بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين امتناع بعض الصائمين عن استعمال الفرشة والمعجون ظناً منهم أنه لا يجوز لهم ذلك وهذا خطأ لأن الفرشة في حكم السواك إلا أنه يجب عليه أن يتحفظ من دخول شيء إلى حلقه من محلوله . فإن دخل شيء في حلقه مع تحرزه فلا يضره إن شاء الله تعالى إلا إذا كان المعجون قوياً لا يستطيع مستعمله أن يتحفظ منه بحيث يصل إلى المعدة فهذا لا يجوز استعماله لأنه يؤدي إلى إفساد الصوم وما أدى إلى محرم فهو محرم.
ولكن أريد أن أذكر الذين يستعملون الفرشة ولا يستعملون السواك بأن السواك أفضل من الفرشة بكثير لمنافعه الجمة وأنا اشعر أن كثيراً من الناس لا يعلمون فوائد السواك
لذلك أسوق لهم كلاماً قيماً لابن قيم الجوزية يبين فيه أهميته: قال رحمه الله : قال صلى الله عليه وسلم ” لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة”
وقال صلى الله عليه وسلم ” السواك مطهرة للفم مرضاة للرب “
وقال صلى الله عليه وسلم “أكثرت عليكم في السواك”
و”كان صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك”
و”كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك”
وصح عنه من حديث أنه استاك عند موته بسواك عبد الرحمن بن أبي بكر
وأصلح ما اتخذ السواك من خشب الأراك ونحوه
ومتى استعمل باعتدال جلا الأسنان وقوى العمود وأطلق اللسان ومنع الحفر وطيب النكهة ونقى الدماغ وشهى الطعام.
وفي السواك عدة منافع :
– يطيب الفم .
– ويشد اللثة .
– ويقطع البلغم .
– ويجلو البصر .
– ويذهب بالحفر .
– ويصح المعدة .
– ويصفي الصوت .
– ويعين على هضم الطعام .
– ويسهل مجاري الكلام .
– وينشط للقراءة والذكر والصلاة .
– ويطرد النوم .
– ويرضي الرب .
– ويعجب الملائكة .
– ويكثر الحسنات
ويستحب كل وقت ويتأكد عند الصلاة والوضوء والانتباه من النوم وتغيير رائحة الفم ويستحب للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث فيه ولحاجة الصائم إليه.
ولأنه مرضاة للرب ومرضاته مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر ولأنه مطهرة للفم والطهور للصائم من أفضل أعماله انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنهم يظنون أن الاغتسال لا يجوز في نهار رمضان وهذا خطأ لأن النبي صلى عليه وسلم لم ينهَ عن الاغتسال للصائم بل اغتسل صلى الله عليه وسلم وهو صائم.
فعن عائشة رضي الله عنها “كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم”
وعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر”
وبَلَّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوباً فألقاه عليه وهو صائم.
فيه جواز الدلك للمغتسل من جهة أن بلل الثوب إذا طالت إقامته على الجسد حتى جف ينزل ذلك منزلة الدلك
وقال أنس : إن لي أَبْزَن أتقحم فيه وأنا صائم .
والأَبزن : حجر منقور شبه الحوض .
واتقحم فيه أي أدخل فيه .
وكأن الأبزن كان ملآن ماء فكان أنس إذا وجد الحر دخل فيه يتبرد بذلك.
ودخل الشعبي الحمام.
وقال الحسن : لا بأس بالمضمضة والتبرد للصائم
وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: باب اغتسال الصائم .
أي بيان جوازه وأطلق الاغتسال ليشمل الأغسال المسنونة والواجبة والمباحة.
والشيعة يعتقدون أن من انغمس في الماء فسد صومه وهذا خطأ بين ظاهر كما سبق بيانه لأن الانغماس في الماء والسباحة في حكم الغسل لكن ينبغي له أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه.
ومن الأخطاء أن بعض الصائمين يظن أنه لا يجوز استعمال الصابون مع الاغتسال ويتحرجون من استعماله وهذا خطأ فلا حرج من الاغتسال بالماء والصابون في نهار رمضان.
ومن الأخطاء قول بعضهم غسل الشعر في نهار رمضان يفطر لأن الماء يدخل عن طريق مسام الرأس فلا يجوز غسله وهذا قول باطل فغسل الشعر في نهار رمضان لا يفطر ولا يدخل الماء في مسام شعر الرأس وقد كان صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو صائم.
ومن الأخطاء أن بعض الصائمين يتحرج من الدم الخارج من الأنف أو الخارج من اللثة عند مسحها أو عند السواك ويظن أن عليه القضاء
وهذا لاشك أنه خطأ لأن خروج الدم قَلَّ أو كثر هو ناشئي بغير اختياره فلا يترتب عليه الحكم بالفطر قال تعالى {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}.
وكذا لا يضر خروج الدم لو كان ناشئاً عن قلع ضرس أو ضربة في الأنف أو الفم لكن ينبغي له أن لا يبلع الدم فإن بلعه دون اختياره فلا شيء عليه.
قال شيخ الإسلام: خروج الدم الذي لا يمكن الاحتراز منه كدم المستحاضة والجروح والذي يرعف ونحوه لا يفطر انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه إذا تضايق من طعام وشراب أدخل يده في حلقه ليستفرغ أو يعمل ما يجعله يستفرغ لأن تعمد القيء أي الاستفراغ من المفطرات.
وأما إذا خرج القيء من تلقاء نفسه دون عمل منه فلا شيء عليه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض”
فقوله “ذرعه” أي غلبه فخرج دون إرادته .
وقوله “استقاء” أي طلبه فتعمد إخراجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا استقاء أفطر وإن غلبه القيء لم يفطر انتهى
وقال ابن قيم الجوزية: من تمام الاعتدال في الصوم التفريق بين ما يمكن الاحتراز منه و بين ما لا يمكن الاحتراز منه فلم يفطر بالاحتلام ولا بالقيء الذارع كما لا يفطر بغبار الطحين وما يسبق من الماء إلى الجوف عند الوضوء والغسل انتهى
وهنا لا بد من بيان مسألة يحتاج إليها وهي إذا أحس بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها فهل يجب على الصائم أن يمنع خروجه أم لا ؟
والجواب هو أن الصائم لا يمنعه و لا يفعل شيئاً بل يتركه فإن خرج من تلقاء نفسه فلا شيء عليه.
و مما يحتاج إليه الصائم إذا قاء أي خرج القيء ثم بعد خروجه دخل شيء من القيء في جوفه دون إرادته فلا يضره إن شاء الله تعالى .
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين .
أخوكم
أحمد بن عمر بن سالم بازمول