ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةبدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة السادسة عشرة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي والتي سأكمل فيها بإذن الله تعالى مناقشة الحلبي في الملاحظة الخامسة وهي (( الثناء والتمجيد لأهل البدعويصفهم بالموحدين فهو وإن لم يذكرهمبأسمائهم إلا أنه معروف عنه الدفاع عنهم والثناء عليهم في مجالسه وفي أشرطته منأمثال محمد حسان والمأربي والمغراوي وغيرهم )) .
ولا أطيل عليك أخي القارئ فإليك البيان من كلام الحلبي مع مناقشته بالحجة والبرهان :
أولاً : قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص23-25) :
المَسْأَلَةُ الأُولَى: فتنةُ فلسطين -الدَّعْوِيَّة!- :
مِنْ أَوَاخِرِ مَا جَرَى مِنَ الفِتَنِ – بِسَبَبِ قلة العلم عموماً – والجَهْلِ بِأَسَالِيبِ (النَّصِيحَة، وَالنَّقْد، وَالتَّرْجِيح بينَ المَصَالِحِ وَالمَفَاسِد)- خصوصاً – : مَا وَقَعَ فِي فِلَسْطِين الحَبِيبَة –السَّلِيبَة – مُنْذُ بِضْعَةِ شُهُورٍ-؛ لَـمَّا أَنْكَرَ (أحدهم) عَلَى كَاتِبَ هَذِهِ السُّطُور – عَفَا اللهُ عَنْهُ- زِيارَةَ بَعْضِ الدعاة طَلَبَةِ العِلْمِ لَهُ -مِمَّن هُوَ عِنْدَهُ (!)
مُبْتَدِعٌ !-؛ إِنْكاراً شَدِيداً غَلِيظاً -جِدًّا-.
حَتَّى إِنَّ ذاك (المذكور!) – بِسَبَبِ ذَا – لَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ! وَرَفَضَ مَعِي الكَلاَم!! وَصَارَ يُلْزِمُ الآخَرِينَ بِقَوْلِهِ أَيَّمَا إِلْزَام!!! وَيَبْنِي عَلَيْهِ الهَجْرَ والتبديع وَالخِصَام!!!!
… كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُنَاصَحَةٍ، وَلاَ بَيَانٍ، وَلاَ اسْتِفْسَار، وَلاَ اعْتِبَار… )) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– الحلبي يتباكى على حال الدعوة السلفية في فلسطين وقد سبق في الحلقة الحادية عشرة من صيانة السلفي بيان شيء مما يتعلق بهذا التباكي فأنظره، وانظر أيضاً المقال الذي كتبه أخونا أبو عبدالرحمن القلمي وأنزله شبكة سحاب وغيرها بعنوان (العواصم والقواصم) ففيه كشف لشيء من حقيقة الأمر لمن أراد الوقوف عليه .
– والحلبي يُرْجِع سبب المشاكل إلى قلة العلم عموماً والجهل بأسلوب النصيحة والنقد وترجيح المفاسد والمصالح خصوصاً، لكن هل هذا هو السبب الرئيس أم أن السبب كان لأجل مخالفة منهج السلف المحقق للمصالح والمطوح للمفاسد والقبائح، فمن جاء بمنهج جديد وقواعد جديدة فقد جاء بالخلاف وفرق الشباب ! والخلاف شر.
– وقول الحلبي (لَـمَّا أَنْكَرَ (أحدهم) عَلَى كَاتِبَ هَذِهِ السُّطُور)
في النسخة القديمة المتداولة (-؛ لَـمَّا أَنْكَرَ بَعْضُ السَّلَفِيِّينَ عَلَى كَاتِبَ هَذِهِ السُّطُور)
فلا أدري لماذا غيَّره من بعض السلفيين إلى أحدهم !
الظاهر حتى لا يقف القارئ على أن المُنْكِر عليه سلفي مما يدل على مخالفة ظاهرة وقعت من الحلبي !
– وقول الحلبي (مَا جَرَى مِنَ الفِتَنِ) يفسره ما بعده من الكلام أي أن الفتن بدأت بعد إنكار ذلك السلفي على الحلبي بعض فعاله، مما يدل على أن الفتنة ليس سببها قلة العلم والجهل بأسلوب النصيحة … ولكن سببها من خالف الحق ! ولم يقبل النصيحة ! بل هاج وماج وألب العباد على السلفيين .
– وقول الحلبي ( زِيارَةَ بَعْضِ الدعاة طَلَبَةِ العِلْمِ )
أقول : هذا الداعية المبهم في كلام الحلبي هو ( محمد حسان المصري: القطبي الإخواني الضال ) .
وهل القضية كانت فقط زيارة أم أنه خطب في أحد المساجد، والحلبي (الحافظ، البحر) حضر معه الصلاة .
والسؤال لماذا أبهمه الحلبي ولم يصرح به ؟ مع أن الحلبي وصفه بأوصاف عالية في التعديل فهو عنده : “سلفي””خطيب واعظ””من دعاة التوحيد والعقيدة السلفية” ويدفع عنه البدعة والتبديع فلماذا لم يصرح باسمه ؟ أم أن الحلبي يخشى إذا ذكره باسمه أن تنكشف أوراقه ! ويظهر تلبيسه للسلفيين ! فالسلفيون الصادقون لو علموا أنه يزكي هذا الداعية لانفضوا من حوله لظهور علامة الانحراف بتزكية أمثاله . خاصة مع قول الشيخ العلامة عبيد الجابري : إن الحلبي يزكي من ليس أهلاً للتزكية !
– وقول الحلبي (زِيارَةَ بَعْضِ الدعاة طَلَبَةِ العِلْمِ لَهُ -مِمَّن هُوَ عِنْدَهُ (!)
مُبْتَدِعٌ !-؛ إِنْكاراً شَدِيداً غَلِيظاً -جِدًّا-.حَتَّى إِنَّ ذاك (المذكور!) – بِسَبَبِ ذَا – لَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ! وَرَفَضَ مَعِي الكَلاَم!! وَصَارَ يُلْزِمُ الآخَرِينَ بِقَوْلِهِ أَيَّمَا إِلْزَام!!! وَيَبْنِي عَلَيْهِ الهَجْرَ والتبديع وَالخِصَام!!!!)
أقول : قول الحلبي (ممن هو عنده) .
في النسخة القديمة المتداولة ممن هو (مِمَّن هُوَ عِنْدَهُم) بصيغة الجمع في كلمة (عنده) فما الذي غير الواقع، فصيغة (عندهم) تعني أن هذا الداعية يبدعه جماعة من الناس، ليس ذاك المُنْكِر فقط ! بينما صيغة (عنده) توهم انفراده بتبديعه ! فهل تراجع العلماء عن تبديعهم لذاك الداعية أم أن الحلبي خشي أن يظهر أن لذلك السلفي موافقين له في الحكم بابتداع صاحبه الذي يدافع عنه !!
والواقع أن محمد حسان تكلم فيه جماعة من أهل العلم وضللوه منهم الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي والشيخ العلامة عبيد الجابري !
ومن أهل بلده : الشيخ حسن البنا والشيخ محمود لطفي عامر والشيخ خالد عبدالرحمن المصري وغيرهم .
ولاحظ أخي القارئ ما في تعبير الحلبي بقوله (عنده) أو (عندهم) مما يشعر بالمفارقة؛ لأنه يقول أنا لست معكم في هذا التبديع؛ لأني أفارقكم، وهذا يؤكده حال الحلبي ومنهجه المُحْدَث الجديد المتغير…
وأما اعتبار الحلبي إنكار ذلك السلفي عليه إنكاراً غليظاً وعدم رده للسلام .. فنعم من خالف منهج السلف في معاملة أهل البدع وكان مثله لا يجهل حال ذلك المبتدع وحكم معاملة أهل البدع فضلاً أن يكون معتبراً لنفسه عالماً مبرزاً في العلم والدعوة فلا بد من الإنكار عليه كما هو حال السلف . قال البربهاري في شرح السنة (112رقم145) ” إذا رأيت الرجل جالساً مع رجل من أهل الأهواء فحذره وعرفه فإن جلس معه بعد ما علم فاتقه فإنه صاحب هوى”
وسأل أَبُو دَاوُد الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ” أَرَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَتْرُكُ كَلَامَهُ ؟
فقَالَ : لَا أَوْ تُعْلِمُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْته مَعَهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ فَكَلِّمْهُ، وَإِلَّا فَأَلْحِقْهُ بِهِ” طبقات الحنابلة (1/160) لابن أبي يعلي .
ولاحظ أخي القارئ أن هذا فيمن يجهل حال المبتدع أنه على بدعة فكيف بمن يعلم حاله وضلاله ثم هو يجالسه ويؤانسه !! بل ويدافع عنه ويصفه بالسلفية !! قال الشيخ حمودالتويجري في القول البليغ (230-231) ” هذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها علىالذين يمدحون التبليغيين ويجادلون عنهم بالباطل، فمن كان منهم عالماً بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم ويجادل عنهم؛فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاًبهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات،فإن لم يترك مدحهموالمجادلة عنهم بعد العلم بهم، فإنه يُلحق بهم ويُعامل بما يُعاملون به انتهى.
