ما لايصح في الصيام | الحلقة الخامسة والعشرون ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين في طوافه عند أداء العمرة أنه يرفع صوته بالدعاء والذكر وقراءة القران ومنهم من يتكلم كلاماً لا يليق بالطواف من كلام الدنيا أو كلام محرم كغيبة ونحو ذلك وقد يكونون جماعة كلهم يرفعون أصواتهم وهذا لا شك أنه من الأخطاء المنتشرة الظاهرة بين المسلمين إذ الواجب عليهم أن لا يشوشوا على إخوانهم ولا يؤذوهم وأن يدعوا بصوت يسمع نفسه لا من حوله.
فعن أبي موسى قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم”
وعن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال صلى الله عليه وسلم “إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن”
وعن أبي سعيد الخدري قال : اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة فكشف الستور وقال صلى الله عليه وسلم “ألا إن كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة”
وسئل الآجري عن قوم يطوفون ويقرؤون القرآن في طوافهم ويجهرون بقراءتهم حتى يغلطوا من يليهم في الطواف ممن يدرس القرآن أو ممن يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل فيتأذى بهم كثير من الطائفين بما يجهرون بقراءتهم فإذا قيل لهم لا تجهرون بقراءتكم فجوابهم لمن ينكر عليهم الجهر أن يقولوا نتلو كتاب الله عز وجل فلم تنكر علينا؟
فقال : الجواب يجب على من سمعهم يجهرون بالقراءة في الطواف أن ينكر عليهم ويعظهم ويأمرهم بأن يقرؤوا قراءة يسمعون أنفسهم ويتدبروا ما يتلون من كتاب الله.
فإن قال قائل : ما الحجة لك في نهيك إيانا عن الجهر بالقرآن في طوافنا ؟
قيل له : دخل النبي صلى الله عليه و سلم المسجد والناس يصلون في رمضان ويجهر بعضهم على بعض فقال : لا يجهر بعضكم على بعض فإن ذلك يؤذي المصلي.
فإن قال قائل : هذا في الصلاة لا يجهر بعضكم على بعض ونحن في الطواف؟
قيل له : يا غافل اعلم أن الصلاة عبادة والطواف عبادة ولا تحسن العبادة إلا بعلم وعقل.
ثم اعلم رحمنا الله و إياك أن الناس في الطواف على وجوه :
منهم من يقرأ القرآن يسمع نفسه و يتدبر ما يقرأ
ومنهم من يذكر الله عز وجل بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يعظم الله عز وجل بقلبه ولسانه.
ومنهم من يتفكر في نعم الله الكريم عليه فيشكره عليها
ومنهم من يتفكر في ذنوب بينه وبين الله عز وجل فيستغفر الله عز وجل عن ذلك
فإذا سمعوا من يجهر بالقراءة أذاهم و يغلط عليهم ما هم فيه فنهوا عن ذلك
فينبغي لمن عبد الله عز وجل في صلاة أو طواف أو أي عمل من أعمال البر أن يتعلم كيف يعبد الله عز وجل حتى يحسن عمله ويحبه الله عز وجل ويحبه المؤمنون
ثم أقول ينبغي لمن كان في المسجد الحرام بقرب الطواف وهو يدرس أن لا يجهر بقراءته إذا كانوا يسمعونه كراهية أن يشق عليهم أو يغلطهم بل يخفي قراءته ويسمع نفسه فإن لم يفعل فقد أخطأ.
فإن تباعد عن الطواف إلى موضع إذا جهر بقراءته لم يتأذَ به أهل الطواف فلا بأس فإن كان يعلم أن بقربه قوم يصلون النوافل لم يجهر بقراءته خشية أن يغلطهم .
والذين يتحدثون في الطواف ويقبل بعضهم على بعض الإقبال الشافي حتى يشغلوا قلوب الطائفين هذا كله خطأ منهم وغفلة عظيمة .
فإن قيل : أبيح لنا الكلام في الطواف ؟
قيل له قال النبي صلى الله عليه وسلم ” الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله عز وجل أحل لكم فيه الكلام فمن نطق فلا ينطق إلا بخير “
وقيل له من الخير أن يسلم الرجل على الرجل ويسأله عن حاله وأهله أو يأمر الرجل الرجل بمعروف أو ينهاه عن المنكر أو أشباه ذلك مما يعلمه ما قد جهله في طوافه ثم هو بعد ذلك مقبل على الله عز وجل في طوافه خاشع بقلبه ذاكر بلسانه متواضع في مسألته يطلب فضل مولاه و يعتذر إليه .
