إبطال شبهة من ادعى أن العلماء الكبار كانت مجالسهم تخلو من الردود ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
 
أما بعد :
 
فقد سألني بعض إخواني السلفيين عن شبهة سمعها من بعض الفضلاء أشكلت عليه وطلب مني الجواب عنها فأجبته لذلك في هذا المقال المختصر
 
اسأل الله أن ينفع به إخواني السلفيين في كل مكان .
 
 
والشبهة تقول :
 
هؤلاء السلفيون الذين يجرحون الناس ، ويتكلمون عليهم !
 
لا نجد مثل فعلهم هذا في عصر العلماء الكبار أمثال الشيخ الإمام ابن باز والإمام ابن عثيمين والإمام الألباني ؟
 
وما سمعنا أحداً جاء عند المشايخ : فلان قال كذا وفلان قال كذا ؟
 
مجالس العلماء كلها كانت قال الله قال رسوله قال الصحابة
 
كانت مجالس علم !
 
ولو قرأتم قرآناً أو سنة أنفع لكم من هذا ؟
 
 
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه كثيرة جداً :
 
 
منها :
 
أنه في عصر هؤلاء الأئمة ما كان هؤلاء المخالفون يجرؤون على إظهار هذه المخالفات والشبهات والطعن في المنهج السلفي .
 
فلما ماتوا أظهروها !
 
ومنها :
 
أن هؤلاء الأئمة المذكورين لهم ردودٌ على جماعة ممن خالف الحق في عصرهم معروفة مشهورة ولهم تضليل وتبديع لمن خالف الحق متواتر لا ينكره من عنده أدنى علم بمسيرتهم العلمية !
 
فلِمَ هذا النفي المطلق !
 
قال العلامة ابن عثيمين في كتاب العلم (23) ” لا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل هو من الجهاد في سبيل الله، ولا سيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم، وبدأ الجدل من كثير من الناس، فهذه ثلاثة أمور كلها تُحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم.
 
أولا: بدع بدأت تظهر شرورها.
 
ثانيًا: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
 
ثالثًا: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم”
 
آمل أن يكون هذا النص كافياً لمريد الحق !
 
ومنها :
 
لنفرض – جدلاً وتنزلاً – أن هؤلاء المشايخ الذين تزعم أنهم ما كانوا يردون على من خالف الحق كانوا ساكتين ومجالسهم كالحال الذي تذكره !
 
هل هم القدوة عندك أم ما كان عليه السلف الصالح !
 
أم أنك تقول إن السلف الصالح كانوا كذلك أيضاً لا يتكلمون !!!
 
ألا تعلم كلامهم فيمن خالف الحق واتبع هواه !
 
ألم تقرأ ذلك في كتب أهل العلم !
 
ألم تسمعه في تلك المجالس التي تذكرها عن هؤلاء الأئمة الكبار !
 
أم كانوا يدسونها ويخفونها عن طلاب العلم حتى لا يصبحوا غلاة !!
 
كم تكلم العلماء السلفيون في هذا العصر :
 
في عشرة رجال ، في عشرين رجلاً ، ثلاثين !
 
السلف تكلموا في عدد كبير جداً .
 
ثم هل العبرة بعدد المُتَكَّلم فيهم ؟
 
أم العبرة : هل تكلم من تكلم بحق أم بباطل !
 
لا تقل : إنها أخبار ضعفاء ؟
 
بل هم ثقات عدول معروفون عند العلماء !
 
ثم هم نقلوا صوتيات وكتابات الرجل المعتمدة في موقعه والمشهورة عنه والتي قد ملأ بها الدنيا !!
 
ولا تقل : وَهِمُوا في النقل أو أساؤوا الظن ؟
 
لأن كلام المخالف أوضح من الشمس التي يحتاج من أنكرها إلى ضرب أو مصحة نفسية كما قد قيل !
 
فكلام المخالف واضح في تأصيلات تخالف منهج السلف الصالح
 
وهي تأصيلات صريحة في ذلك !
 
ولم يرجع عنها وقد نصح فيها وطلب منه الرجوع ولكن دون جدوى !
 
فلماذا هذا الدفاع المستميت عمن خالف الحق وعاند وأصر !
 
والتعامي عن مخالفاته !
 
ومنها :
 
الدعوة إلى قراءة القرآن وقراءة السنة وكتب العلم لها أجر وثواب لا ينكر !
 
لكن أليس الرد على من مخالف الحق من أبواب الجهاد العظيمة .
 
أليس الرد على المخالف من العلم النافع للأمة !
 