وسئل العلامة الشيخ الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى كما في الفتاوى الجلية (2/72رقم 30) ما حكم أهل السنة الذين يتبعون أهل الأهواء من إخوانية، وسرورية، وغيرهم هل يقال أنَّهم سنيون أم لا؟
فأجاب رحمه الله بقوله : من يجهل حال أهل البدع يعرَّف ويخبر وينصح، فإذا أصرَّ على متابعتهم والانسجام معهم فهو منهم، ولا يقال لمن تابعهم، وأنسجم معهم لا يقال له سني، ولا يعامل معاملة أهل السنةانتهى .
ومجالسة أهل الأهواء والبدع سبب للوقوع في حبالهم، قال ابن بطة في الإبانة (1/390) ” اعلموا إخواني أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواماً من السنة والجماعة، واضطرهم إلى البدعة والشناعة، وفتح باب البلية على أفئدتهم وحجب نور الحق عن بصيرتهم، فوجدت ذلك من وجهين :
أحدهما: البحث والتنقير، وكثرة السؤال عما لا يعني، ولا يضر العاقل جهله، ولا ينفع المؤمن فهمه .
والآخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته، وتفسد القلوب صحبته” انتهى
وقال ابن بطة أيضاً في الإبانة (2/470) ” الله، الله معشر المسلمين، لا يحملن أحداً منكم حسن ظنه بنفسه، وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء، فيقول : أداخله لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه، فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم، ويسبونهم، فجالسوهم على سبيل الإنكار، والرد عليهم، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر، ودقيق الكفرحتى صبوا إليهم” انتهى .
قلت وهذا عين ما حصل للحلبي، قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى : علي الحلبي عفا الله عنا وعنه وأصلح الله حالناوحاله ومآلنا ومآله أصبح الآن يتلاعب، وأنا والله أخشى أنه تأثر بفكر الأخوان أنهخالطهم وأثر عليه الأخوان وما استطاع أن يظهر هذا في حياة شيخهم الإمام العلامة شيخناصر رحمه الله ما استطاعوا أن يظهروا هذا فلما رحل شيخهم الذي فقده أهل الإسلامالعارفون بقدره وبقدر أهل العلم والفضل أظهروا ماعندهم انتهى .
فمن جالس أهل الباطل لا بد أن يتأثر بهم! قال الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : الذي يجالس أهل الباطل لا بدّ أن يتأثررغم أنفه , مهما ادعى لنفسه لابدّ أن يتأثر لأنّ الرسول الصادق المصدوق عليه الصلاةوالسلام حذّر وقال (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير , فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة, ونافخالكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) يعني الجليس الصالح ما شاءالله له واحد من ثلاث حالات كلها خير مثل حامل المسك :
فإما أن يحذيك ويقدم لك هدية تفضل ؛طيّبك ؛ يقدم لكعلبة ؛ يعطيك و إما أن تبتاع منه أي تشتري منه ؛ استفدت منه و هذا خير لم تشترِخمراً ولا شيئاً محرماً بل اشتريت شيئاً طيباً يحبه الله عز وجل مطلوب منك في الصلاة مطلوب منك عند دخول المساجد فهذا استفدت منه, و إما تجد منهريحاً طيبة و هذا خير؛ فكذلك الجليس الصالح لابد أن تستفيد منه في كل أحواله : علماً وأدباً وعملاً .
وجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد منه ريحا منتنةيمكن يصيبك بسرطان أو مرض أو أي شيء و العياذ بالله .
فجليس السوء لابدّ أنينالك منه سوء وشر , ( والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) (الأخلاءيومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) هل أهل الأهواء والبدع ليسوا من هؤلاء عندك ؟ الآيات ولأحاديث تحذّر و أنت تقول : إلا أمشي معهم وأجالسهم !
مَنْ أعطاك العصمة ؛ إذا كان الرسولعليه الصلاة والسلام يحذّر الصحابة والسلف الذين كانوا أئمة مثل الجبال يسدون آذانهم ولايريدون أن يسمعوا لأهل البدعانتهى
ولا يقال : إن من كان مؤصلاً لا يخشى عليه من أهل البدع، فقد كان السلف مع علمهم وتقواهم وورعهم يخشون على أنفسهم من سماع نصوص القرآن والسنة من أهل البدع فقد دخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء فقالا : يا أبا بكر نحدثك بحديث ؟ قال: لا. قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله ؟ قال: لا. قال: تقومان عني، وإلا قمت. فقام الرجلان فخرجا، فقال بعض القوم: ما كان عليك أن يقرأ آية ؟ قال : إني كرهت أن يقرأ آية فيحرفاها فيقر ذلك في قلبي” أخرجه الدارمي في السنن (1/120رقم397) والفريابي في القدر (249رقم373) .
وسئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : إذا نُصِح بعض الإخوة بعدم مماشاة أهل البدعو مجالستهم أجاب بقوله : أنا مؤصل ,فما قولكم ؟
فأجاب حفظه الله : نقول له : لو كنت مؤصلاًما مشيتمعهم, لو كنت مؤصلاً وعرفت منهج السلف وعرفت المخاطر التي تتعرض لها وعرفتالضحايا من أمثالك الذين كانوا مغرورين مثلك والله لو كنت كذلكما مشيت مع أهلالبدع .
ويمشي الكثير مع أهل البدع بحجة أنه ينفعهم !يا أخي لم يستفيدوامن العلماء فكيف يستفيدون منك؟!!
يرفضون قول ابن باز وأقوال الألباني وابنعثيمين رحمهم الله وغيرهم من أئمة الإسلامويقبلون منك ؟!!
هذا هوس, ثمإن تسعة وتسعين بالمائة أنك ستصبح من أذنابهم انتهى .
وقول الحلبي (كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُنَاصَحَةٍ، وَلاَ بَيَانٍ، وَلاَ اسْتِفْسَار، وَلاَ اعْتِبَار… ))
أقول : إن كان مراد الحلبي أن هذا السلفي أنكر عليه في هذا الأمر خاصة مباشرة دون نصيحة فصحيح لكن هل ينكر الحلبي أن هذا السلفي كان يناصحه من قبل، وهل مثلك يجهل حال الرجل! وهل تقبل يا حلبي النصيحة والبيان ! ألم يبين لك المشايخ ذلك تكراراً ومراراً فلم تقبل ولم تنصع للحق !
فلماذا تطلب منه أن يناصحك ويبين لك وأنت لا تقبل ! هل هذا فقط للدفاع عن نفسك والذب عن حالك !
ثم ما أنت عليه لم يقع منك خطأ غير متعمد ! بل هو منهج تسير عليه في تزكية أهل البدع المنحرفين فما مواقفك المخزية المردية من (عرعور والمغراوي والمأربي والحويني) وغيرهم بخافية على لبيب .
وقولك (ولا استفسار) .
أقول: الأمر كان واضحاً جلياً فمثلك لم يقع فيه عن خطأ بل عن منهج تسير عليه .
وقولك (ولااعتبار) .
أقول: من خالف الحق متعمداً لا اعتبار له ولا قيمة ! والحلبي يعظم نفسه ويعطيها فوق حجمها كما هو معلوم عنه . فأهل العلم أنكروا على العلماء الذين هم فوق الحلبي بمراحل بل لم يدرك الحلبي شأوهم ولا مرتبة أدناهم …
فمن ذلك ما نقله ابن هانئ النيسابوري في مسائله (2/154رقم1865) عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال ” أخزى الله الكرابيسي لا يجالس ولا يكلم ولا تكتب كتبه ولا نجالس من جالسه، وذكره بكلام كثير ” انتهى
فالكرابيسي كان من العلماء الفقهاء المحدثين لكنه خالف منهج السلف فحذر منه الإمام أحمد مباشرة ونهى عن مجالسته ومجالسة من يجالسه .
هكذا كان أئمة السنة في معاملة أهل البدع ومن يتهاون معهم ويجالسهم ويميع قضيتهم فضلاً عن أن يدافع عنهم ! قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى : القاعدة العامة عند أهل السنة في الإلحاقبالمبتدعة تنحصر فيمن يدافع عن أهل البدع ويسوغ لهم ويعتذر لهم مع علمه بأنهم علىضلال ! هذه خلاصتها فلا يصدر هذا إلا من صاحب هوى في الغالب وإن أظهر التستر بالسنة؛لأنه يخشى سطوة أهل السنة لكنه هو صاحب هوى.
