الجواب المبتكر في الرد على من زعم أن ابن لادن هو المهدي المنتظر ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
 
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
 
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً .
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.
 
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
 
أما بعد :
 
فقد أوقفني بعض طلاب العلم على قول يروجه بعضهم بين العوام خصوصاً “شباب الصحوة” ، وهو أن المدعو / أسامة بن لادن هو المهدي المنتظر ، ويستدل على قوله بأنه تصدق عليه الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر ؛ من ذلك أنه من جهة المشرق وأسامة في أفغانستان وهي جهة المشرق ، ومن ذلك أن المهدي تكون معه الرايات السود ، وأتباع أسامة يلبسون العمائم السود ، وأن نسبه يتصل بآل البيت زعموا !!!
 
وكنت سمعت من قبلُ في عام 1424هـ قولاً لمدير مدرسة دينية في مكة المكرمة أنه كان يقول لبعض الطلاب عن ابن لادن أنه أمير المؤمنين !
 
ولا يغيب عنا ما كان من بعض المعبرين لما فسر عبر وسائل الأعلام رؤية بعضهم (أن القمر يرضع من الشمس) فسره بأن المهدي المنتظر سيظهر .
 
ولعل هذه كانت الشفرة عندهم يشيرون بها إلى أن ابن لادن هو المهدي المنتظر .
 
وتلقيب أسامة بن لادن بأمير المؤمنين قديم يعود إلى أيام الجهاد الأفغاني ، وزاد انتشاره في أيام حرب الخليج ثم في هذه الأيام عندما انكشفت فيه أوراق ابن لادن عند جميع العقلاء وظهر فيها خطره وضرره على الإسلام وعلى المسلمين – وهي مكشوفة بحمد الله من أول الأمر عند أهل العلم والإيمان وطلابهم – : حاول بعض المغرضين من أهل الأهواء كالخوارج وغيرهم أن يدافع عن أسامة ابن لادن ويلبس على العوام بهذه الشبه والترهات التي هي أَوْهى من خيط العنكبوت .
 
وما أجمل ما قال ابن قيم الجوزية بعد ذكره لإدعاء أصحاب الأهواء والبدع مهدياً مزعوماً :”فكل هذه الفرق تدعي في مهديها الظلوم العشوم ، والمستحيل المعدوم : أنه الإمام المعصوم ، والمهدي المعلوم ، الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر بخروجه”.
 
ولا شك أن قولهم هذا قول منكر شاذ قبيح ، مخالفٌ لما عليه أهل العلم والإيمان ، من وجوه كثيرة ، وما ذكره هذا القائل من استدلالات إنما هي شبهٌ باطلة ، وحجج داحضة ، ويكفي في ردها حكايتها عند أولي الألباب السليمة ، والمناهج القويمة ، ولكن لما لَبَّسَ أهل الشبهات : – أهل البدع والأهواء – الحق بالباطل ، وانطلت حجتهم على بعض ضعاف العقول ، قليلي العلم ، كان لزاماً على من وقف على بطلانه أن يرده بحجة وعلم .
 
واعلم – بارك الله فيك – أن إيراد الشبه على العوام عادة أهل الأهواء الفاسدة كما قال الإمام أبو المظفر السمعاني :”نصرة الاعتقاد الفاسد تكون على وجهين : بإيراد شبهة ، وبمدافعة حجة من غير حجة”.
 
عنوان الرسالة :
 
فكتبت هذه الرسالة المختصرة والتي أسميتها ” الجواب المبتكر في الرد على من زعم أن ابن لادن هو المهدي المنتظر ” .
 
خطة الرسالة :
 
وقد جعلت الرسالة في مقدمة وثلاثة مقاصد وخاتمة .
 
المقدمة : خطبة الحاجة ، وسبب كتابة الرسالة ، وعنوانها ، والخطة .
 
المقصد الأول : من علامات المهدي المنتظر في السنة النبوية .
 
المقصد الثاني : إبطال الشبهة وتفنيدها .
 
المقصد الثالث : سبب ترويج هذا القول ، وهل يشرع السعي لإقامة الخلافة .
 
الخاتمة : خلاصة الرسالة .
 
والله اسأل أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل ، وأن يوفقني لما يحبه ويرضاه ، وأن يجعلني من أتباع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام على هدي السلف الصالح الكرام .
 
كتبه
 
أبو عمر
 
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
 
 
المقصد الأول : من علامات المهدي المنتظر في السنة النبوية.
 
المهدي في اللغة : اسم مفعول من هدى . والهدى هو الرشاد ، وضده الضلال .
 
والمهدي : الذي قد هداه الله إلى الحق.
 
قال ابن الأثير :”قد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة ، وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجئ آخر الزمان”.
 