الذي قلَّ من يقوم به الآن !
 
كما قرره أهل العلم :
 
قال شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية في مفتاح دار السعادة (1/271)
 
“الجهاد نوعان :
 
جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير .
 
والثاني : الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين ؛ لعظم منفعته وشدة مؤنته وكثرة أعدائه”
 
وقال العلامة أحمد بن يحيى النجمي في تأسيس الأحكام (5/264)
 
” الجهاد بالعلم واللسان: هو طلب العلم الشرعي وتعلمه على أيدي المشايخ السلفيين من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، ثم الجهاد في نشره، ومجاهدة الناس على الاستقامة عليه بالتعليم والخطب والمحاضرات، ومجاهدة أصحاب الانحراف من أهل البدع الخارجين عن الأدلة الشرعية، الآخذين بالحزبيات وغيره، فجهادهم ببيان أخطارهم، وإظهار فساد معتقداتهم، هذا كله من الجهاد في سبيل الله”
 
 
وختاماً :
 
آمل من إخواني السلفيين أن يتأملوا هذين النقلين ويتصبروا على ما يلاقونه في دعوتهم السلفية من غربة شديدة :
 
قال ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين (3/195)
 
” إذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه وفقهاً في سنة رسوله وفهماً في كتابه وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه فأما إن دعاهم إلى ذلك وقدح فيما هم عليه فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله فهو غريب في دينه لفساد أديانهم غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم غريب في صلاته لسوء صلاتهم غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم غريب في نسبته لمخالفة نسبهم غريب في معاشرته لهم لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم”
 
وقال العلامة عبد الرحمن المعلمي صدع الدجنة في فصل البدعة عن السنة (63) ” قد تدبرت أنواع الفساد، فوجدت عامتها نشأت عن إماتة السنن، أو إقامة البدع، ووجدت أكثر المسلمين يبدو منهم الحرص على إتباع السنن واجتناب البدع، ولكن التبس عليهم الأمر، فزعموا في كثير من السنن أنه بدعة، وفي كثير من البدع أنه سنة.
 
وكلما قام عالم فقال: هذا سنة، أو هذا بدعة، عارضه عشرات، أو مئات من الرؤساء في الدين الذين يزعم العامة أنهم علماء، فردوا يده في فيه، وبالغوا في تضليله والطعن فيه، وأفتوا بوجوب قتله، أو حبسه، أو هجرانه، وشمروا للإضرار به وبأهله وإخوانه، وساعدهم ثلاثة من العلماء، عالم غال، وعالم مفتون بالدنيا، وعالم قاصر في معرفة السنة، وإن كان متبحراً في غيرها”
 
 
 
 
 
أخوكم المحب
 
أحمد بن عمر بازمول
 
الأحد 22 : 2 صباحاً
 
 
 
وقد كتبت تكملة لهذا الجواب ونشرتها في موضوع مستقل فأحببت أن أضمها هنا لتعم الفائدة :
 
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 
 
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
 
 
أما بعد :
 
 
فهذه تكملة لما سبق أن أجبت عليه في المقال السابق والذي كان بعنوان
 
 
(إبطال شبهة من ادعى أن العلماء الكبار كانت مجالسهم تخلو من الردود)
 
 
وقبل أن أدخل في الموضوع : أشكر جميع الأخوة في هذا المنتدى وفي المنتديات الأخرى على إثراء الموضوع بتعليقاتهم ونقولهم فهي مفيدة فجزاكم الله خيراً .
 
 
عودٌ على بدء :
 
فمن الأجوبة :
 
 
أن هؤلاء المخالفين يتكلمون ويطعنون في أهل السنة السلفيين !
 
 
فكيف نسكت عنهم !
 
 
فمن الغريب أن يطالب أهل الحق بالسكوت !
 
 
 
وهم يطبل لهم وينفخون !!
 
 
أليس الأولى بك – أيها الفاضل – أن توجه هذا الطلب لأولئك الذين يطعنون في أهل السنة ويصفونهم بالغلو وأنهم جراحون وما تركوا أحداً إلا وتكلموا فيه .
 
 
ويرمون السلفيين بأنهم لا يرون أحداً سلفياً إلا هم .
 
 
أين قوله عليه الصلاة والسلام “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً !
 
 
إن يك ظالماً فاردده عن ظلمه ! وإن يك مظلوماً فانصره”
 
 
فهل هذا نصر للمظلومين أم انتصار للظالم !
 
 
وهل هذا كف للظالمين أم إعانة لهم على المظلومين ؟
 
 
لا !
 