وقد يكون جاهل من الجهال يحبالخير وليس عنده فرقان, فيظن أن سيد قطب وحسن البنا و المودودي و النـَّدْوِىوفتحي يَكَنْ ويوسف بن عبد الله القرضاوي المصري المقيم حالياً في قطر نسأل الله أنيطهر قطر منه ومن كل ذلول مبتدع قد يظنهم علماء ولكن هذا إن كان صادقاً جاداً فيمايدعيه أن طُلْبته الحق سيرفع يده عن هؤلاء ويتبرأ منهم إذا بُيِّن له وإن كان كاذباًفسيبقى على ما هو عليه نحوهم من الدفاع عنهم والاعتذار لهم وتبرير أخطائهم وتسويفها وحينئذٍ يلحق بهم ولا كرامة عين … انتهى
ثانياً : علق الحلبي (ص23) في الحاشية رقم (1) على قوله (ما وقع في فلسطين الحبيبة السليبة) بقوله ((وَلَقَدْ ذَكَّرَنِي صَنِيعُ هَؤُلاءِ -هَكَذا- بِمَا قَالَهُ فَضِيلَةُ الشَّيْخ ربيع بن هادي -حَفِظَهُ الله-رَدًّا عَلَى مَنْ شَنَّعَ عَلَى بَعْضِ العُلَمَاءِ سُكُوتَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ البَيَانِ -قَائِلاً- فِي بَعْضِ «نَصَائِحِهِ»-:
«هُوَ لَمْ يَسْكُتْ جُبْناً وَلا غِشًّا، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْ أَسْئِلَةِ أُنَاسٍ لَهُم أَغْراضٌ وَمَقَاصِدُ سَيِّئَة؛ مِنْهَا: إِسْقَاط أُنَاسٍ فِي بَلَدِهِم هُمْ أَمْثَلُ النَّاس، وَبِإِسْقَاطِهِم تَنْتَهِي الدَّعْوَةُ السَّلَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ البَلَد”
قُلْتُ: وهذا عَيْنُ مَا جَرَى فِي فِلَسْطِين -وَانْجَرَّ إِلى غَيْرِهَا مِن بَعْضِ بلدان المسلمين-.)).
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في سلفي وقع في خطأ غير متعمد ولا مبني على منهج مخالف للسلف يسير عليه فأراد إسقاطه أهل الغلو من الحداديين وأذنابهم ! وليس كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي في الدفاع عن المنحرفين تعمداً عن منهج السلف الصالح .
– ثم من المضحك التشبيه الذي حاوله الحلبي حيث :
نزل نفسه منزلة العالم الذي سكت عن شيء من البيان .
ونزل ذلك السلفي منزلة من يسأل لأغراض ومقاصد سيئة لإطاحة محمد حسان .
ونزل (محمد حسان) منزلة من يراد إسقاطه وهو أمثل من في بلده وبسقوطه تنتهي الدعوة في تلك البلدة .
– وهذه التشبيه المفتعل الذي بناه الحلبي على خياله الواسع أو منهجه الأفيح : باطل منقوض، فهناك فارق سحيق عميق بين الأصل من كلام الشيخ ربيع وبين التشبيه من كلام الحلبي.
– وبيانه أن يقال : أنت يا حلبي لست من العلماء الذين يحق لهم تقدير المصالح والمفاسد، وأن يكونوا مرجعاً للشباب السلفي، لا علماً ولا منهجاً ولا أمانة.
– وأما السلفي الذي أنكر عليك فهو لم يُرِدْ أن يسقط محمد حسان؛ لأنه ساقط عند العلماء ! وأيضاً هو لم يسألك ! بل أنكر عليك !
– وأما الداعية (محمد حسان) فهل هو أمثل من في بلده ! سبحان الله : أين الشيخ حسن البنا والشيخ خالد عبدالرحمن المصري والشيخ أبو عبدالأعلى المصري وغيرهم .
وهل بسقوط محمد حسان تسقط الدعوة السلفية في مصر !
الله أكبر ما هذا التلبيس والتدليس والغش المشين !
أنت لست صادقاً ولا ناصحاً أميناً.
بل لو قلت: إن استمرار محمد حسان في مصر قد يؤدي إلى سقوط المنهج السلفي في مصر – ولو لم وجد غيره – ؛ لأنه حرب على المنهج السلفي وأهله كما سيأتي إن شاء الله تعالى : لأصبت كبد الحقيقة . قال الشيخ صالح الفوزان في ظاهرة التبديع والتفسيق (73) ” لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛ لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة. والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، وعن الثناء عليهم، ومن مجالستهم، والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلاَّل لا يخلون من شيء من الحق؛ ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة، فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛ لأن في هذا ترويجاً للبدعة، وتهويناً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ويكونون قادة للأمة – لا قدَّر الله – فالواجب التحذير منهم” انتهى .
ثالثاً : علق الحلبي (ص23) في الحاشية رقم (2) من كتابه المسمى بـمنهج السلف الصالح على قوله (زيارة بعض الدعاة من طلبة العلم) بقوله (وبعضُ الناس ينقُلُ عنِّي (!) دون روية ولا تثبت أنِّي أقولُ عن هذا الأخ – غلواً – : إمامٌ في السَّلَفِيَّة!
وهذا لم يكُنْ -قطُّ!-؛ والواقعُ أنني أَعْرِفُهُ مُنْذُ سِنينَ -عَنْ قُرْبٍ- واعظاً ناجحاً داعياً إلى منهج السلف وعقيدة السلف – بارك الله فيه -، وَإِنَّمَا أَدْفَعُ عنه البدعةَ والتبديعَ، وذلك من باب “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً” كما رواه البخاري عن أنس !
فضلاً عن أنْ يكونَ كلامِي عنهُ -كما قد يُتَوَهَّمُ-شُغْلِيَ الشَّاغِل!
وَلاَ يَنْجُو مِنَ الخَطأ إِنْسَان -كَائِناً مَنْ كَان- سِوَى مَنْ عَصَمَهُ رَبُّنَا الرَّحْمَن والله المستعان ..)
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– عادة الحلبي التهويل في الموضوع وإعطاؤه أكبر من حجمه وإخراجه عن موطن الخلاف؛ ليخرج الحلبي نفسه من مأزق تزكية أهل البدع، فهو يقول : نعم أنا زكيته إلا أني لم أبالغ وأغلُ في التزكية بل زكيته باعتدال.
– بينما حقيقة الأمر أن الحلبي يعتبر غالياً في تزكيته لمحمد حسان ولو لم يصفه بالإمام فمجرد أنه دافع عن محمد حسان مع علمه بحاله وأنه قطبي كافٍ في إثبات غلوه في تعديله . فكيف وهو يصفه بالسلفية عقيدة ومنهجاً وأنه خطيب ناجح !!!
– وقول الحلبي ( والواقعُ أنني أَعْرِفُهُ مُنْذُ سِنينَ -عَنْ قُرْبٍ)
أقول : وهذه المعرفة شاملة لما كتبوا وما قالوا من البدع كما صرح بذلك الحلبي حين سئل: ما رأيكم في المخالفين لمنهج أهل السنة كالحويني والمغراويوالمأربي وعرعور؟
فأجاب بقوله : أنا أقول إن هؤلاء أنا أعرفهم منذ سنوات بعيدة، وقرأت ما كتبوا وسمعت ما قالوا، أناأعلم أن عندهم أخطاء وبعض هذه الأخطاء قد لا يكون قليلاً …انتهى
فقولك هذا حجة عليك يا حلبي؛ فأنت تعرفه وتعرف ما عنده من حزبيات وضلالات من سنين وعن قرب ووصفته سابقاً بأنه (قطبي)، بل ذكرت محمد حسان في تكملة المئوية السلفية كما في الرد البرهاني (ص251-252):
للشيخ بل للنهـج بل لدعـاتـه *** جمــع غثاء السيل قـل : كالأزبــد
(ثالوث) حقد والجهالة مركب *** هــم كالغريــق بلجـــة وتفـــرد
حقاً تركت بمثل هـذا منهجـاً *** هو منهج السلف الصحيح الأرشد
فمن كانت هذه معرفته وتلك تزكيته فلا شك أنه يلحق بمن زكاه ولا كرامة كما هو منهج السلف.
وقولك يا حلبي (فضلاً عن أنْ يكونَ كلامِي عنهُ -كما قد يُتَوَهَّمُ-شُغْلِيَ الشَّاغِل!)
أقول : هو تلبيس منك؛ لتصرف القارئ عن موطن مخالفتك فلم يقل أحد أن شغلك الشاغل هو تزكية محمد حسان بل لم يقع هذا منك في الألباني حتى يقع منك في محمد حسان إلا في حالة الدفاع عن نفسك فتلهج بذكر الألباني .
فموطن المخالفة منك أيها الحلبي هي تزكيتك لمحمد حسان الإخواني! ولو صدرت منك التزكية لمحمد حسان مرة واحدة ولم تتراجع عنها : لكان كافياً في إدانتك بها ! فكيف وأنت قد زكيته في مجالس متعددة؛ لا لتزكيه فقط بل لتدفع عن نفسك تهمة تزكية أهل البدع .
– وقولك يا حلبي (وَإِنَّمَا أَدْفَعُ عنه البدعةَ والتبديعَ، وذلك من باب “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً” كما رواه البخاري عن أنس !)
أقول : كل العلماء السلفيين يدفعون البدعة والتبديع عن الأبرياء الذين لم يقعوا في البدعة، بل حتى من وقع في المخالفة خطأ دون تعمد لا يبدعونه كما سبق في الحلقة الثامنة .
والعلماء إنما يتكلمون على من يستحق النقد والجرح بحق، قال الشيخ النجمي رحمه الله تعالى في الفتاوى الجلية (21-23) … إن أهل العلم عندما يقولون عن قوم بأنهم مبتدعة فإنهم لا يقولون هذا اعتباطاً، وإنما يقولونه بأمور استندوا إليها، إما من إقرارهم وإما من كلام من صحبهم وتركهم وإما، وإما .. أمور استفاضت عنهم وتوالت عليها إثباتات كثيرة … انتهى
وتنزيلك للحديث على من بدع محمد حسان فيه اتهامٌ لهم بأنهم ظلموا الرجل بتبديعه، والواقع أن (محمد حسان) هو الذي ظلم نفسه بسلوكه منهج المخالفين وابتداعه في الدين .