وقد اشتهر هذا الاصطلاح عند المتأخرين فأصبحت هذه الكلمة يراد منها عند إطلاقها هو المهدي الذي بشر به النبي عليه الصلاة والسلام أنه يخرج آخر الزمان ، ويقال له “المهدي المنتظر” زيادة في التوضيح والتمييز.
 
وقد نص جماعة من أهل العلم على تواتر أحاديث المهدي .
 
وقد ألف أهل العلم كتباً كثيرة ذكروا فيها أحاديث المهدي وما يتعلق بها ، ومن أجمعها رسالة الدكتور عبد العليم البستوي “المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وآراء الفرق المختلفة” ويكملها كتابه الآخر “الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة” وهما في مجلدين .
 
وللشيخ عبد المحسن العباد رسالة بعنوان “الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي”.
 
وليس مقصودي في هذا المقصد استيعاب جميع ما ورد في السنة النبوية في شأن المهدي المنتظر ، ولكنها إلمامة سريعة في شأنه وحال زمانه ، وقد جعلتها في عدة عناصر ؛ كي نتصور الموضوع باختصار .
 
المهدي المنتظر من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام :
 
أخرج أبو داود وابن ماجه في السنن عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :”الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ”.
 
اسم المهدي المنتظر : محمد بن عبد الله الحسني العلوي :
 
أخرج الإمام أحمد في المسند والترمذي وأبو داود في السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي”.
 
من أوصاف المهدي المنتظر الخَلْقِية :
 
أخرج أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ”
 
قال شمس الحق عظيم آبادي : قوله ( الْمَهْدِيّ مِنِّي ) : أَيْ مِنْ نَسْلِي وَذُرِّيَّتِي .
 
وقوله ( أَجْلَى الْجَبْهَة ) : قَالَ فِي النِّهَايَة : الْجَلَا مَقْصُورًا اِنْحِسَار مُقَدَّم الرَّأْس مِنْ الشَّعْر أَوْ نِصْف الرَّأْس أَوْ هُوَ دُون الصَّلَع .
 
فَمَعْنَى أَجْلَى الْجَبْهَة مُنْحَسِر الشَّعْر مِنْ مُقَدَّم رَأْسه أَوْ وَاسِع الْجَبْهَة .
 
قَالَ الْقَارِي وَهُوَ الْمُوَافِق لِلْمَقَامِ .
 
قوله ( أَقْنَى الْأَنْف ) : قَالَ فِي النِّهَايَة : اِلْقَنَا فِي الْأَنْف طُوله وَدِقَّة أَرْنَبَته مَعَ حَدَب فِي وَسَطه يُقَال رَجُل وَامْرَأَة قَنْوَاء اِنْتَهَى .
 
قَالَ الْقَارِي : وَالْمُرَاد أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَفْطَس فَإِنَّهُ مَكْرُوه الْهَيْئَة”.
 
المهدي المنتظر يوفقه الله ويلهمه رشده في ليلة :
 
أخرج الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في السنن عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ”.
 
ومعنى “يصلحه الله” : أي يوفقه ويلهمه رشده ، قال ابن كثير :”أي يتوب عليه ، ويوفقه ، ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك”.
 
وقال القاري :”يصلحه الله في ليلة : أي يصلح أمره ، ويرفع قدره في ليلة واحدة ، أو في ساعة واحدة من الليل حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعقد فيها”.
 
وقال الشيخ حمود التويجري :”قوله يصلحه الله في ليلة يحتمل معنيين :
 
أحدهما : أن يكون المراد بذلك أن الله يصلحه للخلافة أي يهيؤه لها .
 
والثاني : أن يكون متلبساً ببعض النقائص فيصلحه الله ويتوب عليه ، وهذا المعنى هو الذي قرره ابن كثير في كتابه النهاية”.
 
المهدي المنتظر يخرج في زمن الظلم والجور فيملأها قسطاً وعدلاً :
 
أخرج أبو داود والترمذي في السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا لَا تَذْهَبُ”.
 
وأخرج أحمد في المسند عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا قَالَ ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا”.
 
المهدي المنتظر يكثر في خلافته الخير والعدل :
 
أخرج مسلم في الصحيح عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَقَالَ : يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ ! قُلْنَا : مِنْ أَيْنَ ذَاكَ ؟ قَالَ : مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ . ثُمَّ قَالَ : يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ ! قُلْنَا : مِنْ أَيْنَ ذَاكَ ؟ قَالَ : مِنْ قِبَلِ الرُّومِ . ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا”.
 
قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ : أَتَرَيَانِ أَنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ؟
 
فَقَالَا : لَا .
 
