ما لايصح في الصيام | الحلقة التاسعة ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أنه إذا افطر بدأ بالشرب والأكل قبل التسمية فهؤلاء خالفوا السنة وأكل الشيطان معهم والتسمية على الطعام هي أن يقول “بسم الله” فقط دون زيادة “الرحمن الرحيم”
فعن عمر بن أبي سلمة يقول كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك” فما زالت تلك طعمتي بعد.
وعن جابر بن عبد الله أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء”
وعن حذيفة قال كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده وإنا حضرنا معه مرة طعاماً فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها”
ومن الأمور التي يقع فيها بعض الصائمين وهي تخالف السنة أنهم لا يبدؤون فطورهم بالرطب أو التمر أو الماء بل ببعض الأطعمة الدسمة الثقيلة على المعدة.
فعن أنس رضي الله عنه قال ” كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء “
وعن أنس رضي الله عنه ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ إذا أفطر بالتمر”
قال الألباني : وهذه السنة أهملها أكثر الصائمين وبخاصة في الدعوات العامة التي يهيأ فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب أما الرطب أو التمر على الأقل فليس له ذكر وأنكر من ذلك إهمالهم الإفطار على حسوات من ماء انتهى
ولعل قائلاً يقول ما فائدة البدء بالرطب أو التمر والماء؟
فالجواب عن هذا التساؤل أن هذا هو المناسب لخلق الإنسان قال ابن قيم الجوزية : كان صلى الله عليه وسلم يحض على الفطر بالتمر فإن لم يجد فعلى الماء هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعي إلى قبوله وانتفاع القوى به ولا سليمان القوة الباصرة فإنها تقوى به وحلاوة المدينة التمر ومرباهم عليه وهو عندهم قوت وأدم ورطبه فاكهة وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس فإذا رطبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء ثم يأكل بعده هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي له تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب انتهى
ومن الأمور التي تخالف السنة أن بعض الصائمين إذا افطر لا يقول الذكر الوارد عند الفطور ” ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله” فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افطر قال ” ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله “
قلت: وهذا هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
أما ما يقوله بعضهم عند فطره ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل منا إنك أنت السميع العليم” فهذا جاء في حديث ضعيف جداً رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة وفي إسناده راوٍ متروك وقال ابن قيم الجوزية في هذا الحديث :لا يثبت انتهى
وكذا قولهم ” اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت” فهذا جاء في حديث ضعيف لا يصح لإرساله رواه أبوداود وغيره.
وكذا قولهم “الحمدلله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت” فهذا جاء في حديث ضعيف لا يصح رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة
قلت: وهذا من الأمور العجيبة الغريبة يعمل الناس بالأحاديث الضعيفة ويتركون الأحاديث الصحيحة ولقد صدق القائل : في الحديث الصحيحة ما يغني عن الضعيف ألا فليعتبر أولئك الذين يروون الأحاديث الضعيفة ويتركون الأحاديث الصحيحة وهي كثيرة بحمد الله ويقولون يعمل بها في فضائل الأعمال ألا فليتقوا الله حتى لا يدخلوا تحت قوله صلى الله عليه وسلم ” من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار”
ومن الأخطاء ظن بعض الناس أن الدعاء بقول: أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون خاص بمن يفطر عند الناس وهذا الظن الخاطئ جرهم إليه الزيادة الضعيفة التي أخرجها أحمد في المسند وابن ماجه في سننه ولفظها عن عبد الله بن الزبير قال أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ فقال ” أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم وأفطر عندكم الصائمون الملائكة”
فهذا حديث صحيح دون قوله “أفطر عند سعد” فهي ضعيفة لا تصح.
قال الألباني رحمه الله: اعلم أن هذا الذكر ليس مقيداً بالصائم بعد إفطاره بل هو مطلق وقوله (أفطر عندكم الصائمون ) ليس إخباراً بل هو دعاء لصاحب الطعام بالتوفيق حتى يفطر الصائمون عنده وينال أجر إفطارهم.
وليس في الحديث التصريح بأنه كان صلى الله عليه وسلم صائماً فلا يجوز تخصيصه بالصائم وقوله(افطر رسول الله صلى الله عليه وسلم) لا يحتج به لضعف السند إليه.
ومن الأخطاء ظن بعض الناس أن من أفطر على تمر حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة
وهذا الظن بدعة قد يؤدي بالجهلة إلى أنه يجوز له أن يترك الصلاة و يأكل التمر الحلال فيزاد في صلاته أربعمائة صلاة.
وأصل هذا الظن المبتدع حديث موضوع رواه ابن عدي في الكامل وتمام في الفوائد بلفظ ” من أفطر على تمرة من حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة”
وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: لا يصح وأورده الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة وقال في إسناده موسى الطويل وكان يضع الحديث.
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
 
أخوكم
أحمد بن عمر بن سالم بازمول