وهل ما وقع فيه محمد حسان من بدع وضلالات يستحق الدفاع عنه والنصرة له!
فمحمد حسان له علاقة وطيدة حميمة بجمعية إحياء التراث الإسلامي .
وقد أثنى على أعيانممن لديهم انحراف عقدي ومن تكلم فيه ظاهراً فعلى منهج الموازنات المبتدع .
كسيد قطب وابنلادن ومن معه من التكفيريين.
وكثنائه على وجدي غنيم الإخواني الذي يكفّر الحكام ويسبهم جملة، ويثني على دعاة الضلالة من التكفيريين والإخوانيين في مصر، وأكثر دروسه تهريج وكلام لا قيمة له، أو تهييج وتثوير وتحزيب.
وثنائه على فرقة الإخوان والتبليغ .
وثنائه على المفجرين أنفسهم واعتبار عملهم من العمليات الاستشهادية .
وطعنه في أهل السنة ووصفه للمشايخ السلفيين بأنهم غلاة في التجريح وأهل غيبة في محاضرة كاملة مخصصة بهذا العنوان؛ لكلامهم في أهل البدع وفي أمثاله !
إلى غير ذلك من مخالفاته المعروفة المشهورة !
فالحديث حجة عليك لا لك أيها الحلبي : فالظالم تأخذ على يديه وتمنعه من ظلمه وباطله لا أن تنصره وتؤيده كما تفعله مع عرعور والمغراوي والمأربي وحسان وغيرهم فالواجب عليك : أن تأخذ بأيديهم عن باطلهم وترجعهم إلى منهج السلف الحق بالحجة والبرهان لا بإعانتهم على باطلهم وتزيينه لهم والدفاع عنهم تدليساً وتلبيساً.
ثم أين أنت من نصرة السلفيين من ظلم محمد حسان لهم ورميهم بالفواقر كالغلو في التجريح والغيبة وغيرهما .
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في معرض رده على من استنكر شدته في الرد على الدكتور البوطي : … إني أرى من الواجب على أولئك المشفقين على الدكتور أنينصحوه (والدين النصيحة) بأن يتراجع عن كل جهالاته وافتراءاته، وأن يمسك قلمه ولسانه عن الخوض في مثلها مرة أخرى، عملاً بقول نبينا محمد صلى الله عليه و سلم : انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً . قيل: كيف أنصره ظالماً؟ قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلكنصره . أخرجه البخاري من حديث أنس، ومسلم من حديث جابر، وهو مخرج في الإرواء (2515) انتهى .
فلا أدري : هل سيستفيد الحلبي من كلام العلامة الألباني أم أنه مما شمله التغيير والتطور الجديد في المنهج !
وقول الحلبي (وَلاَ يَنْجُو مِنَ الخَطأ إِنْسَان -كَائِناً مَنْ كَان- سِوَى مَنْ عَصَمَهُ رَبُّنَا الرَّحْمَن والله المستعان)
أقول : أطلقت الحكم فلبست الحق بالباطل ودلست على القارئ الحقيقة .
فالخطأ لا ينجو منه إلا من عصمه الله ولكن الخطأ على نوعين :
خطأ غير مقصود وغير متعمد .
وخطأ مقصود ومتعمد إتباعاً للهوى ومخالفة للحق .
فالأول : صاحبه إن وقف عليه يرجع عنه ويتوب.
والثاني : إن أصر صاحبه على باطله ولم يرجع للحق حذر منه وكشف حاله للناس حتى لا يغتروا بباطله .
فهل ما وقع فيه صاحبك ووقعت فيه أنت أيضاً : من الأول أم من الثاني ؟
لا شك أنه من الثاني فلا تلبس الحق بالباطل لهواك يا حلبي .
رابعاً : علق الحلبي على قوله (ممن هو عنده مبتدع) بقوله (ص24) حاشية رقم (1) ((مع كون ذا مقلداً في هذا التبديع !
وبالرغم من أن ما أخذ عليه ذاك الداعي إلى الله تعالى ممَّا هو سببُ تبديعِهِ له!- قد ناصَحْناهُ به؛ فرأَيْنَا مِنهُ -والفضلُ لله-وحده- تجاوُباً واستجابةً.
وإنْ كُنَّا نطمعُ مِنهُ -سدَّدَهُ اللهُ- المزيدَ مِن الوضوح، والمزيدَ مِن البيان مطلباً شرعياً صادقاً …
وَ(أَهْلُ السُّنَّةِ أَعْرَفُ النَّاسِ بِالحَقّ، وَأَرْحَمُهُمْ بِالخَلْق) -كَمَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم …
وقال شيخ الإسلام في تفسير آيات أشكلت (2/595) : ” ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق” .
ومِن توجيهاتِ فضيلةِ الشيخِ ربيعِ بنِ هادي في بعضِ «رُدودِه» على (الحدَّادِيَّة)- :
«قلتُ لهم: إذا قُلنا: (أشعري) معناهُ أنَّهُ: عنده بدعة؛ الإنسان يريد أن يتأدَّب في لفظِهِ؛ ليس لازِماً أنْ نقولَ عنه: مبتدع”
إلى أن قال: «أنا أقرأ لكم تراجمَ مِن «البخاري»؛ يمرُّ على (جابر الجُعْفِي)، ويمرُّ على غيرِه، لا يقولُ: مبتدع -وهو يعرف أنه رافضي-، ولا يقول: إنه مبتدع؛ لأن هذا ليس لازماً.
بيِّن ضَلالَهُ نُصحاً للنَّاس، لكنْ؛ ليس لازِماً أن تقول: مبتدع، أو: غير مبتدع».)) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
– الحلبي يصف السلفي الذي أنكر عليه : بأنه مقلد لغيره من العلماء الذين بدعوا محمد حسان ! مع أن الحلبي وصفه فيما سبق بأن محمد حسان (مبتدع عنده) أي بدعه باجتهاد منه وهذا تناقض في كلام الحلبي ولعل سببه – والله أعلم – أنه لما كتب الكتابة في المرة الأولى ثم عدلها بناء على توجيهات من قرأ الكتاب لم يتنبه لتناسق الكلام وترابطه، أو أنه أراد أن يرمي السلفيين بأنهم أهل تقليد وجمود، ويتعصبون لمشايخهم .
– ثم هذا السلفي الذي أنكر عليه إنما هو آخذٌ بأقوال العلماء في محمد حسان المبنية على إدانة محمد حسان بالحجة والبيان ! ومعلوم أن قبول القول بدليله إتباع وليس تقليداً مذموماً إلا عند أهل الفتن والتضليل .
– ثم لو فرضنا أن هذا السلفي مقلد ! فتقليده لأهل العلم الثقات الذين يبنون أحكامهم على الحجج أمر لا يستنكر! والحق أن هذا ليس تقليداً وإنما هو إتباع للحق الذي يسير عليه العلماء ليس من التقليد المذموم بل هو من منهج السلف الصالح، ولذلك لما قلت يا حلبي في تعليقك على فتوى العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى (( لكن لا يمكن أن نرضى لأنفسنا أن نكون نسخةً طبق الأصل عن أيِّ إنسانٍ كان مهما كان وزنه، ومهما علا اسمه ))
رد عليك الشيخ العلامة النجمي رحمه الله تعالى بقوله : أقول : من هو الذي كلَّفكم بهذا .
وثانياً: من وافق شخصاً لكونه رأى أن الدليل معه؛ فإنَّه لا يعد موافقاً للشخص، ولكنَّه يعدُّ موافقاً للدليل؛ وهذا هو التقليد المباح، والله تعالى أخبرنا أنَّ المؤمنين سبيلهم واحد، وأنَّه يتبع بعضهم بعضاً في الحق ويستغفر آخرهم لأولهم ؛ فقال تعالى :)ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنَّم وساءت مصيراً ( [ النساء : 115] وقال تعالى : ) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ( [ الطور : 21 ] وقال تعالى : ) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ( [ الحشر : 10 ] فليس أحدٌ من المؤمنين أو من العلماء مستقلاً بنفسه، ولكن يتَّبع بعضهم بعضاً على العقيدة والأحكام الشرعية قال الله تعالى : ) ثمَّ أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ( [ النحل : 123 ] وقال تعالى : ) أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ( [ الأنعام : 90 ] .
وبالجملة فمن اتبع شخصاً في قولٍ أو أقوالٍ فإنَّه لا يقال أنَّه صار نسخةً طبق الأصل من فلان انتهى .
وسئل شيخنا العلامة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى كما في جناية التمييع على المنهج السلفي : يتزعم ويتصدر بعض طلبةالعلم في القضايا النازلة في المناهج ومعرفة الرجال ويخالفون كبار العلماء الذينلهم صبر في معرفة هذه القضايا، بحجة أننا لسنا مجبورين بإتباع أحد من الناس، فماتوجيهكم في هذا الأمر بارك الله فيكم.
