ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهذه هي الحلقة الثامنة من سلسلة صيانة السلفي من وسوسة وتلبيسات الحلبي – بحمد الله تعالى – والتي كشفت فيها عن بعض وسوسة الحلبي وتلبيساته في كتابه الذي سماه بـ”منهج السلف الصالح”.
وقد سبق في الحلقة السابعة مناقشة الحلبي في طعنه في بعض علماء السلفية الذين لا يشك أحد في علمهم وورعهم وتقواهم بأسلوب ماكر، فهو لم يذكرهم بأسمائهم ولكن ذكر أموراً يعرف كل سلفي أنها لهم، وأخذ يفسرها ويهول فيها على خلاف الحق.
وقد لقيت بحمد الله تعالى قبولاً واستحساناً من كثير من العلماء وطلاب العلم، وقد انتفع بها كثير ممن كان مغتراً بالحلبي محسناً الظن به، فظهر حاله وانكشف أمره – بفضل الله أولاً وآخراً – ثم بفضل العلماء السلفيين الذين علمونا المنهج السلفي الصحيح، وحفظوه لنا من التبديل أو التحريف أو التعطيل جزاهم الله عنَّا جميعاً خيراً .
وفي هذه الحلقة – إن شاء الله تعالى – استكمل شيئاً من طعن الحلبي في العلماء السلفيين!
وأسوق لك أخي القارئ كلام الحلبي الذي يطعن فيه على علماء الأمة:
قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص 66) :
(وهكذا… فلا يَخْلُو بَلَدٌ إِسْلاَمِيٌّ -وَلِلأَسَفِ- مِنْ مِثْلِ هَذا الاخْتِلاف، وَالتَّخَاصُم، وَالتَّدَابُر، وَالتَّهَارُش!!) .
وقال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص83) حاشية رقم (2) :
(وإلا فأروني بالله عليكم بلداً واحداً فقط كلمة السلفيين فيه مؤتلفة )
وقال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص129) :
(وَمَا أَجْمَلَ -وأعْظَمَ- مَا قَالَهُ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّة فِي «مَجْمُوع الفَتَاوَى» (4/51):
«فَالثَّبَاتُ وَالاسْتِقْرَارُ فِي أَهْلِ الحَدِيثِ وَالسُّنَّة أَضْعَافُ أَضْعَافِ أَضْعَافِ مَا هُوَ عِنْد أَهْلِ الكَلاَمِ وَالفَلْسَفَة…
وَأَيْضاً؛ تَجِدُ أَهْلَ الفَلْسَفَةِ وَالكَلاَمِ أَعْظَمَ النَّاسِ افْتِراقاً وَاخْتِلافاً مَعَ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُم أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ حَقٌّ مَقْطُوعٌ بِهِ قَامَ عَلَيْهِ البُرْهَان!
وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالحَدِيث أَعْظَمُ النَّاسِ اتِّفَاقاً وَائْتِلافاً.
وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنَ الطَّوَائِفِ إِلَيْهِم أَقْرَبَ؛ كَانَ إِلَى الاتِّفاق وَالائْتِلاف أَقْرَبَ».
قُلْتُ – القائل هو الحلبي – :
باللـهِ عليكم.. فلنجب بصدق وشفافية:
أين هُوَ هذا (الثَّبَاتُ) و(الاسْتِقْرارُ) في كثير من إخواننا السَّلَفِيِّين -اليَوْمَ-، وَقَدْ عَمَّ الخِلافُ، وقل الإنصاف، وكثر الاختلاف وندر الائتلاف- في عموم أنحاء الدنيا – وللأسف الشديد – -؛ حَتَّى صِرْنا -بِذَا- أو كدنا فِتْنَةً لِغَيْرِنا؟!!)
وقال الحلبي فيما سماه بمنهج السلف (246) حاشية رقم (1) :
(وَنَحْنُ نَرَى -الآنَ-وَلِلأَسَفِ- أَقُولُهَا بكُلِّ أسىً- أَنَّ دَعْوَةَ السَّلَفِ فِي تَقَهْقُرٍ وَانْدِحَار؛ بِسَبَبِ هذا الذي أَصَابَهَا مِنْ تَفَرُّقٍ، وَاخْتِلاف، وَتَدَابُر، وانهِيار!
وَإِلاَّ -بِاللَّـهِ عَلَيْك- إن كنت منصفاً – سَمِّ لِي بَلَداً وَاحِداً لَيْسَ فِيهِ هَذَا التَّفَرُّقُ، أو ذَلِكَ التَّشَرْذُمُ -بِسَبَبِ الغُلُوِّ فِي التَّبْدِيع، وَعَدَمِ الانْضِباطِ بِالرِّفْق- مِنَ الحِجَاز وَنَجْد، إِلَى الخَلِيج، إِلَى الشَّام، إِلَى الشَّرْقِ الأَقْصَى، فَأُورُوبَّا، وَأَمْرِيكا-!!
وَإِنِّي لأَتَكَلَّمُ عَنْ خِبْرَةٍ وَدِرايَة، لاَ عَنْ جَهْلٍ وتسرع وَغِوايَة…
وَرَبِّي يَشْهَد..
ولكنَّ الأمَلَ بالله -تعالى- عظيمٌ: أنْ ينْقَمِعَ هذا الغُلُوُّ ويهتدي أصحابُهُ، وأن يُفْتَحَ لأهلِ الحقِّ -بالحقِّ- بابُهُ…” انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- يرمي الحلبي السلفيين بالتفرقة والاختلاف قاصداً بذلك الطعن في منهج بعض مشايخ السلفيين، وأنه أدى إلى ذلك، وادعى الحلبي أن هذا التفرق والاختلاف لا يخلو منه بلد مسلم، ولم يوضح الحلبي في أي المسائل وقع الاختلاف بين السلفيين.
2- والاختلاف أنواع : فهناك اختلاف تنوع واختلاف تضاد: واختلاف التنوع كله حق كاختلاف القراءة المتواترة. وأما اختلاف التضاد: فلا يخلو إما أن يكون في مسائل الاجتهاد التي لا دليل عليها بالخصوص فهذا يقال فيه لا إنكار في مسائل الاجتهاد، وأما في مسائل شرعية ثبت فيها الدليل فهذا الاختلاف يجب فيه الرجوع إلى الدليل والعمل به ومن خالفه فهو مذموم! ومن الاختلاف المذموم مخالفة ما كان عليه السلف الصالح فلا يقر المخالِف بل ينصح ويعلم وإلا حذر منه وفضح حاله قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202) :” الواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده، ودعا إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم
من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله بإتباعه في قوله جل وعلا {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون} ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولاً وأعداء الإسلام من الإنس ثانياً ، لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن ، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم ، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه” انتهى
3- ومن الأمور الخطيرة اعتبار الحلبي كلام بعض العلماء السلفيين في المخالفين لمنهج السلف الصالح من أسباب الفرقة والاختلاف، واعتباره أن التحذير منهم هو السبب الرئيس مع أن كلام العلماء مبني على الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة الذي من تمسك به زال عنه الاختلاف! وقد طلب الحلبي الجواب بصدق وشفافية حيث قال (بالله عليكم .. فلنجب بصدق وشفافية) انتهى.
أقول: الحق أنك يا حلبي لا تريد الصدق والشفافية كما هو ظاهر حالك لكن نتجاوب مع هذا الكلام بصدق وشفافية فنقول: أنت ومن تدافع عنهم أسباب هذه الفتن التي تجري في كل البلدان باسم السلفية فأنتم دعاة فرقة وفتن وتأصيلات باطلة تدعم هذه الفرقة والفتن وتؤججها . أما ترميهم بما فيك! فهم – والله – دعاة حق يدعون إلى الاعتصام بالكتاب والسنة ويحذرون أشد التحذير من التفرق والاختلاف. فلا تضرب ثم تبكي!!