وأخر ج ابن ماجه في السنن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”يَكُونُ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ فَتَنْعَمُ فِيهِ أُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَنْعَمُوا مِثْلَهَا قَطُّ تُؤْتَى أُكُلَهَا وَلَا تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شَيْئًا وَالْمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ فَيَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي فَيَقُولُ خُذْ”.
 
المهدي المنتظر يصلي خلفه نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام :
 
أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ”.
 
وأخرج مسلم في الصحيح عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ أنه قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :”لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ”.
 
 
المقصد الثاني : الجواب عن الشبهة .:
 
هذه الشبهة باطلة من وجهين :
 
أحدهما : مجمل ، والآخر : مفصل .
 
أما المجمل : فمن وجهين :
 
الوجه الأول : هو أن الصفات الواردة في الأحاديث الثابتة في المهدي المنتظر لا تنطبق على المدعو ابن لادن .
 
والوجه الثاني : أن ابن لادن توجد فيه أمور مخالفة لما في الأحاديث الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام .
 
قال المتقي الهندي راداً على من زعم أن رجلاً كان في عصره أنه هو المهدي المنتظر :”لقد كثرت طائفة في بلاد الهند يعتقدون شخصاً شريفاً ولد في الهند هو المهدي الموعود به في آخر الزمان ، وصفاته تخالف ما ورد من الأحاديث النبوية وآثار الصحابة والتابعين  في شأن المهدي الموعود به”.
 
وأما الجواب المفصل فمن وجوه كثيرة منها :
 
الوجه الأول :
 
أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن اسم المهدي (محمد بن عبد الله) موافقاً لاسم النبي عليه الصلاة والسلام واسم أبيه كما أخرج أبو داود والترمذي في السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا لَا تَذْهَبُ”.
 
وابن لادن اسمه : أسامة بن محمد بن عوض بن لادن .
 
فافترقا .
 
قال ابن تيمية في رده على الشيعة :”إن لفظ الحديث حجة عليكم فإن لفظه يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ! فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن” .
 
وكذا قال ابن حجر الهيتمي حيث قال في رده على الرافضة :”مما يرد عليهم ما صح أن اسم أبي المهدي يوافق اسم أبي النبي ! واسم أبي محمد الحجة لا يوافق ذلك”.
 
وقال المناوي :”فيه رد لقول الرافضة إن المهدي هو الإمام أبو القاسم محمد الحجة ابن الإمام أبي محمد الحسن الخالص وأنه المهدي المنتظر ؛ لأنه وإن وافق اسمه اسمه ، لكن اسم أبيه ليس موافقا لاسم أبيه “.
 
الوجه الثاني :
 
أن المهدي من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام كما أخرج الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في السنن عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ”.
 
وأخرج أبو داود وابن ماجه في السنن عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :”الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ”.
 
وبيت ابن لادن ليسوا من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ؛ فدعوى أن نسب ابن لادن يعود إلى آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام تحتاج إلى دليل ، فقد أنكر جماعة من النسابة أن يرجع نسب ابن لادن لآل النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأنهم قحطانيون لا عدنانيون .
 
وهنا أنبه أنه لو ثبت أن المدعو أسامة بن لادن من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام فلا يجوز له الخروج على ولي الأمر القائم الموجود وهو حاكمنا من آل سعود الملك الأسد عبد الله بن عبد العزيز صقر الإسلام ؛ لأن من أخذ لنفسه البيعة مع وجود السلطان وجب قتله !
 
قال الشيخ أحمد النجمي : من أخذ البيعة لنفسه من وراء علم الإمام وبغير إذنه وجب قتله إن ظفر به ووجب قتاله مع الإمام إن لم يظفر به وخرج خروجاً فعلياً لقوله صلى الله عليه وسلم :” من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائناً من كان” .
 
قلت : وها هنا دقيقة قلَّ من يتنبه لها ألا وهي أن قوله عليه الصلاة والسلام :” كائناً من كان” فيه العموم بمعنى أن الأول ولو كان من العصاة أو غير عالم ؛ فإنه السلطان الذي يسمع له ويطاع ولا يخرج عليه بل يعان على إزالة الثاني .
 
وأن الثاني ولو أفضل أو أصلح أو أعلم من الأول فإنه لا يعان بل يقتل الثاني ، ويقاتل مع ولي الأمر ضِدَّهُ ؛ كائناً من كان .
 
فتأمل هذا جيداً .
 
ومن ظن أنه يجوز له أن تكون في عنقه بيعتان بيعة للوالي المسلم وبيعة لزعيم الحزب كابن لادن أو غيره فقد أخطأ وهذا بلا شك خطأ عظيم .
 
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – :”لا يجوز للإنسان أن يكون في عنقه بيعتان بيعة للولي ولي الأمر العام في البلد وبيعة لرئيس الحزب الذي ينتمي إليه .
 