فأجاب حفظه الله تعالى : …. قوله ( ولسنا مجبرين بإتباع فلان أو كما قال)
نحن نقولأنت لست مجبراً بإتباع فلان نعم، لكن قولك هذا مجمل فإنه يحتمل الخطأ والصواب ويحتمل الحق والباطل وكان جديراً بك أن تفصح، فإن العبرة ليست بقول فلان أو علانلذاته،بل العبرة بالدليل فحينما يتنازع الناس في أمر من الأمور فإنهيجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قالتعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِيالْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِوَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِالْآخِرِ﴾ (النساء: 59)،قال أهل العلم الرد إلى اللههو الرد إلى كتابه،والرد إلى رسوله هو الردإليه فيحياته والرد إلى سنته بعد مماتهصلى الله عليه وسلّم، فقولك هذا فيغاية الفساد والبطلان ولا يفهم منه أحد إلا أنك تريد أن تربط الناس بك أو بمن هو علىشاكلتك من المتصدرينللعلم والمتصدرينميدان الدعوة،وكان الواجب عليك أن تربط الناس بأئمة الهدى والعلماء المعروفين بصحةالمعتقد والمنهج السديد السليم والمعرفين كذلك بالرسوخ في العلم والنصح للأمة، فإنهؤلاء هم ورثة الأنبياء فإذا قالوا كلمتهم في نازلة من النوازل أو في أمر من الأمورأو في التحذير من رجل من الرجال وأبانوا بالدليل فساد منهجه وسوء مأخذه وجب قبول ماقالوه لأنه حق مادام مبنياً على الدليل وعلى البينة والبرهان، فبان بهذا أن هذهالمقولة باطلةوفاسدة. انتهى
ولا شك أن ما ينادي به الحلبي وأشكاله من الاستقلال وعدم الرجوع للعلماء واحترامهم وتقديرهم بمثل هذه الحجة الشيطانية هو من تلاعب الشيطان! وصدق العلامة ناصر الدين الألباني إذ يقول (( تقليد منضبط خير من اجتهاد أهوج)) انتهى فما بالك بالإتباع المنضبط والنصرة للحق على بصيرة .
ومن رد الحلبي على الحلبي :
قوله في كتاب برهان الشّرع في إثباتالمسّ و الصّرع (8 – 10) (( إنّ التّعلّق بسربال (المنهجيّة ) والتمسك بدعاوى نبذ التّقليد ؛ في ردّ ما قرّره أهل العلم، وثبّتوه، وأصّلوه،واتّفقوا عليه: لهو بابٌ يفتحُ على الدّين وعلى العقيدة شرًّا مُستطيرًا، وأثرًا خطيرًا؛ إذ قد يلجه من رقّ دينه، وطاش يقينه : قال الإمامُ المبجّلأحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى : ومن زعم أنّه لا يرى التّقليد، ولا يُقلّد دينه أحدًا : فهو قولُ فاسقٍ عند الله ورسوله – صلّى الله عليه و سلّم -، إنّما يُريدُ بذلك إبطالَ الأثر، وتعطيل العلم والسّنّة، والتّفرّد بالرّأي، والكلام، والبدعة، والخلاف ” . طبقات الحنابلة ” ( 1 / 55 ) للقاضي ابنأبي يعلى .
وإنّ تلكم الدّعاوى – أيضًا – لا يجوز أن تكون سببًا لفتحطريقٍ مُشرعٍ أمامَ مَن هبّ ودبّ ليقول مَن شاء ما شاء، مُلبّسًا تارةً، ومُزخرفًا أخرى !!
و كذلك لا يجوز أن تكون سبيلاً يُردّ به كلامُ الأثبات منالعلماء بكلام من هو دونهم – ممّن يُطاول دينهم – من أولئك الّذين يتلمّسون وجودهمبتقزيم مخالفيهم، وتحجيم مُعاكسيهم!!
وإنّ ( محاولة ) إقناع النّفس برفضالتّقليد، ونبذ ( التّبعيّة ) لهي محاولةٌ قَدِرَ الشّيطانُ أن يجرّ إلى شباكهفيها عددًا ممّن كان يُظنّ بهم الخير . . فأنكروا، وردّوا، ووهّموا، وسفّهوا، وغلّطوا . . و( لكن ) عند التّحقيق : إذا هم تاركون لاتّباعِ قولِ الكُبراء، الكبراء، منجرّون وراء تقليدٍ أعمى لمن لا ( يكاد ) يُحسن شيئًا من الصُّغراء أوالحُدثاء .
. . إنّ المنهجيّة العلميّة، والتّحقيق العلميّ كلماتٌ غالية، لكنعليها ضريبةٌ عالية، فكيف تُقبلُ ممّن يطيرُ و لمّا يُريّش ؟!
فلا يجوزالبتّة بمجرّد دعاوى ردّ التّقليد – وهي في الظّاهر مقبولةٌ سائغة – أن نهدمأصولاً، أو أن نردّ قواعد، أو نسفّه مسلّمات، أو نُشكّك بحقائق . .
ولكن . . . التّوفيق بيد الله سبحانه و تعالى
و أخيرًا:
إنّالقول في ( هؤلاء ) الخارجين عن منهج أهل السّنّة – مُتلفّعين بغطاء التّحرّر والتّحقيق – طويلٌ سابغ، وكثيرٌ دامغ، لكنّ ما ذكرتُه هنا – في هذا المقام – يَكفي، وببيان الحقّ بمنّة الله يُوفي ولا حول و لا قوّة إلاّبالله . . )) انتهى
تنبيه : مقولة الإمام أحمد فيمن لا يرى التقليد التي نقلها الحلبي لا تثبت عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقد أنكرها أهل العلم لما تتضمنه من معنى فاسد : قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/303) في معرض نقده للرسالة المنسوبة للإمام أحمد : … إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر والأشياء التي والله ما قالها الإمام فقاتل الله واضعها ومن أسمج ما فيها قوله ( ومن زعم انه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله ) فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ويسكتون عنها انتهى
وقال الشيخ العلامة ربيع المدخلي في النهج الثابت الرشيد (31-34-الحلقة الأولى) : هذا الكلام المنسوب إلى الإمام أحمد لا يثبت عنه، وحاشاه أن يقوله، هذا الكلام الذي يعود بالطعن عليه وعلى أئمة الإسلام الذين حاربوا التقليد، فيرميهم بالفسق، برأه الله من هذا الباطل، وإذا ثبت عن غيره فنرده بقاعدة أهل السنة : (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ومع ذلك فإن قصدهم يخالف قصد فالح الذي يريد بالتقليد التقليد الباطل، وهم يريدون بالتقليد – إن صح – عنهم الإتباع …
فهذه الأقوال المنكرة لا يجوز نسبتها إلى الإمام أحمد؛ لأنَّها ليس في القرآن والسنة ما يدل عليها؛ ولأنَّها مُخالفة لمنهج السلف وأصولهم، وحاشا الإمام أحمد أن يقول مثل هذه الأقوال …. وفي الإسناد إليه رجل لا يُعرف . ومع ذلك فكلامه شاذٌ تفرد به هذا الرَّجل المجهول عن أصحاب أحمد الفحول انتهى
– وقول الحلبي (ممَّا هو سببُ تبديعِهِ له) .
في النسخة القديمة المتداولة (ممَّا هو سببُ تبديعِهِم له)
وهذا فيه ما سبق من بيان تدليس وتلبيس الحلبي في قوله (عنده) و(عندهم).
– وقول الحلبي (وبالرغم من أن ما أوخذ عليه ذاك الداعي إلى الله تعالى ممَّا هو سببُ تبديعِهِ له!- قد ناصَحْناهُ به؛ فرأَيْنَا مِنهُ -والفضلُ لله-وحده- تجاوُباً واستجابةً.
وإنْ كُنَّا نطمعُ مِنهُ -سدَّدَهُ اللهُ- المزيدَ مِن الوضوح، والمزيدَ مِن البيان مطلباً شرعياً صادقاً … ).
أقول : الحلبي يزعم أنه قد ناصح محمد حسان في الأمور التي بدع لأجلها! وأن محمد حسان تجاوب واستجاب للنصيحة أي أنه تاب من تلكم الفواقر التي وقع فيها، ولذلك يصفه الحلبي كما سبق بأنه سلفي العقيدة والمنهج، مما يدل على أنه قد تاب ورجع عن منهج القطبي الإخواني الثوري !
لكن كيف يكون محمد حسان متحولاً إلى السلفية أو تائباً من ضلالاته أو بدت منه علامات الاستجابة كما يدعي ذلك الحلبي وهو لا زال سرورياً قطبياً لم يتغير ولم يتبدل؛ فموقعه ومواعظه في شبكة الإنترنت والفضائيات تكذب دعوى علامات الاستجابة فالحلبي يريد أن يخدع نفسه ويخدع السلفيين بهذا الزعم .
وثنائه على يوسف القرضاوي والشعراوي بعد توبته .
وكتابه خواطر على طريق الدعوة جراح وأفراح الذي مشى فيه على المنهج القطبي الضال لا زال موجوداً في موقعه حتى بعد توبته المزعومة .
وكيف يكون محمد حسان قد تغير منهجه وتراجع عن باطله : ولا زال أهل الباطل من المنحرفين يثنون على محمد حسان ويقدمونه ويخالطونه .