4- ورمي الحلبي للسلفيين بالتفرقة فيه مشابهة للحزبيين وأهل البدع الذين يرمون السلفيين بالتفرقة فقد سئل الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي كما في الفتاوى الجلية (2/23-25رقم2) السؤال التالي : فضيلة الشيخ نرجو بيان كلمة مختصرةٍ جدًّا حول ما يشيعه بعض الحزبيين عن أهل المنهج السلفي، وافترائهم عليهم, وأنَّ السلفيين جاءوا بالتفريق لكلمة المسلمين، وذلك عندما بينوا حال بعض الجماعات الإسلامية ومنظريها، والَّتِي خالفت نَهج الأنبياء والمرسلين، وما كان عليه سلفنا الصالح من العقيدة الحقة، والدعوة السليمة الموافقة لِمَا فِي كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نرجو منكم يا شيخنا الرد على شبهة هؤلاء الضلال -كفانا الله شر الأفاكين- وجزاكم الله خيرًا؟
فأجاب رحمه الله تعالى بقوله : إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لاشريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله أمَّا بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ج وشر الأمور محدثاتُها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة؛
أما بعد:
طلب منِّي بعض الإخوة أن أقدم كلمات بِها نصيحة توجيهية، والذي أراه أنه ينبغي الكلام فيه هو منهج السلف -رحمهم الله-، فهذا كلام باختصار أقول فيه:
منهج السلف الصالح هو منهج واضح لا غبار عليه، ولا قصور فيه ولا لبس؛ بل هو واضح لكل أحد؛ منهج السلف الصالح هو الدعوة إلى كتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى فهم السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث أهل السنة والجماعة؛ الذين ورثوا هذا الدين عن نبيهم، وعن صحابة نبيهم -صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنهم-؛ هذا هو المنهج الذي يدعو إليه السلفيون.
ومن زعم بأن السلفيين هم الذين جاءوا بالتفريق، وهم الذين جاءوا باختلاف الكلمة، فقد كذب، وافترى فرية يسأله الله عنها, فوالله ما جاء بتفريق الكلمة إلاَّ أصحاب الحزبيات؛ الذين جاءوا ببدع، وهم الذين جاءوا بِهذا، وهم الذين سببوا التفرقة، ولكن عندما يتكلم متكلمهم أو يكتب كاتبهم، فيرمي السلفيين بأنَّهم هم الذين فرقوا، فإنه قد وقع فيما قيل: رمتني بدائها وانسلت، وهذا قلب للحقائق، وسيسأل الله عن هذا الكلام من قاله، ويعلم الله عالم الغيب والشهادة الذي يعلم السر وأخفى من السر، فهو يعلم من الذي جاء بالتفرقة ومن الذي جاء باختلاف الكلمة، ومن الذي سبب هذا، وما يقوله، وينتحله بعض الناس في السلفيين، فما هذا إلاَّ صدٌ عن سبيل الله، ورميٌ للسلفيين بما ليس فيهم، والخصومة بيننا وبين الحزبين بين يدي الله؛ لابد أن نجتمع في الخصومة نحن وإياهم، والله يقول: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ [الحج: من الآية19]. نسأل الله أن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى, وأن يكفيهم شر هؤلاء الحزبيين؛ الذين يَضلون، ويُضِلون، ونسأل الله أن يعين أهل المنهج السلفي على الصبر، وعلى التمسك بدينهم، الدين الحق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم”. انتهى وقال الشيخ أحمد النجمي أيضاً في الفتاوى الجلية (2/25-31) :” الردود واجبةٌ بوجوب الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، فكما أنَّه لا يجوز لنا أن نقرَّ الباطل مهما كان نوعه؛ سواءً كان في الأخلاق أو في المعاملات أو في العبادات أو في العقائد وهو الأهم …
الردود الَّتِي تقع إنَّما تقع على أقوامٍ أخطأوا في العقيدة أو في غيرها, فأدخلوا في الإسلام ما ليس منه؛ أحلوا حرامًا أو حرموا حلالاً أو أباحوا ممنوعًا أو سكتوا عن الشرك، وغضوا الطرف عن أهله, أو ابتدعوا بدعةً في الدين حتى يظنُّ الظان أنَّ تلك البدع من الدين.
فمن أجل ذلك ردَّ أقوامٌ من السلفيين على أقوامٍ من المبتدعة، وبينوا الأخطاء الَّتِي وقعوا فيها, سواءً كانت في العقيدة أو في المعاملات أو في العبادات، وإنَّ هؤلاء الذين فعلوا ذلك، وكلفوا أنفسهم بالرد إنَّما فعلوا ذلك بيانًا للحق، ودفعًا للباطل، وذودًا عن الدين، وحمايةً له من أن يدخل فيه ما ليس منه، فهؤلاء قد فعلوا ما أمر الله به، ولَم يكن منهم اعتداء على أحد ولا خروجٌ عن الحق، وإنَّما أرادوا أن يفهم الناس الحق، ويبتعدوا عن الباطل، فمن يخطئهم فهو المخطئ، ومن يضلِّلهم فهو الضال.
أمَّا قول القائل: بأنَّه يجب علينا أن نجتمع، وأن نتآخى، فنقول لهم: على أي شيءٍ نجتمع؟!! فالله أمرنا أن نجتمع على الحق، ولَم يأمرنا أن نجتمع على الباطل، والله أمرنا أن نكون أمَّةً واحدة كما كان أصحاب رسول الله أمَّةً واحدة؛ علمًا بأنَّ أصحابه كان فيهم المنافق، وكان يعاديهم اليهود، والنصارى، والصابئون، والمشركون الوثنيون، وقد قال : ﴿يَأَيُّهَا النَّبِي جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التحريم:9].
وما هذه إلاَّ خدعةٌ، وما هذا إلاَّ تضليل حينما يقال إنَّه لا ينبغي أن يرد بعضنا على بعض؛ لأنَّ في ذلك شقٌّ للصف، وإظهارٌ للعداوة فيما بين المؤمنين. وهؤلاء منهم من يقول: هذا خداعًا، وهو يعلم أنَّ الحق في غيره، ومنهم من يقول هذا تقليدًا لغيره، ومحاكاةً لمن يقول هذا القول؛ لأنَّ هذا القول ربما انطلى على من لا يعلم، فظنَّ أنَّه حق وهو باطل، وظنَّ أنَّ من قاله ناصحًا، وهو إنَّما قاله ليكيد به الإسلام، ويضر به الدين، فلو سكت أهل الحق والمعرفة حتى يستفحل أمر المبتدعة لكان في ذلك ضرر عظيم.
وما نصر الله نبيه، وأصحاب نبيه إلاَّ لأنَّهم نصروا الحق على أنفسهم أولاً، وعلى غيرهم ثانيًا والله تعالى قد قال: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد:7].
فإذا نصرنا الله على أنفسنا، وعلى من سوانا نصرنا الله، وإذا خذلنا الحق، وكتمنا ما أمرنا الله بأن نبلغه للناس فإنَّا نكون حينئذٍ قد تعرضنا لغضب الله ….. فلا يستقيم الدين إلاَّ بالتناصح، والتواصي بالحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر … وبِهذا نعلم أنَّ الردود الَّتِي تكون في محلها حقٌّ، وبِها تكون إقامة الدين، ومن قال خلاف ذلك حكم عليه بالضلال؛ لأنَّه بكتمان الحق أراد أن يستفحل الباطل؛ نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، والسداد.
والمهم أنَّه ما استنْزل النَّصر بمثل طاعة الله، وإنَّ الردود على أصحاب الباطل، ورد الحقِّ إلى نصابه، وبيانه لمن يجهله لهو الحق والطاعة الَّتِي يستنْزل بِها النصر.
أمَّا الكثرة مع وجود المعاصي، والبدع، فإنَّها داءٌ وبيل، وموجبةٌ لغضب الله وذلك حرمانٌ من خير الدنيا، ومن ذلك النصر على الأعداء، وعزة أهل الحق بالحق الذي يحملونه، وحرمان أيضًا من الظفر، والفلاح في الآخرة، والفوز فيها بتثقيل الموازين، والمرور على الصراط، والنجاة من النار، ودخول الجنة.
وأقول: المخالفون للكتاب والسنة أنواع, منهم: من يقصد المخالفة، ويدعو إلى الباطل، وإذا دعي إلى الحق أبى، وأعرض، ونفر، فهو يعيب دعاة الحق، ويتهمهم بالضلال، والغواية, مع أنَّه هو الضال، وهو الغاوي، فهذا لا شك أنَّه منافق.
وقول من قال: أنَّ من يكون هكذا هو عدوٌّ للدين من داخله, قولٌ صحيح.