وقول النبي عليه الصلاة والسلام في المسافرين إذا كانوا ثلاثـة : ” يؤمرون أحدهم ” لا يعني ذلك أنهم يعطونه بيعة لكن هذا يعني أنه لا بد للجماعة من شخص تكون له الكلمة عليهم حتى لا يختلفوا وهذا مما يدل على أن الاختلاف ينبغي أن نسد بابه من كل طريق اهـ”.
 
الوجه الثالث :
 
أن المهدي المنتظر يخرج في زمن الظلم والجور فيملأها قسطاً وعدلاً كما أخرج أبو داود والترمذي في السنن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا لَا تَذْهَبُ”.
 
وأخرج أحمد في المسند عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا قَالَ ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا”.
 
ونحن في المملكة العربية السعودية – بحمد الله – في زمن توحيد وسنة وزمن خير وعدل ؛ فقد “قرر مجلس هيئة كبار العلماء بالإجماع أنَّ المملكة العربية السعودية – بحمد الله – تحكم شرع الله والمحاكم الشرعية منتشرة في جميع أرجائها ولا يمنع أحد من رفع ظلامته إلى الجهات المختصة في المحاكم أو ديوان المظالم”.
 
وقد شهد أهل العلم والإيمان الأكابر بفضل هذه الدولة السعودية وأنها قائمة على شريعة الله وعلى التوحيد الصحيح ، ونص جماعة منهم أن الدولة السعودية تعتبر آخر معاقل الإسلام ، وقد جمعت جملة من ثناء العلماء الأكابر على المملكة العربية السعودية في رسالة بعنوان :”الدرر السنية في ثناء العلماء على المملكة العربية السعودية” وسأذكر شيئاً من كلامهم :
 
قال العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – : العداء لهذه الدولة عداء للحق ، عداء للتوحيد .
 
وقال أيضاً – رحمه الله تعالى – : هذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق ونصر بها الدين وجمع بها الكلمة وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله وليست معصومة وليست كاملة كل فيه نقص فالواجب التعاون معها على إكمال النقص وعلى إزالة النقص وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة والزيارة الصالحة لا بنشر الشر والكذب ولا بنقل ما يقال من الباطل بل يجب على من أراد الحق أن يبين الحق ويدعو إليه وأن يسعى إلى إزالة النقص بالطرق السليمة وبالطرق الطيبة وبالتناصح والتواصي بالحق هكذا كان طريق المؤمنين وهكذا حكم الإسلام وهكذا طريق من يريد الخير لهذه الأمة .
 
أما ما يقوم به – الآن – محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة فهذا بلا شك شر عظيم وهم دعاة شر عظيم وفساد كبير والواجب الحذر من نشراتهم والقضاء عليها وإتلافها وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن .
 
هذه النشرات التي تصدر من الفقيه أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق وتحذيرهم من هذا الباطل ويتركوه ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدعوا هذا الطريق الوخيم وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه وأن يعودوا إلى رشدهم وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم.
 
وقال العلامة محمد العثيمين – رحمه الله تعالى – : لا نعلم – ولله الحمد – بلاداً تنفذ من الإسلام مثل ما تنفذه هذه البلاد الآن .
 
وقال العلامة عبد العزيز آل الشيخ – حفظه الله تعالى – : هذه البلاد – ولله الحمد – لا تزال تقيم حدود الله ولا يزال قادتها يحكمون شرع الله ولا يزال علماء الإسلام لهم فيها الكلمة النافذة مع قادتهم تعاوناً على البر والتقوى وتعاوناً على الخير وحرصاً على جمع كلمة الأمة وشملها وحرصاً على المسار الصحيح على منهج كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم .
 
وقال العلامة أحمد بن يحيى النجمي – حفظه الله تعالى – : إن الدولة – والحمد لله – دولة عادلة وبلادنا من أقصاها إلى أقصاها – أي بلاد الحرمين – تحت الحكم السعودي : تدين بالمنهج السلفي حاكمين ومحكومين قادة ورعية ذكوراً وإناثاً صغاراً وكباراً .
 
وقال العلامة صالح الفوزان – حفظه الله تعالى – : بلادنا – والحمد لله – تختلف عن البلدان الأخرى بما حباها الله من الخير من الدعوة إلى التوحيد وزوال الشرك ومن قيام حكومة إسلامية تحكم الشريعة من عهد الإمام المجدد : محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – إلى وقتنا هذا – والحمد لله – .
 
لا نقول : إنها كاملة من كل وجه لكن هي – والحمد لله – لا تزال قائمة على الخير فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة للحدود وحكم بما أنزل الله .
 
المحاكم الشرعية قائمة والمواريث والفرائض على ما شرع الله لا يتدخل فيها أحد بخلاف البلاد الأخرى.
 
