرعية.
ويعانون في أمر فيه مصلحة لإقامة شرع الله، ولا يفتح الباب لهم بالكلية ، ويؤكده قوله .
– (وإن منعوا غيره، فيعانون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ويمنعون مما سوى ذلك ).
مما يدل أنهم لا يعانون على أمر لا مصلحة فيه وإن كان مشروعاً فضلاً من أن يعانوا على باطلهم ويتركون دون منع وردع .
فالحاصل أنهم يجابون من ولاة الأمور فيما فيه مصلحة عظمى للإسلام والمسلمين وفيما فيه تعظيم لحرمات الله وعند الضرورة لا في كل الأحوال كما يريده الحلبي ومن على دربه يسير !!
ولا شك أن ما حصل من هذه الجمعية من أضرار جسيمة وفتن ومحن لأهل السنة يكفي من كان بصيراً وفقيهاً وسلفياً حقاً وصدقاً أن يحرم التعامل معها ولا يقيسها بكلام ابن قيم الجوزية مع الفارق السحيق بينهما .
وأنا أريد أمثلة من الحلبي فيها بيان ما حرمات الله التي يدعو إليها أهل البدع والأهواء حتى يلام أهل السنة إذا لم يستجيبوا لهم !
وأقول للحلبي : لا يدعو أهل الأهواء : أهل السنة إلا إلى البدع والضلال فيضطر أهل السنة إلى رد باطلهم والتحذير منه، وهذا من أوجب الواجبات على أهل السنة؛ لأنه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا يغيظ أهل الأهواء وحماتهم .
4- وأما تعليق الحلبي بقول (أخشى أن يأتي متسرع وبالباطل متدرع ليتهم الإمام ابن القيم رحمه الله بالتهاون والتمييع و… و…)
أقول : هكذا يسخر الحلبي من بعض المشايخ السلفيين، ويرميهم بالتسرع في القول ورمي البراء بالباطل، بينما يكيل الثناء والتمجيد للمخالفين للسلفيين !!
وقد سبق في (الحلقة السادسة) نقض اتهامه الباطل للمشايخ السلفيين بهذه الفرية .
سابعاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص50) ( كلام هذين الإمامين الجليلين أحدهما يتكلم على التعاون مع من فيه بدعة والآخر يتكلم على التعاون مع أهل البدع. فلئن لم نقبل الأخيرة مع قوله لها وإقراره لها فلن نرد الأولى لمجرد التهويش مع حرصنا على الضوابط الشرعية لذلك ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً فيما نحن فيه) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي للأسف الشديد يُقَوِّل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه النجيب ابن قيم الجوزية كلاماً لم يقولاه، وقد سبق نقض استدلال الحلبي بكلام هذين العلمين.
2- بل اتهم الحلبي ابن قيم الجوزية بأنه يقول ويقر التعاون مع أهل البدع! وهذه طعنة شديدة في ابن قيم الجوزية أحد أئمة السنة في عصره هو منها براء وكتبه وأقواله ومواقفه وثناء الأئمة عليه شاهدة له بذلك.
فانظر : من الذي يستحق الرد لباطله بالحق (دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل) أنت أم السلفيون الصادقون الناصحون الأمناء .
3- وكلام الأئمة مبني على الدليل والحجة والبرهان، لا على التهويش، وهل يصح أن تصف كلام أهل العلم بهذا الوصف القبيح الذي يصدر من أمثالك وأشكالك وأحزابك الذين تدافع عنهم وتتمحل لهم بالباطل .
4- وأما ادعاؤك بأنك حريص على الضوابط الشرعية، فأنت وأمثالك في منهجكم الأفيح الجديد من أبعد الناس عن الضوابط الشرعية، كما نص على ذلك أهل العلم، ولو قلت يا حلبي (مع حرصنا على تضييع الضوابط الشرعية) لكان لحالك أصدق.
ثامناً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص51) (وَلَمْ أَقُلْ هَذا -كُلاًّ وَبَعْضاً- دِفَاعاً عَنْ مُبْتَدِعَة، وَلاَ تَرْوِيجاً لِبِدْعَة! مع التخطئة لبعض ممارساتهم التي أرى فيها مخالفة الحق والصواب كما تقدم …
أما أن نبدعهم ثم نبدع من يتعامل معهم! أو نسقطه ! فهذا أمرٌ لا نضعه في أعناقنا، ولا نرتضيه لأنفسنا : أن نقابل به ربنا “والظلم ظلمات”
ومن أبى ذلك منَّا فليفعل هو ما يريد كما يريد!!
{وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}
وَرَسُولُنا ﷺ يَقُول: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيه بِالغَيْبَة: كَانَ حَقًّا عَلى الله أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّار» [«غَايَةُ المَرَام» (431)].
… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ.) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- من أراد أن ينفي عن نفسه الباطل يثبت أولاً براءته منه؛ بأن يقول ويعمل بخلافه ثم يتبرأ منه! حينها يصح له أن يقول: أنا بريء من الباطل .
2- أما الحلبي فبخلاف ذلك : حيث يقرر الباطل ويدافع عنه ويطعن في أهل الحق قولاً وفعلاً ! ثم يقول أنا بَراء من الباطل والوقوع فيه !!!
وهذا إما من شدة تلبيسه وتدليسه !
وإما من خلل في عقله وتفكيره فيقرر الباطل ويتبرأ منه .
وصدقاً : كلامك يا حلبي يصدق عليه كاد المريب أن يقول خذوني .
3- وكلام الحلبي هذا قائم على القاعدة الباطلة نصحح ولا نجرح.
4- وتهويش الحلبي بقوله (أما أن نبدعهم ثم نبدع من يتعامل معهم! أو نسقطه !)
أقول : العلماء السلفيون في منهجهم عموماً لا يخرجون عن منهج سلفهم الصالح خصوصاً في باب التعامل مع أهل البدع .
واتهامك لهم بالباطل قد سبق رده في الحلقة السادسة لكني سأنقل هنا بعض النصوص التي تدل على أنك من أبعد الناس عن الضوابط الشرعية في مسألة معاملة أهل البدع :
قال ابن عون ” من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع ” أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/473رقم486).
وسأل أَبُو دَاوُد الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ” أَرَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَتْرُكُ كَلَامَهُ ؟
فقَالَ : لَا أَوْ تُعْلِمُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْته مَعَهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ فَكَلِّمْهُ، وَإِلَّا فَأَلْحِقْهُ بِهِ”أخرجه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/160).
وقد سئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – كما في شرح فضل الإسلام (10) : الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟
فأجابسماحته: نعم ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم هو داع إليهم، هو من دعاتهم نسأل اللهالعافية”
5- وقول الحلبي (فهذا أمرٌ لا نضعه في أعناقنا، ولا نرتضيه لأنفسنا : أن نقابل به ربنا “والظلم ظلمات” )
أقول : سبحان الله أنت رضيت بما هو أكبر ذلك! أما رضيت بالطعن الشديد الغادر الكاذب في بعض العلماء السلفيين.
أما رضيت بالثناء على أهل البدع والأهواء والمحاربين للمنهج السلفي .
أما قعدت القواعد الباطلة لحرب أهل السنة ونصرة أهل البدعة .
ما هذا الورع البارد، والتقوى في غير محلها.
وقول الحلبي ( ومن أبى ذلك منَّا فليفعل هو ما يريد كما يريد!!
{وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}
(وَرَسُولُنا ﷺ يَقُول: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيه بِالغَيْبَة: كَانَ حَقًّا عَلى الله أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّار» [«غَايَةُ المَرَام» (431)].
… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ. )
أقول : الحلبي لا يستحي أن يتكلم بمثل هذا الأسلوب التهكمي مع أهل العلم !!
وهل العلماء السلفيون عندما كشفوا عوار جمعية إحياء التراث ومن يدافع عنها، بنوه على أهوائهم وما يحلو لهم أم أن كلامهم مبني على المنهج السلفي الواضح الناصح الأمين الذي لا غش فيه ولا تدليس ولا تلبيس .
ثم إن العلماء السلفيين من أشد الناس ورعاً وتقوى وخوفاً من الله فلا يتكلمون إلا بعلم وحلم وحكمة ودراية بحمد الله تعالى. وحالهم كما وصفهم الذهبي رحمه الله تعالى في سير أعلام النبلاء (11/82) بقوله ” نحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صواباً وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافاً وأبعدهم عن التحامل” انتهى .
ثم هل كلام العلماء السلفيين في أهل الأهواء والمنحرفين يعد من الغيبة !!!
أين حرصك على الضوابط الشرعية المزعوم أم أنه كلام يخالفه الفعال، ومن باب آخر : على حسب مصلحتك !!!
فالسلفي الصغير المبتدئ يعرف أن الكلام في أهل الانحراف ليس من الغيبة بل هو من النصيحة : قال ابن أبي زمنين في أصول السنة (293) لم يزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبة لهم، ولا طعناً عليهم”
وقال ابن رجب في شرح العلل (1/348) الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن، مما لا يجوز قبوله. وقد ظن بعض من لا علم عنده أن ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإن ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة، ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور، جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى”
وقال ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير (2/407-المجموع) ” أهل البدع والضلال ومن تشبه بالعلماء وليس منهم؛ يجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم”
ونحن نذكر الحلبي في طعنه في بعض المشايخ السلفيين وفي الشباب السلفي بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق” (صحيح الترغيب رقم 2833).
وبقوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال” (صحيح الترغيب رقم 2845) .
وأما قول الحلبي (… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ. )
فنقول له : ونعم بالله ! ولكن كما قال تعالى { إن تنصروا الله ينصركم } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس (احفظ الله يحفظك) .
وحديث أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” أَيُّهَا الناس إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فقال { يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا من الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إني بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا من طَيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ يا رَبِّ يا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ” أخرجه مسلم في الصحيح .
وكما قال الحسن البصري : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال من قال حسناً وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ومن قال حسناً وعمل صالحاً رفعه العمل “
أخرجه ابن المبارك في الزهد (545رقم1565) وابن أبي شيبة في المصنف (6/163رقم30351) وصححه ابن قيم الجوزية في حاشية السنن (12/294) وجود إسناده العلائي كما في فيض القدير (5/356) .
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
الأحد بعد صلاة الظهر
الموافق 5/ 7 /1430هـ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدأن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي – بحمد الله تعالى – والتي كشفت فيها عن بعض وسوسة الحلبي وتلبيساته في كتابه الذي سماه بـ”منهج السلف الصالح”
وقد سبق في الحلقة الثالثة عشرة مناقشة الحلبي في دفاعه المستميت عن جمعية إحياء التراث الإسلامي .
وفي هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – استكمل شيئاً من دفاع الحلبي عن جمعية إحياء التراث الإسلامي، وجمعية دار البر !
وأسوق لك أخي القارئ كلام الحلبي الذي يدافع فيه عن جمعية إحياء التراث الإسلامي :
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص47) بعد أن ذكر أن جمعية إحياء التراث أرسلت للشيخ ابن باز والشيخ الألباني وَرَقاتٍ مَجْمُوعَةً فِيهَا بَيَانُ مَنْهَج (الجَمْعِيَّة) فِي العَقِيدَة، وَالدَّعْوَة، وَبَعْض المَسَائِل المَنْهَجِيَّة -يَسْتَنْصِحُونَه-. ( فَالشيخ – أي ابن باز – أَقَرَّهُم عَلَى مَنْهَجِهِم، وَأَيَّدَهُم فِيهِ -سِوَى (مُلاحَظات يَسِيرَة) -كَمَا قَال-.
والشيخ الألباني كَتَبَ -رَحِمَهُ الله- عَلَى نُسْخَتِهِ الخاصَّةِ وَرَقَتَيْنِ؛ تَضَمَّنَتا (مُلاَحَظَاتٍ يَسِيرَة) -أَيْضاً-، دُونَ نَكيرٍ عَلَى (الجَمْعِيَّة) -وَمَا هِي عَلَيْه -” انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- عجيب أمر الحلبي ودفاعه المستميت عن هذه الجمعية الإخوانية، بالكوع والكراع حتى النخاع .
2- ثم من تلبيس الحلبي أنه ادعى أن الألباني رحمه الله تعالى موقفه من جمعية إحياء التراث الإسلامي هو ملاحظات يسيرة، مع أن موقف الشيخ الألباني من الجمعية معروف مشهور، وقد وصفها بالضلال كما في سلسلة الهدى والنور (رقم 700) والحلبي كان حاضراً ذلك المجلس وصوته مسجل، بل علق الحلبي بكلام يؤيد كلام الألباني رحمه الله تعالى، وقد سبق نقل كلام العلامة الألباني في الحلقة الثانية عشرة .
فما الذي غيَّر كلامه وبدل حاله !
ولست أدري لماذا ينسب الحلبي للعلامة الألباني أنه موافق للجمعية ولم ينكر عليها سوى ملاحظات يسيرة !
فانظر أخي القارئ الحصيف مدى مصداقية الحلبي في نسبته الأقوال للعلامة الألباني وكيف ينسب له خلاف ما هو مشهور عنه غير منكور !
3- وقد بيَّن الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى موقف الشيخين الجليلين ابن باز والألباني رحمه الله تعالى بياناً شافياً لا تلبيس فيه ولا تدليس حيث سئل رحمه الله تعالى كما في تحفة المجيب (209رقم6) ما هو موقف الشيخ ابن باز والشيخ الألباني – رحمهما الله – من جمعيةإحياءالتراث ؟
فأجاب – رحمه الله تعالى – بقوله : أما الشيخ الألباني فهو متبرئ منها منذ زمن، والشيخ ابن باز أنكر عليهم بعض الأشياء، والحزبيون ملبسون، فيأتون المشايخ الأفاضل بمن هوموثوق به عندهم من أهل السنة ويقولون: يا شيخ قد حقق الله الخيرالكثير على أيدينا وقد ذهبنا إلى إفريقيا -وهم في الحقيقة ذهبوا يفرقون كلمة المسلمين- وذهبنا إلى إندونيسيا وإلى باكستان وإلى كذا وكذا، والشيخ حفظه الله يصدق، وقد رد على عبدالرحمن عبدالخالق وأنا متأكد أن الشيخ إذا اتضح له أمرهم سيتبرأ منهم “
قلت صدق رحمه الله تعالى فقد وثق ابن معين بعض المجروحين اغتراراً بظاهر حاله، بينما يطعن فيه الأئمة الآخرون، وهذا عين ما وقع للشيخ ابن باز كما حكاه عنه الشيخ مقبل الوادعي رحمهما الله جمعياً .
والعجب أن الحلبي ذكر قصة ابن معين فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص105، ص 122) وأقرها وهي حجة عليه .