أمَّا من وقع في الخطأ جهلاً منه، وإذا روجع رجع، وإذا تبيَّن له الحق قبله، فهذا لا ينبغي أن يوصف بأنَّه منافق؛ وإنَّ المشايخ الذين يقولون هذا القول أنَّ للدين عدوًَّا من الداخل لا يقولونه إلاَّ عن علم, ولا يقصدون به إلاَّ أعداء الدين الحق من دعاة البدع والضلال؛ الذين يصرون على الباطل وهم يعلمون أنَّه باطل؛ يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف؛ فمن أمر بالتحزب، فقد أمر بمنكر، ومن أمر بمتابعة أهل البدع، فقد أمر بمنكر، وهو جديرٌ بأن يقال فيه بأنَّه منافق، وأنَّه عدوٌّ للدين الحق.
أمَّا قول القائل بأنَّهم يطلقون على كل من خالف بأنَّه منافق، فهذا القول ليس بصحيح، وإنَّما يطلقون النفاق على من مضى وصفهم، فتجدهم لو أراد أحدٌ أن يرجع عن الباطل، وعن التحزب، وعن البدع لاموه، وذموه وعصَّبوه، وحزَّبوه ليصر على ذلك الباطل الذي هو فيه، فهؤلاء دعاة ضلالة، وهم في الحقيقة أعداء للدين؛ أعداء للتوحيد؛ أعداء للسنة؛ أعداء للمنهج السلفي شاءوا أم أبوا”. انتهى.
5- أن العلماء السلفيين أحرص الناس على جمع الكلمة وأكثر الناس دعوة للائتلاف ونبذ الفرقة في دروسهم وفي محاضراتهم وفي مجالسهم وفي كتبهم، ويدعون لاجتماع الكلمة على الحق: على الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة لا على منهج التجميع والتكتيل دون تمييز بين الحق والباطل.
وسأضرب لك أيها الحلبي ولأتباعك مثالاً واحداً من كلام الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى حيث سئل السؤال التالي : يردد بعض من عندنا هنا في الرياض أنكم قد رددتم على بعض الحركيين رداً كلامياً وكتابياً هل ناصحتموهم قبل الرد؟
فأجاب الشيخ حفظه الله تعالى : هذا شيء معروف ومشهور أني أناصح وحتى الحدادية المغلفة تجعل هذا عيباً وهذا تمييعاً قاتلهم الله، والله ما نفعل هذا إلا حِفَاظاً على السلفيين والله ما بدي أن تسقط شعرة سلفية، إذا إنسان انتمى إلى المنهج السلفي وقال أنا سلفي وعاشر السلفيين ووقع في أخطاء ولو كبيرة أنا لا أسكت عنه ولله الحمد أناصحه شفوياً كتابياً بقدر ما أستطيع فأول من ناصحته عبد الرحمن عبد الخالق يمكن ناصحته والإخوان المسلمين.
وعبد الرحمن عبد الخالق … راح الكويت بارك الله فيكم وسمع له سمعة طيبة وكنا نشجعه ونفرح بتلاميذه ما شعرنا إلا الفكر الإخواني في منهجه وفي كتابته فكنت أكتب له مناصحات كتبت له كتابين كل كتاب من خمس صفحات بالتفصيل بالأخطاء التي وقعت منه جاء المدينة وما يأتي مرة إلا وأذهب إليه في بيت أخيه وأناصحه وأخذه إلى بيتي وأناصحه وأخذه في السيارة وأناصحه, وأبين له أخطار هذا المنهج الذي يسير عليه، وأضرب له الأمثال لناس كانوا على السلفية فلما دخلوا في السياسة انحرفوا وعاقبة تلاميذهم صاروا علمانيين بسبب هذا الإغراق في السياسة بارك الله فيكم، وناصحته، وناصحته وهو أصغر مني سنا وألقى منه الاحترام والتقدير وأنه سيقبل رأيي، ولكن ألاحظ عليه أن الرجل ماشي على خط معين صبرت سنوات طويلة مستمر في المناصحة، ويجيئني تلاميذه وأصدقاؤه ويقولون اصبر عليه وناصحه معليش، وأنا ما أبغي أفرق، لما وصل إلى درجة انه يطعن في العلماء، عميان جاثمين على صدر الأمة بارك الله فيك، ويمدح الأحزاب، ويرى الدخول في الأحزاب جهاد، والتعددية الحزبية من الجهاد، و و إلى أخره، ويطعن في المنهج السلفي ويقول هذا يعني هذه سلفية تقليدية لا تساوي شيئاً، ويصف علمائها بأنهم طابور من المحنطين …
الحداد ناصحته، باشميل ناصحته، وفريد ناصحته، وجالستهم وناصحتهم، والله كنت حريصاً عليهم ألا يخرجوا من المنهج السلفي … فأبوا إلا التمرد والخروج والحماقات بارك الله فيكم، ورد على الحداد بعض الناس، وهب الحداد بعُجره وبُجره وأكاذيبه وافترائه يضرب ويضرب بطريقة والله شبهتها بطريقة صدام في تدمير آبار الكويت، يحرق الكتب ويحرق أهلها بالكذب والفجور بارك الله فيك .
عدنان عرعور ست سنوات، أبو الحسن سبع سنوات، ما واحد إلا وأناصحه كتابياً وشفوياً، حريصاً على جمع الكلمة، وإذا رأيت اثنين من السلفيين يختلفون أحاول أن أؤلف بينهم، وأصالح دائما بين السلفيين، يفترقون في إندونيسيا أصالح بينهم، في فلسطين أصالح بينهم، في المغرب أصالح بينهم، في أي مكان أصالح بينهم بارك الله فيكم، قصدي أن لا يختلف السلفيون … وأناصح بعضهم بعضاً، وإذا انتسب إلى السلفية ثم عاند أرد عليه، فإذا عجزت من المناصحة وكذا أرد عليه نصحاً لله وأسال الله أن يرزقنا الإخلاص في ذلك (ليس) تشفياً من فلان وفلان .
فالح الحربي نصحت سنوات وسنوات، وأخيراً كتبت له رسالة سرية بيني وبينه وأبى أن يرد، وبعدين وزعوها بغير رضاي، بعد شهر ونصف أو شهرين، وراح يحاربنا هذه الحرب الفاجرة الظالمة القائمة على الكذب وعلى الفجور، كلهم يريدون الفرقة يا إخوان، لهم خطط ماشيين عليها لابد أن ينفذوها ولذلك لن يرجع أبداً عن خطه الذي رُسم له، فأرد عليه، اللوم علي ولاّ عليهم …عليهم والله الألباني يرد رأساً، أحيانا يناصح وابن باز يرد رأساً وأحيانا يناصح، أنا أبغي أناصح، أناصح متفرغ لهذا الشيء، لجمع كلمة السلفيين ولحماية المنهج السلفي، وبهذه المناسبة أنا أحيانا أذكر هذه الأشياء لأني أواجه أخطاراً، أواجه أكاذيب وإشاعات.
طالب العلم والعالم إذا اضطر أن يذكر أسبقيته في العمل في مواجهة وتحطيم الكذابين له ذلك وأمر مشروع … ونحن الآن إذا ذكرنا شيئا من جهودنا لهذا الغرض، والله ما نبغي… وإنما قمع وردع هؤلاء الفجرة الذين يرموننا بما نحن بُرَاء منه، لا يحاربونا إلا بالكذب ما واحد من هؤلاء عبد الرحمن أبو الحسن المغراوي الحداد فالح ما يقدرون يحاربون لأنهم على الباطل، ما يستطيعون أن يحابوا الحق”. انتهى فتأمل أيها الحلبي مواقف الشيخ ربيع المدخلي المشهودة ومواقف إخوانه في محاولة نزع فتيل الفرقة، مع مواقف من تدافع عنهم الذين سعوا في الفرقة والاختلاف، وأنت معهم سابقاً والآن لاحقاً تسير على خطاهم، ولم تكتف بهذا حتى رميت بعض العلماء السلفيين بدائك، وانسللت.
6- أن أسباب الفرقة والاختلاف ترجع إلى مخالفة الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة، وإلى نصرة أهل الباطل على أهل الحق، ومن الضربات الشرسة المتتالية على السلفيين خصوصاً في هذا العصر ابتداء من فتنة عدنان عرعور إلى المغراوي إلى المأربي إلى الحلبي، وإلى تقعيد القواعد المخالفة لمنهج السلف، وإلى الطعن في علماء السنة، وإلى تهمة السلفيين الأبرياء خصوصاً العلماء، وإلى التحزب والتكتل كمنهج الإخوان ومنهج التبليغ وكالجمعيات القائمة على الحزبية، والدفاع عن الجمعيات التي تسعى لتفرقة كلمة السلفيين كجمعية إحياء التراث الإسلامي وجمعية البر بدبي ومن دار في فلكهما.