بل يمكننا أن نعكس عليهم القضية بكل سهولة فنقول : إن ابن لادن وأتباعه كانوا سبباً لحصول الظلم والعدوان والجور على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وكانوا سبباً لتسلط دول الكفر على المسلمين ، وكانوا سبباً في الإساءة إلى سمعة دين الإسلام بأنه دين قتل وإرهاب ودين ظلم ويسلب حقوق الإنسان ، بل سَهَّلوا الطريق لأعداء الله لقتل المسلمين والاستيلاء على بلادهم .
 
الوجه الرابع :
 
أن المهدي رجل من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام متبع لسنة جده ، والمهدي : صفة رجل قد هداه الله إلى الحق وهدى به إلى الحق يخرج في آخر الزمان .
 
وهذا بخلاف أسامة بن لادن المتبع لسنة وطريقة الخوارج والتكفيريين وأهل البدع والضلال ؛ فابن لادن يكفر هذه الدولة السعودية ، ويريد الخروج على حكامها بما يسميه – كذباً وزوراً – عملية تطهير الحرمين .
 
ألا فليطهر نفسه أولاً من أدران الخوارج والبدعة والضلالة .
 
قال أسامة بن لادن في كلمته لأهل العراق في شهر ذي الحجة عام 1423: كما نؤكد على الصادقين من المسلمين أنه يجب عليهم أن يتحركوا ويحرضوا ويجيشوا الأمة في مثل هذه الأحداث العظام والأجواء الساخنة لتتحرر من عبودية هذه الأنظمة الحاكمة الظالمة المرتدة المستعبدة من أمريكا وليقيموا حكم الله في الأرض، ومن أكثر المناطق تأهلاً للتحرير ، الأردن والمغرب ونيجيريا وباكستان وبلاد الحرمين واليمن .
 
وقال في شريط: “استعدوا للجهاد” : ولا شك أن تحرير جزيرة العرب من المشركين هو كذلك فرض عين
 
وفي مقابلة نشرتها ( جريدة الرأي العام الكويتية ) مع أسامة بن لادن بتاريخ 11/11/2001م قال ابن لادن :”أنا لا أعتبر السعودية دولة إسلامية “.
 
فابن لادن كفر حكام المملكة وأمر بالخروج عليهم ، وقد أنكر العلامة عبد العزيز بن باز على من ادعى أنه مهدي وخرج مع جيهمان :”إن المهدي قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحكم بالشرع المطهر فكيف يجوز له ولأتباعه انتهاك حرمة المسجد الحرام وحرمة المسلمين وحمل السلاح عليهم بغير حق ، وكيف يجوز له الخروج على دولة قائمة قد اجتمعت على رجل واحد وأعطته البيعة الشرعية فيشق عصاها ويفرق جمعها .
 
وهذه الدولة – بحمد الله – لم يصدر منها ما يوجب الخروج عليها ، وإنما الذي يستبيح الخروج على الدولة بالمعاصي هم الخوارج ، الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ، ويقاتلون أهل الإسلام ، ويتركون أهل الأوثان”.
 
وقد سئل الإمام محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عمن يكفر حكام المسلمين فقال: ( هؤلاء الذين يكفّرون؛ هؤلاء ورثة الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، والكافر من كفّره الله و رسوله، وللتكفير شروط ؛ منها : العلم، ومنها : الإرادة ؛ أن نعلم بأن هذا الحاكم خالف الحق وهو يعلمه، وأراد المخالفة، ولم يكن متأولاً “.
 
الوجه الخامس :
 
أن العلماء الربانيين قد اتفقت كلمتهم على تخطأت ابن لادن في حاله وأموره وطلبوا منه الإقلاع عن ما هو عليه من الباطل والخروج على ولاة الأمر وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالسيف .
 
فمنهم الشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى
 
قال – رحمه الله تعالى – :”إن أسامة بن لادن : من المفسدين في الأرض ، ويتحرى طرق الشر الفاسدة ، وخرج عن طاعة ولي الأمر .
 
وقال أيضاً : نصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدعوا هذا الطريق الوخيم وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه وأن يعودوا إلى رشدهم وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم”.
 
ومنهم العلامة مقبل الوادعي – رحمه الله تعالى –
 
فقد تبرأ من ابن لادن حيث قال : (( أبرأ إلى الله من ابن لادن؛ فهو شؤم وبلاء على الأمة وأعمــاله شر “.
 
ومنهم العلامة أحمد النجمي – حفظه الله تعالى – :
 
فقد سألت شيخنا العلامة أحمد بن يحيى النجمي حفظه الله تعالى السؤال التالي : يدعي بعض الناس أن ابن لادن هو المهدي المنتظر ، ويلقبونه بأمير المؤمنين فما توجيهكم لذلك ؟
 
فأجاب حفظه الله تعالى :
 
هؤلاء هم الشياطين .
 