والله : لو تاب محمد حسان : لطعنوا فيه ولوصفوه بأقبح الأوصاف، ولحجروا على حضوره الإعلامي والدعوي ونفروا الناس عنه !
أَمَا ولا زال المقدم عندهم فهذا يدل على أنه منهم .
ثم انظروا إلى علاقته واختلاطه ودعوته عند مَنْ ؟ ومع مَنْ ؟
وصدق الأوزاعي حين قال : ” من سترعنا بدعتَه لم تخْفَ علينا أُلفتُه ” أخرجه ابن بطة في الإبانة (رقم425) .
وقال يحيى بن سعيد القطَّان: لما قدم سفيان الثوري البصرة, جعل ينظر إلى أمر الربيع بنصبيح, وقدره عند الناس, سأل أي شيء مذهبه ؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة! قال: منبطانته؟ قالوا: أهل القدر, قال: هو قَدَري.
أخرجه ابن بطة في الإبانة (رقم426) وعلق عليه بقوله : رحمة الله على سفيان الثوري، لقد نطق بالحكمة، فصدق، وقال بعلم فوافق الكتاب والسنة، وما توجبه الحكمة ويدركه العيان ويعرفه أهل البصيرة والبيان، قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم ) انتهى .
وعن عقبة بن علقمة قال: كنت عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنّة ويخالطهم، فإذا ذكر أهل البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم ؟
قال أرطأة: هو منهم لا يُلبّس عليكم أمره .
قال: فأنكرت ذلك من قول أرطأة !قال: فقدمت على الأوزاعي، وكان كشّافاً لهذه الأشياء إذا بلغته، فقال: صدق أرطأة والقول ما قال؛ هذا يَنهى عن ذكرهم، ومتى يحذروا إذا لم يُشد بذكرهم . أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( 8/15 )
وقول الحلبي (قد ناصَحْناهُ به؛ فرأَيْنَا مِنهُ -والفضلُ لله-وحده- تجاوُباً واستجابةً)
أقول : هذا ادعاء من الحلبي بأن محمد حسان المصري قد تاب ورجع عن باطله !
وهذا من الحلبي بناء على تلك المكالمة التي حصلت بين مشهور سلمان ومحمد حسان وسأله فيها عن بعض أقواله المشهورة عنه ؟
وهذه طريقة جديدة في التوبة لكنها ليست على منهج السلف الصالح ولكن على طريقة أهل المكر والمخادعة .
وأهل العلم السلفيين ليسوا بساذجين مغفلين حتى يضحك عليهم الحلبي وأمثاله من المميعين الضائعين ! لذلك هم لم يقبلوا دعوى توبة محمد حسان للأمور التالية:
أولاً : أن الواجب على من خالف منهج السلف الصالح ووقع في البدع والمحدثات أن يقلع عنها جميعاً، ولا يتوب من بعض ويستمر في بعض، فمن كان كذلك فلا يزال وصفه بالبدعة قائماً حتى يتوب منها جميعاً .
قال الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي في الفتاوى الجلية (2/220) في معرض رده على توبة أبي الحسن المأربي : إن توبتك من عشرين بدعة، وبقاءك مع الباقي … هذا لا يعفيك بل أنت ما زلت واقعاً في البدع اهـ
وهذا بخلاف توبة محمد حسان المزعومة والتي تبرأ فيها من بعض أقواله ولم يتراجع ويتبرأ من جميع أصوله القطبية وأقواله الحزبية، مع ما في هذه التوبة المزعومة من إجمال وعدم وضوح واحتمالات لمعاني أخر .
ثانياً : أن من وقع في البدعة علناً وتأثر الناس ببدعته فالواجب عليه أن يعلن توبته ويتبرأ من بدعته علناً ويطالب من تأثر به الرجوع إلى الحق .
وهذا بخلاف ما حصل في المكالمة الخفية غير المعلنة؛ والتي لا يتحقق فيها معنى إعلان التوبة كما قال تعالى (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا).
قال ميمون بن مهران من أساء سرًّا فليتب سرًّا، و من أساءعلانيةً فليتب علانية ؛ فإنّ النّاس يُعيّرون و لا يغفرون ؛ و الله – عزّ و جلّ – يغفر و لا يُعيّر .
أخرجه الشاشي في جزئه (رقم36) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (61/365) وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (4/92)
وهذا الإمام ابن المبارك – كما في الإبانة الصغرى لابن بطة – لما أراد أن يجالسه أحد التائبين عن مذهب الجهمية فقام وقالله إما أن تقوم وإما أن أقوم ! فقال ولم ؟ فقال ابن المبارك لأنك جهمي
فقالولكنني تبت . فأجابه عبد الله ابن المبارك : لا حتى تظهر من توبتككما أظهرت من بدعتك.
وقال الشيخ عبيد الجابري كما في تنبيه الفطين (50) : يجب على حسان أن يعلن توبته ولا يكفي ما أعلنه سراً أو في الهاتف انتهى .
وقال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله تعالى مخاطباً عبدالرحمن عبدالخالق كما في مجموع الرسائل (8/242-245): الواجب عليكم الرجوع عن هذا الكلام، وإعلان ذلك في الصحفالمحلية في الكويت والسعودية، وفي مؤلف خاص يتضمن رجوعكم عن كل ما أخطأتم فيه”
ثالثاً : أن الأسئلة والإجابات في مكالمة محمد حسان كانت غير واضحة وغير صريحة في توبته وإعلانه البراءة من البدعة وأهلها، بل يدخلها كثير من الاحتمالات وتعدد المقصود .
والعجيب أن الحلبي يعتبر إجابات محمد حسان المجملة غير الواضحة يعتبرها توبة وواضحة لكن يريد المزيد حيث قال ( قد ناصَحْناهُ به؛ فرأَيْنَا مِنهُ -والفضلُ لله-وحده- تجاوُباً واستجابةً.
وإنْ كُنَّا نطمعُ مِنهُ -سدَّدَهُ اللهُ- المزيدَ مِن الوضوح، والمزيدَ مِن البيان)انتهى
ومن المعلوم أن أهل البدع لهم مخادعات فيظهرون التوبة وهم في الحقيقة لم يتوبوا : قال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله تعالى في تحفة المجيب (290) : الحزبي مستعد أن يكون له خمسة أوجه … أما السني فإنه متمسك بدينه سواء رضي فلان أم لم يرضَ، بخلاف الحزبيين فإنهم قد أصبحت عندهم فيما يزعمون سياسة فتراه يتكلم معك ويحلف، ويقول والله ما أنا في جمعية الحكمة. فلما قيل له : يا فلان اتق الله أنت تذهب معهم وأنت في جمعية الحكمة . فقال نعم أنا حلفت أنني هنا في المسجد ولست في جمعية الحكمة … انتهى
وقال الشيخ النجمي رحمه الله تعالى في الفتاوى الجلية (21-23) : هناك أقوام ؛ ربما أنهم يغترون بأناس من أهل البدع يظهرون الصلاح , ولكن وراء هذا الصلاح ؛ أمر خفي لا يعرفه كثير من الناس , فهذا يؤخذ فيه بقول من عرفوه ؛ إذا كانوا ثقات … فلا يجوز أن نغتر بظاهر الإنسان؛ لا شك أنا نقول: هذا ظاهره الخير ما لم نعرف فيه الشر، فإذا قيل لنا أن هذا الإنسان من وراءه كذا فيجب علينا أن نأخذ بقول من قال لنا؛ إن كان هذا موثوقاً، وإن أهل العلم عندما يقولون عن قوم بأنهم مبتدعة فإنهم لا يقولون هذا اعتباطاً، وإنما يقولونه بأمور استندوا إليها، إما من إقرارهم وإما من كلام من صحبهم وتركهم وإما، وإما .. أمور استفاضت عنهم وتوالت عليها إثباتات كثيرة … انتهى
ومن رد الحلبي على الحلبي :
قول الحلبي: عندما ذكرت لشيخنا الألباني حفظه الله شيئاً من حجج الشيخ ربيع في الردعلى عدنان ونقضه ونقده، قال : هذه أمور حق، يجب على عدنانأنيجيب عنها بوضوحولا يكتفي بمجرد القول أو مجرد أن يقول إجمال أو تفصيلوعموم وخصوص إلى آخر هذه الكلمات التي قد لا تصلح ولا تنفع لمثل هذا انتهى .
رابعاً : أن من تاب لا بد أن تظهر عليه علامات التراجع والتوبة من بيان حال أهل البدع ومن الثناء على أهل السنة والتحذير من البدع وأهلها والثناء على السنة وأهلها .
وهذا خلاف حال محمد حسان فقد أثنى بعد توبته على الشعراوي والقرضاوي ولا زال في أحضان أهل البدع والأهواء ولا زال على ما كان عليه ….
