ما لايصح في الصيام | الحلقة العاشرة ​​لفضيلة د الشيخ أحمد بازمول حفظه الله


 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فسنقف في هذه الحلقة إن شاء الله على بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين:
فمن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين أن بعضهم يواصل في صيامه فلا يشرب ولا يأكل شيئاً وذلك بحجة واهية كالتعبد للوصال بترك الشراب والطعام لمدة يومين وكمن يترك الشراب والطعام تخفيفاً للوزن وهذا لا شك أنه خطأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال وجَوَّز لمن أراد الوصال أن يواصل إلى السحر فقط لا إلى اليوم الثاني.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم فقالوا إنك تواصل قال “إني لست كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقين”
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لا تواصلوا فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر” قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال “إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين”
قال ابن قيم الجوزية: أعدل الأقوال أن الوصال يجوز من سحر إلى سحر وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق لحديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر وهو أعدل الوصال وأسهله على الصائم وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر فالصائم له في اليوم والليلة أكلة فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين : المواصلة للسحر من باب الجائز وليست من باب المشروع والرسول صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر وقال ” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” لكنه أباح لهم أن يواصلوا إلى السحر فقط فلما قالوا يا رسول الله : إنك تواصل فقال”إني لست كهيئتكم ” انتهى
ومن الأخطاء قول بعض الصائمين لا يجوز أن تقول رمضان بل لا بد أن تقدم كلمة شهر فتقول شهر رمضان وبعضهم يقول إن رمضان من أسماء الله تعالى وترتب على هذا تسمية أولادهم بعبد رمضان وهذا خطأ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “رمضان ” وقال “شهر رمضان” فالأمر واسع ولذلك بَوَّب البخاري رحمه الله في الصحيح باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعاً وقال النبي صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان” وقال “لا تقدموا رمضان”
ثم أورد البخاري حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة …” وأورد بعده حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء…”
قال النووي : فيه دليل للمذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه البخاري والمحققون أنه يجوز أن يقال رمضان من غير ذكر الشهر بلا كراهة وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب قالت طائفة لا يقال رمضان على انفراده بحال وإنما يقال شهر رمضان هذا قول أصحاب مالك وزعم هؤلاء أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فلا يطلق على غيره إلا بقيد وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة وإلا فيكره قالوا فيقال صمنا رمضان قمنا رمضان ورمضان أفضل الأشهر ويندب طلب ليلة القدر في أواخر رمضان وأشباه ذلك ولا كراهة في هذا كله وإنما يكره أن يقال جاء رمضان ودخل وحضر رمضان وأحب رمضان ونحو ذلك والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة وهذا المذهب هو الصواب والمذهبان الأولان فاسدان؛ لأن الكراهة إنما تثبت بنهى الشرع ولم يثبت فيه نهى انتهى
وقال ابن قيم الجوزية : لا يكره أن يقال رمضان للشهر خلافاً لمن كره ذلك وقال لا يقال إلا شهر رمضان وفي الصحيحين من صام رمضان إيماناً و احتساباً انتهى
وأما قولهم إنه اسم من أسماء الله تعالى فهذا ليس بصحيح ولم يصح في شيء وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح وعليه فلا تجوز التسمية بعبد رمضان.
و حجة من كره أن يقال رمضان وأنه من أسماء الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ولكن قولوا شهر رمضان” أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير وابن عدي في الكامل والبيهقي في السنن الكبرى.
وهذا حديث ضعيف لا يصح ضعفه أبو حاتم في العلل وقال:هذا خطأ إنما هو من قول أبي هريرة انتهى وضعفه البيهقي وقال: وقيل عن محمد بن كعب من قوله وهو أشبه انتهى وقال ابن الجوزي في الموضوعات هذا حديث موضوع لا أصل له انتهى وضعفه النووي وكذا ابن كثير وقال : قد وهم في رفع هذا الحديث انتهى وضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح
ومثله في الضعف ما جاء في الحديث من رواية ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يقولن أحدكم صمت رمضان وقمت رمضان ولا صنعت في رمضان كذا وكذا فإن رمضان اسم من أسماء الله العظام ولكن قولوا شهر رمضان كما قال ربكم عز وجل في كتابه ” أخرجه تمام في فوائده
وهذا حديث ضعيف جداً لا يصح ضعفه ابن عراق في تنزيه الشريعة وضعفه محقق فوائد تمام.
ومثله في الضعف ما جاء في الحديث من رواية عائشة رضي الله عنها ” قالت قلت يا رسول الله ما معنى رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا حميراء لا تقولي رمضان فإنه اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولي شهر رمضان فإن رمضان أرمض فيه ذنوب عباده فغفرها قالت عائشة فقلت يا رسول الله شوال ؟ فقال : شوال شالت لهم ذنوبهم فذهبت”
أخرجه ابن النجار كما في اللآلي المصنوعة للسيوطي.
وهذا أيضاً حديث ضعيف منكر فيه ركاكة في اللفظ لا يصح و آثار الوضع عليه بادية وضعفه ابن عراق في تنزيه الشريعة وقال : في إسناده من لم أعرفهم انتهى
قلت : وهذا الحديث فيه يا حميراء قال ابن قيم الجوزية في المنار المنيف : كل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق انتهى
قلت : و قد استدرك عليه أهل العلم ثلاثة أحاديث وحديثنا ليس منها فهو داخل في الكلية التي ذكرها ابن قيم الجوزية رحمه الله.
 
وفي الختام : هذا بعض الأخطاء التي أردت التنبيه عليها؛ فاحرصوا رحمني الله وإياكم على لزوم السنة والبعد عن البدعة .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
والحمد لله رب العالمين . 
 
 
أخوكم
 
 
أحمد بن عمر بن سالم بازمول