ابن لادن شيطان خبيث خارجي .
 
لا يجوز لأحد أن يثني عليه .
 
ومن أثنى عليه فهذا دليل على أنه خارجي مثله “.
 
الوجه السادس :
 
أن هناك علامات وأشراط قبل خروج المهدي ، لم تظهر إلى الآن قال السيوطي :”ولا ظهر المهدي الذي ظهوره قبل الدجال بسبع سنين ولا وقعت الأشراط التي قبل ظهور المهدي”.
 
الوجه السابع :
 
أن خروج المهدي يكون في آخر الزمان قال ابن كثير في معرض رده على من زعم أن المنصور العباسي هو المهدي:”وإنما لقب بالمهدي رجاء أن يكون الموعود به في الأحاديث فلم يكن به ، وإن اشتركا في الاسم فقد افترقا في الفعل ذاك يأتي في آخر الزمان عند فساد الدنيا فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً”.
 
وقال العلامة حمود التويجري :”إن المهدي المنتظر إنما يخرج في آخر الزمان قرب خروج الدجال ، وعند انتشار الفوضى والفتن ، ثم ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام فيصلي خلف المهدي أول ما ينزل كما جاء ذلك في حديث جابر ، ثم يذهب إلى الدجال فيقتله ، وحينئذ يكون قيام الساعة قريباً جداً .
 
وعلى هذا فمن ادعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر ، ولم يخرج الدجال في زمانه ، فإنه دجال كاذب”.
 
الوجه الثامن :
 
أن المهدي المنتظر : تجتمع عليه الأمة ، ويدينون له .
 
قال الثوري :”إن مرَّ بك المهدي وأنت في البيت فلا تخرج إليه حتى يجتمع الناس”.
 
وهذا بخلاف ابن لادن فقد كشف الله حاله للأمة الإسلامية فعرف حقيقته السيئة كثير من المخدوعين به ، وأصبحوا يرونه سبة للإسلام والمسلمين .
 
وأتباع ابن لادن إنما يروجون لهذه الأفكار تمهيداً للخروج على ولاة الأمر !
 
ومعلومٌ : أن الشارع الحكيم نهى عن الخروج على ولاة الأمر ، وحذر منه غاية التحذير وبينه بياناً شافياً واضحاً لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
 
الوجه التاسع :
 
أننا نؤمن بالمهدي المنتظر كما أخبرنا بذلك سيد البشر عليه الصلاة والسلام لكن دون تحديد لزمان معين ، قال صديق القنوجي :”لا شك في أن المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين لشهر وعام لما تواتر من الأخبار في الباب ، واتفق عليه جمهور الأمة سلفاً عن خلف إلا من لا يعتد بخلافه”.
 
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله تعالى – :”إن الله جعل للأشياء أوقاتها وحددها سبحانه بعلمه وحكمته ونحن لا نعيِّن الوقت لأن هذا يحتاج إلى دليل وليس عندنا دليل على تحديد الوقت بل نؤمن بذلك وأنه حاصل لا محالة.. وعلينا أن لا نستعجل الأمور ونحدد الأوقات بدون علم أو دليل فهذا من الرجم بالغيب”.
 
الوجه العاشر :
 
أن ادعاء أن فلاناً بعينه هو المهدي المنتظر هو قول على الله بلا علم قال العلامة عبد العزيز ابن باز – رحمه الله تعالى – :”المهدي المنتظر من الأمور الغيبية التي لا يجوز لأي مسلم أن يجزم بأن فلاناً ابن فلان هو المهدي المنتظر ؛ لأن ذلك قول على الله وعلى رسوله بغير علم ، ودعوى لأمر قد استأثر الله به حتى تتوافر العلامات والأمارات التي أوضحها النبي صلى الله عليه وسلم وبين أنها وصف المهدي .
 
وأهمها وأوضحها : أن تستقيم ولايته على الشريعة ، وأن يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً مع توفر العلامات الأخرى ، وهي : كونه من بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وكونه أجلى الجبهة أقنى الأنف ، وكون اسمه واسم أبيه يوافق اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه ، وبعد توافر هذه الأمور كلها يمكن المسلم أن يقول أن من هذه صفته هو المهدي”.
 
الوجه الحادي عشر :
 
أن الاعتماد على الرؤى والأحلام في هذا الأمر ليس من السنة ولا من منهج السلف ، قال العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – :”أما اعتماد المنامات في إثبات كون فلان هو المهدي فهو مخالف للأدلة الشرعية ولإجماع أهل العلم والإيمان ؛ لأن المرائي مهما كثرت لا يجوز الاعتماد عليها في خلاف ما ثبت به الشرع المطهر ؛ لأن الله سبحانه أكمل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته الدين وأتم عليهم النعمة قبل وفاته عليه الصلاة والسلام فلا يجوز لأحد أن يعتمد شيئاً من الأحلام في مخالفة شرعه عليه الصلاة والسلام”.
 