ومما يصدق كلام الشيخ مقبل الوادعي من أن الشيخ ابن باز لو اطلع على حالهم ما زكاهم قول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202) الواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم،ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معه ممن لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله بإتباعه في قوله جل وعلا {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون}”انتهى
قال الشيخ أحمد السبيعي في ( الدفاع عن الشيخ محمد العنجري – وفقه الله – وبيان بعض حقيقة نزاعنا مع ( التراث ) جماعة الأستاذ عبد الخالق ) : فو الله الذي لا إله إلا هو لو كان ابن باز – رحمه الله – حياً ورأى طريقة توظيف أقواله لنصرة أهل هذه الأحزاب و نسبة الكف عن البدع و أهلها إليه ، لبرأ من ذلك مثلما تكلم في الطعن على عدد من دعاة البدع والجماعات كعبد الرحمن عبد الخالق ،فهذا هو الظن الحق بابن باز – رحمه الله تعالى – وبطريقته ، لمن كان يعظمه و يجله حقاً… أما المعايش لهذه الجماعة و يرى جهودها عن كثبٍ ومن قرب في داخل البلد بالليل والنهار فلا يمكن أبداً – إذا كان صادقاً مخلصاً صاحب سنة – تصور أن يلتبس عليه أمر هذه الجماعة و بعدها من السنة ، اللهم إلا أن يكون بينه و بين هذه الجماعات وشائج من القربى العقدية خاصةً في المطالب العصرانية المبنية على مسألة مايعرف بفقه الواقع ، فهذا أمر آخر.
ثانياً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص48) (… وَلاَ يُقَال: هَؤُلاءِ المَشَايِخ -وَهُم الكِبَارُ الكِبَارُ: ابنُ بَاز، وَالأَلْبَانِيُّ، وَابْنُ عُثَيْمِين-: لاَ يَعْرِفُون(!)، وَنَحْنُ نَعْرِف!!
فَهَذَا قد يكون غَمْزاً خَفِياً! وَمَعَ ذَلِك: فَالأَمْرُ لَيْسَ بِهَذِهِ السُّهُولَة!!
إذ يُمْكِنُ أَنْ يُقَال -بالمُقابل-: عَرَفُوا، وَلَكِن: رَأَوُا المَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ فِتْنَةِ النَّاسِ بِذَلِك، أوَ أَنَّ مَا أُوخِذُوا بِهِ لاَ يَصِلُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلَ تَبْدِيعٍ وَتَضْلِيلٍ لَهُم!!!) انتهى
وعلق الحلبي في الحاشية رقم (1) بقوله (فهذا لمز يشبه من باب آخر! غمز علمائنا هؤلاء بجهل فقه الواقع) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يدرك أن تزكية بعض المشايخ الكبار للجمعية لا تفيدها ما دام أن واقعها مخالف لمنهج السلف، فحاول أن يجعل تزكية المشايخ بناء على علمهم بواقعهم.
2- وكلام العلماء في جمعية إحياء التراث هو من باب الجرح والتعديل، الذي يطلع فيه الجارح على أسباب جرح لم يطلع عليها المعدل!
3- ومعلوم عند صغار طلاب علم الحديث أن جرح الجارح لا يعني الطعن في المعدل، بل يقول له أنا عندي زيادة علم على تعديلك يستحق به الجرح.
4- فإذا علم هذا ظهر أن من طعن في جمعية إحياء التراث لا يدعون أن العلماء الكبار الذين زكوا الجمعية لا يفقهون الواقع، بل يقولون عندنا زيادة علم بواقعهم على ما عندكم من علم بواقعهم .
5- ثم فرق بين رمي العلماء بعدم فقه الواقع العام، وبين نفي علم العالم بواقع خاص، فحال جمعية إحياء التراث ليس من الأمور العامة التي يدركها كل أحد .
6- ثم هل تزعم يا حلبي أن العالم مطلع على الأمور جميعها، أم أنه بشر تخفى عليه بعض الأمور، كما تخفى على غيره !
ففي صحيح البخاري كتاب الوضوء باب المسح على الخفين(1/305رقم202-فتح) عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ .
وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عن ذلك ؟ فقال نعم إذا حَدَّثَكَ شيئاً سَعْدٌ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلا تَسْأَلْ عنه غَيْرَهُ .
قال الحافظ في فتح الباري (1/306) : (( فيه أن الصحابي القديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجلية في الشرع ما يطلع عليه غيره؛ لأن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكثرة روايته )) انتهى
فإذا خفيت على صحابي سنة مشهورة ألا يخفى على بعض العلماء حال جمعية إحياء التراث من باب أولى .
7- وأما محاولة الحلبي تهمة السلفيين بأنهم يطعنون في العلماء ويغمزون فيهم فهذا من سوء أدبه، ومن دسائسه التي يحاول بها الطعن على أهل المنهج السلفي فالله حسيبه.
8- وقول الحلبي “إذ يُمْكِنُ أَنْ يُقَال -بالمُقابل-: عَرَفُوا، وَلَكِن: رَأَوُا المَصْلَحَةَ فِي عَدَمِ فِتْنَةِ النَّاسِ بِذَلِك” انتهى
أقول : هذا الكلام فيه مغالطة فلسفية قبيحة؛ لأنه رمي للعلماء الكبار في العالم الإسلامي بالسكوت عن حال أهل البدع والأهواء.
ومما يدل على بطلان هذه المغالطة أمور :
– أن العلماء تكلموا فيما هو أكبر منها من المسائل الشرعية، وبينوا موقفهم .
– أنهم انتقدوا بعض الجوانب التي اطلعوا عليها من حال هذه الجمعية.
– أن دعوى التحذير من الجمعية يسبب فتنة تحتاج إلى دليل، بل الفتنة أن يخدع الناس بتزيين حال أهل البدع .
– أن بعض العلماء أثنى على جمعية إحياء التراث الإسلامي، فلو كانت هناك مصلحة لعدم الطعن لم يثنوا عليها أصلاً، وإذا عذر العالم في السكوت فلا يعذر في تزيين الباطل والتشجيع عليه .
وقول الحلبي (أوَ أَنَّ مَا أُوخِذُوا بِهِ لاَ يَصِلُ أَنْ يَكُونَ سَبِيلَ تَبْدِيعٍ وَتَضْلِيلٍ لَهُم!!!)
أقول : هذا كلام باطل؛ لأن جمعية إحياء التراث تسير على منهج الإخوان، وهو منهج قد حكم بضلاله العلماء الكبار، ولقد أضرت هذه الجمعية بالمنهج السلفي وأهله في مشارق الأرض ومغاربها الأمر الذي لم يلحقهم فيه الإخوان المسلمون !
فلا أدري أين عقل الحلبي عندما يتكلم بمثل هذه الكلام ! أيظن أنه يتكلم في قفر أو بين صم وبكم.
ثالثاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص48) (القول في هذه الجمعية من موارد النزاع وليس من مسائل الإجماع!
فَلاَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ -كَائِناً مَنْ كَان- أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِرَأْيِهِ إِلاَّ بِالحُجَّةِ والبَيَان، وَالدَّلِيل وَالبُرْهَان -دُون الفِتْنَةِ وَالامْتِحَان-.) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يريد أن يصل إلى هذه النتيجة بكل سبيل، ولو بالتدليس والتلبيس؛ ليخرج نفسه من مأزق التعامل والدفاع عن أهل البدع والأهواء سواء أهل جمعية إحياء التراث أو غيرهم .
2- والحلبي يبرئ هذه الجمعية من المنهج الباطل الذي تسير عليه، وبنى على هذه التبرئة أن خلافنا مع الجمعية خلاف فرعي فقهي أو خلاف يسوغ فيه الاجتهاد.