7- والعجب أنك تدعي أنك كتبت هذا الكتاب للمِّ شمل الدعوة، حيث قلت فيما سميته بـمنهج السلف الصالح (ص 305) في الحاشية رقم (1) :”وَمَا كَتَبْتُ الَّذِي كَتَبْتُ إِلاَّ أَدَاءً لَلوَاجِب، وَلَـمًّا لِشَمْلِ (الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّة)، وَدُعَاتِهَا، وَحَمَلَتِهَا، وَأَبْنَائِهَا، وَجَمْعاً لِلْكَلِمَة -وَاللهُ يَشْهَدُ وَيَعْلَمُ-“. انتهى.
فهل إزالة الاختلاف تكون بهذه الطرق البدعية الملتوية الصادة عن الحق، والناصرة لأهل الباطل، لقد صدقت أيها الحلبي حين وصفت للرملي كتابك بأنه :” كتاب فتنة يقضي على فتنة”، فمتى كانت الفتنة سبيلاً لنصرة الحق، ورده إلى نصابه، هل هذا منهج السلف الصالح أم أنه منهج خلفي طالح ؟؟؟ كيف تزعم أنك كتبته أداءاً للواجب ألم تقل للرملي بأنه “رد الشيخ ربيع على الشيخ ربيع” !! أولست يا حلبي القائل فيما سميته بـمنهج السلف الصالح (ص27) (… فَأَيْنَ التَّنَاصُحُ فِي الدِّين؟! وَأَيْنَ التَّوَاصِي بِالحَقِّ المُبِين، وَالتَّواصِي بِالصَّبْر واليقين؟!) انتهى. لست أدري إلى أي مدى من الأوحال والخراب أوصلك حالك يا حلبي ! نسأل الله السلامة من الفتنة والأهواء.
8- ثم قولك يا حلبي هذا مصادم لحديث معاوية رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :” لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ من أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ من خَذَلَهُمْ أو خَالَفَهُمْ حتى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ على الناس”. أخرجه البخاري في الصحيح (3/1331رقم3442) ومسلم في الصحيح (3/1524رقم1037). والاختلاف الذي ترمي به السلفيين هلاك ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :”إذا قال الرَّجُلُ هَلَكَ الناس فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ”. أخرجه مسلم في الصحيح (4/2024رقم2623).
9- وأما قولك (تهارش) فهو استعمال قبيح مع السلفيين خاصة إذا قصدت علماءهم، وهذا الوصف بمن خالف الحق، وحارب أهله، وتعدى عليهم بالشتائم والنقائص أليق؛ قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (6/46) :”الهاء والراء والشين: كلمة واحدة هي مهارشة الكلاب تحريش بعضها على بعض، ومنه يقاس التهريش وهو الإفساد بين الناس”. انتهى، وفي لسان العرب لابن منظور (6/363) :” هرش رجل هرش مائق جاف و المهارشة في الكلاب ونحوها كالمحارشة يقال هارش بين الكلاب … والهراش والاهتراش تقاتل الكلاب”.قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص227) حاشية رقم (1) ( جَزَى اللهُ -تَعَالَى- خَيْراً -كَثِيراً- فَضِيلَةَ الشَّيْخِ (الكَاتِبِ) فِي دِفاعِهِ وَذَبِّهِ عَنَّا -نَحْنُ تَلامِيذَ الشَّيْخ الأَلْبَانِيِّ-.
مَعَ أَنَّ الطعنَ -اليومَ- في تلاميذ الشيخ الألبانيّ -جُملةً وتفصيلاً- شديد! فَلِماذا الآن؟!
… حتى تخلُوَ ساحةُ الدعوة للصُّغَراءِ!!!
خلا لكِ الجَوُّ فبيضي واصفُرِي ونَـقِّرِي مــا شِـئْـتِ أن تُـنَقِّـري!
أم أنَّ (وراءَ الأكَمة ما وراءَها)؟!
كَيْفَ هَذا، وَقَدْ قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة في «مجموع الفتاوى» (4/448-449):
«والنُّصوصُ التي في كتابِ الله، وسُنَّةِ رسولِهِ، وأصحابِه: في فضلِ الشَّام -وأهْلِ الغَرْبِ- على نجد، والعِراق، وسائرِ أهلِ المشرقِ -أكثرُ مِن أنْ تُذْكَرَ هُنا…
والنَّبِيُّ ﷺ مَيَّزَ أهلَ الشَّام بالقيامِ بأمرِ الله -دائماً- إلى آخِرِ الدَّهْرِ، وبأنَّ الطائفةَ المنصورةَ فيهم إلى آخِر الدَّهْرِ.
فهو إخبارٌ عن أمرٍ دائمٍ مستمرٍّ فيهم -مع الكثرةِ والقوةِ-.
وهذا الوصفُ ليس لغيرِ الشَّامِ مِن أرضِ الإسلامِ»؟!! انتهى
أقول مستعيناً بالله :
1- في هذا الكلام من الحلبي العاق لأهل العلم اعتراف بدفاع المشايخ السلفيين عنه وعن غيره من أهل الشام، وذلك لما كان ظاهر حالهم التمسك بالمنهج الحق، منهج السلف الصالح، لكن البواطن أو التقلبات من الحق إلى الباطل هذا أمر لا يعلمه إلا الله .
2- قول الحلبي (مَعَ أَنَّ الطعنَ -اليومَ- في تلاميذ الشيخ الألبانيّ -جُملةً وتفصيلاً- شديد! فَلِماذا الآن؟! … حتى تخلُوَ ساحةُ الدعوة للصُّغَراءِ!!!
خلا لكِ الجَوُّ فبيضي واصفُرِي ونَـقِّرِي مــا شِـئْـتِ أن تُـنَقِّـري!
أم أنَّ (وراءَ الأكَمة ما وراءَها)؟!)
قد سبق الإجابة عنه لكن أكرر فالمكرر أحلى :
فأقول: لو أن حالكم وقت ما طعنوا فيكم مثل حالكم حين زكوكم يصح قولك أيها الحلبي، ويكون في الأمر ريبة وتهمة لمن طعن فيكم وزكاكم وحالتكم واحدة. ولصدق فيهم قول بعض الأوغاد : يكيل بمكيالين ويزن بميزانين .
ولكن هيهات العقيق : فحالكم حين كشفوا انحرافكم ومخالفتكم لمنهج السلف الصالح غيره وقت تزكيتهم لكم .
بل : لو استمرت تزكية أهل العلم لكم مع انحرافكم مع علمهم بحالكم المتغير الجديد لكان هذا تهمة فيهم وقدحاً في كلامهم.
فالطعن شديد: بسبب مخالفتكم الشديدة لمنهج السلف، وبسبب مخالطتكم ودفاعكم عن أهل البدع، بل هم إلى الآن لم يصدر منهم تبديع لكم، إنما نقدٌ لباطلكم، وكان حقكم على ما دلت النصوص السلفية أن تبدعوا بمنهجكم الجديد المخالف .
3- وقولك (… حتى تخلُوَ ساحةُ الدعوة للصُّغَراءِ!!!)
عجيب غريب : من الصغراء أيها الحلبي ومن الكبراء ؟ وهل القضية منافسة لساحة الدعوة ومن يتصدرها أم القضية نصرة الدين ونصرة الكتاب والسنة ونصرة المنهج السلفي: بيد السلفيين كلهم علماء وطلاب علم.
أن العالم المتمسك بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة هو كبير بهذا العلم، كبير بهذا المنهج لا لذات هذا العالم، وإنما للحق فصاحب الحق كبير، وصاحب الباطل صغير، ولو كان كبير العلم، قال عبد الله بن المبارك في معنى “الأصاغر” :” هم أهل البدع، فأما صغير يؤدي إلى كبيرهم فهو كبير”. وقال إبراهيم الحربي :” الصغير إذا أخذ بقول رسول الله والصحابة والتابعين فهو كبير”. وإنما لا يؤخذ العلم عن الأصاغر الذين يفتون بغير علم، وأما الكبير فهو العالم في أي شيء كان، فالجاهل صغير وإن كان شيخاً، والعالم كبير وإن كان حدثاً. قال البربهاري في شرح السنة (96رقم104) :” اعلم أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب وإنما العالم من اتبع العلم والسنن، وإن كان قليل العلم والكتب ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير العلم والكتب”.