فهذه المنامات وتلك التوقعات هي مجرد ظنون لا ينبغي الاعتماد عليها ، وإنما الاعتصام يكون بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” خواص الناس قد يعلمون عواقب أقوام بما كشف الله لهم ! لكن هذا ليس ممن يجب التصديق العام به فإن كثيراً ممن يظن به أنه حصل له هذا الكشف يكون ظاناً في ذلك ظناً لا يغني من الحق شيئاً . وأهل المكاشفات والمخاطبات يصيبون تارة ويخطئون أخرى كأهل النظر والاستدلال في موارد الاجتهاد ولهذا وجب عليهم جميعهم أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يزنوا مواجيدهم ومشاهدتهم وآرائهم ومعقولاتهم بكتاب الله وسنة رسوله ولا يكتفوا بمجرد ذلك فإان سيد المحدثين والمخاطبين الملهمين من هذه الأمة هو عمر بن الخطاب وقد كانت تقع له وقائع فيردها عليه رسول الله أو صديقه التابع له الآخذ عنه الذي هو أكمل من المحدث الذي يحدثه قلبه عن ربه . ولهذا وجب على جميع الخلق إتباع الرسول وطاعته في جميع أموره الباطنة والظاهرة”.
 
الوجه الثاني عشر :
 
وأما استدلالهم بأن معه أصحاب الرايات السود ، فهو ما أخرجه أحمد في المسند وابن ماجه في السنن عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ”.
 
والحديث ضعفه الألباني وكذا ضعفه الأرناؤوط وضعفه الدكتور عبد العليم البستوي .
 
ولو صح الحديث فالمراد بالرايات : أعلام الجيش ، وحملها على العمائم يحتاج إلى دليل .
 
ولو حمل أتباع ابن لادن الرايات السود فلا يلزم منه صحت دعواهم بأنه المهدي المنتظر قال ابن قيم الجوزية في معرض رده على من ادعى أن محمد بن عبد الله المنصور العباسي هو المهدي المنتظر بأحاديث الرايات السود :”لم يكن فيه دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان بل هو مهدي من جملة المهديين وعمر بن عبد العزيز كان مهدياً بل هو أولى باسم المهدي منه”.
 
 
المقصد الثالث : سبب ترويج هذا القول ، وهل يشرع السعي لإقامة الخلافة .
 
قد يقول قائل : لماذا يقولون إن أسامة بن لادن هو المهدي المنتظر ؟ ولماذا يروجونه بين الناس ؟
 
والجواب :
 
– أن يعلم أن أسامة ابن لادن ليس أول رجل يُدَّعى أنَّه المهدي ! فقبله جيهمان وقبلهما آخرون .
 
– وثانياً : أنهم يروجون لهذه الأفكار تمهيداً للخروج على ولاة الأمر ، فعندما يخرجون على ولي الأمر القائم ، يقاتل الناس مع أسامة بن لادن : (المهدي المنتظر) بزعمهم ! ولا يقاتل الناس مع ولاة أمرهم القائمين .
 
– ثالثاً : أنَّ هؤلاء الخوارج الإرهابيين لا يتورعون في الكذب والافتراء بحجة مصلحة الدعوة (الصنم الإخواني) . والدعوة المرادة عندهم هي دعوة الإخوان الضالة المنحرفة عن الصراط المستقيم .
 
– رابعاً : أنهم يروجون لهذه الأفكار تضليلاً للناس عن الحق ، وامتداحاً لحالهم وشأنهم .
 
– خامساً : أنهم يروجون هذه الأفكار للطعن في ولاة الأمر القائمين .
 
– سادساً : أنهم يروجون هذه الأفكار ؛ لتحريض الناس على إتباعهم ونصرتهم في سبيل وصولهم إلى مآربهم تحت شعار القدسية المزيفة .
 
ومن شبههم في دعواهم هذه السعي لإقامة الخلافة الراشدة ولو بالكذب والبهتان والزور ، قال الألباني – رحمه الله تعالى – :”اعلم يا أخي المسلم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع ، فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي ! وهذه خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة ، وبخاصة الصوفية منهم ، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقاً ، بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته ، ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام ، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم ، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين ، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه ، وترك الاستعداد والعمل ؛ لإقامة حكم الله في الأرض ، بل العكس هو الصواب ، فإن المهدي لن يكون أعظم سعياً من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ظل ثلاثاً وعشرين عاماً وهو يعمل ؛ لتوطيد دعائم الإسلام ، وإقامة دولته !
 
فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً ، وعلماءهم – إلا القليل منهم – اتخذهم الناس رؤوساً ! لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد ، وتحت راية واحدة ، وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به .
 
فالشرع والعقل معاً يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين ، حتى إذا خرج المهدي ، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر ، وإن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم ، والله يقول { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ }”.
 
ووظيفة الأنبياء وأتباعهم : دعوة الناس إلى التوحيد ، أما السعي لإقامة خلافة راشدة فهذا من منهج الحزبيين وأصحاب التنظيمات السرية ، فقد سئل الشيخ أحمد النجمي : ما رأي فضيلتكم فيمن يقول : نحن الآن الواجب أن نسعى ، وأن نكرس جهودنا لإقامة خلافة راشدة ، فهل هذا التوجيه صحيح أم أنه خاطيء ؟
 
فأجاب حفظه الله :
 
هذا اتجاه خاطىء مائة في المائة الله سبحانه ماذا يقول لأنبيائه وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ أمرهم بالدعوة إلى التوحيد وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم وكل أتباعه في كل زمان ومكان هكذا يدعون إلى التوحيد وإلى الأسس التي قام عليها هذا الدين .
 
فإذا قلنا : نحن ندعو إلى خلافة فقد تركنا الأساس الذي أمر الله به ورسوله وأتينا بأساس آخر .
 
أما الخلافة فهي قد انقضت من زمن وستكون في آخر الزمان عندما يقدرها الله ويهيئها ولسنا مكلفين بالدعوة إلى خلافة وإنما كلفنا بالدعوة إلى التوحيد ومن دعا إلى خلافة فقد ترك ما كلفه الله به وأتى بما كلفه به أهل حزبه”.
 
 
الخاتمة :
 
فتبين مما سبق الأمور التالية :
 
– تواتر الأحاديث النبوية الواردة في المهدي المنتظر .
 
– أن المهدي المنتظر له صفات لا بد أن تنطبق عليه ، وأن تحديده بزمان معين أو برجل معين خلاف السنة إلا إن اجتمعت فيه جميع الصفات الواردة في الأحاديث ، وأن مرجع ذلك لأهل الحل والعقد من أهل العلم لا لعامة الناس وأهل الأهواء والبدع .
 
– أن الدولة السعودية دولة توحيد وسنة ، وحكامها يطبقون شرع الله عز وجل في جميع شئون البلاد .
 
– أن ابن لادن ضال خارجي لا تصدق عليه الصفات الواردة في المهدي المنتظر .
 
– أن أهل الأهواء أهل كذب وافتراء وغش ، يثيرون الشبه ؛ ليضلوا الناس عن الحق .
 
– عدم جواز الاعتماد على الرؤى والمنامات ، وإنما الاعتصام يكون بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة .
 
– أن الفتن والشبهات إنما يتصدى لها علماء الحق والسنة ليردوها على أصحابها ، وأن النجاة تكون بإتباع أهل الحق ، وأن الهلاك يكون بإتباع أهل الباطل والزيغ .
 
وإني في ختام هذه الرسالة أنصح كل مسلم ومسلمة أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم ، وأن لا يتكلموا في دين الله بلا علم ، وأن يحرصوا على لزوم السنة بفهم السلف الصالح ، ولا يغتروا بفلان من الناس وثناء الناس عليهم فإن العبرة بموافقة الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ، وعامة الناس من حيث هم ليسوا ميزاناً توزن بها الحقائق .
 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
والحمد لله رب العالمين .
 
 
 
 
لإخوة الفضلاء
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
أما بعد
 
فجزاكم الله خيراً على ما قلتم ووجهتم وأفدتم .
 
وأقول لأخينا أبي عبد الرحمن المكي : جزاك الله خيراً على هذه الفائدة النفيسة عن شيخنا أحمد النجمي ، وقد اتصلت بالشيخ أحمد النجمي حفظه الله تعالى الجمعة الموافق 3/7/1427هـ ، وسألته عن ذلك ؟
 
فقال : نعم المهدي المنتظر هذا عند الشيعة ! أما مهدي أهل السنة فيقال فيه (المهدي) دون تقييده بالمنتظر .
 
فقلت له : يا شيخ هناك من العلماء من أطلق هذه الكلمة واستعملها، وسمى بها كتابه مثل الشيخ حمود التويجري في كتابه (الاحتجاج بالأثر على من أنكر المهدي المنتظر) ؟
 
فقال حفظه الله تعالى : هذا اجتهاد منهم غفر الله لنا ولهم ، ولكن لا ينبغي استعمال هذه الكلمة ؛ لأنها من اصطلاحات الشيعة ! انتهى كلامه حفظه الله تعالى
 
وسوف أغير اسم الرسالة عند طباعتها إن شاء الله تعالى بما يناسب المقام
 
أخوكم المحب :
 
أحمد بازمول