قال ابن قيم الجوزية في عدة الصابرين (93-94) ” من توبةالداعي إلى البدعة أن يبين أنّ ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة، وأن الهدى في ضده،كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ما أنزل الله من البيّنات والهدى ليضلوا الناس بذلك: أن يصلحوا العمل في نفوسهم، ويبينوا للناس ما كانوايكتمونهم إياه، فقال { إِنَّالَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِمَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُوَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُـونَ إِلا الَّذِينَ تَابُـوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوافَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } … فهكذا تُفهم شرائط التوبة وحقيقتها، والله المستعان” انتهى
وقال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى في الإيضاح والبيان : العبارات التي شاعت وذاعت وانتشرت عن ابن حسان في كتبه، وفي خطبه وفي محافل أخرى صوتية له، يجب إذا تاب أن يسلك نفس المسار، وأن يتوب علناًمعلناً براءته من منهج الإخوان، ومن الثناء على أسامة بن لادن، ومن الثناء على ابنقطب، والمودودي، وغيرهم وأن يفاصل هذا المنهج مفاصلة علنية ظاهرة وباطنة، وأن يكونانحيازه إلى أهل السنة، وإلا فهو على ما هو عليه، والله اعلم انتهى
خامساً : أن مسلك وطريقة أهل العلم مع المبتدع : أن يراقب ويتابع حتى تحسن توبته ويصلح حاله ولا يقبل مباشرة ويسلم له :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (2/96) : شَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ فِي قَبُولِ شَهَادَةِالْقَاذِفِ أَنْ يَصْلُحَ وَقَدَّرُوا ذَلِكَ بِسَنَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُبِصَبِيغِ بْنِ عَسَلٍ لَمَّا أَجَّلَهُ سَنَةً، وَبِذَلِكَ أَخَذَ أَحْمَد فِيتَوْبَةِ الدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ سَنَةً كَمَا أَجَّلَعُمَرُ صَبِيغَ بْنَ عَسَل ” .
وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (24/174) ” … أَمَرَ عُمَرُرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُسْلِمِينَ بِهَجْرِ صبيغ بْنِ عَسَلٍ التَّمِيمِيِّلَمَّا رَآهُ مِنْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْ الْكِتَابِ إلَى أَنْمَضَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ فِي التَّوْبَةِ فَأَمَرَالْمُسْلِمِينَ بِمُرَاجَعَتِهِ … “
وقد سئل الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : عمن تراجع عن مخالفاته وبين وأصلح هل يكفي ذلك أم لا ؟
فأجاب الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى : أبدًايبــين حتى يظهر للناس صلاحه, عمر رضي الله عنهماذا فعل بصبيغ ضربه وألقاه في السجن, وضربه وألقاه في السجن, وضربه وألقاه فيالسجن لماذا ؟ لأنه كان يلبس على الناس مثل هذه الأسئلة . فكافئه.. عمر بالضرب والسجن مرات وأخيراً قال له يا أمير المؤمنين إن أردت أن يخرجما في رأسي فوالله قد خرج وإن أردت قتلي فأحسن قتلتي, فأمر به فسفر إلى العراق وأمر أهل العراق بهجرانه فكان كالجمل الأجرب وإذا أراد أحد أن يكلمه يقال عزمة أمير المؤمنين فما يكلمه أحد. حتى ظهرت توبته تماماً وصحت توبته وكتب إليه الأمير إن فلاناً قد صلح وظهرت توبته فأذن للناس أن يكلموه.
فهذا لابد أن تظهر توبته ويظهر صدقه لأننا جربنا كثيراً منالناس عندهم مراوغاتيروغ كما يروغ الثعلب ويناور ويقول أنا تبت ورجعتثم لا تشعر إلا وهو يهمس هنا وهناك بما عنده من الباطل الذي يدعي أنه تراجع عنه. فهؤلاء ينبغي أن ندرسهم ونتأنى في حقهم حتى يظهر لنا صدق توبتهم وبعد ذلك فهو أخونا . أخونا .
وأنتم تعلمون أن كعب بن مالك الصحابي الجليل الذي شهد المشاهد -بارك اللهفيكم- كلها إلا بدر….ما يسره أن له بالعقبة التي بايع بها رسول الله أن يكون لهبها..أو حضور وقعة بدر, تخلف عن غزوة تبوك لا كفرا ولا نفاقا ولما رجع رسول اللهجاء المعذرون يعتذرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل علا نيتهم ووكل سرائرهمإلى الله- تبارك وتعالى- ثم كشفهم الله بعد ذلك وبين ما عندهم من الكذب وأما كعب بنمالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع فإنهم صدقوا في الاعتذار , قال فأما هؤلاء قد صدقواولكن أرجأ أمرهم إلى أربعين ليلة ثم إلى تمام الخمسين ليلة لا يكلمهم أحد هؤلاء تابوا واعترفوا وكل شيء ومع ذلك( أجريت) عليهم هذه العقوبة الصارمة فكان لا يكلمهمأحد من أهل المدينةإلا بعدخمسين ليلة نزل الوحي من السماء لو استمرت سنين سيستمر الرسول والصحابة في هجرانهموبعد خمسين ليلة نزلت رحمة الله سبحانه وتعالى بتوبة هؤلاء وفرح المسلمون بهذه التوبة .
فقد جربنا كثرا من أهل الأهواء يقول أنا رجعت والله رجعت رجعت ثم لا ترىإلا وهو ينشر بدعته هنا وهناك , فعندنا تجارب.الشاهد والله نحن نفرح بالتوبةونشجع عليها ولكن قد لدغنا كرات ومرات من كثير ممن يدعون التوبة ثم يظهر عدم صدقهمويظهر مكرهمفإذا تاب وأناب وظهرت توبته بعد مدة فالحمد لله هو أخونا ويستعيدمكانه وإن ظهر الأمر الأخر كنا قد أخذنا حذرنا منه .
واللهيبقى تحت الرقابةشيئاً ما . أما الاستسلام إليه والارتماء في أحضانه قبل أن نعرف صدقه فهو منالعجلة كما في قصة كعب بن مالك وصبيغ لماذا للاحتياط … انتهى
وسئل فضيلة الشيخ الوالد العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله : كثيراً ما يقع الخلل والخلاف بين الشباب السلفي بسبب رجوع أو إدّعاء رجوعمخالف لمنهج السلف إلى حظيرة المنهج السلفي فما نصيحتكم للشباب ؟ إذ بعضهم يقبلالتوبة وبعضهم لا يقبلها ؟
فأجاب حفظه الله تعالى : إذا وقع الإنسان في ذنب، وقع في شبهة، وقع في بدعة، ثم تاب وأناب إلى الله فلايجوز لأحدٍ أن يغلق باب التوبة في وجهه، لأن باب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فإذا تاب إنسان ورجع فيجب أن نحمده وأن نشجعه، لكن يعني بعض الناس قد يكون معروفاً بالكذب والتلوُّن فيتظاهر بالتوبة وهذا نقول: إن شاء الله توبتكمقبولة ولكن نأخذ الحيطة منه حتى تظهر توبته الصحيحة. أبو الحسن الأشعري أعلن توبته على المنبر، كان معتزلياً غالياً بل رأساً من رؤوس المعتزلة وظل أربعين سنةيكافح عن هذا المذهب الخبيث ثم تاب، وأعلن توبته، ومن دلائل توبته أنه شَرَعَ يؤلفالكتب في الردود المفحمة للمعتزلة، يردّ عليهم (شبههم) فهناك علامات لصدق التوبة العملية تُذْهِب الريبة، يعني يتعمم ويظهر فيما يبدوا للناس أنه يتبع الحق، هناكأمور تدل على صدقه وقد تكون قرائن على كذبه، فإذا كانت هناك قرائن تدل على صدقهفيُشجَّع، وإذا كان هناك قرائن تدل على دعواه فقط فهذا يجب أن يتيقظ له السلفيون؛ لأنه قد يكون مخادعاً لأن الآن عصر السياسة والنفاق والتقية، شاعت في الأحزاب، ولايتمكّنون من تضييع الشباب السلفي وصدهم عن المنهج السلفي إلا بادعاء السلفية أو الرجوع عن الأخطاء المضادة للمنهج السلفي، فإذا ركنوا إليه استطاع أن يجتذب منهممن استطاع اجتذابه إلى منهجه الفاسد، هذا وقع وعلى كل حال من ظهرت منه التوبةيُشجّع ومن ظهر منه التلاعب يجب أن يُحذر منه وأن يكون السلفيون في يقظة من أمثالهؤلاء انتهى .
فإذا تأملت أخي القارئ الكلام السابق فيمن ظهرت توبته وصرح بها فكيف بمن لم تظهر توبته ولم يصرح بها بل ظهرت منه علامات عدم صدق التوبة !
وبهذا يظهر عدم صحة ما حاوله الحلبي أنه تاب فمباشرة يزكى ويثنى عليه ويماشي ويصاحب حتى مع عدم ظهور صدق توبته.
فظهر بهذه الأمور أن قول الحلبي في توبة محمد حسان أنها تدل على استجابة وتجاوب إنما هي من تلاعبه بالحقائق ودسه السم في العسل، وخديعته للناس ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
– وقول شيخ الإسلام ابن تيمية (أَهْلُ السُّنَّةِ أَعْرَفُ النَّاسِ بِالحَقّ، وَأَرْحَمُهُمْ بِالخَلْق) هو حجة عليك؛ فالعلماء الذين بدعوا محمد حسان هم أعرف الناس بالحق وتمييزه عن الباطل، وهم أبعد الناس عن الظلم وأرحمهم للخلق . وقد كان كلامهم في محمد حسان بإنصاف وبيان لسبب تبديعه وتضليله لا بالهوى ولا لغرض دنيوي .