وهذا الكلام منك أيها الحلبي يؤكد ما جاء في كتاب برهان البيان بتحقيق أن العمل من الإيمان لمحمد المنشاوي ولافي الشطرات طبعة الدار الأثرية – الأردن (ص16) : فإن لم يكن أئمة العصر هم: الألباني وابن باز وابن عثيمين : فلا يعرف لهذه الأمة اليوم أئمة يقتدى بهم، ولا أدل على ذلك مما حل بالأمة بعدهم من فوضى في الفتوى واضطراب وأما من عداهم فإننا نرى في معظم أتباعهم وللأسف الشديد التشهي والمزاج في التقريب والابتعاد …” انتهى .
وعلق عليه الحلبي بقوله :” مما لا يستطع أحد مهما كان أن يشكك بهذا الواقع الخراب!!” انتهى
أقول: لا يشك أحد أن هؤلاء العلماء هم أئمة عصرهم، لكن هل ينفي هذا الوصف عن غيرهم من أهل العلم ممن عاصرهم الرسوخ في العلم والتأهل لوصول مرتبة الإمامة في العلم والدين ؟
فقد شهد هؤلاء الأئمة الثلاثة لجماعة من أهل العلم بأنهم مرجع للفتوى والعلم وبأنهم أهلٌ لتلقي العلم منهم والاستفادة منهم، وهذا معلوم متواتر لا ينكره إلا جاهل أو صاحب هوى .
فهل هؤلاء العلماء الثلاثة : أثنوا على الصغراء ؟
أم أن وراء الأكمة ما وراءها ! ؟
وأما كلام ابن تيمية فهو حق لا جدال فيه لكن لا يصدق عليك أيها الحلبي ومن هو على منهجك من أهل الشام وإليك البيان :
أولاً: شيخ الإسلام قال (والنبي صلى الله عليه وسلم: ميز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائماً إلى آخر الدهر)
فهل أنتم قمتم بأمر الله أم خالفتم أمر الله عز وجل بل نزعت عنكم الغيرة على دين الله، وتكالبتم على الدنيا ومصالحكم الدنيوية، فغيرتم وانقلبتم .
ثانياً : (مقابلة الجملة وترجيحها لا يمنع اختصاص الطائفة الأخرى بأمر راجح) أقول ما بين القوسين من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ولكن حذفتها أيها الحلبي وهي تبين المعنى المراد ؟! أليس هذا الحذف من الخيانة ! وقد تكرر منك هذا العمل المشين!
ثالثاً: أجيبك بما قاله إمام السنة وناصرها في هذا العصر ومن تتمسح به وتعلق نفسك به مع أنك لو كنت ابنه أو من أخص تلاميذه لم ينفعك هذا إلا إن كنت على الحق الذي يسير عليه (من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه) حيث قال رحمه الله تعالى (في فضل الشام أحاديث كثيرة صحيحة؛ خلافاً لظن بعض الكُتَّاب، وحتى يعرف المستوطنون فيه فضل ما أنعم الله به عليهم، فيقوموا بشكره؛ بالعمل الصالح وإخلاص العبادة لوجهه سبحانه وتعالى، وإلا فإن الأمر كما قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما :” إن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله) رواه مالك في الموطأ (2/235). انتهى . ثم هل أحاديث فضائل الشام تصدق على كل من فيها من اليهود والنصارى والباطنية والروافض والصوفية والقبورية وأحزاب ضالة !!
رابعاً: لماذا لم تذكر الأحاديث الصحيحة التي أفادت :”أَنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إلى الْمَدِينَةِ كما تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إلى جُحْرِهَا”.أخرجه البخاري في الصحيح (2/663رقم1777) ومسلم في الصحيح (1/131رقم147). وأنت اليوم تخاصمهم وتتطاول عليهم بما لا يصدق عليك.ولم يسلم الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى من تعرض الحلبي له حيث قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص204) حاشية رقم (2) :
وقد تُوُفِّيَ -قريباً- رحمهُ اللهُ-.
ووفَّقَني اللهُ -تعالى- لكتابةِ رِثاءٍ وثَناءٍ عليه -مع علمي ببعض ما ردَّهُ عليَّ -رَحِمَهُ الله- ممّا لا أراهُ صواباً-.
رحمه الله تعالى وعفا عنه
أَقُولُ هَذا؛ لِأَنِّي أَعْلَمُ -جِيِّداً- أَنَّ «وُقُوعَ الاخْتِلافِ بَيْنَ النَّاسِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ -لاَ بُدَّ مِنْهُ-؛ لِتَفَاوُتِ إِرادَاتِهِم وَأَفْهَامِهِم، وَقُوَى إِدْراكِهُم.
وَلَكِنَّ المَذْمُومَ بَغْيُ بَعْضِهِم عَلَى بَعْض، وَعُدْوَانُهُ.
وَإِلاَّ؛ فَإِذَا كَانَ الاخْتِلاَفُ عَلَى وَجْهٍ لاَ يُؤَدِّي إِلى التَّبَايُنِ وَالتَّحَزُّب، وَكُلٌّ مِنَ المُخْتَلِفينَ قَصْدُهُ طَاعَةُ اللَّـهِ وَرَسُولِه، لَمْ يَضُرَّ ذَلِك الاخْتِلاَف، فَإِنَّهُ أَمْرٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ فِي النَّشْأَةِ الإِنْسَانِيَّة».
كَمَا قَالَ ابْنُ القَيِّم فِي «الصَّوَاعِق المُرْسَلَة» (2/519).
… فَأَيْنَ الغُلاَةُ وَأَهْلُ التَّشْدِيدِ -غَيْرِ السَّدِيد- مِنْ هذا الكلام النافع الرشيد، البَرِّ المُفيد؟!) انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- رحم الله الشيخ العلامة مفتي جازان أحمد بن يحيى النجمي الذي أدرك خطركم وضرركم من بعض ما نقل له عن حالكم فقال مقولته المشهورة بعدم أخذ العلم من أمثالكم حيث قال :”هؤلاء معدودون من السلفيين ؛ ولكن نقلت عنهم – أي السائل – أنَّهم يؤيدون أبا الحسن، ويؤيدون المغراوي، ويزكونهم، ومن يزكي المغراوي التكفيري؛ فإنَّ عليه ملاحظات، ولا نستطيع أن نقول فيه أنَّه يؤخذ عنهم العلم”. انتهى كلامه – رحمه الله تعالى-
2- وردود الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى عليك كانت صائبة وموفقة، وقد وافقه عليها العلماء، ولم تستطع أيها الحلبي الإجابة عليها إلا بمثل هذا الكلام (مما لا أراه صواباً) الذي يدل على سوء أدبك مع العلماء، فمن أنت أيها الحلبي حتى ترد كلاماً لكبار العلماء مؤصلاً بالحجة والبرهان، بمجرد الدعوى والهوى هل المسائل الشرعية موقوفة على رأيك وعلى ما تراه صواباً ؟ أم لا بد الرجوع إلى الحق !
3- كان في النسخة القديمة (( ويبقى -في نفسي -كبيراً… رحمهُ اللهُ -تعالى- وعفا عنه)). لكن في النسخة الجديدة حذفت ولا أدري : هل لا زال كبيراً في الواقع عند الحلبي ! وهل يخاف الله في الشيخ النجمي أن يجعله من الصغراء ؟؟؟ ولعله حذفها حتى لا تشغب على أصله الباطل أن بعد موت العلماء الثلاثة (ابن باز والألباني وابن عثيمين) خلت الساحة من العلماء الكبار!!
4- وقولك (مما لا أراه صواباً) : هو مجرد دعوى لم تستطع إقامة الحجة عليه حتى في كتابك المسمى بـمنهج السلف الصالح إلا بالتلاعب والغش والتدليس والتلبيس وبتر النصوص وتنزيلها على غير المراد بها كحال أهل الأهواء والبدع .