ومن كان في طوافه بغير هذا النعت ساهي القلب مشغول بذكر الدنيا مقبل على من يحادثه مصغي إليه قد آثر محادثة المخلوق على ذكر الخالق إذا طاف فبغير تمييز وإن ذكر الله عز وجل فبغير تدبر قد غلب على قلبه ولسانه الخوض فيما لا يعني ساهي غافل لاهي جسمه حاضر وقلبه غائب ولعله يرضي محادثه بغيبة الناس والوقيعة في أعراضهم فمثل هذا هو إلى الخسران أقرب منه إلى الإرباح لعل البيت الحرام يضج منه إلى الله عز وجل ولعل الملائكة تتأذى به و كثير من الطائفين يتبرمون به فقد اكتسب من هذا نعته ذنوباً و جب عليه التوبة منها انتهى
قال أحمد العدوي : اعلم أن رفع الصوت في المسجد الحرام بذكر أو بتلاوة أو غير ذلك منهي عنه والجهر بالذكر والأدعية بدعة والتشويش على المصلين على الطائفين والمصلين وغيرهم حرام دل على ذلك الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف الصالح واتفق الأئمة الأربعة و أصحابهم انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المعتمرين أنهم إذا أحرموا وطافوا كشفوا عن كتفهم الأيمن وهو المعروف بالإضطباع وهذا خطأ لأن هذا الكشف المعروف بالإضطباع مشروع فقط في طواف القدوم دون غيره من الطواف وأعمال الحج والعمرة قال الألباني : الإضطباع أن يدخل الرداء من تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على يساره ويبدي منكبه الأيمن ويغطي الأيسر وهو بدعة قبل هذا الطواف أي القدوم و بعده انتهى
ويزداد الأمر سواءً إذا صلى وهو كاشف لكتفه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء “
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المعتمرين في الطواف أنهم يرملون أي يسرعون في المشي والرمل هو المشي مع تقارب الخطى وبعضهم يجري وهذا لا شك أنه خطأ غير مشروع في طواف العمرة إنما هو مشروع في طواف القدوم في الأشواط الثلاثة الأول فقط فهو من البدع المحدثة المنتشرة بين الناس فالزم السنة ولا تغتر بفعل الجهلة و لو كثروا.
وأسوق لكم الآن ما ذكره أهل العلم من البدع التي يقع فيها بعض الطائفين بالبيت فمن بدع الطواف : صلاة المحرم إذا دخل المسجد الحرام تحية المسجد وإنما تحيته الطواف ثم الصلاة خلف المقام كما فعل صلى الله عليه وسلم.
ومن البدع: قوله نويت بطوافي كذا و كذا
ومن البدع رفع اليدين عند استلام الحجر كما يرفع للصلاة وإنما المشروع استلامه بيد واحدة والإشارة بيد واحدة إن لم يمكن استلامه
ومن البدع المزاحمة على تقبيل الحجر الأسود ومسابقة الإمام بالتسليم في الصلاة لتقبيله
ومن البدع قول الطائف عند استلام الحجر اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك
ومن البدع وضع اليمنى على اليسرى حال الطواف
ومن البدع القول قبالة باب الكعبة اللهم إن البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار مشيراً إلى مقام إبراهيم عليه السلام
ومن البدع قولهم اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور
ومن البدع تقبيل الركن اليماني
ومن البدع تقبيل الركنين الشاميين والمقام و استلامهما
ومن البدع ما يفعله بعضهم من كشف سرته ووضعها على مسمار في وسط البيت ويتبطح بها على ذلك الموضع حتى يكون واضعاً سرته على سرة الدنيا.
ومن البدع التزام قراءة القران في الطواف
ومن البدع ربط الخرق بالمقام أو المنبر أو في ستارة الكعبة لقضاء الحاجات
ومن البدع التزامهم بذلك الكتاب الذي يقرؤونه في الأشواط السبعة و في السعي.
ومن البدع : دعاؤهم في الطواف بأدعية متكلفة ملحونة محرفة غير مأثورة برفع أصواتهم
ومن البدع : طواف النساء مختلطين بالرجال خصوصاً أيام الموسم فتقع الزحمة بينهم ويكثر رفع الصوت
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
 
أخوكم
أحمد بن عمر بازمول