 
لم نكن نتوقع منك هذا !!
 
 
والله لو جاءت من غيرك لما التفتنا إليها !
 
 
فنسأل الله أن يصلحنا ويهدينا للصواب .
 
 
ومنها :
 
 
أنهم يؤصلون أصولاً تخالف المنهج السلفي فهل يسع من علم بهذه الأصول أن يسكت أم أن يبين الحق ويحذر الناس منها ؟
 
 
إن قلت : انصح ووجه دون تشهير أو رد علني !
 
 
فالجواب :
 
 
لابد أن تعلم أن من خالف الحق علناً فليس يلزم الراد أن ينصحه ابتداء بل يرد الباطل ويظهر الحق .
 
 
ويدل عليه قصة ابن عمر !
 
 
قال يحيى بن يعمر : كان أول من تكلم في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر فوفق الله لنا عبد الله بن عمر داخلاً في المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي !
 
 
فقلت : أبا عبد الرحمن : إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم يزعمون أن لا قدر والأمر أنف ؟
 
 
فقال : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر “.
 
 
فهل نصحهم ابن عمر قبل أن يتكلم فيهم ؟
 
 
أم أنه تكلم فيهم بل تبرأ منهم !
 
 
ألا يسعنا ما وسع السلف الصالح !
 
 
هذا أولاً .
 
 
وثانياً : من قال أنه لم ينصح ولم يطالب بالرجوع !
 
 
فقد نصح لكنه أصر على باطله وتهجم على إخوانه وتجرأ عليهم !!!
 
 
فما هو قولك ؟
 
 
فيمن أصر على باطله ولم يرجع !
 
 
لا : لا نحتاج لقولك
 
 
عندنا منهج السلف مشهور معروف :
 
 
من أصر على باطله فإنه يضلل ويهجر !
 
 
أم أن هذا لم يمر عليك في تلك المجالس التي حضرتها للعلماء الكبار !
 
 
فلماذا هذه القواعد التي تحمي المخالفين للحق ؟
 
 
وتجعل السلفيين في موقف المخالفين للحق ؟
 
 
ويطعن فيهم ويؤلب عليهم المجتمع !
 
 
ويقال : لا تسمعوا لهم ولا تلتفتوا لكلامهم إلى غير ذلك !!!
 
 
هل هذا يعقل أن يكون جزاء الصادقين من إخوانكم السلفيين الناصحين أن يعاملوا معاملة المخالفين للحق !
 
 
ويكونوا في قفص الاتهام !
 
 
لا أدري ما أقول : سوى : أن تعلم أيها الفاضل : أننا لا نبالي ما يحصل لنا ونعامل به في ذات الله تعالى وفيما يرضي ربنا عز وجل
 
 
فلو سخط الناس كلهم علينا ويرضى الله عنا
 
 
فلا نهتم أبداً
 
 
وإذا رضي الناس كلهم ! وسخط الله علينا !
 
 
فالويل لنا وأي شقاء سنكون فيه
 
 
فاعلم أننا – بإذن الله – صابرون .
 
 
اسأل الله أن يثبتني ومشايخي وإخواني السلفيين على الحق إلى أن نلقاه
 
 
ومنها : أن العلماء فيما سبق عندما كانوا يردون على المخالف :
 
 
كانوا يجدون من ينصرهم ومن يؤازرهم بعد فضل الله تعالى !
 
 
وكان طلاب العلم يحترمون علماءهم ويقبلون قولهم !!
 
 
وما كانوا يصنعون مثل ما يصنع هؤلاء من التشغيب والتهويل والصراخ والعويل والتعصب لرد الحق والاستكبار عن قبوله !!!
 
 
وكان المردود عليه يخمد وتندفع شبهته ولا تقوم له قائمة لعدم النصير أو لقلتهم بخلاف المردود عليهم اليوم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ويجدون من الأنصار لهم لا أقول من العوام والأوباش فقط فهذا أمر طبيعي
 
 
ولكن للأسف الشديد – في هذه الأيام وهذا من الغربة التي نعايشها – يجد المخالفون لهم نصيراً ومؤازراً !
 
 
ليس من أتباعهم !!
 
 
بل ممن هو معنا على الخط السلفي ونحسبه من رجال هذا المنهج فيالها من غربة شديدة عظيمة لأهل الحق فالله المستعان .
 
 
 
 
 
 
أخوكم المحب
 
 
أحمد بن عمر بازمول
 
 
الاثنين 50 : 1 صباحاً
 
 
21 ذو القعدة 1433هــ