5- وأما الاختلاف فإن كان في المسائل الاجتهادية فيسوغ الاختلاف فيها لكن هل مخالفتك للحق من باب الاختلاف الاجتهادي أم من باب مخالفة الأدلة الشرعية والأصول السلفية ؟
6- وقول ابن قيم الجوزية :” وَإِلاَّ؛ فَإِذَا كَانَ الاخْتِلاَفُ عَلَى وَجْهٍ لاَ يُؤَدِّي إِلى التَّبَايُنِ وَالتَّحَزُّب، وَكُلٌّ مِنَ المُخْتَلِفينَ قَصْدُهُ طَاعَةُ اللَّـهِ وَرَسُولِه، لَمْ يَضُرَّ ذَلِك الاخْتِلاَف”، لقد بين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى لماذا لا يضر وما شرطه: لكنك يا حلبي حذفت الكلام الذي لو نقلته لأفسد عليك نقلك، ولكان حجة عليك دامغة: ولا أدري أين خوفك من الله عند تلاعبك بكلام أهل العلم فقد قال ابن قيم الجوزية :” لم يضر ذلك الاختلاف ولكن إذا كان الأصل واحداً والغاية المطلوبة واحدة والطريق المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافاً لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة فإن الأصل الذي بنوا عليه واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله والقصد واحد وهو طاعة الله ورسوله والطريق واحد وهو النظر في أدلة القرآن والسنة وتقديمها على كل قول ورأي وقياس وذوق وسياسة” انتهى فهل أنت يا حلبي سلكت طريقة السلف عند الاختلاف ؟ لا : لقد سلكت طريقة مخالفة لهم .
ومن طعون الحلبي في أهل العلم قوله فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص74) حاشية (3) معلقاً على قول الألباني فيمن أخطأ في التفسيق والتبديع والتكفير (فهذا من فتن العصر الحاضر، ومن تسرع بعض الشباب في ادعاء العلم)
علق عليه الحلبي بقوله (وكذا (بعض) الشيوخ في الإفتاء بالعلم)
وقال الحلبي (100) معلقاً على قول العباد في وصف ابن باز
مَنْهَجٌ سَدِيدٌ: يُقَوِّمُ أَهْلَ السُّنَّةِ، وَلاَ يُقاوِمُهُم.
وَيَنْهَضُ بِهِم، وَلاَ يُناهِضُهُم.
وَيَسْمُو بِهِم، وَلاَ يَسِمُهُم.
مَنْهَجٌ يُجَمِّعُ، وَلاَ يُفَرِّقُ.
وَيَلُمُّ، وَلاَ يُمَزِّق.
وَيُسَدِّدُ، وَلاَ يُبَدِّد.
وَيُيَسِّرُ، وَلاَ يُعَسِّر)
علق عليه الحلبي بقوله (كِدْنا لا نَرَى شيئاً مِن هذه السِّماتِ العزيزاتِ -لا قِلَّةً ولا كَثْرَةً- فيما عايَشْنَا وشاهَدْنا-!
بل المُشاهَدُ -والعِياذُ بالله-: أضْدادُها.
والمُعَايَنُ: نقائضُها.
والملموسُ المحسوسُ: عكسُها…
… فَإِلَى مَتَى؟! إِلَى مَتَى؟!).
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- رحم الله الألباني حيث قيد التسرع بأدعياء العلم ولم ينسبه إلى العلماء، بخلافك يا حلبي فقد ألحقت بعض الشيوخ السلفيين بالشباب المتسرعين الذين هم أسباب الفتن!!!
2- ليست غريبة عليك ولا يستعجب من أتباعك أن تطعن في العلماء وترميهم بالتسرع، وما نقمت منهم إلا أنهم قالوا الحق، وصدعوا به.
3- أما كونك لم ترَ هذه الصفات العزيزة فهذا لعمى في بصيرتك وعقلك، لكن قد رآها المبصرون من العلماء الثلاثة (ابن باز، الألباني، ابن عثيمين) وغيرهم من بقية أهل العلم في الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله تعالى والشيخ ربيع بن هادي المدخلي والشيخ عبيد الجابري والشيخ محمد المدخلي وغيرهم.
4- نعم: أنت لم ترَها؛ لأنك لا تعرفها، فجهلك مانع من معرفتها، أما كونك ترى أضدادها، فهذا داء فيك سببه مخالطة أهل البدع والدفاع عنهم، ومخالفة لمنهج السلف الصالح الذي يسير عليه العلماء الذين ترميهم بذميم صفاتك. على حد قول الشاعر :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد …. وينكر الفم طعم الماء من سقم
قال الحلبي فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (289-290) حاشية رقم (2) :” وَالَّذِي نَرَاهُ -اليَوْم- عَكْسُ ذَلِكَ -مِنْ جِهَتَيْن-:
1- أَنَّ (أكثر) السَّاحَةِ مُفَرَّغَةٌ لِلشَّبَاب، وَلِلجُهَلاء؛ يَخُوضُونَ فِيهَا، وَيَسْرَحُونَ، وَيَمْرَحُون!
2- أَنَّ لِنَفَرٍ مِن الشَّباب -وَبعضِ الجُهَلاَءِ-وللأسف- تَأْثِيراً عَلَى بَعْضِ المَشَايِخِ الأَفَاضِل؛ بِحَيْثُ يَكَادُ يَكُونُ لَهُم حُكْمٌ ظاهرٌ عَلَيْهِم، وَأَثَرٌ بالِغٌ فِيهِم!!!
… ولئِن كان هذا الكلامُ صعباً (!) – شيئاً ما -؛ لكنَّهُ واقعٌ – وللأسف – .
ويؤيده ما في “صحيح البخاري” (3691) عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله”.
ويؤيده- كذلك -: ما رواه البُخاري (2534)، ومسلم (1713) عن أمِّ سَلَمَةَ، أنَّ النبيَّ ﷺ قال:«إنَّكُم تختصمونَ إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِهِ مِن بعضٍ؛ فأقضي له على نحو ما أسمعُ منه..».
قلتُ –القائل هو الحلبي-:
فإذا كان هذا حالَ النبيِّ – وهو المعصومُ بالوحيِ الجليل، والمُسَدَّدُ بالتنزيل-؛ فكيف مَن دونَه -عليه الصلاة والسلام- في كثير لا قليل؟!” انتهى
أقول مستعيناً بالله تعالى :
1- قول الحلبي (فإذا كان هذا حالَ النبيِّ – وهو المعصومُ بالوحيِ الجليل، والمُسَدَّدُ بالتنزيل-؛ فكيف مَن دونَه -عليه الصلاة والسلام- في كثير لا قليل) انتهى .
مؤدى هذا الكلام أن عصمة الله للنبي صلى الله عليه وسلم لا تمنعه صلى الله عليه وسلم من التأثر بالبطانة السيئة فغيره أولى !
وهذا استنتاج قبيح فيه إساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسبق إلى مثلها، ومن هذه نظرته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل وللأنبياء! فلا يستغرب منه ما يرمي به السلفيين الأبرياء الذين يرميهم بما فيه وبما في خصومهم الغلاة الألداء.
2- استجاب الكثير من الشباب السلفي بحمد الله تعالى لنصيحة العلماء بأن لا يدخلوا في الفتنة ويتركوا علاجها للعلماء ومن خالف نصيحتهم وقع في الفتنة؛ كما قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى في النصيحة التي بنيت عليها أيها الحلبي كتابك المسمى بـمنهج السلف الصالح (287-289) :” اجْتَمَعَ عَلَى المَنْهَجِ السَّلَفِيِّ أَعْدَادٌ كَبِيرَةٌ -مُتَّفِقَةً عَلَى الحَقِّ، مُتَعَاوِنَةً عَلَى الحَقِّ، مُتَآخِيَةً في الله-؛ الأَمْرُ الَّذِي كَبَتَ أَهْلَ البَاطِلِ -مِن جَمَاعَةِ التَّبْلِيغِ، وَالإِخْوَانِ -وفَصَائِلِهِمْ-، وَذلِكَ مِمَّا يُسَاعِدُ عَلَى انْتِشَارِ السَّلَفِيَّةِ ….وَلَقَدْ تَعِبَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِن مُعَالَجَةِ آثَارِ كَلَامِ مَن لا يَنْظُرُ في العَوَاقِبِ، وَلا يُرَاعِي المَصَالِحَ وَالمَفَاسِدَ، وَلا يَسْتَخْدِمُ الرِّفْقَ والحِكْمَةَ-تِلْكُمُ الأُصُولُ العَظِيمَةُ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا، وَلا تَقُومُ لِلدَّعْوَةِ قَائِمَةٌ إِلَّا بِهَا-.وَمَعَ الأَسَفِ؛ إِنَّ كُلَّ مَن يُدْرِكُ حَجْمَ هَذِهِ المُعْضِلَةِ، وَيَنْصُرُ هَذِهِ المُعَالَجَاتِ المَشْرُوعَةَ: يُرْمَى بِالتَّمْيِيعِ، وأَحْزَابِ التَّمْيِيعِ… فَقَوْلُ النَّاصِحِ لِلشَّبَابِ: (لا تَدْخُلُوا في الفِتْنَةِ): لا يَنْبَغِي الاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ كَثِيراً مِن الشَّبَابِ إِذَا خَاضُوا في الفِتْنَةِ جَرَفَتْهُمْ، أَو مَزَّقَتْهُمْ! وَقَد حَصَلَ هَذَا -فِعلاً-… فَالأَسْلَمُ لَـهُم: البُعْدُ عَنْهَا، وَعَدَمُ الخَوْضِ فِيهَا، والحِفَاظُ عَلَى عَقِيدَتِهِمْ، وَأُخُوَّتِهِم في الله، وَأَنْ يَدَعُوا العِلَاجَ لِلْعُلَمَاءِ”.انتهى
3- وادعاء الحلبي أنه يرى اليوم خلاف هذا الأمر، مستدلاً بأن الساحة اليوم ((مُفَرَّغَةٌ لِلشَّبَاب، وَلِلجُهَلاء؛ يَخُوضُونَ فِيهَا، وَيَسْرَحُونَ، وَيَمْرَحُون)) انتهى .
