ما لايصح في الصيام | الحلقة السادسة والعشرون ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين ما تفعله بعض النساء إذا أتوا للصلاة في المسجد دخلت مع الإمام وتسلم بسلامه وقد فاتها من الصلاة ركعة أو ركعتين ولا تقضي ما فاتها من الصلاة وهذا لا شك أنه خطأ فالجواب عليها أن تكمل ما فاتها من الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم ” ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا”
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض النساء أنها إذا جاءت والإمام في الركعة الثانية صلت ركعة بمفردها ثم دخلت مع الإمام حتى تسلم معه وهذا خطأ منها بل عليها أن تدخل مع الإمام وتقضي ما فاتها من الصلاة بعد سلام الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم ” وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا “
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض النساء أنها إذا نفست وطهرت قبل الأربعين لا تصلي ولا تصوم حتى تتم أربعين يوماً وهذا لا شك أنه خطأ لأن النفاس لا حد لأقله قال الترمذي رحمه الله : قد أجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض أئمة المساجد أنهم يطيلون في دعاء القنوت إطالة واضحة وهنا تكون المشقة فيحصل الضرر والحرج وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمراعاة حال المصلين فقال “إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء”، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه عليه”، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أطال الصلاة ” يا معاذ أفتان أنت “
فهذه الأحاديث صريحة في الدلالة على التخفيف بالناس في الفريضة فما بالك بالنافلة .
قال الإمام البغوي : يكره إطالة القنوت انتهى
قال الشيخ عبدالله بن قعود : ما يفعله بعض الأئمة من التزام الإطالة في الدعاء إطالة يربو زمنها على الزمن الذي قضيت فيه الصلاة جميعها أو حتى على زمن القيام فيها أو التشهد فهو مخالف لسنته صلى الله عليه وسلم واعرض على هذا وعلى الألفاظ الواردة في النوازل ما يفعله بعض الأئمة من قراءة آيتين أو ثلاث في الوتر أو غيرها عند النوازل ثم يأتي بعده بشبه محاضرة لترى موافقة هذا العمل للسنة أو مخالفته وأما استعمال السجعات والكلمات المنمقة التي تشد الداعي ألفاظها أكثر مما تشده معانيها أو التزام دعاء معين غير وارد فيها يكرر فيه كتكرير الواجب في الصلاة من الأقوال فهذا لا يجوز وحري أن تبطل صلاة من عرف هذا الحكم من مظانه ومصادره وخالفه وحري أن لا يستجاب معه دعاء انتهى
ومن الأخطاء أن بعضهم يخرج زكاة فطره قبل رمضان أو يخرجها في رمضان قبل اليومين الأخيرين وهذا خطأ لا تقبل منه زكاة فطره لأن زكاة الفطر لها موعد محدد شرعاً ألا وهو قبل العيد بيوم أو يومين.
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه إذا اعتكف يقع في بعض الأمور التي ينبغي له تجنبها وقد يأتيه الزوار ليلاً ونهاراً وقد يتحدثون أحاديث محرمة وهذا خطأ لأنه ينافي الاعتكاف فالاعتكاف هو أن يلزم الإنسان مسجداً لطاعة الله سبحانه وتعالى بحيث يتفرغ من أعمال الدنيا إلى طاعة الله بعيداً عن شئون دنياه ويقوم بأنواع الطاعة من صلاة وذكر وغير ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف ترقباً لليلة القدر والمعتكف يبعد عن أعمال الدنيا فلا يبيع ولا يشتري ولا يخرج من المسجد ولا يتبع جنازة ولا يعود مريضاً ولا يجيب دعوة ولا يقضي حوائج أهله ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد وما يفعله بعض الناس من كونهم يعتكفون ثم يأتي إليهم الزوار أثناء الليل وأطراف النهار وقد يتخلل ذلك أحاديث محرمة فذلك منافٍ لمقصود الاعتكاف.
ولكن إذا زاره أحد من أهله وتحدث عنده فذلك لا بأس به فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زارته زوجه صفية رضي الله عنها وهو معتكف فتحدثت عنده .
المهم أن يجعل الإنسان اعتكافه تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى فعن عائشة رضي الله عنها قالت “السنة على المعتكف أن لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع”
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان أي من بول وغائط
وعنها رضي الله عنها قالت “إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة”
قال الترمذي : العمل على هذا عند أهل العلم : إذا اعتكف الرجل أن لا يخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان واجتمعوا على هذا أنه يخرج لقضاء حاجته للغائط والبول انتهى
قال ابن قيم الجوزية : حقيقة الاعتكاف المشروع وهو جمعية العبد على ربه وخلوته به وكان النبي يحتجر بحصير في المسجد في اعتكافه يخلو به مع ربه عز وجل ولم يكن يشتغل بتعليم الصحابة وتذكيرهم في تلك الحال ولهذا كان المشهور من مذهب أحمد وغيره أنه لا يستحب للمعتكف إقراء القرآن والعلم وخلوته للذكر والعبادة أفضل له واحتجوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
وقال ابن قيم الجوزية : و لم يباشر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة و لا غيرها انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المعتكفين أنهم ينصبون الخيام أو القبب في المساجد و هذا خطأ لأن فيه تضييقاً على المصلين والنبي صلى الله عليه وسلم إنما فعله للبرد
قال ابن قيم الجوزية :كراهته للمعتكف أن يعتكف في خيمة إلا أن يكون برداً لأن الخيمة تضيق المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في زمان بارد في قبة وخيمة يدل عليه قوله “إني أسجد في صبيحتها في ماء وطين” رواه ملسم وأحمد فعلم أن الزمان بارد لوجود المطر انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يخصص يوماً بعينه للاعتكاف فيه وهذا خطأ؛ لأنه ليس له أن يخصص يوماً بعينه يعتاد الاعتكاف فيه لكن يحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الخطأ ظن بعض النساء أن المرأة إذا كانت مستحاضة فلا يجوز لها أن تعتكف وهذا خطأ فالمستحاضة تصلي وتصوم وتعتكف بشرط أن لا يتلوث المسجد بدمها؛ لأن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفت وهي مستحاضة فعن عائشة رضي الله عنها قالت : اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه فكانت ترى الصفرة والحمرة فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي .
قلت هذه المرأة هي أم سلمة رضي الله عنها
قلت : ويلحق بالمستحاضة دائم الحدث ومن به جرح يسيل إذا أمن التلوث
ومن الأخطاء ظن بعضهم أنه يجوز له أن يعتكف في البيت وهذا خطأ لأن الاعتكاف لا يشرع إلا في المسجد الجامع.
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
 
أخوكم
أحمد بن عمر بازمول