3- ولا شك أن هذه النتيجة التي توصل لها الحلبي باطلة لبطلان مقدماتها.
4- فهجر أهل البدع والأهواء ليس من موارد النزاع بل عليه إجماع السلف قال الصابوني في عقيدة السلف (123) وأجمعوا كلهم على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم” انتهى
وقال البغوي في شرح السنة (1/227) : وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم” انتهى
5- وهل مسألة :
– السير على منهج عبدالرحمن عبد الخالق التكفيري .
– وتعاونهم مع الرافضة .
– وإبراز أهل البدع والأهواء .
– والتمييع في التعامل مع أهل البدع والأهواء ودعمهم .
– والإمارة والبيعة والبرلمانات والديمقراطية .
وقد ضللهم العلامة الألباني رحمه الله تعالى بهذه الفقرة وحدها وبحضورك يا حلبي ! فأين تمسحك بالألباني ولهجك بقول شيخنا! شيخنا!!
– وتفريق السلفيين.
– والمنهج الإخواني والقطبي والتكفيري .
– والتحريض على الحكام و منازعة الأمر أهله .
– ومدح بعض أعضائها لتنظيم القاعدة مجاهراً بذلك .
فهل هذه الأمور عندك يا حلبي من موارد النزاع التي يسوغ فيها الاختلاف، ولا يلزم تضليل المخالف لها.
أليس بيان هذه الضلالات من الحجج والبراهين ! فما الحجج والبراهين ! وهل هناك سلفي بعد هذا يطالب بالحجج والبراهين !!
6- ثم مسائل النزاع مرجعها إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (17/311) مسائل النزاع التي تنازع فيها الأمة في الأصول والفروع إذا لم ترد إلى الله والرسول لم يتبين فيها الحق بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من أمرهم”
وقال شيخ الإسلام أيضاً كما في مجموع الفتاوى (17/205) الصواب في جميع مسائل النزاع ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وقولهم هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والعقل الصريح والله سبحانه أعلم” انتهى
7- والحلبي بهذه الطريقة الماكرة يجعل لمخالف الحق سبيلاً للتخلص من الالتزام والانقياد بالحق، بل هذه الطريقة تهدم على الحلبي كتبه التي ألفها للرد في بعض مسائل النزاع كرده على الصابوني في التراويح وكرده على الغماري في السبحة.
8- بل هي قاعدة تجعل الدين والمنهج السلفي أفيح لا يعرف فيه حق من باطل.
فمهما أنكرت على صاحب منكر ما فعله ، فالمخرج عنده : هي مسألة متنازع فيها، وهذا هو عين ما يقوم به هو وأتباعه من تسويغات واهية لمنكرات قائمة ناسين أو متناسين أن خلاف الحق لا عبرة به ! وهذه طريقة الإخوان المسلمين عينها في رد الحق والدفاع عن أهل الباطل .
رابعاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص49) (… مُؤَكِّداً -فِي البِدْءِ وَالخِتَام- أَنِّي مَا كَتَبْتُ هَذا إِلاَّ لِلإِنْصَافِ -لِنَفْسِي وَلِغَيْرِي- مِن مشايخي، وإخواني السَّلَفِيِّين-؛ دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل ….
وَكذلك؛ تَجَاوُباً مَعَ ذلك الأثر السلفي الجميل : اعدل لعدوك عدلك لصديقك”
واستجابة أيضاً لبَعْضِ «تَوْجِيهَات» فَضِيلَةِ الشَّيْخ ربيع بن هادي -وَفَّقَهُ الله-؛ إِذْ يَقُول:
«نُحَذِّرُكُم مِنَ الظُّلْم، وَارْتِكَابِ البَهْت، وَانْتِهَاكِ أَعْرَاضِ مَنْ تُخَاصِمُونَهُم بِحَقّ -لَوْ كُنْتُم عَلَى حَقّ-؛ فَضْلاً عَنْ أَنْ تَرْتَكِبُوا كُلَّ هَذا فِي حَقِّ مَنْ تُخَاصِمُونَهُم بِالبَاطِل”
وعلق الحلبي في الحاشية رقم (2) بقوله عن جمعية دار البر بدبي : ( وَمَا قِيلَ فِي هَذِهِ «الجَمْعِيَّةِ» قِيلَ مِثْلُهُ -وَلِلأَسَفِ- فِي «جَمْعِيَّةِ دَارِ البِرّ» -فِي دُبَيّ-!!! مَعَ أَنَّ القَوْلَ (الحَقَّ) -فِي هَذِهِ (الجَمْعِيَّة)- أَوْضَحُ -بِكَثِير-: فَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّنا خَالَطْنَا هَذِهِ «الجَمْعِيَّة» -عَنْ قُرْب-؛ وَعَايَشْنَا القَائِمِينَ عَلَيْهَا -سَفَراً وَحَضَراً-، وَعَرَفْنَا أَفْكَارَهُم، وَتَوَجُّهَاتِهِم -مُطَالَعَةً وَنَظراً-؛ فَلَمْ نَرَ إِلاَّ الدَّعْوَةَ إِلَى السُّنَّة، وَلَمْ نَرَ إِلاَّ الحِرْصَ عَلَى العَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَلَمْ نَرَ إِلاَّ الحَقَّ وَأَهْلَه، وَالرِّفْقَ، وَاللِّينَ، والحِكمةَ.. فَعَجَباً.. هَلْ هَكَذا يَكُونُ الاتِّهَام لِلكِرام -بِمَحْضِ الخِصَام-؟!!). انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يسوي بينه وبين المشايخ السلفيين الذين أثنوا على جمعية إحياء التراث، ولا شك أن هذا من الظلم؛ للفارق السحيق بينه وبينهم :
فأولاً : المشايخ السلفيون لم يطلعوا على حقائق وخفايا ما عند جمعية إحياء التراث بخلاف الحلبي الذي اطلع على حالهم وسوء فعالهم بل قال الحلبي في جلسة (68-تنبيه الفطين) : إحياء التراث الحقيقة أنا أعلم الناس بها ” إلا أنه يراوغ ويدافع عنهم بالباطل .
وثانياً : لأن المشايخ السلفيين لم يشتغلوا بالدفاع عنها والوقوف في وجه إخوانهم المشايخ السلفيين للرد عليهم بخلاف حال الحلبي.
وثالثاً : أن بعض المشايخ السلفيين بُراء مما نسبه إليهم الحلبي من تزكية الجمعية كالشيخ ناصر الدين الألباني .
2- وقول الحلبي (دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل)
أقول: الحلبي يرمي المشايخ السلفيين الذين تكلموا في جمعية إحياء التراث بالحجج والبراهين وأدانوهم بأقوالهم وأفعالهم وثمارهم المُرة بأنهم أهل تَقوُّل وتقويل أي أنهم ينسبون للأبرياء ما لا يقولونه، وأنهم أهل ظن سوء، وأهل إرجاف وتهويل!!!
وكفى بهذا القول عاراً وشناراً عليك أيها الحلبي!
فالحلبي لا يخشى الله في العلماء السلفيين فيرميهم بهذه الفواقر التي هم منها أبرياء، مستمراً في عادته في تهويل الأمور والتهويش والتحريش والتهريش .
وقد سبق في (الحلقة السادسة والسابعة) النقض بالحق لكلام الحلبي الباطل المضلل للخلق .
