ما لايصح في الصيام | الحلقة السابعة والعشرون ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنهم يغفلون عن تحري وطلب ليلة القدر وهي في أوتار العشر الأواخر من رمضان قال صلى الله عليه وسلم عن رمضان ” فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم “
وقال صلى الله عليه وسلم ” اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي”
وقال صلى الله عليه وسلم ” التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر”
ومن الأمور التي تفوت على المسلم أجراً كثيراً أنه لا يقول الدعاء المأثور الوارد في ليلة فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال صلى الله عليه وسلم “قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”
أقول: وبعض الناس يزيد كلمة (كريم) بعد عفو ولم ترد في الرواية فالسنة الاقتصار على قول (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) .
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين ظنهم أن من علامات ليلة القدر وصباحها :
– أن ماء البحر يكون عذباً .
– وظنهم أن الكلاب لا تصيح فيها وأن الحمير لا تنهق فيها .
– وأن الأشجار تضع فروعها على الأرض .
– وأن الواحد يرى النور فيها ساطعاً حتى في الأماكن المظلمة .
– وأن الملائكة تسلم على أهل المساجد .
– وأنهم يرون قناديل ومصابيح تنزل من السماء .
– وأن السماء تتشقق.
فهذه الأمور لم تثبت في دليل شرعي على أنها من علامات ليلة القدر، فلا يجوز لمسلم أن يدعي أنها من علاماتها إلا بدليل شرعي ثابت من الكتاب أو السنة أو قول الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .
وقد بينت السنة الصحيحة أمارات تلك الليلة :
ا/ أنها في أوتار العشر الأواخر كما قال صلى الله عليه وسلم ” التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر”
2/ أن الشمس تطلع في صبيحتها بلا شعاع ضعيفة حمراء حتى ترتفع ثم يأتي الشعاع بعد ارتفاعها فقد قال أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأمرتها : فأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع.
و في رواية بلفظ ” تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء”
3/ أن الملائكة ليلتها أكثر من عدد الحصى قال صلى الله عليه و سلم ” ليلة القدر سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى “
4/ أن ليلتها مشرقة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم قال صلى الله عليه وسلم “ليلة القدر ليلة بلجة ـ أي مشرقة ـ لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها”
وقال صلى الله عليه و سلم ” ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ـ أي سهلة طيبة ـ لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء”
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين فقيل له بأي شيء علمت ذلك فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطست لا شعاع لها “
فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلممن أشهر العلامات في الحديث وقد روى في علاماتها أنها ليلة بلجة منيرة وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد.
ومن الأمور التي يقع فيها بعض الصائمين ظنهم أن ليلة القدر هي فقط ليلة سبع وعشرين بالتحديد ! وهذا خلاف السنة والصحيح أن ليلة القدر أخفاها الله لحكمة أرادها لأجل أن يجتهد المسلم في العشر الأواخر من ليالي رمضان طلباً لهذه الليلة فيكثر عمله ويجمع بين كثرة العمل في سائر ليالي العشر الأواخر من رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها فيكون جمع بين الحسنيين .
فإن قيل : قال صلى الله عليه و سلم : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ؟
فالجواب : الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً قال “إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر “
وقال صلى الله عليه وسلم ” تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر “
وقال صلى الله عليه وسلم ” تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين “
وقال صلى الله عليه وسلم ” اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان”
فهذه الأحاديث أفادت أن ليلة القدر متنقلة في أوتار العشر الأواخر .
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين اعتقادهم وجوب التختيم في ليلة السابع والعشرين من رمضان وهذا خطأ لأن التختيم أصلاً ليس من السنة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام.
ومن الأخطاء المبتدعة ما اعتاده بعض المسلمين من السهر في ليالي رمضان في غير بيوتهم لتلاوة القران بأجرة هو بدعة سواء قصدوا بذلك حصول البركة لهذه البيوت ولأهلها أو قصدوا هبة ثواب ما قرؤوا لأهلها أحياء وأمواتاً فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله فكان بدعة محدثة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” و قال صلى الله عليه وسلم ” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد” وعلى هذا فلا أجر لمن فعله ولا لمن ساعد عليه بل عليه وزر؛ لابتداعه وإحداثه في الدين ما ليس منه .
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه يعتقد ويظن أن شهر رجب أفضل من شهر رمضان وهذا لا شك أنه خطأ لا قائل به إلا أهل البدع قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : رمضان أفضل الشهور انتهى
ومن الأخطاء ظن بعضهم أن تربة النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة وهذا لا شك أنه بدعة من القول قال شيخ الإسلام ابن تيمية : مكة أفضل بقاع الأرض وهو قول أبي حنيفة والشافعي ونص الروايتين عن أحمد ولا أعلم أحداً فضل تربة النبي صلى الله عليه وسلم على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه إليه أحد ولا وافقه عليه أحد.
والصلاة وغيرها من القرب بمكة أفضل والمجاورة في مكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان وتضاعف السيئة والحسنة بمكان أو زمان فاضل ذكره القاضي وابن الجوزي انتهى
قلت : وقد جاء في فضل الصوم في مكة حديث موضوع مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أدرك رمضان بمكة فصام وقام منه ما تيسر له كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواها وكتب الله له بكل يوم عتق رقبة وكل ليلة عتق رقبة وكل يوم حملان فرس في سبيل الله وفي كل يوم حسنة وفي كل ليلة حسنة “
وهذا حديث موضوع مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن ماجه في السنن والبيهقي في شعب الإيمان والحديث ضعفه البيهقي في الشعب وقال أبوحاتم : هذا حديث منكر انتهى وقال الألباني : هذا موضوع ولوائح الوضع عليه ظاهرة انتهى
قلت : ومثله الحديث الذي رواه ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رمضان بمكة أفضل من ألف رمضان بغير مكة”
وهذا حديث ضعيف لا يصح
أخرجه البزار وضعفه وكذا ضعفه الهيثمي والألباني .
قلت : وقد جاء حديث باطل مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم فعن بلال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها من البلدان وجمعة بالمدينة خير من ألف جمعة فيما سواها من البلدان “
وهذا حديث باطل لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم .
أخرجه الطبراني وابن عساكر.
والحديث قال عنه الذهبي: هذا باطل والإسناد مظلم انتهى
وضعفه المناوي
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
أخوكم
أحمد بن عمر بازمول