قال الشيخ عبيد في الموقف الحق من المخالف شارحاً لكَلِمَة لِشَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَّة
: إِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ الدُّعَاةَ إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍيَنْظُرُونَ إِلَى المُخَالِفِ نَظْرَتَيْنِ :
نَظْرَةٌ قَدَرِيَّة هَذِهِ نَظْرَةُالإشْفَاق فَيَوَدُّون أَنَّ المُخَالِف لَمْ يَقَع فِيمَا خَالَفَ فِيهِ بَلْيُحِبُّ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّ جَمِيعَ الخَلْقِ مُسْلِمُونَ وَعَلَى السُّنَّةِأَلَيْسَ كَذَلِكَ ؟ يُحبُّونَ هَذَا .
وَالنَّظْرَةُالثَّانِيَةُ : نَظْرَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَهِيَ نَظْرَةُ عِقَاب فَيُعَاقِبُونَالمُخَالِف بِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِما يَقْتَضِي حَالُهُ مِنَ الرَّدِّعَلَيْهِ وَالتَّشْنِيعِ عَلَيْهِ وَالبُغْضِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ يُعَاقَبُالمُخَالِفُ أَحْيَانًا بِالقَتْلِ وَإِزْهَاقِ رُوحِه ” انتهى .
– وأما ما نقله الحلبي عن شيخ الإسلام أنه قال (ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق)
فهذا من تلبيس وتدليس الحلبي؛ فقد كان كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في معرض توبة الفاسق العاصي الذي اكتسب مالاً حراماً مع علمه بحكمه بأن له ما سلف ! وليس في المبتدع الضال، الذي يشترط فيه البيان والإعلان والتراجع عن باطله السابق. حيث قال رحمه الله : الذي لا ريب فيه عندنا فهو ما قبضه بتأويل أو جهل فهنا له ما سلف بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار، وأما مع العلم بالتحريم فيحتاج إلى نظر، فإنه قد يقال : طرد هذا أن من اكتسب مالاً من ثمن خمر مع علمه بالتحريم، فله ما سلف . وكذلك كل من كسب مالاً محرماً، ثم تاب إذا كان برضا الدافع، ويلزم مثل ذلك في مهر البغي، وحلوان الكاهن. وليس هذا ببعيد عن أصول الشريعة، فإنها تفرق بين التائب وغير التائب … ومن تدبر أصول الشرع …. ) انتهى .
– وأما قول الحلبي ( ومِن توجيهاتِ فضيلةِ الشيخِ ربيعِ بنِ هادي في بعضِ «رُدودِه» على (الحدَّادِيَّة)- :
«قلتُ لهم: إذا قُلنا: (أشعري) معناهُ أنَّهُ: عنده بدعة؛ الإنسان يريد أن يتأدَّب في لفظِهِ؛ ليس لازِماً أنْ نقولَ عنه: مبتدع”
إلى أن قال: «أنا أقرأ لكم تراجمَ مِن «البخاري»؛ يمرُّ على (جابر الجُعْفِي)، ويمرُّ على غيرِه، لا يقولُ: مبتدع -وهو يعرف أنه رافضي-، ولا يقول: إنه مبتدع؛ لأن هذا ليس لازماً.
بيِّن ضَلالَهُ نُصحاً للنَّاس، لكنْ؛ ليس لازِماً أن تقول: مبتدع، أو: غير مبتدع».)) انتهى
أقول : كلام الشيخ العلامة ربيع المدخلي كان في معرض بيانه لحال الحدادية الخبيثة، ومحاولة إصلاحهم في تبديعهم للحافظ ابن حجر وغيره من أهل العلم ممن وقعوا في بدعة ولم يصلوا لدرجة الابتداع لسلامة أصولهم ومنهجهم وعدم ظهور الحق لهم، فقد كان السؤال : ما الفرق بين الحداديةوالسلفية ؟ وكيف نفرق بينهما ؟
فكان من جواب الشيخ (( …. ومن صفاتهم أيضاً عدم الترحم؛ كان إذا ترحمت على مثل ابن حجر والشوكاني والنووي قالوا : مبتدع, إذا قلت الحافظ, قالوا : مبتدع, إذا قلت : عندهم أشعرية قالوا :لابدّ أن تقول : مبتدع ,إذا لم تقل مبتدع فأنت مبتدع !!
قلنا لهم : إذا قلنا أشعري معناه أنه عنده بدعة؛ الإنسان يريد أن يتأدب في لفظه ليس لازماً أن تقول عنه مبتدع .
أنا أقرأ لكم تراجم من البخاري ؛يمرّ على جابر الجعفي ويمر على غيره لا يقول مبتدع وهو يعرف أنه رافضي ولا يقول أنه مبتدع ,لأن هذا ليس لازما, بيّن ضلاله نصحاً للناس لكن ليس لازماً أن تقول مبتدع أو غير مبتدع فأبوا .
يتصل علي أناس من الخارج من أبها يقول لي :ما رأيك في ابن حجر, أقول له : عنده أشعرية, يقول لي :أبداً, أنت ضالّ لابدّ أن تقول مبتدع !!)) انتهى
ولاحظ أن الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى لم يبدع الحافظ ابن حجر، ولا نفى عنه ما وقع فيه من الخطأ في تأويل الصفات !
فقولك عن العالم وقع في بدعة ليس معناه أنه مبتدع .
فالشيخ كان معهم في حالة تنزل والرضا بأهون الضررين فيما يظهر من سياق الكلام، فقد كانت الحدادية كالثور الهائج على الحافظ ابن حجر والنووي وغيرهما عموماً وعلى العلماء السلفيين بالخصوص .
ويظهر صحة ما سبق قول الشيخ العلامة ربيع المدخلي في رسالة منهج الحدادية : تبديع من لا يبدع من وقع في بدعة وعداوته وحربه، ولا يكفي عندهمأن تقول: عند فلان أشعرية مثلاً أو أشعري، بل لابد أن تقول: مبتدع وإلا فالحربوالهجران والتبديع انتهى.
والسؤال هنا : ماذا يريد الحلبي بهذا النقل عن الشيخ ربيع المدخلي ؟
هل يريد إلزام الشيخ ربيع بهذا الكلام وأنه يلزم منه أن لا تبدع محمد حسان كما لم تبدع الحافظ، وأنك إذا بدعته فقد شابهت الحدادية !
وهذا سوء أدب من الحلبي، وعدم احترام لأهل العلم، قد ألفناه منه ومن زمرته !
لكن أنت يا حلبي لم تفرق بين من وقع في الخطأ ولم نستطع إقامة الحجة عليه، وبين من قامت عليه الحجة وطولب التراجع والتوبة وهو يتلاعب ويأبى إلا الإصرار على باطله !!!
لو أنك ذكرت أخطاء محمد حسان ولم تبدعه لهان الأمر ! لكن كيف وأنت تصفه بالسلفية عقيدة ومنهجاً فأي خيانة وراء ذلك !
تنبيه : قول الحلبي (إلى أن قال) زيادة فكلام الشيخ ربيع كان متصلاً ليس هناك شيء محذوف .
أحمد بن عمر بازمول
صباح الأربعاء
29/ رجـ7ـب /1430هـ
وقد أفادني الأخ أبو إبراهيم المالكي أيضاً أنه أرسل للحلبي الرسالة التالية :
الشيخ علي الحلبي السلام عليكم
إني أحبكم في الله وأنت عظيم عندنا ما عظمت الدين وحاملي السنة وأرجو من فضيلتكم إعادة النظر في تزكيتكم لحسان الذي أفسد كثيراً فإن كان قد تاب حقاً فعليه أن يصلح ما أفسد ويبين الاعتقاد الصحيح ويقع في أهل البدع كما أثنى عليهم من قبل !
والسني يعرف بمدخله ومخرجه ومنزله؛ فحسان نزل منذ أيام على أهل البدع وماشى بعضهم في ليبيا فكان كـ(التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) ولا أخال أن غزله كان قوياً قبل نكثه بل كان جاهلاً تبليغياً كما سمعت من بعض أشرطتك من قبل
واسأل الله الثبات والإخلاص إنه سميع مجيب
ابنكم محب الخير لكم أبو إبراهيم المالكي .
فرد عليه الحلبي بقوله :
شكراً لك أخي
لكن : هل تظن أن التبديع بهذه السهولة ؟ !
فنصيحتي لك : السكوت ” انتهى .
أقول أنا أبو عمر أحمد بازمول : لست يا حلبي بأورع ولا أتقى من سلفنا الصالح .
وكذلك الثناء والدفاع عن أهل البدع صعب جداً ودرجة ليست بهذه السهولة والخطأ فيه يوقع في خطر عظيم . .
التنبيه الثاني :
قول الشيخ العلامة أحمد النجمي رحمه الله أن المأربي تاب من عشرين بدعة .
علق عليه الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى بقوله : الواقع أنه سئل عن هذه العشرين ؟ فأجاب : إن هذا غير صحيح ولم أتراجع إلا عن مسألتين كنت رجعت عنها في اليمن انتهى