3- وقول الحلبي (وَكذلك؛ تَجَاوُباً مَعَ ذلك الأثر السلفي الجميل : اعدل لعدوك عدلك لصديقك”)
أقول : نحن ننتقد الأحزاب والجمعيات بحق وعدل ولا نتجاوز ما فيهم.
وهم يفترون علينا أشد ألوان الافتراءات ويشوهوننا ويشوهون منهجنا منهج السلف ! ويؤصلون الأصول الفاسدة التي تضاد المنهج السلفي وأصوله وأنت تدافع عنهم بالأصول الفاسدة والتشويهات الظالمة ! ثم ما تكفيك هذه البلايا حتى تذهب تدعي العدل والدعوة إلى العدل ! وهذا أمر لا تطلبه من الظالمين الجائرين بل تطلبه من أهل الحق العادلين ! فأي ظلم هذا الذي أنت واقع فيه !!
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } .
وبهذا يظهر أن المنهج السلفي في معاملة المبتدع لا يعني ظلمه، ولا يعني التعدي عليه، بل هو زجر له عن باطله، وتأديب له، ورحمة به ولغيره من أتباعه الذين يغويهم؛ فيضلّوا بسببه، ويستحق زيادة الإثم بسببهم ” ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها …، وكل ذلك امتثالاً لمنهج السلف كما سبق تقريره في ( الحلقة السابعة).
4- وقول الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى الذي نقله الحلبي موجه لأناس يحاربون السلفيين، ويخالفون منهجهم ويظلمونهم في خصوماتهم! كما تفعل أنت الآن يا حلبي وأتباعك فيما سميته منتدى (كل السلفيين) مع الأسف.
5- ولو أكملت كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي لعلمتَ أنك تدخل فيمن حذرهم، حيث قال حفظه المولى عز وجل ” … وَإِنَّنِي لأَخَافُ عَلَى كثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ العَوَاطِفِ العَمْيَاءِ، وَالتَّبَعِيَّةِ البَلْهَاءِ أَنْ يَقَعُوا فِي اسْتِحْلاَلِ أَعْرَاضِ الأَبْرِيَاءِ مِنْ دُعاةِ السُّنَّةِ وَالحَقِّ -فَضْلاً عَنْ غَيْرِهِم مِنَ الأَبْرِياء-» انتهى .
فهذا يصدق عليك أيها الحلبي؛ لأنك ممن تطعن في السلفيين الأبرياء، وتَتَقَوَّل عليهم ما لا يقولونه، وترميهم بالدواهي والفواقر فالله حسيبك .
6- وليس تحذير السلفيين من أهل الأهواء والبدع من الظلم الذي حذر منه الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى بل التحذير من أهل الأهواء والبدع من فروض الكفايات!
7- وأما جمعية دار البر التي يدافع عنها الحلبي فالمشهور والمنتشر في أوساط السلفيين أنها فرع لجمعية إحياء التراث الإسلامي، وتسير على خطاها، وقد كان الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في آخر حياته يحذر من جمعية دار البر، ويقول عنها حزبية، ويذكر عنها أموراً تجرحها وإليك بعض أقواله رحمه الله تعالى :
قال رحمه الله تعالى في مرض موته : إن شفانا الله فإن شاء الله أنها تموت هذه الفتنة، والله لو تمكن أبو الحسن لرمى بإخوانه هكذا, أخشى على الدعوة من جمعية البر ومن أبي الحسن انتهى
وسئل رحمه الله تعالى: بالنسبة لموضوع الأشرطة يعني أنتم لا ترون نشرها … تقصدون في الإنترنت أو حتى يعني مسألة التسجيل والبيع؟؟
الشيخ: لمن ؟
السائل : يعني أشرطة الإيمان وأشرطة جمعية البر … يعني أنتم تنصحون بعدم تسجيلها وبيعها ؟
الشيخ : أشرطة من ؟
السائل : أشرطة أبي الحسن في الإيمان وشريطه حول جمعية البر ؟
الشيخ : … لانرى بيعها جزاك الله خيراً … ولا أيضاً نشرها … وهذا يعني نحن غارقون في المشاكل … ما نفتح لنا مشاكل جديدة !
السائل : طيبإن شاء الله.
الشيخ : حفظكم الله
السائل : نحن يا شيخ نشرنا الشريط حول جمعية البر … قد نشرنا منه كمية … الشريط الذي أخرجه أبو الحسن في الدفاع عن جمعية البر قد أخرجنا منه كمية … لكن إن شاء الله نوقف الآن
الشيخ : حفظكم الله أحسنت … انتهى
وقال رحمه الله تعالى في غارة الأشرطة (2/5) : نحن بحمد لله قد تكلمنا على جمعية الحكمة والتحذير منها، وليس معناه أننا نقر جمعية الإصلاح ولا جمعية الإحسان ولا جمعية البر؛ لأنها تعترف بالانتخابات، ولأنها بين حزبية ظاهرة كجمعية الإصلاح، وبين حزبية مغلفة كجمعية الحكمة. يلومننا أن تكلمنا في جمعية الإحسان والحكمة وكذا البر ” انتهى وانظر: المجروحون عند الإمام الوادعي (131) .
وقال حسن الريمي في كتابه السهام الوادعية في نحور أقطاب الجمعيات الحزبية (60) في الحاشية : قد أظهرت جمعية البر عن حزبيتها خصوصاً في فتنة أبي الحسن المأربي “
وقال أبو عبد الله حمزة بن عون الجزائري في فتاوى العلماء في التحذير من الجمعيات لما احتوته من أضرار وبلاء (16) عن جمعية دار البر : قد تكلم فيها الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ وهكذا علماء ومشايخ اليمن ـ حفظهم الله ـ وحذروا منها , ثم إن القائم على فرعها في اليمن هو أبو الحسن المأربي المصري “
ومن رد الحلبي على الحلبي :
ما ذكره في كتابه الدعوة إلى الله (75) بقوله : المبحث السابع : الحزبية : مُخَلَّفات ونتائج :
… نذكر ها هنا قاعدة مهمة تبين وجه الحق صبيحاً، وتظهر الصواب أبلج مليحاً :
قال العلامة ابن القيمرحمه الله : إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم ؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي، ولا سيما إذا كان طريقاً مفضياً إلى ما يغضب الله ورسوله موصلاً إليه عن قرب وهو رقية له ورائد وبريد فهذا لا يشك في تحريمه أولو البصائر”
“والفقيه من نظر في الأسباب والنتائج وتأمل المقاصد”
فلنقس الحزبية من خلال هذا المنظار الدقيق !
ماذا نحن وإياكم واجدون ؟ … انتهى كلام الحلبي
أقول : صدق الإمام الألباني رحمه الله تعالى حين قال ” الجمعيات أستار الحزبيات”
فلا أدري هل الحلبي سيعمل بقول العلامة الألباني أم يفارقه كما فارقه في أمور كثيرة ؟!
وقول الحلبي (هَلْ هَكَذا يَكُونُ الاتِّهَام لِلكِرام -بِمَحْضِ الخِصَام-)
أقول : من قال الحق، ورد الباطل بالحجة والبرهان فلا يقال في مثله أنه اتهم الكرام بمحض الخصام، ولكنك يا حلبي تهرش وتهوش !
ولا أدري هل يقول الحلبي بأنهم ( كرام !!) بمليء فيه وغيره !!!
ولا أدري ما وجه كونهم كراماً ! مع محاربتهم للسلفيين ونصرتهم للحزبيين !
وليت الحلبي يوضح لنا وجه كرمهم بالنسبة له ! ويذكر لنا من كرمهم شيئاً يعلمه أكثر من غيره !!!
خامساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص49) (قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/212) مبيناً أن الهجر مشروط بتحصيل المصالح ودفع المفاسد ” فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيرا من العكس ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- لا يزال الحلبي مستمراً في التلبيس والتدليس شأنه شأن أهل الباطل الذين لا يستطيعون ترويج باطلهم إلا بالحيل والمكر.
2- فكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مراعاة المصالح ودفع المفاسد في حالة الضرورة، لا مطلقاً كما أوهمه فعل الحلبي واستدلاله. فقد قال شيخ الإسلام قبله كما في مجموع الفتاوى (28/310) في مسائل إسحاق بن منصور وذكره الخلال في كتاب السنة في باب مجانبة من قال القرآن مخلوق عن إسحاق أنه قال لأبى عبد الله من قال القرآن مخلوق ؟ قال : ألحق به كل بلية . قلت : فيظهر العداوة لهم أم يداريهم ؟ قال : أهل خراسان لا يقوون بهم .
وهذا الجواب منه مع قوله في القدرية لو تركنا الرواية عن القدرية لتركناها عن أكثر أهل البصرة ومع ما كان يعاملهم به في المحنة من الدفع بالتي هي أحسن ومخاطبتهم بالحجج يفسر ما في كلامه وأفعاله من هجرهم والنهى عن مجالستهم ومكالمتهم حتى هجر في زمن غير ما أعيان من الأكابر وأمر بهجرهم لنوع ما من التجهم فإن الهجر نوع من أنواع التعزير … لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لاندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد … إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
فظهر بهذا أن كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هذا في مسألة الضرورة لا مطلقاً !! كما أوهمت مدلِّساً يا حلبي !!
وهنا يقال لك ولأمثالك : الضرورة تقدّر بقدرها؛ لأن هجر المبتدعة واجب وخلطتهم محرّمة .
ثم لمجانبة أهل البدع مصالح وفوائد عديدة أذكر في هذه العجالة بعضها :
هجر أهل البدع فيه إكرام للدين:
أخرج ابن وضاح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ” من أحب أن يكرم دينه فليعتزل مجالسة أصحاب الأهواء؛ فإن مجالستهم ألصق من الجرب”
مصلحة حفظ الدين بإحياء السنن وإماتة البدع :
قال المعلمي صدع الدجنة ” قد تدبرت أنواع الفساد، فوجدت عامتها نشأت عن إماتة السنن، أو إقامة البدع، ووجدت أكثر المسلمين يبدو منهم الحرص على إتباع السنن واجتناب البدع، ولكن التبس عليهم الأمر، فزعموا في كثير من السنن أنه بدعة، وفي كثير من البدع أنه سنة.
وكلما قام عالم فقال: هذا سنة، أو هذا بدعة، عارضه عشرات، أو مئات من الرؤساء في الدين الذين يزعم العامة أنهم علماء، فردوا يده في فيه، وبالغوا في تضليله والطعن فيه، وأفتوا بوجوب قتله، أو حبسه، أو هجرانه، وشمروا للإضرار به وبأهله وإخوانه، وساعدهم ثلاثة من العلماء، عالم غال، وعالم مفتون بالدنيا، وعالم قاصر في معرفة السنة، وإن كان متبحراً في غيرها”
مصلحة المهجور نفسه بأن تخمد فتنته ويرتدع عما هو عليه من باطل.
أخرج الآجري في الشريعة عن أيوب أنه قال ” لست براد عليهم أشد من السكوت”
مصلحة المهجور نفسه بأن لا يكثر أتباعه على باطله فيبوأ بإثمهم جميعاً.
أخرج العقيلي في الضعفاء عن أبي صالح الفراء قال حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن ؟
فقال ذاك يشبه أستاذه يعنى الحسن بن حيي
قال قلت ليوسف أما تخاف أن تكون هذه غيبة
فقال لِمَ يا أحمق أنا خير لهؤلاء من أمهاتهم وآبائهم أنا أنهي الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتبعتهم أوزارهم ومن أطراهم كان أضر عليهم”
مصلحة المهجور نفسه بأن لا يغتر بما عنده من البدع بكثرة أتباعه أنه على الحق فيستمر على باطله.
مصلحة الهاجر نفسه بأن يحمي نفسه وقلبه من أفكار وضلالات أهل البدع.
أخرج الآجري في الشريعة عن ابن عباس أنه قال ” لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلوب”
وأخرج ابن أبي زمنين في أصول السنة عن مصعب بن سعد أنه قال ” لا تجالس مفتوناً، فإنك منه على إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه”
وأخرج الدارمي عن أبي قِلَابَةَ أنه قال ” لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ ولا تُجَادِلُوهُمْ فَإِنِّي لَا آمَنُ أن يَغْمِسُوكُمْ في ضَلَالَتِهِمْ أو يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ ما كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ”
وأخرج ابن سعد في الطبقات أنه دخل رَجُلَانِ من أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ على بن سِيرِينَ فَقَالَا يا أَبَا بَكْرٍ نُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ قال لَا قالا فَنَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً من كِتَابِ اللَّهِ قال لَا لِتَقُومَانِ عَنِّي أو لَأَقُومَنَّ قال فَخَرَجَا فقال بَعْضُ الْقَوْمِ يا أَبَا بَكْرٍ وما كان عَلَيْكَ أن يقرأ عَلَيْكَ آيَةً من كِتَابِ اللَّهِ تعالى قال إني خَشِيتُ أن يقرأ عَلَيَّ آيَةً فَيُحَرِّفَانِهَا فَيَقِرُّ ذلك في قَلْبِي”
قال الآجري في الشريعة ” إن قال قائل فإن كان رجل قد علمه الله – تعالى – علماً فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين ينازعه فيها ويخاصمه ترى له أن يناظره حتى تثبت عليه الحجة ويرد عليه قوله ؟
قيل له هذا الذي نهينا عنه وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين !
فإن قال فماذا نصنع ؟
قيل له إن كان الذي يسألك مسألته مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة وقول الصحابة وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم
وإن كان يريد مناظرتك ومجادلتك فهذا الذي كره لك العلماء فلا تناظره واحذره على دينك كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعاً
فإن قال فندعهم يتكلمون بالباطل ونسكت عنهم ؟
قيل له سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين “
أخرج ابن بطة في الإبانة عن مفضل بن مهلهل أنه قال ” لو كان صاحب البدعة إذا جلست إليه يحدثك ببدعته حذرته، وفررت منه، ولكنه يحدثك بأحاديث السنة في بدو مجلسه، ثم يدخل عليك بدعته، فلعلها تلزم قلبك، فمتى تخرج من قلبك”
مصلحة الهاجر نفسه بأن لا يكون فتنة لغيره بدلالته على أهل البدع بتكثير سوادهم.