أقول : هذا الكلام يصدق على أتباع الزمرة التي تدافع عنها وعلى الشباب الذين تعلقوا بهم ولحق بهم سباب منتدياتكم!
وقد قال الحلبي قبلها فيما سماه بـمنهج السلف الصالح (ص227) (( مَعَ أَنَّ الطعنَ -اليومَ- في تلاميذ الشيخ الألبانيّ -جُملةً وتفصيلاً- شديد! فَلِماذا الآن؟! … حتى تخلُوَ ساحةُ الدعوة للصُّغَراءِ!!!
خلا لكِ الجَوُّ فبيضي واصفُرِي ونَـقِّرِي مــا شِـئْـتِ أن تُـنَقِّـري!
أم أنَّ (وراءَ الأكَمة ما وراءَها)؟!) انتهى
أقول: سبق رد هذا الكلام لكن سؤالي الموجه للحلبي أثبت لنا: أن الشباب والجهلاء والصغراء يخوضون في هذه المسائل! ثم الصغراء إن كان قصدك صغير العلم؟ ففي السلفيين وفي غيرهم هذا الوصف! وإن قصدت صغراء أي أنهم أهل أهواء ؟ فالسلفيون الصادقون بحمد الله من أبعد الناس عن هذا الوصف، وهذا الوصف أليق بأهل الأهواء ومن يماشيهم ويمدحهم ويدافع عنهم. فالخلاصة أن السلفيين الصادقين الذين تربوا على أيدي العلماء من أبعد الناس عن الخوض في الفتن، ولا أدل على هذا من أنهم لم يتكلموا فيك ويحكموا عليك بإلحاقك بأهل البدع رغم توفر دواعي وأسباب إلحاقك بهم: انتظاراً لحكم وقول العلماء فيك.
4- وثنى الحلبي استدلاله بـ((أنَّ لِنَفَرٍ مِن الشَّباب -وَبعضِ الجُهَلاَءِ-وللأسف- تَأْثِيراً عَلَى بَعْضِ المَشَايِخِ الأَفَاضِل؛ بِحَيْثُ يَكَادُ يَكُونُ لَهُم حُكْمٌ ظاهرٌ عَلَيْهِم، وَأَثَرٌ بالِغٌ فِيهِم!!!))
أقول : هذا الكلام يحتاج إلى دليل وإلى برهان وإلا فهو مجرد دعوى يستطيع القول بها كل فارغ من أمثال الحلبي، ولكن أنا أطالب الحلبي أن يقول: كلام بعض المشايخ السلفيين وحكمهم على بعض الأشخاص والجماعات والجمعيات هو بناء على تأثير بطانتهم السيئة! ولو كان عنده دليل لسارع لذكره فالحلبي لما فرغ من الحجة والبرهان استدل بالمغالطات وبما ليس دليلاً أصلاً عند أهل العلم !!
5- وادعاء أن العالم السلفي يؤثر عليه طلابه هو من استعمال أهل البدع والأهواء؛ لرد الحق الذي يدعو إليه، قال الشيخ محمد بن عمر بازمول في كتابه عبارات موهمة (ص49-50) :” من العبارات الموهمة: قول بعضهم: “الشيخ يؤثر عليه الشباب الذين حوله!” احذروا يا إخواني هذه الكلمة .. فإنها من كلام أهل البدع والجهل، وكنت قد سمعتها تقال في حق الشيخ ابن باز رحمه الله، وسمعتها تقال في حق الألباني رحمه الله، وسمعتها تقال في حق مشايخ آخرين، وهي كلمة باطلة، من وجوه منها :
الأول : أن هذه الكلمة طعن في الشيخ أنه غير ضابط يقبل التلقين من تلامذته. والأصل أنه ثقة ضابط، فهذا خلاف الأصل، فإما أن يقام عليها دليل، وإلا حقها الرد وعدم القبول.
الثاني : أن هذه الكلمة قد نهى الله عن قولها للنبي صلى الله عليه وسلم والعلماء ورثة الأنبياء. وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (التوبة:61).
قال الطبري في تفسيره (11/535، هجر) عند هذه الآية: “يقول تعالى ذكره : ومن هؤلاء المنافقين جماعة يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعيبونه ويقولون هو أذن سامعة يسمع من كل أحد ما يقول فيقبله ويصدقه.
وهو من قولهم: رجل أذَنَةٌ، مثل (فعَلة) إذا كان يُسْرِع الاستماعَ والقبولَ، كما يقال: هو يَقِنٌ ويَقَنٌ إذا كان ذا يقين بكل ما حُدِّث. وأصله من أذن له يأذن إذا استمع له، ومنه الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أَذِنَ الله لشيء كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن”.
ومنه قول عدي بن زيد:
أيها القلب تعلل بِدَدَنْ إنَّ همِّي في سماع وَأَذَنْ “اهـ
فهذه الكلمة يقولها أهل النفاق طعنا في الرسول صلى الله عليه وسلم واليوم يقولها أهل البدع والجهال طعناً في العلماء وإسقاطاً لكلامهم، ودفعاً لعلمهم، فشابهوا بفعلهم هذا فعل أهل النفاق، ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الثالث : أن هذه الكلمة يتسور بها أصحابها لرد كلام أهل العلم في الأشخاص أو في الأمور، وهذا من أسوأ وأبطل ما يكون؛ إذ كلام العالم لا يرد إلا بدليل شرعي، فهل هذا من الأدلة الشرعية؟
الرابع : أن هذه الكلمة فيها محاذير كثيرة منها ترسيخ انعدام الثقة بالشيخ في كلامه وأحكامه، وإذا ضاعت الثقة بالشيخ ضاعت الثقة بعلومه.
الخامس : ومن محاذير هذه الكلمة أنها تسقط مهابة الشيخ وإجلاله من نفوس الطلاب”.انتهى
6- وأما استدلال الحلبي بحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله”. فإن قصد أن للأنبياء بطانة سوء فهذا معنى باطل قال أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار (5/361-362) :” تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وهو من الْغَالِبَةِ عليه مِنْهُمَا فَكَانَ ذلك عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ ذُكِرَ في هذه الآثَارِ لاَ إلَى الأَنْبِيَاءَ لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ صلوات الله عليهم مَعْصُومُونَ لاَ يَكُونُونَ مع من لاَ تُحْمَدُ خَلاَئِقُهُ وَلاَ مَذَاهِبُهُ. فقال قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذلك كما ذَكَرْت وَإِنَّمَا في هذه الآثَارِ رُجُوعُ الْكَلاَمِ على من ذُكِرَ فيها من الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ فَكَانَ جَوَابُنَا له في ذلك بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عز وجل وَعَوْنِهِ أَنَّ هذا الْكَلاَمَ كَلاَمٌ عَرَبِيٌّ خُوطِبَ بِهِ قَوْمٌ عَرَبٌ يَعْقِلُونَ ما أَرَادَ بِهِ مُخَاطِبُهُمْ وَالْعَرَبُ قد تُخَاطِبُ بِمِثْلِ هذا على جَمَاعَةٍ ثُمَّ تَرُدُّهُ إلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ … فَمِثْلُ ذلك قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم في الآثَارِ التي رَوَيْنَاهَا وهو من التي تَغْلِبُ عليه مِنْهُمَا يَرْجِعُ ذلك على من قد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ منه مِثْلُ ذلك لاَ على الأَنْبِيَاءِ صلوات الله عليهم الَّذِينَ لاَ يَكُونُ منهم مِثْلُ ذلك”. انتهى
فقارن بين هذا الكلام الذي يبين مكانة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – وبين كلام الحلبي الذي يقول فيه (فإذا كان هذا حالَ النبيِّ …) يظهر لك شناعة هذا القول وبشاعته ويظهر لك جهل وتهور هذا المتعالم وجهله بمنزلة الأنبياء. فلم يكتفِ بما يلصقه بالسلفيين وعلمائهم فذهب المسكين غير الفطين يمثل بالأنبياء ولا سيما خاتمهم وأفضلهم عليهم الصلاة والسلام قاتل الله الجهل والهوى.