في الشريعة للآجري : سأل أبو طالب الإمام أحمد عمن يقول في القرآن (ليس هو مخلوقاً) إذا لقيه في الطريق وسلم أيرد عليه السلام ؟
فقال الإمام أحمد : لا تسلم عليه! ولا تكلمه! كيف يعرفه الناس إذا سلمت عليه! وكيف يعرف هو أنك منكر عليه! فإذا لم تسلم عليه عرف الذل وعرف أنك أنكرت عليه وعرفه الناس”
وقال قوام السنة الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة ” ترك مجالسة أهل البدعة ومعاشرتهم سنة لئلا تعلق بقلوب ضعفاء المسلمين بعض بدعتهم وحتى يعلم الناس أنهم أهل البدعة ولئلا يكون مجالستهم ذريعة إلى ظهور بدعتهم”
وسئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – كما في شرح فضل الإسلام : الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟
فأجاب سماحته: نعم ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم وهو داع إليهم، هو من دعاتهم نسأل الله العافية”
مصلحة الهاجر نفسه بأن يسلم من أذاه :
أخرج ابن أبي زمنين في أصول السنة عن مصعب بن سعد أنه قال ” لا تجالس مفتوناً، فإنك منه على إحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتبعه، وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه”
مصلحة عامة الناس بأن يبتعدوا عن أهل البدع .
قال ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير ” أهل البدع والضلال ومن تشبه بالعلماء وليس منهم، فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم “
وهناك أيضاً مصالح أخرى ، ومفاسد من مخالطتهم ومجالستهم.
أقول : هذا في هجر أهل السنة لأهل الأهواء هذا إن حصل من أهل السنة إلا أن الواقع أن أهل التحزب والأهواء هم الذين يبدؤون بهجر أهل السنة والتنفير منهم وتشويههم بالشائعات الظالمة القائمة على الكذب والفجور هذا ما يفعله الإخوان المسلمون والقطبيون ومن تابعهم من المتسترين بالسلفية المجندين لحماية رؤوس الأخوان كالبنا وسيد قطب والمودودي والغزالي .
هؤلاء المجندون هم أمثال عدنان عرعور والمغراوي أبي الحسن المأربي المصري ومحمد حسان ومن سلك مسالكهم .
هؤلاء وأتباعهم هم الذين يبدؤون بهجر أهل السنة ومحاربتهم بالأكاذيب والشائعات الظالمة ثم يتباكون ويوهمون الناس أن أهل السنة يظلمونهم ويهجرونهم ثم ما يكتفي هؤلاء بهذه الأعمال الظالمة فيقومون بتأليف الكتب التي يحرفون فيها منهج السلف وأصوله في الهجر ! والسلف ومنهجهم في وادٍ وهم في وادٍ .
وما كتاب الحلبي الذي سماه منهج السلف الصالح إلا امتداداً لأعمال هؤلاء ولمؤلفاتهم وما كتبه إلا حرباً على أهل السنة وحماية وانتصاراً لهذه الأحزاب ودوراناً في فلكهم وكل ذلك تحت ستار منهج السلف الصالح وهو منهم براء .
سادساً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص50) (قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (3/303-مؤسسة الرسالة) ” ومن فوائد يوم الحديبية : أن المشركين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمة من حرمات الله تعالى أجيبوا إليه وأعطوه وأعينوا عليه وإن منعوا غيره فيعاونون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ويمنعون مما سوى ذلك فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى مرض له أجيب إلى ذلك كائناً من كان ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه وهذا من أدق المواضع وأصعبها وأشقها على النفوس)
وعلق الحلبي في الحاشية على قول ابن قيم الجوزية (أعينوا عليه) في الحاشية رقم (1) بقوله (أخشى أن يأتي متسرع وبالباطل متدرع ليتهم الإمام ابن القيم رحمه الله بالتهاون والتمييع و… و…) . انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي يترك كلام السلف الواضح البين في هجر أهل البدع وعدم التعامل معهم، ويبحث هنا وهناك ليقف على قول لعالم يؤيد مشربه في الظاهر، وهذا ليس دأب وشأن مريد الحق، بل هو شأن من اتبع هواه .
2- ثم كلام الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في بيان ما يصلح للإمام أن يعمله، وليس لآحاد الرعية، وفرق بينهما عند أهل الفقه والفهم لا أهل التشغيب والسقم.
3- وفي كلام ابن قيم الجوزية ما يرد على استدلال الحلبي! فتأمل قول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى إذ يقول :
– (طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمة من حرمات الله)
أي طلبوا من ولي الأمر الذي بيده مراعاة المصالح العامة والنظر فيها .
لا من آحاد الرعية.
ويعانون في أمر فيه مصلحة لإقامة شرع الله، ولا يفتح الباب لهم بالكلية ، ويؤكده قوله .
– (وإن منعوا غيره، فيعانون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى لا على كفرهم وبغيهم ويمنعون مما سوى ذلك ).
مما يدل أنهم لا يعانون على أمر لا مصلحة فيه وإن كان مشروعاً فضلاً من أن يعانوا على باطلهم ويتركون دون منع وردع .
فالحاصل أنهم يجابون من ولاة الأمور فيما فيه مصلحة عظمى للإسلام والمسلمين وفيما فيه تعظيم لحرمات الله وعند الضرورة لا في كل الأحوال كما يريده الحلبي ومن على دربه يسير !!
ولا شك أن ما حصل من هذه الجمعية من أضرار جسيمة وفتن ومحن لأهل السنة يكفي من كان بصيراً وفقيهاً وسلفياً حقاً وصدقاً أن يحرم التعامل معها ولا يقيسها بكلام ابن قيم الجوزية مع الفارق السحيق بينهما .
وأنا أريد أمثلة من الحلبي فيها بيان ما حرمات الله التي يدعو إليها أهل البدع والأهواء حتى يلام أهل السنة إذا لم يستجيبوا لهم !
وأقول للحلبي : لا يدعو أهل الأهواء : أهل السنة إلا إلى البدع والضلال فيضطر أهل السنة إلى رد باطلهم والتحذير منه، وهذا من أوجب الواجبات على أهل السنة؛ لأنه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا يغيظ أهل الأهواء وحماتهم .
4- وأما تعليق الحلبي بقول (أخشى أن يأتي متسرع وبالباطل متدرع ليتهم الإمام ابن القيم رحمه الله بالتهاون والتمييع و… و…)
أقول : هكذا يسخر الحلبي من بعض المشايخ السلفيين، ويرميهم بالتسرع في القول ورمي البراء بالباطل، بينما يكيل الثناء والتمجيد للمخالفين للسلفيين !!
وقد سبق في (الحلقة السادسة) نقض اتهامه الباطل للمشايخ السلفيين بهذه الفرية .
سابعاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص50) ( كلام هذين الإمامين الجليلين أحدهما يتكلم على التعاون مع من فيه بدعة والآخر يتكلم على التعاون مع أهل البدع. فلئن لم نقبل الأخيرة مع قوله لها وإقراره لها فلن نرد الأولى لمجرد التهويش مع حرصنا على الضوابط الشرعية لذلك ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً فيما نحن فيه) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- الحلبي للأسف الشديد يُقَوِّل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه النجيب ابن قيم الجوزية كلاماً لم يقولاه، وقد سبق نقض استدلال الحلبي بكلام هذين العلمين.
2- بل اتهم الحلبي ابن قيم الجوزية بأنه يقول ويقر التعاون مع أهل البدع! وهذه طعنة شديدة في ابن قيم الجوزية أحد أئمة السنة في عصره هو منها براء وكتبه وأقواله ومواقفه وثناء الأئمة عليه شاهدة له بذلك.
فانظر : من الذي يستحق الرد لباطله بالحق (دَفْعاً لِلتَّقَوُّلِ وَالتَّقْوِيل، وَرَدًّا لِلظَّنِّ وَالأَقَاوِيل، ونقضاً لما قد يكون بغير حق سبباً للإرجاف والتهويل) أنت أم السلفيون الصادقون الناصحون الأمناء .