7- وظهر بقول أبي جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى أن بطانة السوء لا يحكم بها إلا إن كانت هي الغالبة المؤثرة لا مطلقاً تؤثر والله أعلم .
8- وأما استدلاله بحديث أمِّ سَلَمَةَ، أنَّ النبيَّ ﷺ قال:«إنَّكُم تختصمونَ إليَّ، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِهِ مِن بعضٍ؛ فأقضي له على نحو ما أسمعُ منه..». وتكملة الرواية :” فَمَنْ قَضَيْتُ له من حَقِّ أَخِيهِ شيئا فلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ له قِطْعَةً من النَّارِ”. وقوله :”ألحن بحجته” وفي لفظ :”أبلغ من بعض”. فهو استدلال غريب عجيب بل منكر؛ إذ فيه إساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ألا تراه قال (فإذا كان هذا حالَ النبيِّ – وهو المعصومُ بالوحيِ الجليل، والمُسَدَّدُ بالتنزيل-؛ فكيف مَن دونَه -عليه الصلاة والسلام- في كثير لا قليل) انتهى.
فظاهر كلام الحلبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم: يمكن أن يُسْتَغْفل: فيقال له خلاف الواقع: فيحكم ظلماً: وهذا فَهْم سقيم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم.
9- ثم الحديث “يتعلق بالحكومات الواقعة في فصل الخصومات المبنية على الإقرار أو البينة”، التي يلزم العالم بالبناء عليها والحكم في ضوئها؛ لأن له الظاهر والله يتولى السرائر، وكلام العلماء وإدانتهم هو بناء على كلام الشخص المنتقد سواءاً كان صوتياً أو كتابياً، وبالتالي لا متعلق للحلبي بالاستدلال بهذا الحديث.
10- وفي هذا الحديث رد على حال الحلبي الذي يلحن بكلامه ويبالغ في سجعه وزخرفته فيفتن بعض الناس بأسلوبه، قال الحافظ في فتح الباري (13/177) :” فيه أن التعمق في البلاغة بحيث يحصل اقتدار صاحبها على تزيين الباطل في صورة الحق وعكسه مذموم فإن المراد بقوله (أبلغ) أي أكثر بلاغة ولو كان ذلك في التوصل إلى الحق لم يذم وإنما يذم من ذلك ما يتوصل به إلى الباطل في صورة الحق فالبلاغة إذن لا تذم لذاتها وإنما تذم بحسب التعلق الذي يمدح بسببه وهي في حد ذاتها ممدوحة وهذا كما يذم صاحبها إذا طرأ عليه بسببها الإعجاب وتحقير غيره ممن لم يصل إلى درجته ولا سيما إن كان الغير من أهل الصلاح فإن البلاغة إنما تذم من هذه الحيثية بحسب ما ينشأ عنها من الأمور الخارجية عنها. ولا فرق في ذلك بين البلاغة وغيرها “. انتهى قلت : ويؤيده ما رواه ابن عُمَرَ قال قَدِمَ رَجُلاَنِ من الْمَشْرِقِ خَطِيبَانِ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَا فَتَكَلَّمَا ثُمَّ قَعَدَا وَقَامَ ثَابِتُ بن قَيْسٍ خَطِيبُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ فَعَجِبَ الناس من كَلاَمِهِمْ فَقَامَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال :” يا أَيُّهَا الناس قُولُوا بِقَوْلِكُمْ فَإِنَّمَا تَشْقِيقُ الْكَلاَمِ مِنَ الشَّيْطَانِ فإن مِنَ الْبَيَانِ سِحْراً”. أخرجه أحمد في المسند (2/94) والبخاري في الأدب المفرد (302رقم875) وابن حبان في الصحيح (13/25رقم5718). وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (324رقم671) وقال أنس :”خطب رجل عند عمر فأكثر الكلام فقال عمر إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان”. أخرجه البخاري في الأدب المفرد (302رقم876) وابن أبي الدنيا في الصمت (112رقم152) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/113) من طرق عن حميد أنه سمع أنساً. وصحح إسناده الألباني في صحيح الأدب المفرد (325رقم672).
11- ثم بطانة المشايخ السلفيين معروفة لديهم، وهم يعاملونهم على ظاهرهم، والخفايا يعلمها الله، والمشايخ السلفيون لا يقبلون قولاً بلا حجة ولا برهان، بل يطالبون من يخبرهم بأمر أحد عن الدليل ويقفون بأنفسهم على القضية، ويتثبتون في الأمور هذا غالب حالهم، مع احتمال وقوع الخطأ لكن الحكم للغالب والله أعلم.
12- ومن هؤلاء المشايخ الذين طعنت فيهم يا حلبي وربيت أتباعك على هذا شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى فقد زعمت كذباً وافتراءاً عليه أن بطانة الشيخ ربيع المدخلي تؤثر عليه، ولا شك أن هذه فرية بلا مرية، وهذه الفرية قد ردها المشايخ السلفيون كما سبق نقله عنهم في الحلقة الخامسة حيث شهدوا للشيخ ربيع بن هادي المدخلي بتأهله للنقد والتكلم في الجماعات والأشخاص بالدليل، وبقبول لذلك منه لبلوغه درجة عالية في هذا الباب إلا أن يظهر ما يخالفه، ويرده واقعه وكتاباته المبنية على الحجج والبراهين وعلى تصريحات من ينتقدهم سواءاً كانت من كتبهم أو أصواتهم لا على القيل والقال ! وسأكتفي هنا بقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا حفظه الله تعالى حيث قال ” إمام الجرح والتعديل الصادق الأمين أخونا ربيع هادي والله إمام الجرح والتعديل في القرن الرابع عشر الله يبعث على كل رأس مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها فالمجدد للجرح والتعديل بعدل وصدق وأمان والله ربيع هادي ونتحدى أنه تكلم عن أي واحد بدون الدليل من كلامه ومن أشرطته ومن كتبه”. وقال الشيخ فلاح مندكار:” لا نعرف عن شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع – حفظه الله- أنه يعتمد على الكلام المجمل، بل هو دقيق جداً في هذه المسائل ، فرده ونقده بالأدلة والبراهين ، والعزو دائماً إلى موضع الكلام المنقود أو المردود عليه ، وقد أثنى عليه أئمة وعلماء عصره لذبه عن دين الله ولرده عن المخالف بالحجة والبرهان حرصاً على بيان الحق وإبطال الباطل ، مع حرصه على انتفاع المنصوح ورجوعه إلى الحق والصواب ، وشدة تثبته في المسائل والأقوال وصبره على أهل الأخطاء ومناصحتهم سراً لفترة ، ثم بعد ذلك ينشر ذباً عن دين الله وتنقية لمذهب أهل الحق وتصفية لدين الله من الشوائب والبدع والأخطاء ، وكل ذلك بالحكمة والرفق واللين مع المخالفين على ما هو متقرّر عند أهل السنة والجماعة ، وكل هذا مع شدة غيرته على العقيدة الصحيحة والدين الحق ، وفقه الله وأيده وتقبل منا ومنه وبارك له في علمه وعمله وعقبه”. انتهى
13- ثم أنت يا حلبي صاحب البطانة السيئة، فمجالسك مع من بدعهم العلماء وردوا على أخطائهم الجسام، من أمثال العرعور والمغراوي والمأربي والحويني ومحمد حسان وسلام، بل أنت سيء يا حلبي بغير بطانة نسأل الله السلامة والعافية، فلا أدري أي واحد منكم مؤثر على الآخر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.