3- وكلام الأئمة مبني على الدليل والحجة والبرهان، لا على التهويش، وهل يصح أن تصف كلام أهل العلم بهذا الوصف القبيح الذي يصدر من أمثالك وأشكالك وأحزابك الذين تدافع عنهم وتتمحل لهم بالباطل .
4- وأما ادعاؤك بأنك حريص على الضوابط الشرعية، فأنت وأمثالك في منهجكم الأفيح الجديد من أبعد الناس عن الضوابط الشرعية، كما نص على ذلك أهل العلم، ولو قلت يا حلبي (مع حرصنا على تضييع الضوابط الشرعية) لكان لحالك أصدق.
ثامناً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص51) (وَلَمْ أَقُلْ هَذا -كُلاًّ وَبَعْضاً- دِفَاعاً عَنْ مُبْتَدِعَة، وَلاَ تَرْوِيجاً لِبِدْعَة! مع التخطئة لبعض ممارساتهم التي أرى فيها مخالفة الحق والصواب كما تقدم …
أما أن نبدعهم ثم نبدع من يتعامل معهم! أو نسقطه ! فهذا أمرٌ لا نضعه في أعناقنا، ولا نرتضيه لأنفسنا : أن نقابل به ربنا “والظلم ظلمات”
ومن أبى ذلك منَّا فليفعل هو ما يريد كما يريد!!
{وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}
وَرَسُولُنا ﷺ يَقُول: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيه بِالغَيْبَة: كَانَ حَقًّا عَلى الله أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّار» [«غَايَةُ المَرَام» (431)].
… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ.) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- من أراد أن ينفي عن نفسه الباطل يثبت أولاً براءته منه؛ بأن يقول ويعمل بخلافه ثم يتبرأ منه! حينها يصح له أن يقول: أنا بريء من الباطل .
2- أما الحلبي فبخلاف ذلك : حيث يقرر الباطل ويدافع عنه ويطعن في أهل الحق قولاً وفعلاً ! ثم يقول أنا بَراء من الباطل والوقوع فيه !!!
وهذا إما من شدة تلبيسه وتدليسه !
وإما من خلل في عقله وتفكيره فيقرر الباطل ويتبرأ منه .
وصدقاً : كلامك يا حلبي يصدق عليه كاد المريب أن يقول خذوني .
3- وكلام الحلبي هذا قائم على القاعدة الباطلة نصحح ولا نجرح.
4- وتهويش الحلبي بقوله (أما أن نبدعهم ثم نبدع من يتعامل معهم! أو نسقطه !)
أقول : العلماء السلفيون في منهجهم عموماً لا يخرجون عن منهج سلفهم الصالح خصوصاً في باب التعامل مع أهل البدع .
واتهامك لهم بالباطل قد سبق رده في الحلقة السادسة لكني سأنقل هنا بعض النصوص التي تدل على أنك من أبعد الناس عن الضوابط الشرعية في مسألة معاملة أهل البدع :
قال ابن عون ” من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع ” أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/473رقم486).
وسأل أَبُو دَاوُد الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ” أَرَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَتْرُكُ كَلَامَهُ ؟
فقَالَ : لَا أَوْ تُعْلِمُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْته مَعَهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ فَكَلِّمْهُ، وَإِلَّا فَأَلْحِقْهُ بِهِ”أخرجه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/160).
وقد سئل الشيخ ابن باز – رحمه الله – كما في شرح فضل الإسلام (10) : الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم هل يلحق بهم؟
فأجابسماحته: نعم ما فيه شك من أثنى عليهم ومدحهم هو داع إليهم، هو من دعاتهم نسأل اللهالعافية”
5- وقول الحلبي (فهذا أمرٌ لا نضعه في أعناقنا، ولا نرتضيه لأنفسنا : أن نقابل به ربنا “والظلم ظلمات” )
أقول : سبحان الله أنت رضيت بما هو أكبر ذلك! أما رضيت بالطعن الشديد الغادر الكاذب في بعض العلماء السلفيين.
أما رضيت بالثناء على أهل البدع والأهواء والمحاربين للمنهج السلفي .
أما قعدت القواعد الباطلة لحرب أهل السنة ونصرة أهل البدعة .
ما هذا الورع البارد، والتقوى في غير محلها.
وقول الحلبي ( ومن أبى ذلك منَّا فليفعل هو ما يريد كما يريد!!
{وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}
(وَرَسُولُنا ﷺ يَقُول: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيه بِالغَيْبَة: كَانَ حَقًّا عَلى الله أَنْ يُعْتِقَهُ مِنَ النَّار» [«غَايَةُ المَرَام» (431)].
… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ. )
أقول : الحلبي لا يستحي أن يتكلم بمثل هذا الأسلوب التهكمي مع أهل العلم !!
وهل العلماء السلفيون عندما كشفوا عوار جمعية إحياء التراث ومن يدافع عنها، بنوه على أهوائهم وما يحلو لهم أم أن كلامهم مبني على المنهج السلفي الواضح الناصح الأمين الذي لا غش فيه ولا تدليس ولا تلبيس .
ثم إن العلماء السلفيين من أشد الناس ورعاً وتقوى وخوفاً من الله فلا يتكلمون إلا بعلم وحلم وحكمة ودراية بحمد الله تعالى. وحالهم كما وصفهم الذهبي رحمه الله تعالى في سير أعلام النبلاء (11/82) بقوله ” نحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل لكن هم أكثر الناس صواباً وأندرهم خطأ وأشدهم إنصافاً وأبعدهم عن التحامل” انتهى .
ثم هل كلام العلماء السلفيين في أهل الأهواء والمنحرفين يعد من الغيبة !!!
أين حرصك على الضوابط الشرعية المزعوم أم أنه كلام يخالفه الفعال، ومن باب آخر : على حسب مصلحتك !!!
فالسلفي الصغير المبتدئ يعرف أن الكلام في أهل الانحراف ليس من الغيبة بل هو من النصيحة : قال ابن أبي زمنين في أصول السنة (293) لم يزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبة لهم، ولا طعناً عليهم”
وقال ابن رجب في شرح العلل (1/348) الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن، مما لا يجوز قبوله. وقد ظن بعض من لا علم عنده أن ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإن ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة، ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور، جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى”
وقال ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير (2/407-المجموع) ” أهل البدع والضلال ومن تشبه بالعلماء وليس منهم؛ يجوز بيان جهلهم، وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم”
ونحن نذكر الحلبي في طعنه في بعض المشايخ السلفيين وفي الشباب السلفي بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق” (صحيح الترغيب رقم 2833).
وبقوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال” (صحيح الترغيب رقم 2845) .
وأما قول الحلبي (… وظنُّنا بربِّنا حَسَنٌ. )
فنقول له : ونعم بالله ! ولكن كما قال تعالى { إن تنصروا الله ينصركم } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس (احفظ الله يحفظك) .
وحديث أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” أَيُّهَا الناس إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فقال { يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا من الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إني بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا من طَيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ يا رَبِّ يا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ” أخرجه مسلم في الصحيح .
وكما قال الحسن البصري : ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال من قال حسناً وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ومن قال حسناً وعمل صالحاً رفعه العمل “
أخرجه ابن المبارك في الزهد (545رقم1565) وابن أبي شيبة في المصنف (6/163رقم30351) وصححه ابن قيم الجوزية في حاشية السنن (12/294) وجود إسناده العلائي كما في فيض القدير (5/356) .
محبكم
أحمد بن عمر بازمول
الأحد بعد صلاة الظهر
الموافق 5/ 7 /1430هـ